الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صيحة نذير بخطر التكفير لحق بكتاب التحذير من فتنة التكفير وتنبيه وتذكير
المؤلف/ المشرف:
علي بن حسن بن عبدالحميد الحلبي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈بدون
سنة الطبع:
بدون
تصنيف رئيس:
توحيد وعقيدة ومنهج
تصنيف فرعي:
التكفير - ضوابط وشروط
الخاتمة: رزقنا الله حسنها: ليس يخفى على من يعيش الناس، ويتعانى المعاملة معهم – على تنوع طبقاتهم واختلاف درجاتهم – أنهم – ساعة الخلاف – تعظم فيهم رغبة العقول في النصر، ويشتد بهم "حرص النفوس على الانتصار؛ ولو كان بتصيد الشبهات البعيدة، وتعسف الاستدلالات" العجيبة، - إلا من رحم الله -
…
ومن أعجب شيء يكون أن الكثير من (الناس) قد يتناقلون كلمات، ويتجاذبون أقوالا؛ ليسوا هم في ثبت منها، أو ثقة بها؛ وإنما يجد الواحد منهم قولاً "يشاع، ويتحدث به عنده؛ فيقره، ويسمعه، ويستوشيه"؛ هكذا
…
بلا ترو، ولا تأن
…
وإنما من باب التسفيه والتشويه.
"فليتق الله – تعالى – امرؤ على نفسه، وليفكر في أن الله – تعالى – سائل سمعه وبصره وفؤاده عما قاله مما لا يقين عنده به، ومن قطع على إنسان بأمر لم يوقفه عليه: فقد واقع المحذور، وحصل له الإثم في ذلك". وطالب العلم المريد للحق، الراغب به – ولو على نفسه – يعلم أن الله رقيب عليه شهيد على قلبه، فلا يبدي خلاف ما يسر، ولا يعلن غير ما يكتتم .. فلا يزخرف قولا، ولا يزين لفظا – يريد به إبطال حق أو إحقاق باطل -؛ لأن الله به عليم، وله سميع بصير؛ {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} . ولا أجد من مقابلة أذكرها، أو موازنة أشير إليها – لبيان الفرق بين فئة المستوي حاله ظاهراً وباطناً، وبين فئة المدعي خلاف ما هو عليه – بجدله، أو زخرف قوله، أو التلاعب بكلامه – أحسن من كلمات ذاك الصحابي التائب، والعائد الراغب؛ الذي عظم عنده ذنبه، وكبر عليه حاله، فجاء مبادرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول له بقول صادق، وكلام واثق:"والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا: لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذار! ولقد أعطيت جدلا، ولكني – والله – لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني: ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه: إني لأرجو فيه عفو الله"
…
فهذا هو المعيار الشرعي، والميزان الأخروي؛ الذي توزن به الأمور، وتضبط خلاله المواقف
…
ولئن كان الصدق "قد" يوقع صاحبه – حيناً – بشيء من الابتلاء: فما هذا إلا سبب غرة المؤمن وصفاته؛ وهو – بمنة ربه وتوفيقه – إلى خير قادم، وعلى بر مقبل
…
وإذا كان البهت والريب قد يعلي ذكر المتلبس به – حينا – لخبه – ويرفعه؛ فإنه سيكون أخذا له مجرة الهاوية
…
ليكون السقوط – له – أشد، إن لم يقر بالحق، أو يرد
…
"والحق دائماً في انتصار، وعلو، وازدياد، والباطل في انخفاض، وسفال، ونفاد". وما تبديه السطور مما يغاير القول المشهور: فنفثة مضدور، وهتك لما تكنه الصدور". "وما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه". [مجموع الفتاوى 18/ 272] ونبي الإسلام – عليه الصلاة والسلام – يقول:(المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم)
…
فاهدنا – اللهم – صراطك المستقيم
…
وليس بخفي – بعد – أن مسالة (التكفير) من أخطر المسائل وأشدها على الفرد والمجتمع والأمة، ومن أفسدها على الحاكم والمحكوم – سواء -. وبسبب "كثرة ما وقع في هذه القضية من الأكاذيب المفتراة، والأغاليط المظنونة، والأهواء الفاسدة" كتبت، وألححت
…
لا مجادلة عن ضلال طاغوت
…
أو دفاعا عن فعائل ذي جبروت
…
أو تسويغا لصنيع من حاد الله – سبحانه – في الحكم والملكوت
…
فليتق الله – تعالى – كل ناظر فيه، من قبل أن تتبدى له مكنوناته وخوافيه
…
{يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} ، واطمئنان يقين
…
{وتوكل على الله إنك على الحق المبين} . وأقول – على تحرز وتحرج – ما قاله النبي الصالح الأمين: {
…
يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين}
…
إلا من رحم رب العالمين .. "فدونك – أيها الفاضل اللوذعي، الفطن الألمعي؛ الناظر في هذا الكتاب – ما أودعته من لطائف الآداب، وأدرجته من زبد الحكم واللباب. ولا يحملك الحسد الذي جبل عليه الأقران، من إنكار ما تجد لغيرك من المزايا الحسان، ولا يستميلك استصغار مؤلفه إلى نبذ فرائده، والاستسهال بعظم فوائده، فإن لك غنمها، وعلى غيرك غرمها.
ومع ذلك؛ فلا أدعى رتبة الكمال، ففوق كل ذي علم عليم، ولا أزعم النزاهة عن النقص والعيب، فالمنزه عن كل عيب هو الله الملك القدوس العزيز العليم. ولقد قيل: لا يغير ذو كمال من نقص، ولا يخلو ذو نقص من كمال؛ فلا يمنعك نقص الكامل من استفادة كماله، ولا يرغبك كمال الناقص في الميل إلى نقصه. فالأليق بالفاضل إذا عثر بشيء مما كبا فيه المؤلف وعثر، أن يستر الزلل ويقيل العثار، ويسد الخلل والعوار، فالكريم غفار، والحليم ستار".
"ومن ضنائن العلم الرجوع إلى الحق"، ورحمة الخلق .. {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد} . {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس}
…
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه أبو الحارث الحلبي الأثري – حامدا لله تعالى، ومصليا على نبيه صلى الله عليه وسلم – الزرقاء – الأردن – بين عصري يوم الأربعاء لعشر مضين من شهر ذي القعدة سنة 1417هـ