الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المباحث العقدية في حديث افتراق الأمم
المؤلف/ المشرف:
أحمد سردار محمد
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
وزارة التعليم العالي- المدينة المنورة ̈الأولى
سنة الطبع:
1430هـ
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
حديث مفرد - شرح - فوائد - دروس
الخاتمة:
زبدة البحث وخلاصته وأبرز نتائج مادته:
1 -
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق اليهود والنصارى وهذه الأمة إلى عدد معين من الفرق، وقد عُرف ذلك عند أهل العلم بـ (حديث الافتراق) و (حديث افتراق الأمة) و (حديث افتراق الأمم).
2 -
روى حديث الافتراق عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صحابياً، وهو حديث صحيح بلا ريب، وقد تتابع أهل العلم – عبر عصور الأمة الإسلامية وتاريخها – على الاعتماد عليه والاحتجاج به.
3 -
حديث الافتراق معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم العلمية:
• حيث أخبر عن أمور ماضية (تفرُّق اليهود والنصارى) دون أن يكون له في ذلك سابق علم أو قراءة أو اطلاع.
• وأخبر عن أمر مستقبل (تفرُّق أمته، ووجود فِرقة ناجية منصورة إلى قيام الساعة)، فوقع الأمر كما أخبر به.
4 -
لقي هذا الحديث من علماء المسلمين في مختلف العلوم والفنون – ولاسيما المصنفين في الفرق والاعتقاد – اهتماماً كبيراً وعناية فائقة.
5 -
تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على النهي عن الافتراق وأسبابه، والتحذير منه ومن عواقبه.
6 -
الافتراق المحرم أربعة أنواع:
الأول: مفارقة دين الإسلام - الذي أوجب الله على جميع البشر اتباعه، ولا يقبل من أحد سواه -؛ وذلك بعدم الدخول فيه أصلاً، أو تركه إلى أديان الكفر وملل الباطل.
الثاني: تفريق الدين؛ وذلك بالإيمان ببعضه والكفر ببعضه الآخر، أو العمل ببعضه وترك العمل ببعضه الآخر.
الثالث: مفارقة الحق الذي جاء به الأنبياء، والتزم به جماعة أتباعهم.
الرابع: التفرق في صفوف المؤمنين أهل الإسلام إلى شِيَع وأحزاب وطوائف.
7 -
المراد من الافتراق في الحديث: هو الخروج عن السنة والجماعة في أصل أو أكثر من أصول الدين الاعتقادية منها أو العملية، أو المتعلقة بالمصالح العظمى للأمة.
وأهل الافتراق: هم الفرق المفترقة عن طريق السنة والجماعة، المفارِقة لأئمة المسلمين وجماعتهم، السالكة لغير سبيل السنة وأهلها، المباينة لنهج السلف الصالح.
8 -
بين الافتراق والابتداع تلازم، فالافتراق لا يكون إلا بابتداع؛ ما لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والابتداع مفارقة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وبين أهل الافتراق (الفرق الاثنتين والسبعين) وأهل الابتداع عموم وخصوص مطلق؛ فكل من كان من أهل الافتراق فهو من أهل الابتداع، وليس كل من كان من أهل الافتراق فهو من أهل الابتداع، وليس كل من كان من أهل الابتداع يكون من أهل الافتراق.
9 -
الاختلاف في مسائل الاجتهاد ليس مذموماً، وأهله ليسوا من أهل الافتراق؛ إلا إذا اقترن به الهوى وأدى إلى الافتراق.
10 -
للافتراق آثار وخيمة، وعواقب سيئة عظيمة على الفرد والمجتمع، في الحال والمستقبل والمآل.
11 -
دلت أدلة الكتاب والسنة على أن الافتراق حتم مقدَّر على بني آدم منذ وقوع الشرك في بني آدم حتى قيام الساعة، ويدخل في ذلك – كما هو ظاهر – هذه الأمة المحمدية، لكن هذا الافتراق أراده الله كوناً وقدراً، لا ديناً وشرعاً، فالافتراق – وإن قدَّره الله - فلابد أن يقع؛ وهو أمر حرمه الله ونهى عنه، وحذر منه وذم أهله.
12 -
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن افتراق اليهود كان على إحدى وسبعين فرقة، وأن افتراق النصارى كان على اثنتين وسبعين فرقة، وأن افتراق هذه الأمة سيكون على ثلاث وسبعين فرقة، وهذا العدد المذكور في الحديث للتحديد.
13 -
اليهود والنصارى كان فيهم فرقة ناجية، كما أن هذه الأمة فيها فرقة ناجية.
14 -
المعنى بـ (الأمة) في حديث الافتراق هو أمة الإجابة، على ذلك اتفق علماء الإسلام وأئمته.
15 -
الأصل أن الافتراق في هذه الأمة المحمدية شامل لجميع عصورها، لكن دلت الأدلة على أنه يستثنى من ذلك زمنان:
الأول: زمن حياته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: زمن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان - بعد انتصار المسلمين على الدجال، وهلاك يأجوج ومأجوج، وعدم بقاء دين إلا الإسلام - حتى وفاة عيسى ووفاة جميع أهل الإسلام.
16 -
أول افتراق في الأمة المحمدية وقع في آخر عصر الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم بخروج فرقة الخوارج عن جماعة المسلمين في خلافة علي رضي الله عنه.
17 -
للحكم على طائفة ما بأنها من الفرق الاثنتين والسبعين لابد من مراعاة ضوابط معينة، وهذا في غير ما نص عليه أئمة أهل السنة والجماعة من أنه من الفرق الاثنتين والسبعين، فإن ما نصوا على أنه من الفرق الاثنتين والسبعين يسلم لهم فيه؛ فهم شهداء الله في الأرض.
18 -
الموقف الصحيح من حكم النبي صلى الله عليه وسلم على الفرق الاثنتين والسبعين بأنها في النار يتمثل في أمرين:
الأول: أن الفرق الاثنتين والسبعين – في الجملة – لا يزالون من أهل الإسلام، ولم يخرجوا منه إلى الكفر:
• فمن كان مندسّاً فيهم من أهل النفاق والزندقة أو أخرجته بدعته إلى الكفر فهؤلاء – في الحقيقة – ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة إلا ظاهراً؛ لأنهم ليسوا من الأمة المحمدية.
• ومن كان من أهل البدع ولم تخرجه بدعته إلى الكفر: فيعامل بما يعامل به مبتدعة المسلمين.
الثاني: أن هذا النص لا يقتضي الحكم على تلك الفرق جميعاً بالخلود في النار، وإنما يتعامل معه كما يتعامل مع غيره من نصوص الوعيد:
• فلا تجوز الشهادة على معين من الفرق أو المنتسبين إليها – فضلاً عن الفرق الثنتين والسبعين كلها – بالنار.
• وأهل تلك الفرق – في الآخرة – تحت مشيئة الله؛ فمن شاء عفا عنه وأدخله الجنة، ومن شاء عذبه وأدخله النار ثم أخرجه منها إلى الجنة.
19 -
الموقف الصحيح إزاء الافتراق هو:
أولاً: الإيمان الجازم بأن ما دلت عليه الأدلة من وقوع الافتراق كائن لا محالة؛ مع اشتمال ذلك الإيمان على ثلاثة أمور:
أ- الرضا بالافتراق من حيث هو فعل لله سبحانه؛ فإن الله يفعل في ملكه ما يشاء، وهو اللطيف الخبير، العليم الحكيم.
ب- عدم الرضى به من حيث هو فعل للعبد، بل يجب النهي عنه، والاجتهاد في دفعه.
ج- عدم الاغتمام بكثرة أهل الضلال وقلة السالكين طريق الحق، والوحشة وضيق الصدر من ذلك، وربما ممالأة أهل الباطل ومداهنتهم؛ بل يجب الثبات على الحق، وتوطين النفس على الصبر والتوكل، وحمد الله على سلوك الصراط المستقيم.
ثانياً: الحرص على معرفة منهج الفرقة الناجية، والتمسك به.
ثالثاً: مفارقة المذاهب الباطلة والمناهج المخترعة والفرق المبتدعة، والحذر الشديد من مخالطتها وتكثير سوادها والتأثر فأفكارها وبِدَعها، والتحذير منها بذكر بدعها وأوصافها؛ بل بذكر أعيانها – إن اقتضى الأمر -، وهذا – في حقيقته – دعوة إلى الاجتماع لا إلى الفرقة؛ لأنه عودة بالناس إلى الجماعة الأولى التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
رابعاً: بذل الجهد واستفراغ الوسع في دعوة الناس إلى نبذ الفرقة والاختلاف، وإلى الاجتماع والائتلاف؛ على أن يكون ذلك وفق ما بيَّنه الله ورسوله من القواعد والضوابط؛ فليس كل اجتماع يكون محموداً أو مطلوباً، وليس كل افتراق يكون مذموماً أو مكروهاً.
20 -
دل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق: (إلا واحدة) على أن الحق واحد لا يتعدد.
21 -
القول الراجح في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (الجماعة) ما يشمل أمرين:
أ- جماعة العقيدة والمنهج؛ بأن يمتثل المسلم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأئمة الهدى في الدين والمعتقد.
ب- جماعة المسلمين التي لها إمام شرعي، فيجب لزومها، وعدم الخروج عليها.
فإذا اجتمع الأمران فذلك من أعظم النعم، وإن لم يتحقق الأمر الثاني في بعض الأزمنة أو الأمكنة فيجب لزوم الجماعة بالمعنى الأول.
22 -
ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الإيمان والعقيدة والقول والعمل والفهم لكتاب الله وسنة رسوله؛ فهو حجة على من بعدهم، يجب عليهم الاقتداء به، ويحرم عليهم مخالفته والخروج عنه، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والعقل.
23 -
ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الميزان الذي يوزن به الأفراد والجماعات، والفرق والطوائف، والأفكار والعقائد، والأقوال والأعمال – مما له تعلق بالدين -؛ فمن كان متبعاً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو الذي رجح به الميزان، ومن كان على خلاف ذلك نقص ميزانه بقدر مخالفته.
24 -
للفرقة الواحدة أسماء ثابتة محمودة، لا يسوغ لأحد إنكارها أو محاولة الطعن فيها، لا من حيث ثبوتها، ولا من حيث حقيقتها، وهي: الجماعة، الفرقة الناجية، الطائفة المنصورة، أهل السنة – أو أهل السنة والجماعة -، أهل الحديث والأثر، السلفيون.
25 -
وصف الفرقة الناجية – من هذه الأمة – بأنها (ناجية) وصف شرعي ثابت من منطوق كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومفهومه ولازمه.
26 -
الفرقة الناجية والطائفة المنصورة اسمان للفرقة الواحدة، لا فرق بينهما ولا اختلاف، ولا تباين ولا تغاير، ولا عموم ولا خصوص؛ بل يعبَّر بأحدهما عن الآخر، ويفسَّر أحدهما بما يفسر به الآخر، ويجمع بينهما للدلالة على مسمى واحد، على ذلك اتفق علماء الإسلام في جميع عصوره وقرونه، والقول بخلاف ذلك لا دليل عليه من نقل ولا أثر، ولا قول عالم معتبر، ولا لغة.
27 -
أهل السنة والجماعة هم: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان.
28 -
اتفق أئمة الإسلام، والعلماء الأعلام، على أن أهل الحديث والأثر هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
والمراد بـ (أهل الحديث والأثر): من كان أحق بحفظ الحديث (الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم والأثر (الوارد عن القرون الثلاثة المفضلة) ومعرفتهما وفهمهما باطناً وظاهراً، واتباعهما باطناً وظاهراً.
29 -
الانتساب إلى السلف الصالح – فيقال: السلفي – انتساب صحيح لغة ومعنى؛ بل هو محمود ومقبول عند أهل العلم.
ومن التزم بالسلفية (ما كان عليه السلف) ظاهراً وباطناً فهو من الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
30 -
ما كان عليه الصحابة حجة على من بعدهم، يجب عليهم اتباعه والاقتداء به، وكذلك ما كان عليه أئمة الهدى في القرون الثلاثة الفاضلة، والخروج عن ذلك أو مخالفته هو من باب الإحداث والابتداع.
31 -
ما كان عليه السلف في القرون الثلاثة الفاضلة فيه كمال العلم والحكمة والسلامة.
32 -
يتميز منهج الفرقة الواحدة الناجية تجاه المُوافِق والمخالف بكمال العدل والإنصاف:
• فالولاء والبراء إنما يكونان وفق كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على وفق ما فهمه الصحابة وتابعهم عليه أئمة الهدى.
• والمبتدع يختلف التعامل معه بحسب غلظ بدعته وخِفَّتها.