الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخراسانيون ودورهم السياسي في العصر العباسي الأول
المؤلف/ المشرف:
ثريا حافظ عرفة
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
تهامة - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:
1402هـ
تصنيف رئيس:
تاريخ
تصنيف فرعي:
تاريخ - الدولة العباسية
بعد هذا العرض الشامل للدور الذي لعبه الخراسانيون في نشر الدعوة العباسية، وفي إقامة الدولة العباسية، ثم في تصريف شؤون الدولة العباسية على امتداد العصر العباسي الأول، ومع التجاوز حتى إنهاء عهدهم بأمر شرطة بغداد في نهاية القرن الثالث الهجري، نستطيع أن نستخلص أهم النتائج التي انتهت إليها هذه الدراسة:
وأولى هذه النتائج هي التي اتضحت لنا من خلال التمهيد الذي قدمنا به هذا البحث، ألا وهي أن الموالي بصفة عامة والموالي الخراسانيين بصفة خاصة كانوا يتمسكون بأحبال أية حركة مناوئة للخلافة الأموية، كما أن الحركات الثورية في خراسان مثل حركة الحارث بن سريج، كانت تعتمد على هؤلاء الموالي الساخطين على حكم بني أمية، والذين كانوا يتطلعون إلى تحقيق مساواتهم مع العرب في كافة الحقوق، وفي نفس الوقت فقد لعبت العصبية القبلية في خراسان بين العرب اليمنية والعرب المضرية دورا هاما في نجاح الدعوة العباسية في خراسان.
وفي الباب الأول اتضح لنا كيف كانت خراسان أرضا خصبة للدعوة العباسية، وكيف كان الخراسانيون مهيئين للقيام بالثورة على الأمويين هذا ويتضح من الدور الذي قام به الدعاة في نشر الدعوة العباسية في خراسان ثم في الدور الذي قام به الخراسانيون بقيادة أبي مسلم الخراساني في الانتصار على الوالي الأموي نصر بن سيار، ثم مطاردة الخراسانيون القوات الأموية عبر فارس وفي العراق حتى قامت الخلافة العباسية بمبايعة عبدالله العباسي بالخلافة في مسجد الكوفة في سنة 132هـ وأخيرا في المشاركة في تحقيق النصر على الخليفة الأموي مروان بن محمد في موقعة نهر الزاب. غير أنه بعد أن تمكن الخراسانيون من تحقيق هذه الانتصارات الكبرى لصالح الخلافة العباسية حتى بدأ الخلفاء العباسيون يتخوفون من استئثار الخراسانيين بالسلطة، ممثلة وقتذاك في أبي سلمة الخلال كبير الدعاة في الكوفة، وأول وزير في الدولة العباسية، وفي أبي مسلم الخراساني الذي ظل يقيم في مرو الذي كان الحاكم المطلق للمشرق ..
وهذا ما يتضح لنا في الباب الثاني، فقد تخلص الخليفة عبدالله العباسي من أبي سلمة الخلال على يد أبي مسلم الخراساني، ثم تخلص أبو جعفر المنصور من أبي مسلم الخراساني بعد أن استخدمه في القضاء على حركة عمه عبدالله بن علي الذي قام في وجهه مطالبا بالخلافة بعد عبدالله العباسي.
على أن نفوذ الخراسانيين في الدولة العباسية لم يتوقف بعد التخلص من أبي مسلم الخراساني فما لبث أن عاد احتضن الخراسانيون، وبنو سهل خاصة المأمون الذي كانت تربطه بهم صلة النسب في نزاعه مع أخيه الأمين، وقاموا بتدبير أموره إلى أن تحقق له الانتصار الكامل على أخيه الأمين وتولية الخلافة من بعده.
ولم يقتصر دور الخراسانيين على استعادة نفوذهم ممثلا في سلطان الفضل بن سهل على الخليفة المأمون من خلال الدور الذي قام به في نصرته وفي تدبيره بل حاول تحويل الخلافة إلى البيت العلوي حين رأى ميل المأمون إلى آل البيت واستطاع بالفعل إقناعه بولاية عهده لعلي الرضا بن موسى الكاظم.
على أنه كما سبق القول، كان الخلفاء العباسيون يتداركون الأمر قبل فوات الأوان فما إن بلغت المأمون أخبار الاضطرابات التي حدثت في العراق وفي سائر أنحاء الولايات، ومبايعة العباسيين في بغداد لإبراهيم بن المهدي بالخلافة حتى هب للمحافظة في خلافته، فغادر خراسان إلى بغداد وفي الطريق إليها، تخلص من وزيره المستحوذ عليه الفضل بن سهل، وكذلك من ولي عهده علي الرضا وعاد الخليفة المأمون إلى بغداد، وقد جمع أمور الدولة في يديه ومدبراً أموره بسياسة حكيمة تجلت في استرضاء الخراسانيين مصاهرته الحسن بن سهل، وفي استرضاء الشيعة، بتزويج ابنته إلى ابن علي الرضا، وبحسن معاملة أولاد علي الرضا والشيعة عامة.
أما الباب الرابع، فإنه يدور حول الأسرة الطاهرية التي تنتسب إلى القائد الخراساني طاهر بن الحسن، والذين قاد المعركة التي انتصرت فيها القوات الخراسانية على الأمين قواته وانتهت بمقتل الأمين وتولي المأمون الخلافة، ثم ما كان من إبعاده عن بغداد وعن خراسان من قبل بني سهل خوفا من قوته وقوة جنده الخراسانية، وإعادة المأمون له عقب تخلصه من الفضل بن سهل وما كان من قيامه هو وابنه في القضاء على ثورة نصر بن شبث العقيلي وعلى الاضطرابات التي قامت في مصر أثناء الفتنة بين الأمين والمأمون، وهو الأمر الذي أدى إلى مكافأة المأمون لطاهر بن الحسين بتوليته إياه ولاية خراسان في سنة 205هـ.
وعلى الرغم من محاولة طاهر بن الحسين الاستقلال بخراسان وما كان من موته المفاجئ في سنة 207هـ، بتدبير من الخليفة المأمون على أرجح الأقوال إلا أن الخليفة المأمون ومن بعده الخلفاء العباسيين ظلوا يعتمدون على الطاهريين في حكم خراسان، فأقروا أبناء طاهر بن الحسن على ولاية خراسان التي استمرت ولايتهم حتى سنة 300هـ.
وبذلك اتضح لنا في هذه الدراسة الدور الذي قام به الخراسانيون في الدولة العباسية على امتداد قرنين من الزمان بدءا من قيام الدعوة العباسية في خراسان في بداية القرن الثاني الهجري وانتهاء بنهاية القرن الثالث الهجري، وهو آخر عهدهم بأمر شرطة بغداد. وإذا كنا في هذه الدراسة قد تجاوزنا الحد الزمني لموضوع البحث وهو نهاية العصر العباسي الأول فذلك لأن وحدة الموضوع اقتضت تتبع الدور السياسي للخراسانيين حتى سقوط إمارتهم في خراسان في يد الصفاريين، وحتى انتهاء عهدهم بأمر شرطة بغداد.
والله ولي التوفيق.