الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضرّي فتضرّوني. ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم مازاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم. كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي! لو أنّ أوّلكم وآخركم، وإنسكم وجنّكم. قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كلّ إنسان مسألته ما نقص ذلك ممّا عندي إلّا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي إنّما هي أعمالكم أحصيها لكم ثمّ أوفّيكم إيّاها. فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه» ) * «1» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (العصيان)
1-
* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه «لا تصحب الفجّار لتعلم من فجورهم، واعتزل عدوّك، واحذر صديقك إلّا الأمين- ولا أمين إلّا من خشي الله- وتخشّع عند القبور، وذلّ عند الطّاعة، واستعصم عند المعصية، واستشر الّذين يخشون الله» ) * «2» .
2-
* (عن عمر- رضي الله عنه قال:
«يأهل مكّة اتّقوا الله في حرمكم هذا: أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم؟ كانوا فيه بنو فلان.
فأحلّوا حرمته فهلكوا، وبنو فلان فأحلّوا حرمته فهلكوا، حتّى عدّ ما شاء الله، ثمّ قال: والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحبّ إليّ من أعمل واحدة بمكّة» ) * «3» .
3-
* (قال عمر- رضي الله عنه يوما لأصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «فيم ترون هذه الآية نزلت أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ؟ (البقرة/ 266) قالوا: الله أعلم. فغضب عمر. فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عبّاس في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. قال عمر: يا بن أخي قل ولا تحقّر نفسك.
قال ابن عبّاس: ضربت مثلا لعمل. قال عمر: أيّ عمل؟ قال ابن عبّاس: لعمل. قال عمر: لرجل غنيّ يعمل بطاعة الله- عز وجل ثمّ بعث الله له الشّياطين فعمل بالمعاصي حتّى أغرق أعماله» ) «4» .
4-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه
(1) رواه مسلم (2577) .
(2)
الدر المنثور، للسيوطي (7/ 22) .
(3)
شعب الإيمان، للبيهقي (3/ 4012) .
(4)
البخاري- الفتح 8 (4538) .
قال: توشك القرى أن تخرب وهي عامرة. قيل:
وكيف تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجّارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها» ) * «1» .
5-
* (قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه لفضيل بن زيد الرّقاشيّ قال: لا يلهينّك النّاس عن ذات نفسك، فإنّ الأمر يخلص إليك دونهم، ولا تقطع النّهار بكيت وكيت؛ فإنّه محفوظ عليك ما قلته، ولم تر شيئا أحسن طلبا، ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثه لذنب قديم) * «2» .
6-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت:
«أقلّوا الذّنوب فإنّكم لن تلقوا الله بشيء أفضل من قلّة الذّنوب» ) * «3» .
7-
* (قال رجل لابن عبّاس- رضي الله عنهما: أرأيت رجلا كثير الذنوب كثير العمل أو رجلا قليل الذّنوب قليل العمل؟ قال ما أعدل بالسّلامة شيئا» ) * «4» .
8-
* (قال أبو أيّوب الأنصاريّ- رضي الله عنه «إنّ الرجل ليعمل الحسنة حتّى يأتي الله وقد حظر به، وإنّ الرّجل ليعمل السّيّئة فيفرق منها حتّى يأتي الله آمنا» ) * «5» .
9-
* (كتب أبو الدّرداء إلى سلمة بن مخلد: أمّا بعد، فإنّ العبد إذا عمل بطاعة الله أحبّه الله، وإذا أحبّه الله حبّبه إلى خلقه، وإذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه بغّضه إلى خلقه) * «6» .
10-
* (عن أبي الدّرداء- رضي الله عنه قال: «ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر، ثمّ قال: تدري ممّ هذا؟ قلت: لا. قال: إنّ العبد يخلو بمعاصي الله فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر) * «7» .
11-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه في قوله تعالى اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ (آل عمران/ 102) قال: «أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر» ) * «8» .
12-
* (قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه «إنّ المؤمن يرى ذنوبه كأنّه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإنّ الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه، فقال به هكذا» ) * «9» .
13-
* (عن أبي الشّعثاء- رضي الله عنه قال: كنّا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذّن المؤذّن، فقام رجل من المسجد يمشي. فأتبعه أبو هريرة بصره
(1) الجواب الكافي (69) .
(2)
الزهد لوكيع بن الجراح (2/ 537) .
(3)
المرجع السابق (2/ 535) .
(4)
المرجع السابق (2/ 534) .
(5)
الزهد لابن المبارك (53) .
(6)
الزهد، للإمام أحمد بن حنبل (2/ 56) .
(7)
الجواب الكافي لابن القيم (59) .
(8)
أخرجه الحاكم (2/ 294) وقال صحيح على شرط الشيخين.
(9)
البخاري- الفتح 11 (6308) ، وشرح السنة للبغوي (14/ 374) .
حتّى خرج من المسجد. فقال أبو هريرة: أمّا هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» ) * «1» .
14-
* (عن سعيد بن المسيّب- رضي الله عنه قال: كتب إليّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرّا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرّض نفسه للتّهم فلا يلومنّ إلّا نفسه، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وما كافيت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه) * «2» .
15-
* (قال كعب- رحمه الله: «إنّما تزلزل الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي فترعد فرقا «3» من الرّبّ جل جلاله أن يطّلع عليها» ) * «4» .
16-
* (قال الحسن البصريّ- رحمه الله:
«إنّ الرّجل يذنب الذّنب فما ينساه وما يزال كئيبا حتّى يدخل الجنّة» ) * «5» .
17-
* (وقال أيضا: «إنّ المؤمن لا يصبح إلّا خائفا ولا يصلحه إلّا ذاك، لأنّه بين ذنبين؛ ذنب مضى لا يدري كيف يصنع الله فيه وآجل أو قال آخر لا يدري ما كتب عليه فيه» ) * «6» .
18-
* (وقال أيضا: «اعملوا لله بالطّاعات، واجتهدوا فيها، وخافوا أن تردّ عليكم. إنّ المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا) * «7» .
19-
* (سئل الحسن البصريّ- رحمه الله:
ما برّ الوالدين؟ قال: «أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك به إلّا أن يكون معصية) * «8» .
20-
* (قال الإمام عليّ زين العابدين:
ليس الغريب غريب الشّام واليمن
…
إنّ الغريب غريب اللّحد والكفن
إنّ الغريب له حقّ لغربته
…
على المقيمين في الأوطان والسّكن
لا تنهرنّ غريبا حال غربته
…
الدّهر ينهره بالذّلّ والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلّغني
…
وقوّتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها
…
الله يعلمها في السرّ والعلن
ما أحلم الله عنّي حيث أمهلني
…
وقد تماديت في ذنبي ويسترني
«9»
21-
* (وقال أيضا:
يا نفس كفّي عن العصيان واكتسبي
…
فعلا جميلا لعلّ الله يرحمني
(1) مسلم (655) .
(2)
شعب الإيمان للبيهقي (6/ 8345) .
(3)
فرقا: أي خوفا.
(4)
الجواب الكافي لابن القيم (66) .
(5)
الزهد للإمام أحمد بن حنبل (/ 236) .
(6)
المرجع السابق (2/ 242) .
(7)
بصائر ذوي التمييز للفيروز أبادي (2/ 545) .
(8)
الدر المنثور للسيوطي (5/ 259) .
(9)
الشوارد في الشعر (ص 50) . والتمادي في الذنب: المداومة عليه.
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا
…
عسى تجازين بعد الموت بالحسن
«1»
22-
* (عن جبير بن نفير قال: لمّا فتحت قبرص فرّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدّرداء جالسا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله؟
فقال: ويحك يا جبير. ما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره. بينما هي أمّة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى) * «2» .
23-
* (قال سفيان: «من أذنب ذنبا فعلم أنّ الله تعالى قدّره عليه ورجا غفرانه غفر الله له ذنبه» ) * «3» .
24-
* (وذكر عن مالك بن دينار قال: قرأت في الحكمة: «يقول الله عز وجل: «أنا الله مالك الملوك. قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك، ولكن توبوا إليّ أعطّفهم عليكم» ) * «4» .
25-
* (قال عبد الله بن المبارك- رحمه الله
أيضمن لي فتى ترك المعاصي
…
وأرهنه الكفالة بالخلاص
أطاع الله قوم فاستراحوا
…
ولم يتجرّعوا غصص المعاصي
«5»
26-
* (عن عبد الله بن المبارك، في ذكر شروط التّوبة، قال: النّدم، والعزم على عدم العود، وردّ المظلمة وأداء ما ضيّع من الفرائض، وأن يعمد إلى البدن الّذي ربّاه بالسّحت فيذيبه بالهمّ والحزن حتّى ينشأ له لحم طيّب، وأن يذيق نفسه ألم الطّاعة، كما أذاقها لذّة المعصية» ) * «6» .
27-
* (عن عروة بن عامر- رحمه الله قال:
المؤمن تعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيمرّ بالذّنب من ذنوبه يقول: أمّا إنّي كنت منك مشفقا فيغفر له» ) * «7» .
28-
* (قال طلق بن حبيب: «التّقوى:
العمل بطاعة الله رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتّقوى ترك معاصي الله، مخافة عقاب الله، على نور من الله» ) * «8» .
29-
* (قال مالك- رحمه الله: «دخل عمر ابن عبد العزيز على فاطمة امرأته فطرح عليها خلق ساج عليه، ثمّ ضرب على فخذها فقال: يا فاطمة لنحن ليالي دابق أنعم منّا اليوم «9» ، فذكّرها ما كانت نسيته من عيشها، فضربت يده ضربة فيها عنف
(1) الشوارد في الشعر (50) .
(2)
الجواب الكافي (61) .
(3)
إحياء علوم الدين للغزالي (145) .
(4)
الجواب الكافي لابن القيم (67) .
(5)
أدب الدنيا والدين للماوردي (106) .
(6)
البخاري- الفتح 11 (103) .
(7)
الزهد لابن المبارك (52) .
(8)
الدر المنثور للسيوطي (1/ 61) .
(9)
ليالي دابق
…
إلخ: يعني أن حياتنا في الليالي التي عشناها في منطقة (دابق) أكثر نعومة ورفاهية من حياتنا التي نحياها اليوم.
فنحّتها عنها وقالت: لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ، فقام وهو يقول بصوت حزين: يا فاطمة إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم. فبكت فاطمة وقالت: اللهمّ أعذه من النّار» ) * «1» .
30-
* (عن الفضيل بن عياض قال: «أوحى الله إلى بعض الأنبياء: إذا عصاني من يعرفني سلّطت عليه من لا يعرفني» ) * «2» .
31-
* (قال ابن السمّاك الواعظ:
يا مدمن الذّنب أما تستحي
…
والله في الخلوة ثانيكا؟
أغرّك من ربّك إمهاله
…
وستره طول مساويكا؟
32-
* (قال أبو عمران السّلميّ منشدا:
وإنّي لآتي الذّنب أعرف قدره
…
وأعلم أنّ الله يعفو ويغفر
لئن عظّم النّاس الذّنوب فإنّها
…
وإن عظمت في رحمة الله تصغر
«3»
33-
* (عن العبّاس العمّيّ- رحمه الله قال: «بلغني أنّ داود عليه السلام قال: سبحانك تعاليت فوق عرشك، وجعلت خشيتك على من في السّماوات والأرض، فأقرب خلقك إليك أشدّهم لك خشية، وما علم من لم يخشك، وما حكمة من لم يطع أمرك؟» ) * «4» .
34-
* (قال الشّافعيّ- رحمه الله:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه
…
هذا وربّي في القياس بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته
…
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع
) *.
35-
* (قال محمود الورّاق:
هذا الدّليل لمن أرا وأراد
…
دغنى يدوم بغير مال
عزّا لم توطّ
…
ده العشائر بالقتال
ومهابة من غير سل
…
طان وجاها فى الرّجال
فليعتصم بدخوله
…
في عزّ طاعة ذي الجلال
وخروجه من ذلّة العاصي له في كلّ حال) * «5» .
36-
* (قال إبراهيم الألبيريّ:
ونفسك ذمّ لا تذمم سواها
…
لعيب فهي أجدر من ذممتا
فأنت أحقّ بالتّفنيد منّي
…
ولو كنت اللّبيب لما نطقتا
ولو بكت الدّما عيناك خوفا
…
لذنبك لم أقل لك قد أمنتا
ومن لك بالأمان وأنت عبد
…
أمرت فما ائتمرت ولا أطعتا
ثقلت من الذّنوب ولست تخشى
…
لجهلك أن تخفّ إذا وزنتا
«6»
37-
* (قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: لفظ
(1) سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (164) .
(2)
الجواب الكافي (68) .
(3)
حسن الظن لابن أبي الدنيا (106) .
(4)
الدر المنثور للسيوطي (7/ 21) .
(5)
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 153) .
(6)
ديوان الألبيري (20) .
المعصية والفسوق والكفر إذا أطلقت المعصية لله ورسوله دخل فيها الكفر والفسوق كقوله: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (الجن: 23) وقال تعالى: وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (هود: 59) * «1» .
38-
* (قال جمال الدّين الصّرصريّ:
أنا العبد الّذي كسب الذنوبا
…
وصدّته الأماني أن يتوبا
أنا العبد الّذي أضحى حزينا
…
على زلّاته قلقا كئيبا
أنا العبد الّذي سطرت عليه
…
صحائف لم يخف فيها الرّقيبا
أنا العبد المسيء عصيت سرّا
…
فمالي الآن لا أبدي النّحيبا
) * «2» .
39-
* (قال صالح بن عبد القّدوس:
دع عنك ما [قد] كان في زمن الصّبا
…
واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
واذكر مناقشة الحساب فإنّه
…
لا بدّ يحصى ما جنيت ويكتب
لم ينسه الملكان حين نسيته
…
بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والرّوح فيك وديعة أودعتها
…
ستردّها بالرّغم منك وتسلب
) *.
40-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله من أعجب الأشياء أن تعرفه ثمّ لا تحبّه، وأن تسمع داعيه ثمّ تتأخّر عنه الإجابة. وأن تعرف قدر الرّبح في معاملته ثمّ تعامل غيره. وأن تعرف قدر غضبه ثمّ تتعرّض له. وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثمّ لا تطلب الأنس بطاعته. وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ثمّ لا تشتاق إلى انشراح الصّدر بذكره ومناجاته. وأن تذوق العذاب عند تعلّق القلب بغيره، ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه) * «3» .
41-
* (وقال- رحمه الله مثال تولّد الطّاعة ونموّها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثمّ أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها، فكلّما أثمر منها شيء جنيت ثمره وغرست نواه وكذلك تداعي المعاصي، فليتدبّر اللبيب هذا المثال) * «4» .
42-
* (قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله:
قد ذكر غير واحد أنّ عروة بن الزّبير لمّا خرج من المدينة متوجّها إلى دمشق ليجتمع بالوليد، وقعت الأكلة في رجله في واد قرب المدينة كان مبدؤها هناك، فظنّ أنّها لا يكون منها ما كان، فذهب في وجهه ذلك، فما وصل إلى دمشق إلّا وهي قد أكلت نصف ساقه، فدخل على الوليد فجمع له الأطبّاء العارفين بذلك، فاجتمعوا على أنّه إن لم يقطعها وإلّا أكلت رجله كلّها إلى وركه، وربّما ترقّت إلى الجسد فأكلته، فطابت نفسه
(1) الإيمان لابن تيمية (56) .
(2)
ديوان الصرصري (30) .
(3)
الفوائد لابن القيم (8) .
(4)
المرجع السابق (70) .
بنشرها، وقالوا: ألا نسقيك مرقّدا حتّى يذهب عقلك منه فلا تحسّ بألم النّشر؟ فقال: لا والله ما كنت أظنّ أحدا يشرب شرابا أو يأكل شيئا يذهب عقله، ولكن إن كنتم لا بدّ فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصّلاة، فإنّي لا أحسّ بذلك، ولا أشعر به. قال: فنشروا رجله من فوق الأكلة من المكان الحيّ، احتياطا أنّه لا يبقى منها شيء، وهو قائم يصلّي، فما تضوّر ولا اختلج، فلمّا انصرف من الصّلاة عزّاه الوليد في رجله، فقال: اللهمّ لك الحمد، كان لي أطراف أربعة فأخذت واحدا فلئن كنت قد أخذت فقد أبقيت وإن كنت قد أبليت فلطا لما عافيت، فلك الحمد على ما أخذت وعلى ما عافيت، فلمّا قضى حاجته من دمشق رجع إلى المدينة، فبلغه أنّ بعض النّاس قال: إنّما أصابه ذلك بذنب عظيم أحدثه، فأنشد عروة في ذلك، والأبيات لمعن بن أوس:
لعمرك ما أهويت كفّي لريبة
…
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها
…
ولا دلّني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماش ما حييت لمنكر
…
من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة
…
وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة
…
من الدّهر إلّا قد أصابت فتى مثلي
«1»
43-
* (قال الأمير الصّنعانيّ:
القلب أعلم يا عذول بدائه
…
ما غير داء الذّنب من أدوائه
والذّنب أولى ما بكاه أخو التّقى
…
وأحقّ منك بجفنه وبمائه
فومن أحبّ لأعصينّ عواذلي
…
قسما به في أرضه وسمائه
من ذا يلوم أخا الذّنوب إذا بكى
…
إنّ الملامة فيه من أعدائه
«2»
44-
* (قال الشّاعر:
إذا كنت في نعمة فارعها
…
فإنّ الذّنوب تزيل النعم
وحطها بطاعة ربّ العباد
…
فربّ العباد سريع النّقم
وإيّاك والظّلم مهما استطعت
…
فظلم العباد شديد الوخم
وسافر بقلبك بين الورى
…
لتبصر آثار من قد ظلم
) * «3» .
45-
* (وقال شاعر آخر:
اعتبر يأيّها المغرور بالعمر المديد
أنا شدّاد بن عاد
…
صاحب الحصن المشيد
وأخو القوّة والبأ
…
ساء والملك الحشيد
(1) البداية والنهاية، لابن كثير (9/ 102، 103) .
(2)
ديوان الصنعاني (35) .
(3)
الجواب الكافي، لابن القيم (86) .