الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3286 - محمَّد بن المثنى:
هو ابنُ عُبَيد بن قيس بن دينار العَنَزيُّ، أبو موسى الحافظ، الزَّمِنُ [ذو الزَّمَانة، يعني: العاهة]. روى عنه الجماعة. وذكر في "التهذيب" أن المُصنّف [يعني: النّسائيّ] روى عنه نازلًا بواسطة زكريا بن يحيى السجزي المعروف بـ"خياط السُّنَّة"، ولم تقع للمصنِّف هذه الرواية النازلة في "السنن الصغرى"، فلعل ذلك في "الكبرى" والله أعلم.
*وأبو موسى هذا ثقةٌ حجةٌ. فوثقه ابنُ معين، وابنُ حبان والدارقطنيُّ، ومسلمة بنُ قاسم، والخطيبُ وقال:"ثبتٌ، احتجَّ به سائرُ الأئمة". وقال الذهلي: "حجَّهٌ". وقال أبو حاتم: "صالحُ الحديث، صدوقٌ". وقال أبو عروبة: "ما رأيتُ بالبصرة أثبت من أبي موسى، ويحيى بن حكيم".
* [تنبيه] ذكر الذهبي في "سير النبلاء"(12/ 126) عن أبي أحمد بن الناصح، قال: سمعت محمد بن حامد بن السريّ، وقلتُ له: لم لا تقول في محمَّد ابن المثنى إذا ذكرته: "الزَّمِن"، كما يقولُ الشيوخُ؟ قال: لم أره زَمِنًا، رأيته يمشي، فسألته فقال:"كنت في ليلةٍ شديدةِ البرد فجثوتُ على يديَّ ورجليَّ، فتوضأت، وصليتُ ركعتين، وسألت الله، فقمتُ أمشي. قال: ورأيته يمشي ولم أره زمنًا". قال الذهبيُّ: "حكاية صحيحةٌ، رواها السِّلَفَيُّ، عن الرازي، أخبرنا أبو القاسم عليُّ بن محمدٍ الفارسيُّ، حدثنا ابنُ النَّاصح".
* هذا: وقد ذكروا أنَّ محمَّد بن بشار بندارًا تكلَّم في أبي موسى -صاحب الترجمة-، ولم أقف له على ما يوجب ذلك سوى ما ذكره الخطيب في "تاريخه"(2/ 103) بسنده إلى الفرهيانيَّ، قال: سمعت أبا موسى -وكان صنَّف حديث داود بن أبي هندٍ، ولم يكن بندارٌ صنَّفهُ-، فسمعتُ أبا موسى، يقول: مِنَّا قومٌ لو قدروا أن يسرقوا حديث داود لسرقوه- يعني: بندارًا" اهـ.
* مع أنَّ كلمة أبي موسى يمكن أن تحمل على وجه الثناء على بُندار، وذلك
أن السارق إذا سرق فإنما يأخذُ النفيس الغالي، وهذا يدلُّ على حُسْنِ انتقاء بندار لأحاديث داود بن أبي هند.
* ونظيره ما رواه ابنُ أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(1/ 1/ 330) عن ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي قال: "كان إسرائيل -يعني: ابن يونس- في الحديث لصًا". قال ابن أبي حاتم: يعني: "أنَّهُ يتلقفُ العلم تلقُّفًا".
* وروى هذه الكلمة عثمانُ بن أبي شيبة، عن ابن مهديّ بلفظ:"إسرائيل لصٌّ يسرقُ الحديث". فكأنه رواها بالمعنى، ولو سُلِّم أنَّ هذا لفظ ابن مهديّ لحُمِل على ما فسره به أبو حاتم، بدليل أن ابن مهدي كان يُقَدم إسرائيل في حديث أبي إسحاق السبيعي على الثوريّ وشعبة؛ فمن المحال أنْ يقصد بسرقة الحديث ما هو ما معروف في "الاصطلاح". لذلك لم يُحسن الحافظ رحمه الله صنعًا، لأنَّهُ أورد كلمة ابن مهدي برواية عثمان بن أبي شيبة عنه بدون تعقيب عليها. فالله تعالى يسامحنا وإياه.
* وكلماتُ الثناء التي ظاهرُها الجرحُ موجودةٌ في كلمات بعض العلماء من ذلك قول أبي حاتم الرازي أنَّ شعبة كان يقول: "إسماعيلُ بن رجاء شيطان" يعني من حُسْن حديثه. ذكره ابنُ أبي حاتم في "علل الحديث"(ج1 / رقم 248) عن أبيه. وهذه فائدةٌ نفيسة خلت منها كتب التراجم التي ترجمت لإسماعيل، فاهنأ بها!.
* وقد تحتمل كلمةُ أبي موسى وجهًا آخر، حاصله أنَّ بندارًا كان حريصًا على جمع العلم والاستئثار به، فلو قدر على الاستحواذ على حديث داود بن أبي هند فلا يشركه فيه أحدٌ لفعل.
* يدلُّ على ذلك ما رواه الخطيب في "تاريخه"(2/ 104) من طريق محمَّد بن المسيب، قال: لما مات بُندار!! جاء رجلٌ إلى أبي موسى، فقال: يا أبا موسى!