الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبودية الكائنات لرب العالمين
المؤلف/ المشرف:
فريد إسماعيل التوني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة الضياء - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:
1413هـ
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
ألوهية - محبة وخوف ورجاء وإسلام وعبودية
الخاتمة: رأينا من خلال هذه الرسالة الكائنات التي خلقها الله عز وجل واتحادها في الغاية التي خلقت من أجلها، ألا وهي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له. كما رأينا كيف تؤدي الكائنات كلها عبوديتها لله عز وجل وتمجده وتنزهه سبحانه، وكيف أن الكون بأكمله قائم على توحيد الله تعالى وإفراده سبحانه بالعبادة دون غيره، سوى ما شذ من تلك الكائنات من عصاة الإنس والجن وبعض الكائنات الأخرى فجحد بالله تعالى وكفر به. وهكذا نأتي إلى ختام البحث لنقيد أهم النقاط التي فيه وهي:
1 -
إن الغاية التي خلق الله تعالى الكائنات كلها من أجلها هي عبادته جل وعلا وحده، وعدم الإشراك به، لذا فهي أول الواجبات وأجلها، كما أن عبادة غيره سبحانه من أعظم المحرمات وأكبر الكبائر.
2 -
تشترك الكائنات كلها في العبودية التامة، وهي عبودية القهر والتسخير، بما فيهم برهم وفاجرهم ومؤمنهم وكافرهم، فهم لم يخرجوا عن مشيئة الله تعالى لنفاذ أمره تعالى فيهم، وافتقارهم واحتياجهم إليه أمر بديهي لديهم. وهو ما يدل على أنهم مقهورون خاضعون لخالقهم وموجدهم شاءوا ذلك أم أبوا.
3 -
وأما العبودية الخاصة فهي عبودية الطاعة والمحبة واتباع الأوامر. وهي التي تميز البر من الفاجر، والمؤمن من الكافر، فهي خاصة بالكائنات التي آمنت بالله عز وجل وخضعت لأوامره باختيارها فعبدته سبحانه حق عبادته وأدت عبوديتها نحو خالقها بما أمرها ربها من العبادات للتقرب إليه، ولكنها تفاوتت فيما بينها في درجات العبودية.
4 -
جعل الله تعالى دواعي وبواعث للكائنات كلها دافعة لهم للخضوع له سبحانه أهمها الفطرة، فقد فطر سبحانه المخلوقات جميعا على الإيمان به والخضوع له.
5 -
اختص الله تعالى الإنس من بين الكائنات كلها وفضله على كثير منها، وسخر له كثيرا من مخلوقاته، وأمده ببواعث أخرى غير الفطرة وهي الشرائع والآيات الكونية، وذلك في مقابل الأمانة التي وكلت إلى هذا الكائن البشري لحملها والقيام بها.
6 -
لم يقابل هذا الكائن وهو الإنسان هذه العناية الإلهية بالشكر وإعطاء المنعم حقه. بل وقع الكثير من الإنسان في مهاوي الشرك. 7 - لذا ذكر هذا الإنسان في كثير من آيات القرآن الكريم على سبيل الذم والنكاية على أفعاله وأعظمها الكفر بخالقه جل وعلا.
8 -
رأينا الجانب المشرق من هذا الإنسان في التدرج في درجات في العبودية لله عز وجل، وهؤلاء القلة من هذا الكائن وهو الإنسان استحقت النسبة التشريفية للخالق جل وعلا، فكانوا عباد الله تعالى حقا.
9 -
تعتبر العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده للتقرب إليه في المنهج الإسلامي قائمة على تنزيه الله عز وجل وإظهار ألوهيته على خالقه، كما فيها إظهار لعبودية العباد لخالقهم جل وعلا وخضوعهم له وبهذا يتحرر العبد من عبودية ما سوى الله تعالى وتتضح تماما علاقة العبد بربه تعالى، بخلاف العبادات التي في الأديان الكتابية التي حرفت على يد أتباعها فإنها تخلو من تنزيه الله عز وجل وإظهار ألوهيته – كما في اليهودية والنصرانية، حيث تجعل العبد أسيرا في عبوديته لغير الله عز وجل كالكهنة والقساوسة ممن جعل حق الغفران ومحو السيئات بأيديهم.
10 -
تعتبر صفة " العبودية" هي أسمى الصفات التي مدح الله تعالى بها عباده، وعلى رأسهم الأنبياء الذين هم صفوة البشر بل هي الصفة التي وصف الله تعالى بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وكان عليه الصلاة والسلام، يحب أن يوصف بها وينادي، ونهى أصحابه وقومه من بعده أن يرفعوه فوق منزلة " العبودية" أو أن يبالغوا في إطرائه، فلا منزلة أرفع وأعلى من العبودية إلا الألوهية، لذا فحذرهم من أن يقعوا في مثل صنيع النصارى بعيسى بن مريم عليه السلام حيث قالوا إنه الله، وقال الكثيرون منهم إنه ابن الله – تعالى الله عما قال هؤلاء الظالمون علوا كبيرا. كما سد عليه الصلاة والسلام أبواب الغلو في تعظيمه كالحلف به أو إشراف قبره واتخاذه مسجدا وعيدا، أو التوسل به، أو الالتجاء إليه، إلا أنه قد وقع مما يؤسف بعض المسلمين ممن ينتسبون إلى الطرق الصوفية الضالة في إطراء النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله تعالى إياها.
11 -
قام الأنبياء كلهم بعبوديتهم لله جل وعلا حق قيام، كما دعوا أقوامهم إلى عبودية الله تعالى الحقة، وتحملوا في ذلك الصعاب والمشاق والأذى. حيث هي الغاية من إرسالهم جميعا، وقد جاء مع الرسل ومن بعدهم أتباع حملوا دين الله عز وجل وهو الإسلام والتزموا به قولا وعملا وبلغوه لمن بعدهم فبرزت جملة من أتباع الرسل عملوا جاهدين لتحقيق عبوديتهم لله تعالى الحقة ووصلوا إلى أعلى مراتب العبودية مع النبيين غير أنهم لم يوح إليهم.
12 -
ظن كثير من الكائن البشري أن الكائنات الأخرى من الحيوانات والنباتات والجمادات سواء ما كان منها في عالم الشهادة أو علام الغيب لا تعقل ولا تدرك وليس لها عبودية نحو خالقها جل وعلا، وهذا الظن لا يغني من الحق شيئا إذ أن النصوص الشرعية أثبتت خلافه.
13 -
إن للكائنات غير البشرية من الحيوانات والنباتات والجمادات إدراكا وعقلا وتمييزا يعينها على تحقيق عبوديتها لخالقها جل وعلا، والقيام بعبادات تقربها إلى الله تعالى من التسبيح والسجود والدعاء والصلاة وغيرها من العبادات التي جمعنا الأدلة المثبتة لها، وإن عدم إدراكنا نحن البشر وعدم فهمنا لتلك الكائنات لا يدل على عدم إدراكها وتمييزها وعبوديتها لله تعالى إذ أن خالقها يخبرنا عن ذلك بقوله:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (44) سورة الإسراء، أي أنها عابدة لله تعالى، وهو سبحانه أعلم بها، ولكن لا نعلم ذلك ولا نفقهه سوى النص الذي يجب الإيمان به، فقد خص الله تعالى نبيه سلميان عليه السلام وفهمه لغة الطير وغيرها من لغات الكائنات الأخرى فوجدها عليه السلام موحدة بالله تعالى، إن النصوص المتضافرة في عبودية هذه الكائنات لتدل على أنها كما أخبر الله تعالى عنها أنها عابدة له مسبحة بحمده هي وغيرها من الكائنات بما يجعل القارئ لهذه الرسالة يستمتع بما دون عن تلك الكائنات وتشتاق نفسه لمعرفة المزيد عما كتب عنها.
14 -
لا عبرة بمن حمل نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة في إثبات عبودية الكائنات الحيوانية والنباتية والجمادية، على المجاز أو بمن استبعد ذلك بالكلية، إذ هو غرور الإنسان وتعاليه، إذ عظم عليهم أن يشاركهم في العقل والإدراك والتمييز والعبادة أحد من الكائنات الأخرى هذا مع قلة أدائهم للعبودية الحقة، إذ أولى من غيرهم بأدائها.
15 -
من جملة العبادات التي أثبتتها النصوص الشرعية من الكتاب الكريم والسنة الصحيحة لتلك الكائنات غير البشرية الحيوانية والنباتية والجمادية، التسبيح والسجود والخشية والدعاء والخوف والإشفاق والاستغفار والصلاة والذكر والتلبية وشهادتها بالتوحيد وإسلامها وحبها لأهل الطاعة وبغضها لأهل المعصية وسماعها الأذان وعرض الأمانة على بعضها وسلام بعضها إلى غير ذلك مما جمعناه من العبادات الظاهرة والباطنة كما أن لتلك الكائنات عقلا تميز به بين تسبيح الله عز وجل وسجودها له وبين استغفارها للعالم ومعلم الناس الخير وبين خوفها من الله عز وجل وبين شهادتها بالتوحيد وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن تعلق تلك العبادات بها على الحقيقة ولا تجوز فيه كما لها من الإدراك ما يجعلها تحب أهل الطاعة وتبغض أهل المعصية، كما يبكي بعضها لفراق المؤمنين من تلك الحياة وتفرح وترتاح لموت الكافر والمنافق كما أن بعضها مما هو في عالم الغيب وهي الجنة تشتاق لبعض المؤمنين كما أن النار تغتاظ ويزيد حنقها وغضبها عند رؤية القادمين إليها، وهو ما يدل على بصرها كما أن هذا الكائنات تتكلم وتدرك الخطاب. كل هذه الإدراكات من الحب والغضب والبكاء والحنين والشكوى والشوق والفرح والراحة والتغيظ والرؤية إلى غير ذلك من الإدراكات التي قيدناها في الرسالة من خلال النصوص الشرعية الصحيحة الصريحة لتدل على فضل الله عز وجل على تلك الكائنات لقيامها هي الأخرى بعبوديتها نحو خالقها جل وعلا وهو ما يقطع جذور ما شاع في ذهن الكثيرين أن تلك الكائنات لا تعقل ولا تدرك.
16 -
لا شك أن العقل والإدراك الذي منحته تلك الكائنات هو بحسبها، ولا نقول إنه يشبه عقل وإدراك الكائن البشري بحال، كما أن سجود تلك الكائنات ليس كسجود البشر، فعبادة كل كائن بحسب ما شرع الله تعالى وبينه له قال تعالى {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (41) سورة النور.
17 -
تعتبر عبادة اليهود للرب عبادة مصلحة ومنفعة لإعادة الهيكل وليس فيها شعور بعبودية العبد نحو خالقه ولا بألوهية الرب سبحانه.
18 -
وضع علماء اليهود والنصارى دينا يتفق مع الأمزجة والأهواء وليس على أساس من الكتاب المقدس على الرغم من تحريفه.
19 -
أساس دين اليهود قائم على العنصرية والتنقيص للذات الإلهية والمنفعة في العبادة كما أن أساس دين النصارى قائم على شتم الله تعالى وعلى قاعدة خالف تعرف.
20 -
إن العبودية الحقة التي قد تحدثنا عنها قد ضاعت بين المسلمين اليوم ولم يعد لديهم من إسلامهم سوى أسمائهم إلا من رحم الله تعالى، وقد أصيبوا بتركهم دينهم وعدم الالتزام به وبتهاونهم فيه بالذل والهوان والضعف الذي لم يك قط في عصر من العصور.
21 -
يعتبر رجوع المسلمين إلى دينهم في الوقت الحاضر واسترجاع عزهم ومجدهم أمرا صعبا للغاية وشاق المنال لذا فإن التفكير في طريق نجاة المسلمين وانتشالهم مما هم فيه من بعدهم عن عبوديتهم الحقة تجاه خالقهم أمر صعب للغاية. فيحتاج جهودا متضافرة من قلوب مخلصة تعمل بدين الله تعالى لإعادة الأمة إلى دين الله تعالى.
22 -
هذه الفئة التي نتكلم عنها قد حصرت الحل فيها وهم العلماء الذين عليهم العبء والمسؤولية الكبرى وذلك بالتزامهم هم أولا بدين الله تعالى ثم الدعوة إليه بعد أو عند ذلك.
لذا طالبت العلماء والمصلحين بمضاعفة الجهود وزيادة الطاقات التي لدينهم في ظروف الإمكانيات المتاحة والضيقة في مواجهة المد الخارجي المعادي من قبل الهيئات اللادينية.