الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحرف والصناعات في الحجاز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
المؤلف/ المشرف:
عبدالعزيز بن إبراهيم العمري
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة الضياء - جدة ̈بدون
سنة الطبع:
1405هـ
تصنيف رئيس:
تاريخ
تصنيف فرعي:
جزيرة العرب - الحجاز
من الدراسة السابقة يتضح لنا كيف كانت حال الحجاز في العصر النبوي من حيث الأعمال والحرف والصناعات التي كان سكان الحجاز يمارسونها، وتعتبر مصادر الدخل الرئيسية عندهم، وهي شريان الحياة للمجتمعات الحجازية عموما في تلك الأيام، كما أن هذه الحرف كانت تلبي معظم حاجات السكان ومتطلباتهم عدا القليل مما يطلبه الناس خارج الحجاز.
كما اتضح لنا مواقف العرب المختلفة من الحرف والصناعات وكيف كانوا يميزون بين هذه الحرف، واعتبار الكثير منها حرفا محتقرة في نظرهم وبالتالي احتقارهم لمن يحترفها كالحدادة والنجارة وغيرها مما ذكرنا في محله، مما دفع أناسا آخرين كاليهود أو الموالي إلى استغلال هذا الجانب وبالتالي أجادوا هذه الحرف وحدهم مما جعلها تدر عليهم الأموال الطائلة.
وحينما جاء الإسلام لاحظ هذا الجانب فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحاول جاهدا إزالة هذه الأوهام من عقول الناس فكان يرفع من شأن الحرف المحتقرة في نظر العرب ويجالس العاملين فيها ويرفع من معنوياتهم ويؤاكلهم ويشاربهم، بل ويدفع إليهم ابنه الوحيد ليربونه في منازلهم.
واستنتجنا من خلال هذا البحث أن الحرف في الحجاز كانت موزعة في مختلف الأماكن في الحجاز كما أن هناك توزيعا معينا لهذه الحرف حسب الظروف لكل منطقة من مناطق الحجاز، فلاحظنا أن الرعي كان هو الحرفة العامة لبلاد الحجاز في الحواضر والبوادي، وهو مصدر العيش لبادية الحجاز بالدرجة الأولى وعليه اعتمادهم في معاشهم، ولم يكن أحد من العرب يحتقر هذه الحرفة. كما أن الزراعة كانت هي الحرفة الرئيسة لسكان الطائف والمدينة وخيبر ووادي القرى، وكان الأعراب ينظرون إليها نظرة احتقار.
ولاحظنا أن التجارة كانت هي مصدر الدخل الرئيسي لقريش في مكة حيث كانوا يتاجرون مع الشام واليمن ويستفيد من ذلك أصحاب رؤوس الأموال بدرجاتهم المختلفة، كما استفاد أناس آخرون كانوا يخدمون هذه التجارة بطريقة ما، إضافة لذلك فإن الأسواق الموسمية كان لها دور كبير في خدمة التجارة، كما أن مدن الحجاز عموما لم تكن تخلوا من أسواق دائمة استفاد منها التجار والمنتجون وخدمت أغراض البيع والشراء.
وقد أشرنا في البحث إلى أن حرفة البناء كانت قائمة في بلاد الحجاز وتلبي الحاجات المختلفة للسكان حسب متطلباتهم المتواضعة في تلك الأيام واستعرضنا نماذج مختلفة للبناء من خلال ما ورد في النصوص سواء كانت هذه البنايات لأغراض دينية أو عسكرية أو لأغراض السكنى أو حفر الآبار وغيرها مما أعطانا تصورا عن هذه الحرفة وإمكاناتها في تلك الأيام.
كما استعرضنا في فصل صناعة السلاح أنواع الأسلحة المعروفة في الحجاز في العصر النبوي وما كان يصنع منها محليا أو يصقل، واختصاص اليهود والموالي في تصنيع السلاح، وأن ذلك جعل اليهود يملكون مستودعات ضخمة للأسلحة كانوا يدفعونها إلى من يحتاج إليها منهم بالسعر الذي يريدون عند الحاجة إليها،
وقد بينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هذه الفترة كان يحض المسلمين على عمل السلاح وصيانته حيث كان يصون سلاحه بنفسه إضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يبحث عن الأسلحة المفيدة حتى أنه بعث بعض الصحابة إلى (جرش) كما مر بنا في بحث صناعة الدبابة كما أنه كان يستفيد مما يجده من سلاح، حيث استفاد من المنجنيق في حصار خير وفي حصار الطائف مما زاد من عناية المسلمين بالأسلحة المختلفة.
ومن خلال دراسة الحرف العلمية والصحية اتضح كيف أن الكتابة العربية كانت معروفة في الحجاز قبل الإسلام ووجد من يعلمها الصبيان في الطائف وغيرها وحينما جاء الإسلام حث على التعليم وأكد على تعليم الصبيان القراءة والكتابة مما جعل المسلمين يبرزون في هذا المجال فيما بعد.
إضافة لذلك فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على تعلم لغات الأعداء للأمن من مكرهم، فوجد مترجمون مختصون بين المسلمين كانوا يلبون حاجة المسلمين أيام الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما أن الطب كان معروفا بين سكان الحجاز ووجد عدد من الأطباء أشهرهم (الحارث بن كلدة) طبيب العرب كما وجد أطباء آخرون غيره وتميز ذلك العصر بأساليب خاصة في علاج الأمراض حسب ما تتيحه الظروف في تلك الأيام كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بإقامة أول مستشفى في الإسلام وهي خيمة (أم رفيدة الأنصارية) في مسجده حيث كانت تداوي الجرحى أثناء غزوة الخندق، واشتهرت حرفة الحجامة في تلك الأيام وكان يقوم بها أناس مختصون، كما وجد العطارون، الذين يبيعون للناس الطيب والأعشاب الطبية إضافة إلى بعض الأشياء المتعلقة بالتجميل.
واستعرضنا ما تحترفه بعض النساء من تجميل للعرائس إضافة إلى الأساليب المتبعة في التجميل في تلك الأيام وموقف الإسلام منها.
وفي الفصل الأخير مررنا ببعض الحرف العامة التي كانت شائعة في بلاد الحجاز وتختلف نظرة العرب إليها كل حرفة على حدة وموقف الإسلام من هذه الحرف ومدى انتشارها فاستعرضنا الحدادة والعاملين فيها ومدى الحاجة إليها ومدى ما وصلت إليه من تطور في تلك الأيام. ثم استعرضنا الصياغة والتعدين وصناعة حلي النساء وغيرها، ووجدنا أن هناك صوّاغاً معروفين يقومون بعمل الحلي والأختام وغيرها ويحلون الأسلحة.
وانتهينا إلى أن الدباغة كانت من أهم الحرف في منطقة الطائف ووجود أناس يقومون بهذه الحرفة ولم يكن أهل الطائف يحتقرون هذه الحرفة، كما أن الخرازة وهي عملية تحويل الجلود إلى أثاث أو أحذية أو أشياء أخرى يستفاد منها كانت قائمة في المنازل في مكة وفي المدينة وغيرها ووجد من أمهات المؤمنين من تقوم بذلك وتتصدق على المساكين من دخلها من هذا الجانب.
واستعرضنا حرفة الغزل والنسيج وما يلحق بها من خياطة وصباغة وتبين لنا مدى تطور هذه الحرف وأنها كانت منتشرة في مختلف مناطق الحجاز وتتدرج من حيث الأهمية بين منطقة وأخرى وكان تركيزها بالدرجة الأولى على الاستفادة من الخامات المحلية من أصواق أو سعف نخيل وغير ذلك، وأشرنا في نهاية البحث إلى وجود الأجراء بمثابة العمال غير المختصين الذين يقومون بإنجاز بعض الأعمال مقابل أجر معين، ومن هؤلاء كان السقاة والحمالون وغيرهم.
وقد رأينا من خلال البحث كيف كان الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء يشاركون في هذه الحرف بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك في الكثير منها سواء في رعي الغنم أو في التجارة في مكة أو في قيامه صلى الله عليه وسلم بعمل الأشياء الخاصة به وصيانتها من سلاح أو لباس وحذاء وغير ذلك فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب للمسلمين المثل في ذلك. أسأل الله أن أكن قد أديت بعضا مما ينبغي لهذا البحث وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.