الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقليد والتبعية وأثرهما في كيان الأمة الإسلامية
المؤلف/ المشرف:
ناصر بن عبدالكريم العقل
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض ̈بدون
سنة الطبع:
1393هـ
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
تشبه بالكفار
الخاتمة
أحمد الله الذي بنعمته وتوفيقه تتم الصالحات.
وبعد:
فتلك لمحة سريعة كتبتها على عجل .... ومحاولة صغيرة على موضوع التقليد والتبعية وأثرهما على العالم الإسلامي
…
مع عرض سريع للأسباب والنتائج، وبيان حكم الإسلام فيه، ومواقف الشعوب الإسلامية منه.
ولقد ازداد يقيني – بعد هذه المحاولة – بما ذكرته في المقدمة، من أن بحث هذه القضية جد خطير ولا أستطيع – وأنا طالب – معالجته على المطلوب فهو جدير بأن يهتم به الأساتذة والعلماء والمفكرون في العالم الإسلامي.
فالقضية التي يعالجها هذا البحث هي – في نظري – أهم قضية يعيشها المسلمون وأكبر مشكلة تعانيها الأمة الإسلامية بأجمعها.
ثم إنها ذات جوانب كثيرة ومتعددة، فكل باب من هذا البحث – بل كل فصل فيه – يحتاج إلى مؤلف مستقل لدراسته دراسة موضوعية، باستقصاء حقائقه، واستقراء وقائعه وتقديم النتائج والحلول على ضوئها.
لذلك صار جهدي هذا بمثابة العرض السريع ليس إلَاّ، وقد أشرت في المقدمة إلى أسباب اختياري لهذا الموضوع.
وعلى الرغم من أني بحثت هذا الموضوع إلا أنني – وأنا أكتب هذا البحث
…
وقبل ذلك وبعده – مقتنع تمام الاقتناع أن مشكلة التقليد والتبعية وغيرها من المشكلات التي تعاني منها أمتنا .. كل ذلك لا تحله المؤلفات والأقلام وحدها. ولا الخطب والمحاضرات والكلمات فحسب، ولا القراءات والمؤتمرات مهما كثرت، بل يجب قبل ذلك كله وبعده ومعه العمل الجاد .. والجهاد المستمر، والصبر الجميل.
فقد دلت النصوص الشرعية وأثبت التاريخ الإسلامي الطويل أن أمتنا لا تنتصر بالكلام والخطب الرنانة، ولا تتقدم بالمؤلفات والمجلدات الضخمة، ولا تعيش على الأماني والأحلام، ولا تنخدع بالمظاهر والوعود الكاذبة إلى الأبد وأنها متى استمسكت بالإسلام وحكمته في كل شئون حياتها فإنما هي أمة عمل، وجد، وبناء وتعمير، وفتوة وبطولات.
أمة تعمل قبل أن تقول.
أمة تغيِّر ولا تتغير.
أمة تبني ولا تهدم.
كل ذلك رهين بتطبيقها للإسلام – كما أراده الله – أما إذا بحثت عن العز والرقي من غير هذا الطريق فإنها – لا شك – خاسرة ومنهزمة كما هي الحال الآن.
وإن من سنن الله في خلقه أن يجعل قيادة البشرية (الملك) وبناء الحضارة والمدنية (زينة الحياة الدنيا) بيد الأمة التي تستعمل القوى الثلاث – السمع والبصر والفؤاد – وتسخرها. من تعمير الأرض وتشييد الحضارة سواء كانت مسلمة أو كافرة وسواء خدمت بذلك البشرية وسعت لصلاحها وسعادتها وأمنها، أو سعت لخرابها وشقائها ودمارها.
وإن كل أمة تعطل هذه القوى الثلاث ولا تسخرها لعمارة الأرض وتشييد الحضارة فإنها لابد أن تقع في أسر الخمول والإخلاد والتبعية كحال المسلمين اليوم فقد سلّموا – آثمين – زمام القيادة العالمية إلى العالم الغربي الكافر، اليهودي والصليبي والشيوعي – يقود البشرية المسكينة إلى الهاوية وإلى الدمار في الحياة الدنيا، وإلى النار في الآخرة، وساء ت مصيرا.
وحين ينظر المرء في الحال التي تعيشها الأمة الإسلامية الممزقة، والحال التي تعيشها البشرية المهددة، فلا شك أنه سيسأل ويستصرخ: أين طريق الخلاص؟؟؟
والإجابة:
إنه الإسلام، والإسلام وكفى.
ذلك أن الله تعالى لم يخلق البشرية عبثاً ولم يتركها هملاً، ومتى نظرت البشرية إلى الإسلام نظرة صادقة مخلصة فستجد فيه راحتها وسعادتها، ومع هذا فإني – كما قلت آنفاً- مقتنع بأن الإجابة على هذا السؤال عملية أكثر منها نظرية وذلك: أن البشرية تتطلع إلى المنقذ بصورة عملية واقعية حية تعيش في واقع الحياة وتبرز من خلال السلوك البشري والجهد الإنساني ذاته فهي لا تريد عرض مبادئ وأفكار نظرية، فلقد تشعبت عليها المبادئ والنظريات والأفكار.
وهي لا تريد فلسفات معقدة فكم أتعبتها الفلسفات.
وهي لا تريد حلولاً مثالية خيالية فكم تمنت وحلمت وعادت بالخيبة والخسران.
صحيح أن البشرية تعاني من القلق والشقاء والحيرة والتهديد بالحروب العالمية القاضية، وصحيح أن الإسلام هو المنقذ الوحيد لها من ذلك، لكنها – مع الأسف – ترى العالم الإسلامي يعيش كما تعيش هي، ويعاني مما تعاني هي، فلسان حالها يقول: فأين الإسلام!!!
إذاً
…
فالإسلام يحتاج إلى رجال – بكل ما للكلمة من معنى – أكثر مما يحتاج إلى المؤتمرات، والقرارات، والمؤلفات، والخطب و .... و ....
والإسلام الآن – ومن ثم العالم الإسلامي – لا يرجع إليه عزه ومجده إلَاّ برجال، وتضحيات غالبة، وجيل يحمله، ومجتمع يقيمه، ودولة تحميه وتجاهد في سبيله، ولا تتاجر به.
نعم
…
!!
إن الإسلام ليس مجرد نظريات محتملة للخطأ والصواب.
وليس مجرد حلول مثالية غير قابلة للتطبيق الواقعي.
وليس مجرد نظم واجتهادات بشرية تدخلها الأهواء والضعف الإنساني.
وليس مجرد عبادات وطقوس تقام في المساجد والمناسبات الدينية.
بل إنه دين الله
…
هو عبادة وصلاة، إيمان وعمل، عقيدة وشريعة وهو تجربة تاريخية واقعية ثابتة سامقة.
وهو: حلول وإصلاح وبناء، وعمل، وتعمير، وجهاد، متواصل، يقوم بجهد الإنسان المؤمن.
وهو: نظم وتشريعات إلهية تستمد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل.
وهو: منهج للحياة من كل جوانبه، دين ودولة، عبادة وقيادة، محراب ومصنع، علم وعمل، جهاد وسلم، وكل ما تنشده البشرية من خير وبناء وسعادة.
وعودة البشرية إلى الإسلام – بعد هذا العناء الطويل – ضرورة حتمية فهي لابد تعي هذه الحقيقة، فقد بدأت تظهر بوادر هذه العودة سواء أدرك الناس هذه الحقيقة أم لم يدركوها .. إنما لا يستطيع أحد أن يقول: أين ومتى وكيف؟ لأن ذلك غيب علمه عند الله وحده.
أسأل الله سبحانه وتعالى – أن يتقبل مني هذا الجهد الضعيف، وأن يأخذ بأيدي المسلمين جميعاً إلى سبيل مرضاته، وأن ينقذهم مما هم فيه إنه على كل شيء قدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.