الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (الخيانة) معنى
18-
* (عن حذيفة- رضي الله عنه قال:
حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر. حدّثنا: «أنّ الأمانة «1» نزلت في جذر قلوب الرّجال «2» . ثمّ نزل القرآن. فعلموا من القرآن وعلموا من السّنّة» ثمّ حدّثنا عن رفع الأمانة قال:
«ينام الرّجل النّومة فتقبض الأمانة من قلبه. فيظلّ أثرها مثل الوكت «3» . ثمّ ينام النّومة فتقبض الأمانة من قلبه. فيظلّ أثرها مثل المجل «4» . كجمر دحرجته على رجلك. فنفط «5» فتراه منتبرا «6» . وليس فيه شيء (ثمّ أخذ حصى فدحرجه على رجله) فيصبح النّاس يتبايعون. لا يكاد أحد يؤدّي الأمانة حتّى يقال: إنّ في بني فلان رجلا أمينا. حتّى يقال للرّجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان. ولقد أتى عليّ زمان «7» وما أبالي أيّكم بايعت.
لئن كان مسلما ليردّنّه عليّ دينه. ولئن كان نصرانيّا أو يهوديّا ليردّنّه عليّ ساعيه. وأمّا اليوم فما كنت لأبايع
(1) الأمانة: الظاهر أن المراد بها التكليف الذي كلف الله تعالى به عباده، والعهد الذي أخذه عليهم. الأمانة في الحديث هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ، وهي عين الإيمان. فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد قام حينئذ بأداء التكاليف، واغتنم ما يرد عليه منها، وجد في إقامتها.
(2)
جذر قلوب الرجال: الجذر، بفتح الجيم وكسرها، لغتان. قال في الفائق: الجذر، بالفتح والكسر، الأصل.
(3)
الوكت: هو الأثر اليسير. وقيل: هو سواد يسير. وقيل: هو لون يحدث مخالف للون الذي كان قبله.
(4)
المجل: بإسكان الجيم وفتحها: لغتان. والمشهور الإسكان. يقال: مجلت يده تمجل مجلا. ومجلت تمجل مجلا، لغتان مشهورتان. والمجل هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس أو نحوها ويصير كالقبة فيه ماء قليل.
(5)
فنفط: يقال: نفطت يده نفطا، من باب تعب، ونفيطا إذا صار بين الجلد واللحم ماء. وتذكير الفعل المسند إلى الرجل، وكذا تذكير قوله: فتراه منتبرا. مع أن الرّجل مؤنثة، باعتبار معنى العضو.
(6)
ومنتبرا: مرتفعا. وأصل هذا اللفظ الارتفاع. ومنه المنبر لارتفاعه وارتفاع الخطيب عليه. قال صاحب التحرير: معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئا. فإذا زال أول جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت. وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله. فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة. وهذه الظلمة فوق التي قبلها. ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه، واعتقاب الظلمة إياه، بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى التنفط.
(7)
ولقد أتى عليّ زمان: معنى المبايعة هنا البيع والشراء المعروفان. ومراده أني كنت أعلم أن الأمانة لم ترتفع، وأن في الناس وفاء بالعهود. فكنت أقدم على مبايعة من اتفق غير باحث عن حاله، وثوقا بالناس وأمانتهم. فإنه إن كان مسلما فدينه وأمانته تمنعه من الخيانة وتحمله على أداء الأمانة. وإن كان كافرا فساعيه، وهو الوالي عليه، كان يقوم أيضا بالأمانة في ولايته، فيستخرج حقي منه. وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة، فما بقى لي وثوق بمن أبايعه، ولا بالساعي في أدائهما الأمانة. فما أبايع إلا فلانا وفلانا، يعني أفرادا من الناس، أعرفهم وأثق فيهم.
منكم إلّا فلانا وفلانا» ) * «1» .
19-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: بينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدّث القوم جاءه أعرابيّ فقال: متى السّاعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدّث.
فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتّى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السّائل عن السّاعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله.
قال: «فإذا ضيّعت الأمانة فانتظر السّاعة» . قال:
كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السّاعة» ) * «2» .
20-
* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما قال: بينا نحن صفوفا «3» خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظّهر أو العصر إذ رأيناه يتناول شيئا بين يديه في الصّلاة ليأخذه ثمّ يتناوله ليأخذه، ثمّ حيل بينه وبينه، ثمّ تأخّر وتأخّرنا، ثمّ تأخّر الثّانية وتأخّرنا فلمّا سلّم، قال أبيّ بن كعب: يا رسول الله رأيناك اليوم تصنع في صلاتك شيئا لم تكن تصنعه. قال: «إنّي عرضت عليّ الجنّة بما فيها من الزّهرة والنّضرة فتناولت قطفا منها لآتيكم به ولو أخذته لأكل منه من بين السّماء والأرض لا ينقصونه فحيل بيني وبينه. ثمّ عرضت عليّ النّار فلمّا وجدت حرّ شعاعها تأخّرت، وأكثر من رأيت فيها النّساء اللّاتي إن ائتمنّ أفشين وإن سألن أحفين- قال زكريّا: ألحفن- وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها لحيّ بن عمرو يجرّ قصبه. وأشبه من رأيت به معبد بن أكثم قال معبد: أي رسول الله يخشى عليّ من شبهه فإنّه والد، قال: لا، أنت مؤمن وهو كافر، وهو أوّل من جمع العرب على عبادة الأصنام» ) * «4» .
21-
* (عاد عبيد الله بن زياد، معقل بن يسار المزنيّ. في مرضه الّذي مات فيه. فقال معقل: إنّي محدّثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لو علمت أنّ لي حياة ما حدّثتك. إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ما من عبد يسترعيه الله رعيّة، يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيّته، إلّا حرّم الله عليه الجنّة» ) * «5» .
22-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غزا نبيّ من الأنبياء. فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع «6» امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولمّا يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا، ولمّا يرفع سقفها. ولا
(1) البخاري- الفتح 11 (6497) . مسلم (143) واللفظ له.
(2)
البخاري- الفتح 1 (59) .
(3)
هكذا في الأصل (صفوفا) وذلك بتقدير (نقف صفوفا) وفي المسند نفسه 3 (352، 353) بلفظ آخر وهو الموافق لما في مجمع الزوائد. والمسند الجامع برقم (3081) .
(4)
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 88) واللفظ له. وقال: رواه أحمد (5/ 137) وروى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم قال بمثله وفي الإسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف وقد وثق.
(5)
مسلم (142) .
(6)
بضع: بضم الباء هو فرج المرأة. أي ملك فرجها بالنكاح.
آخر قد اشترى غنما أو خلفات «1» ، وهو منتظر ولادها «2» . قال: فغزا. فأدنى للقرية «3» حين صلاة العصر. أو قريبا من ذلك. فقال للشّمس: أنت مأمورة، وأنا مأمور. اللهمّ احبسها عليّ شيئا «4» .
فحبست عليه حتّى فتح الله عليه. قال: فجمعوا ما غنموا. فأقبلت النّار «5» لتأكله. فأبت أن تطعمه.
فقال: فيكم غلول. فليبايعني من كلّ قبيلة رجل.
فبايعوه. فلصقت يد رجل بيده. فقال: فيكم الغلول.
فلتبايعني قبيلتك. فبايعته. قال: فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة. فقال: فيكم الغلول. أنتم غللتم. قال:
فأخرجوا له مثل رأس بقرة «6» من ذهب. قال:
فوضعوه في المال وهو بالصّعيد «7» . فأقبلت النّار فأكلته. فلم تحلّ الغنائم لأحد من قبلنا. ذلك بأنّ الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا، فطيّبها «8» لنا» ) * «9» .
23-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة:
رجل أعطى بي ثمّ غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) * «10» .
24-
* (عن بريدة- رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة «11» ، أوصاه في خاصّته «12» بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا. ثمّ قال:«اغزوا باسم الله. في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلّوا «13» . ولا تغدروا «14» ولا
(1) خلفات: جمع خلفة ككلمة وكلمات وهي الحامل من الإبل.
(2)
ولادها: أي نتاجها. وقال النووي: وفي هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تفوض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها. ولا تفوض إلى متعلق القلب بغيرها. لأن ذلك يضعف عزمه، ويفوت كمال بذل وسعه.
(3)
فأدنى للقرية: فأدنى. بهمزة قطع. كذا هو في جميع النسخ: فأدنى رباعي إما أن يكون تعدية لدنا، أي قرب، فمعناه أدنى جيوشه وجموعه للقرية. وإما أن يكون أدنى بمعنى حان أي قرب فتحها. من قولهم: أدنت الناقة إذا حان نتاجها. ولم يقولوه في غير الناقة.
(4)
اللهم احبسها: قال القاضي: اختلف في حبس الشمس المذكور هنا. فقيل: ردت على أدراجها. وقيل: وقفت ولم ترد. وقيل: أبطىء بحركتها.
(5)
فأقبلت النار: أي من جانب السماء لتأكله، كما هو السنّة في الأمم الماضية، لغنائمهم وقرابينهم المتقبلة.
(6)
فأخرجوا له مثل رأس بقرة: أي كقدره أو كصورته من ذهب كانوا غلوه وأخفوه.
(7)
بالصعيد: يعني وجه الأرض.
(8)
فطيبها: أي جعلها لنا حلالا بحتا، ورفع عنا محقها بالنار، تكرمة لنا.
(9)
مسلم (1747) .
(10)
البخاري- الفتح 4 (2227) .
(11)
سرية: هي قطعة من الجيش تخرج منه تغير وتعود إليه. وقيل: هي الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها قالوا: سميت سرية لأنها تسري في الليل ويخفى ذهابها. وهي فعيلة بمعنى فاعلة. يقال: سرى وأسرى، إذا ذهب ليلا.
(12)
في خاصته: أي في حق نفس ذلك الأمير خصوصا.
(13)
ولا تغلوا: من الغلول. ومعناه الخيانة في الغنم. أي لا تخونوا في الغنيمة.
(14)
ولا تغدروا: أي ولا تنقضوا العهد.
تمثلوا «1» ولا تقتلوا وليدا «2» . وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) . فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام «3» . فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دراهم إلى دار المهاجرين.
وأخبرهم أنّهم، إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين. يجري عليهم حكم الله الّذي يجري على المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله «4» وذمّة نبيّه. فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه. ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك. فإنّكم أن تخفروا «5» ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله. ولكن أنزلهم على حكمك. فإنّك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» ) * «6» .
25-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت إذا بقيت في حثالة من النّاس؟» قال: قلت:
يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال:«إذا مرجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا» وشبّك يونس بين أصابعه:
يصف ذلك- قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: «اتّق الله- عز وجل وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصّتك، وإيّاك وعوامّهم) * «7» .
26-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلقّوا البيع «8» ، ولا تصرّوا الغنم والإبل «9» للبيع، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النّظرين: إن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها بصاع تمر، لا سمراء «10» » ) * «11» .
27-
* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه
(1) ولا تمثلوا: أي لا تشوهوا القتلى يقطع الأنوف والآذان.
(2)
وليدا: أي صبيا، لأنه لا يقاتل.
(3)
ثم ادعهم إلى الإسلام: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: ثم ادعهم. قيل: صواب الرواية: ادعهم، بإسقاط ثم. وقد جاء بإسقاطها على الصواب في كتاب أبي عبيد وفي سنن أبي داود وغيرهما. لأنه تفسير للخصال الثلاث، وليست غيرها. وقال المازري: ليست ثم، هنا زائدة. بل دخلت لاستفتاح الكلام والأخذ.
(4)
ذمة الله: الذمة، هنا، العهد.
(5)
أن تخفروا: يقال: أخفرت الرجل اذا نقضت عهده. وخفرته أمنته وحميته.
(6)
مسلم (1731) .
(7)
رواه أحمد: 2/ 162 وقال الشيخ أحمد شاكر 10 (6508) : إسناده صحيح. ورواه الحاكم (4/ 435) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(8)
لا تلقوا البيع: هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله للبلد ويخبره كذبا بكساد ما معه ليشتري منه سلعته بأقل من ثمن المثل.
(9)
لا تصروا الإبل والغنم: معناه: لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة.
(10)
لا سمراء: السمراء: الحنطة والمعنى أنه لا يلزم بدفع صاع منها لأنها أكثر ثمنا من التمر في عصرهم.
(11)
أحمد (2/ 242)، وقال الشيخ أحمد شاكر 14 (7303) : إسناده صحيح، وأصله عند البخاري- الفتح 4 (2151) . ومسلم (1515) ، وأبي داود (3443) ومالك والنسائي وغيرهم.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكلّ غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره. ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامّة» ) * «1» .
28-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: لمّا فتحت خيبر أهديت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم شاة فيها سمّ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«اجمعوا لي من كان هاهنا من يهود» فجمعوا له، فقال:«إنّي سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقيّ عنه؟» فقالوا: نعم. قال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من أبوكم؟» قالوا: فلان. فقال: «كذبتم، بل أبوكم فلان» . قالوا: «صدقت» . قال: فهل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألت عنه؟» فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا، كما عرفته في أبينا. فقال لهم:«من أهل النّار؟» قالوا: نكون فيها يسيرا، ثمّ تخلفونا فيها.
فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «اخسأوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا» . ثمّ قال: «هل أنتم صادقيّ عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم. قال: «هل جعلتم في هذه الشّاة سمّا؟» قالوا: نعم. قال: «ما حملكم على ذلك؟» قالوا: إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيّا لم يضرّك) * «2» .
29-
* (عن أبي زرارة عديّ بن عميرة الكنديّ- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا «3» فما فوقه، كان غلولا «4» يأتي به يوم القيامة» قال: فقام رجل من الأنصار أسود، كأنّي أنظر إليه فقال: يا رسول الله، اقبل عنّي عملك، قال:«ومالك؟» قال: سمعتك تقول: كذا وكذا، قال:«وأنا أقوله الآن: من استعملناه منكم على عمل فيجيء بقليله وكثيره. فما أوتي منه أخذ، وما نهي عنه انتهى» ) * «5» .
30-
* (عن أبي حميد السّاعديّ- رضي الله عنه قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد يقال له ابن اللّتبيّة (قال عمرو وابن أبي عمر: على الصّدقة) فلمّا قدم قال: هذا لكم. وهذا لي، أهدي لي.
قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فحمد الله وأثنى عليه، وقال:«ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي لي. أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمّه حتّى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ والّذي نفس محمّد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئا إلّا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء. أو بقرة لها خوار. أو شاة تيعر» . ثمّ رفع يديه حتّى رأينا عفرتي إبطيه. ثمّ قال:
«اللهمّ هل بلّغت؟» مرّتين) * «6» .
(1) البخاري- الفتح 6 (3188) عن عبد الله. ومسلم (1738) واللفظ له، وقوله «أمير عامة» أي من غدر صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير.
(2)
البخاري- الفتح 6 (3169) .
(3)
المخيط: الإبرة.
(4)
الغلول: الخيانة.
(5)
مسلم (1833) .
(6)
البخاري- الفتح 13 (7197) . ومسلم (1832) واللفظ له.