الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (الحرب والمحاربة) معنى
9-
* (عن أبي النضر، عن كتاب رجل من أسلم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، يقال له عبد الله بن أبي أوفى. فكتب إلى عمر بن عبيد الله، حين سار إلى الحروريّة «1» . يخبره أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيّامه الّتي لقي فيها العدوّ، ينتظر حتّى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: «يأيّها الناس لا تتمنّوا لقاء العدوّ «2» واسألوا الله العافية «3» . فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنّة تحت ظلال السيوف» ثمّ قام النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهمّ منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» ) * «4» .
10-
* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها أنّها قالت: أوّل ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم. فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح. ثمّ حبّب إليه الخلاء. وكان يخلو بغار حراء ويتحنّث فيه- وهو التعبّد- الليالي أولات العدد- قبل أن ينزع إلى أهله. ويتزوّد لذلك، ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها. حتّى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارئ» . قال: «فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني. فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ.
فأخذني فغطّني الثانية حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني. فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطّني الثالثة، ثمّ أرسلني. فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (العلق/ 1- 3» ) . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده. حتّى دخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها فقال: «زمّلوني، زمّلوني» فزمّلوه حتّى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة وأخبرها الخبر.
قال: «لقد خشيت على نفسي» . فقالت خديجة: كلّا.
والله ما يخزيك الله أبدا. إنّك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتّى أتت به ورقة ابن نوفل بن أسد بن عبد العزّى ابن عمّ خديجة وكان امرأ تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العبرانيّ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانيّة ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: أي عمّ اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا الناموس الّذي نزّل الله على موسى، يا ليتني
(1) إلى الحرورية: أي لقتالهم. وهم الخوارج.
(2)
لا تتمنوا لقاء العدو: إنما نهى عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفس والوثوق بالقوة، وهو نوع بغي. وقد ضمن الله تعالى لمن بغي عليه أن ينصره. ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو واحتقاره. وهذا يخالف الاحتياط والحزم.
(3)
واسألوا الله العافية: قد كثرت الأحاديث في الأمر بسؤال العافية. وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن والبطن، في الدين والدنيا والآخرة.
(4)
مسلم (1742) .
فيها جذعا، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أو مخرجيّ هم؟» قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا. ثمّ لم ينشب ورقة أن توفّي، وفتر الوحي) * «1» .
11-
* (عن سلمة بن الأكوع
…
الحديث وفيه: قال: ثمّ خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا.
بيننا وبين بني لحيان جبل. وهم المشركون «2» . فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقي هذا الجبل الليلة. كأنّه طليعة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال سلمة: فرقيت تلك الليلة مرّتين أو ثلاثا. ثمّ قدمنا المدينة. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره «3» مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه.
وخرجت معه بفرس طلحة أندّيه «4» مع الظهر. فلمّا أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاريّ قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستاقه أجمع. وقتل راعيه. قال:
فقلت: يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ المشركين قد أغاروا على سرحه. قال: ثمّ قمت على أكمة فاستقبلت المدينة.
فناديت ثلاثا: يا صباحاه! ثمّ خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل. وأرتجز أقول:
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضّع
فألحق رجلا منهم. فأصكّ سهما في رحله «5» . حتّى خلص نصل السهم إلى كتفه. قال قلت: خذها:
وأنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضّع
قال: فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم «6» ، فإذا رجع إليّ فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها، ثمّ رميته، فعقرت به، حتّى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه «7» ، علوت الجبل. فجعلت أردّيهم بالحجارة «8» . قال: فما زلت كذلك أتبعهم حتّى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» إلّا
(1) البخاري- الفتح 1 (3) واللفظ له، مسلم (160)
(2)
وهم المشركون: هذه اللفظة ضبطوها بوجهين. أحدهما: وهم المشركون على الابتداء والخبر. والثاني وهمّ المشركون، أي هموا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخافوا غائلتهم. يقال: همّني الأمر وأهمّني. وقيل: همني أذابني وأهمني أغمني. وقيل: معناه همّ أمر المشركين النبي صلى الله عليه وسلم خوف أن يبيتوهم لقربهم منهم.
(3)
بظهره: الظهر الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال.
(4)
أنديه: معناه أن يورد الماشية الماء فتسقي قليلا ثم ترسل في المرعى، ثم ترد الماء فترد قليلا ثم ترد إلى المرعى.
(5)
فأصك سهما في رحله: أي أضرب.
(6)
أرميهم وأعقر بهم: أي أرميهم بالنبل وأعقر خيلهم. وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف. ثم اتسع حتى استعمل في القتل كما وقع هنا. وحتى صار يقال: عقرت البعير أي نحرته.
(7)
حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه: التضايق ضد الاتساع. أي تدانى فدخلوا في تضايقه. أي المحل المتضايق منه بحيث استتروا به عنه، فصار لا يبلغهم ما يرميهم به من السهام.
(8)
فجعلت أرديهم بالحجارة: يعني لما امتنع علي رميهم بالسهام عدلت عن ذلك إلى رميهم من أعلى الجبل بالحجارة التي تسقطهم وتهورهم. يقال: ردّى الفرس راكبه اذا أسقطه وهوّره.
(9)
حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم: من، هنا، زائدة. أتى بها لتأكيد العموم. وانما سميت زائدة لأن الكلام يستقيم بدونها فيصح أن يقال: ما خلق الله بعيرا. ومن، في قوله: من ظهر، بيانية. والمعنى أنه ما زال بهم الى أن استخلص منهم كل بعير أخذوه من ابل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خلّفته وراء ظهري «1» . وخلّوا بيني وبينه. ثمّ اتّبعتهم «2» أرميهم. حتّى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا. يستخفّون «3» . ولا يطرحون شيئا إلّا جعلت عليه آراما «4» من الحجارة. يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. حتّى أتوا متضايقا من ثنيّة «5» فإذا هم قد أتاهم فلان ابن بدر الفزاريّ. فجلسوا يتضحّون (يعني يتغدّون) . وجلست على رأس قرن «6» . قال الفزاريّ: ما هذا الّذي أرى؟ قالوا: لقينا، من هذا، البرح، والله ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتّى انتزع كلّ شيء في أيدينا. قال: فليقم إليه نفر منكم، أربعة.
قال: فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل. قال: فلمّا أمكنوني من الكلام قال قلت: هل تعرفوني؟ قالوا:
لا. ومن أنت؟ قال قلت: أنا سلمة بن الأكوع.
والّذي كرّم وجه محمّد صلى الله عليه وسلم لا أطلب رجلا منكم إلّا أدركته. ولا يطلبني رجل منكم فيدركني. قال أحدهم: أنا أظنّ. قال: فرجعوا. فما برحت مكاني حتّى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلّلون الشجر «7» .
قال: فإذا أوّلهم الأخرم الأسدي. على إثره أبو قتادة الأنصاريّ. وعلى إثره المقداد بن الأسود الكنديّ.
قال: فأخذت بعنان الأخرم قال: فولّوا مدبرين.
قلت: يا أخرم احذرهم. لا يقتطعوك حتّى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أنّ الجنّة حقّ والنار حقّ، فلا تحل بيني وبين الشهادة. قال: فخلّيته.
فالتقى هو وعبد الرحمن. قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه. وطعنه عبد الرحمن فقتله. وتحوّل على فرسه.
ولحق أبو قتادة، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن.
فطعنه فقتله. فو الّذي كرّم وجه محمّد صلى الله عليه وسلم لتبعتهم أعدو على رجليّ. حتّى ما أرى ورائي، من أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم ولا غبارهم، شيئا. حتّى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء. يقال له ذا قرد «8» .
ليشربوا منه وهم عطاش. قال: فنظروا إليّ أعدو وراءهم. فحلّيتهم عنه «9» (يعني أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة. قال: ويخرجون فيشتدّون في ثنيّة.
(1) إلا خلفته وراء ظهري: خلفته أي تركته. يريد أنه جعله في حوزته وحال بينهم وبينه.
(2)
ثم اتبعتهم: هكذا هو في أكثر النسخ: اتبعتهم. وفي نسخة: أتبعتهم، بهمزة القطع. وهي أشبه بالكلام وأجود موقعا فيه.. وذلك أن تبع المجرد واتبع بمعنى مشى خلفه على الإطلاق. وأما أتبع الرباعي فمعناه لحق به بعد أن سبقه. ومنه قوله تعالى: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ أي لحقهم مع جنوده بعد أن سبقوه. وتعبيره هنا بثم المفيدة للتراخي يشعر أنه بعد أن استخلص منهم جميع الإبل توقف عن اتباعهم ولعل ذلك ريثما جمع الإبل وأقامها على طريق يأمن عليها فيه. والمعنى على هذا الوجه: وبعد أن توقفت عن اتباعهم حتى سبقوني، تبعتهم حتى لحقت بهم.
(3)
يستخفون: أي يطلبون بإلقائها الخفة ليكونوا أقدر على الفرار.
(4)
آراما من الحجارة: الآرام هي الأعلام. وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة ليهتدي بها. واحدها إرم كعنب وأعناب.
(5)
حتى أتوا متضايقا من ثنية: الثنية العقبة والطريق في الجبل. أي حتى أتوا طريقا في الجبل ضيقة.
(6)
على رأس قرن: هو كل جبل صغير منقطع عن الجبل الكبير
(7)
يتخللون الشجر: أي يدخلون من خلالها، أي بينها.
(8)
ذا قرد: هكذا هو في أكثر النسخ المعتمدة: ذا قرد. وفي بعضها: ذو قرد.
(9)
فحليتهم عنه: أي طردتهم عنه. وقد فسرها في الحديث بقوله: يعني أجليتهم عنه. قال القاضي: كذا روايتنا فيه هنا غير مهموز قال وأصله الهمز، فسهله. وقد جاء مهموزا بعد هذا في الحديث
قال: فأعدو فألحق رجلا منهم فأصكّه بسهم في نغض «1» كتفه. قال: قلت: خذها
وأنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضّع
قال: يا ثكلته أمّه أكوعه بكرة «2» . قال: قلت: نعم. يا عدوّ نفسه أكوعك بكرة. قال: وأردوا «3» فرسين على ثنيّة. قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن «4» وسطيحة فيها ماء. فتوضّأت وشربت. ثمّ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الّذي حلأتهم عنه «5» .
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل. وكلّ شيء استنقذته من المشركين وكلّ رمح وبردة. وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الّذي «6» استنقذت من القوم. وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها. قال:
قلت: يا رسول الله خلّني فأنتخب من القوم مائة رجل.
فأتّبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلّا قتلته. قال:
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى بدت نواجذه «7» في ضوء النار. فقال: «يا سلمة أتراك كنت فاعلا؟» قلت:
نعم والّذي أكرمك. فقال: «إنّهم الآن ليقرون «8» في أرض غطفان» قال: فجاء رجل من غطفان. فقال:
نحر لهم فلان جزورا. فلمّا كشفوا جلدها رأوا غبارا.
فقالوا: أتاكم القوم. فخرجوا هاربين. فلمّا أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة.
وخير رجّالتنا سلمة» قال: ثمّ أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل. فجمعهما لي جميعا. ثمّ أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء «9» راجعين إلى المدينة. قال: فبينما نحن نسير. قال: وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدّا «10» . قال: فجعل يعيد ذلك. قال: فلمّا سمعت كلامه قلت: أما تكرم كريما، ولا تهاب شريفا؟ قال: لا. إلّا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت: يا رسول الله بأبي وأمّي، ذرني فلأسابق الرجل. قال:«إن شئت» قال: قلت: اذهب
(1) نغض: هو العظم الرقيق على طرف الكتف. سمى بذلك لكثرة تحركه. وهو الناغض أيضا.
(2)
قال: يا ثكلته أمه أكوعه بكرة: معنى ثكلته أمه، فقدته. وقوله: أكوعه، هو برفع العين، أي أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار؟ ولهذا قال: نعم. وبكرة منصوب غير منون. قال أهل العربية: يقال أتيته بكرة بالتنوين، إذا أردت أنك لقيته باكرا في يوم غير معين. قالوا: وإن أردت بكرة يوم بعينه، قلت: أتيته بكرة، غير مصروف. لأنها من الظروف المتمكنة.
(3)
وأردوا: رواية الجمهور بالدال المهملة، ورواه بعضهم بالمعجمة. قال: وكلاهما متقارب المعنى. فبالمعجمة معناه خلفوهما. والرذي الضعيف من كل شيء وبالمهملة معناه أهلكوهما وأتعبوهما حتى أسقطوهما وتركوهما. ومنه المتردية وأردت الفرس الفارس أسقطته.
(4)
بسطيحة فيها مذقة من لبن: السطيحة إناء من جلود سطح بعضها على بعض. والمذقة قليل من لبن ممزوج بماء.
(5)
حلأتهم: كذا هو في أكثر النسخ: حلأتهم. وفي بعضها حليتهم.
(6)
من الإبل الذي: كذا في أكثر النسخ: الذي. وفي بعضها: التي. وهو أوجه لأن الإبل مؤنثة، وكذا أسماء الجموع من غير الآدميين. والأول صحيح أيضا. وأعاد الضمير إلى الغنيمة، لا إلى لفظ الإبل.
(7)
نواجذه: أي أنيابه.
(8)
ليقرون: أي يضافون، والقرى الضيافة.
(9)
العضباء: هو لقب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم. والعضباء مشقوقة الأذن. ولم تكن ناقته صلى الله عليه وسلم كذلك، وإنما هو لقب لزمها.
(10)
شدا: أي عدوا على الرجلين.
إليك وثنيت رجليّ فطفرت «1» فعدوت. قال: فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي «2» ثمّ عدوت في إثره. فربطت عليه شرفا أو شرفين. ثمّ إنّي رفعت حتّى ألحقه «3» . قال: فأصكّه بين كتفيه. قال: قلت: قد سبقت والله. قال: أنا أظنّ «4» قال: فسبقته إلى المدينة» قال: فو الله ما لبثنا إلّا ثلاث ليال حتّى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فجعل عمّي «5» عامر يرتجز بالقوم:
تا الله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدّقنا ولا صلّينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
…
فثبّت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من هذا؟» قال: أنا عامر. قال: «غفر لك ربّك» قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصّه إلّا استشهد. قال: فنادى عمر بن الخطّاب، وهو على جمل له: يا نبيّ الله لولا ما متّعتنا بعامر. قال: فلمّا قدمنا خيبر قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه «6» ويقول:
قد علمت خيبر أنّي مرحب
…
شاكي السلاح «7» بطل مجرّب «8»
إذا الحروب أقبلت تلهّب
قال: وبرز له عمّي عامر، فقال:
قد علمت خيبر أنّي عامر
…
شاكي السلاح بطل مغامر «9»
قال: فاختلفا ضربتين: فوقع سيف مرحب في ترس عامر. وذهب عامر يسفل له «10» . فرجع سيفه على نفسه. فقطع أكحله. فكانت فيها نفسه. قال سلمة: فخرجت فإذا نفر من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولون: بطل عمل عامر. قتل نفسه. قال: فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. فقلت: يا رسول الله بطل عمل عامر؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال ذلك؟» قال
(1) فطفرت: أي وثبت وقفزت.
(2)
فربطت عليه شرفا أو شرفين أستبقي نفسي: معنى ربطت حبست نفسي عن الجري الشديد. والشرف ما ارتفع من الأرض. وقوله: أستبقي نفسي، أي لئلا يقطعني البهر
(3)
رفعت حتى ألحقه: أي أسرعت. قوله: حتى ألحقه. حتى، هنا، للتعليل بمعنى كي. وألحق منصوب بأن مضمرة بعدها.
(4)
أظن: أي أظن ذلك. حذف مفعوله للعلم به.
(5)
فجعل عمي: هكذا قال، هنا: عمي. وقد سبق في حديث أبي الطاهر عن ابن وهب أنه قال: أخي. فلعله كان أخاه من الرضاعة، وكان عمه من النسب.
(6)
يخطر بسيفه: أي يرفعه مرة ويضعه أخرى. ومثله: خطر البعير بذنبه يخطر، إذا رفعه مرة ووضعه أخرى.
(7)
شاكي السلاح: أي تام السلاح. يقال: شاكي السلاح، وشاكّ السلاح، وشاكّ في السلاح، من الشوكة وهي القوة. والشوكة أيضا السلاح. ومنه قوله تعالى: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ.
(8)
بطل مجرب: أي مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان. والبطل الشجاع يقال بطل الرجل يبطل بطالة وبطولة، إذا صار شجاعا.
(9)
بطل مغامر: أي يركب غمرات الحرب وشدائدها ويلقي بنفسه فيها.
(10)
يسفل له: أي يضربه من أسفله.
قلت: ناس من أصحابك. قال: «كذب من قال ذلك «1» بل له أجره مرّتين» . ثمّ أرسلني إلى عليّ، وهو أرمد. فقال:«لأعطيّن الراية رجلا يحبّ الله ورسوله، أو يحبّه الله ورسوله» قال: فأتيت عليّا فجئت به أقوده، وهو أرمد «2» . حتّى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبسق «3» في عينيه فبرأ. وأعطاه الراية. وخرج مرحب فقال:
قد علمت خيبر أنّي مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرّب
إذا الحروب أقبلت تلهّب
فقال عليّ:
أنا الّذي سمّتني أمّي حيدره «4»
…
كليث غابات «5» كريه المنظره
أو فيهم بالصّاع كيل السندره
«6» قال: فضرب رأس مرحب فقتله. ثمّ كان الفتح على يديه) * «7» .
12-
* (عن الزهريّ قال: كان محمّد بن جبير ابن مطعم يحدّث أنّه: بلغ معاوية وهم عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو يحدّث أنّه سيكون ملك من قحطان، فغضب، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّه بلغني أنّ رجالا منكم يحدّثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولئك جهّالكم، فإيّاكم والأمانيّ الّتي تضلّ أهلها، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إنّ هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلّا كبّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين» ) * «8» .
13-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنّه قال:«من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهليّة «9» . ومن قاتل تحت راية عمّيّة «10» ، يغضب لعصبة «11» ، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتله «12» جاهليّة.
(1) كذب من قال: كذب، هنا بمعنى أخطأ.
(2)
وهو أرمد: قال أهل اللغة: يقال رمد الانسان يرمد رمدا فهو رمد وأرمد. إذا هاجت عينه.
(3)
بسق: هكذا في الأصل وهي صحيحة لأنه يقال: بسق وبصق وبزق بمعنى واحد.
(4)
أنا الذي سمتني أمي حيدرة: حيدرة اسم للأسد. وكان علي رضي الله عنه قد سمي أسدا في أول ولادته. وكان مرحب قد رأى في المنام أن أسدا يقتله. فذكره علي رضي الله عنه بذلك ليخيفه ويضعف نفسه. وسمي الأسد حيدرة لغلظه. والحادر الغليظ القوي. ومراده: أنا الأسد في جراءته وإقدامه وقوته.
(5)
غابات: جمع غابة. وهي الشجر الملتف. وتطلق على عرين الأسد أي مأواه. كما يطلق العرين على الغابة أيضا. ولعل ذلك لاتخاذه اياه داخل الغاب غالبا.
(6)
أو فيهم بالصاع كيل السندرة: معناه أقتل الأعداء قتلا واسعا ذريعا. والسندرة مكيال واسع. وقيل: هي العجلة. أي أقتلهم عاجلا. وقيل: مأخوذ من السندرة: وهي شجرة الصنوبر يعمل منها النبل والقسي.
(7)
مسلم (1807) .
(8)
البخاري- الفتح 13 (7139) .
(9)
ميتة جاهلية: أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم.
(10)
عمية: هي بضم العين وكسرها. لغتان مشهورتان. والميم مكسورة مشددة والياء مشددة أيضا. قالوا: هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال اسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(11)
لعصبة: عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب. سموا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم أي يحيطون به ويشتد بهم. والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك. لا لنصرة الدين والحق بل لمحض التعصب لقومه ولهواه. كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.
(12)
فقتلة: خبر لمبتدأ محذوف. أي فقتلته كقتلة أهل الجاهلية.