الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الربا)
1-
* (عن مالك- رضي الله عنه قال:
بلغني أنّ رجلا أتى ابن عمر- رضي الله عنهما فقال: إنّي أسلفت رجلا سلفا، واشترطت عليه أفضل ممّا أسلفته، فقال عبد الله بن عمر: فذلك الرّبا. قال:
فكيف تأمرني يا أبا عبد الرّحمن؟ فقال عبد الله بن عمر:
السّلف على ثلاثة وجوه: سلف تسلفه تريد به وجه الله فلك وجه الله تعالى، وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثا بطيّب فذلك الرّبا. قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: أرى أن تشقّ الصّحيفة فإن أعطاك مثل الّذي أسلفته قبلته، وإن أعطاك دون الّذي أسلفته فأخذته أجرت، وإن أعطاك أفضل ممّا أسلفته طيّبة به نفسه فذلك شكر شكره لك، ولك أجر ما أنظرته) * «1» .
2-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما أنّ عمر بن الخطّاب قال: «لا تبيعوا الذّهب بالذّهب إلّا مثلا بمثل، ولا تشفّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق، إلّا مثلا بمثل، ولا تشفّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالذّهب أحدهما غائب والآخر ناجز، وإن استنظرك «2» إلى أن يلج بيته فلا تنظره، إنّي أخاف عليكم الرّماء «3» والرّماء: هو الرّبا.
وفي رواية عن القاسم بن محمّد قال: قال عمر ابن الخطّاب- رضي الله عنه: «الدّينار بالدّينار، والدّرهم بالدّرهم، والصّاع بالصّاع، ولا يباع كالىء «4» بناجز» ) * «5» .
3-
* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما في قوله تعالى: فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
…
أي استيقنوا بحرب من الله ورسوله) * «6» .
4-
* (وقال أيضا: «آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق» ) * «7» .
5-
* (وقال أيضا: «يقال يوم القيامة لآكل الرّبا: خذ سلاحك للحرب» ) * «8» .
6-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما: «من كان مقيما على الرّبا لا ينزع منه فحقّ على إمام المسلمين أن يستتيبه «9» فإن نزع وإلّا ضرب عنقه» ) * «10» .
7-
* (عن مجاهد بن جبر- رحمه الله قال:
«كنت مع ابن عمر فجاءه صائغ فقال: يا أبا
(1) أخرجه في الموطأ (2/ 681، 682)، وأخرج نحوه عن ابن عمر وقال: إسناده صحيح.
(2)
استنظر: الاستنظار: استفعال من الإنظار: التأخير.
(3)
الرماء: الربا: وهو الزيادة على ما يحل لك.
(4)
كاليء: الكاليء بالهمز: النسيئة.
(5)
أخرجه الموطأ (2/ 634) وقال محقق «جامع الأصول» (1/ 492) : إسناده صحيح.
(6)
تفسير ابن كثير (1/ 331) .
(7)
المصدر السابق (1/ 327) .
(8)
المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(9)
يستتيبه: يطلب توبته.
(10)
شرح الترهيب (3/ 15) .
عبد الرّحمن، إنّي أصوغ الذّهب فأبيعه بالذّهب بأكثر من وزنه فأستفضل قدر عمل يدي (في صنعته) فنهاه عن ذلك. فجعل الصّائغ يردّد عليه المسألة- وابن عمر ينهاه- حتّى انتهى إلى باب المسجد، أو إلى دابّته يريد أن يركبها، فقال له آخر ما قال: الدّينار بالدّينار، والدّرهم بالدّرهم، لا فضل بينهما هذا عهد نبيّنا إلينا وعهدنا إليكم» ) * «1» .
8-
* (روى أحمد بإسناد جيّد عن كعب الأحبار قال: «لأن أزني ثلاثا وثلاثين زنية أحبّ إليّ من أن آكل درهم ربا يعلم الله أنّي أكلته حين أكلته ربا» ) * «2» .
9-
* (قال قتادة: «إنّ آكل الرّبا يبعث يوم القيامة مجنونا، وذلك علم أي: علامة لأكلة الرّبا يعرفهم به أهل الموقف» ) * «3» .
10-
* (عن عبيد أبي صالح مولى السّفّاح قال: بعت بزّا لي من أهل دار نخلة إلى أجل، ثمّ أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا عليّ أن أضع عنهم بعض الثّمن وينقدوني، فسألت زيد بن ثابت فقال: «لا آمرك أن تأكل هذا ولا توكله» ) * «4» .
11-
* (سئل شيخ الإسلام ابن تيميّة- رحمه الله: عن رجل تداين دينا فدخل به السّوق فاشترى شيئا بحضرة الرّجل، ثمّ باعه عليه بفائدة هل يجوز ذلك أم لا؟.
فأجاب: الحمد لله. هذا على ثلاثة أوجه:
الأوّل: أن يكون بينهم مواطأة لفظيّة، أو عرفيّة، على أن يشتري السّلعة من ربّ الحانوت فهذا لا يجوز.
والثّاني: أن يشتريها منه على أن يعيدها إليه.
فهذا أيضا لا يجوز. فقد دخلت أمّ ولد زيد بن أرقم على عائشة فقالت: يا أمّ المؤمنين، إنّي ابتعت من زيد ابن أرقم غلاما إلى العطاء بثمانمائة درهم نسيئة، ثمّ ابتعته منه بستّمائة نقدا، فقالت لها عائشة: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت. أخبري زيدا أنّه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أن يتوب. وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا» وسئل ابن عبّاس عن ذلك فقال: «دراهم بدراهم دخلت بينهما حريريّة، وقال أنس بن مالك: هذا ممّا حرّم الله ورسوله.
والوجه الثّالث: أن يشتري السّلعة سرّا، ثمّ يبيعها للمستدين بيانا فيبيعها أحدهما فهذه تسمّى «التّورّق» . لأنّ المشتري ليس غرضه في التّجارة، ولا في البيع. ولكن يحتاج إلى دراهم، فيأخذ مائة، ويبقى عليه مائة وعشرون مثلا. فهذا قد تنازع فيه السّلف والعلماء. والأقوى أيضا أنّه منهيّ عنه، كما قال عمر ابن عبد العزيز ما معناه: أنّ التّورّق أصل الرّبا. فإنّ الله حرّم أخذ دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل؛ لما في
(1) الموطأ (2/ 492) وقال محقق جامع الأصول (1/ 560) : إسناده صحيح، وأخرج النسائي (7 (278) المسند منه.
(2)
ذكره المنذري في الترغيب (3 (7) .
(3)
الزواجر عن اقتراف الكبائر (300) .
(4)
أخرجه الموطأ (2/ 519) .
ذلك من ضرر المحتاج وأكل ماله بالباطل، وهذا المعنى موجود في هذه الصّورة. وإنّما الأعمال بالنّيّات وإنّما لكلّ امرىء مانوى. وإنّما الّذي أباحه الله البيع والتّجارة، وهو أن يكون المشتري غرضه أن يتجر فيها.
فأمّا إذا كان قصده مجرّد الدّراهم بدراهم أكثر منها:
فهذا لا خير فيه.
وسئل- رحمه الله: عن رجل يداين النّاس كلّ مائة بمائة وأربعين، ويجعل سلفا على حرير، فإذا جاء الأجل، وأعسر المدين عن وفائه قال له: عاملني، فيأخذ ربّ الحرير من عنده، ويقول للمدين: اشتريت منّي هذا الحرير بمائة وتسعين. إلّا أنّه يأتيه على حساب كلّ مائة بمائة وأربعين. وإذا قبضه المدين منه قال: أوفني هذا الحرير عن السّلف الّذي لي عندك، وإذا جاءت السّنة الثّانية طالبه بالدّراهم المذكورة، فأعسرت عليه، أو بعضها. قال: عاملني، فيحسب المتبقّي والأصل. ويجعل ذلك سلفا على حرير. فما يجب على هذا الرّجل؟.
فأجاب: هذا هو عين الرّبا الّذي أنزل فيه القرآن؛ فإنّه كان يكون للرّجل على الرّجل الدّين.
فيأتي إليه عند محلّ الأجل، فيقول: إمّا أن تقضي، وإمّا أن تربي، فإن وفّاه وإلّا زاده المدين في الدّين.
وزاده الغريم في الأجل، حتّى يتضاعف المال. فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ* وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (البقرة/ 278- 280) .
وهذه المعاملة الّتي يفعلها مثل هذا المربي:
مقصودها مقصود أولئك المشركين المربين؛ لكنّ هذا أظهر صورة المعاملة، وهذا لا ينفعه باتّفاق أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم؛ فإنّ هذا المربي يبيعه ذلك الحرير إلى أجل؛ ليوفيه إيّاه عن دينه، فهو بمنزلة أن يبيعه إيّاه إلى أجل ليشتريه بأقلّ من ذلك وقد سئل ابن عبّاس عن مثل هذا، فقال: هذا حرام، حرّمه الله ورسوله.
وسألت أمّ ولد زيد بن أرقم عائشة أمّ المؤمنين عن مثل هذا. فقالت: إنّي بعت من زيد غلاما إلى العطاء بثمانمائة درهم، ثمّ ابتعته بستّمائة، فقالت لها عائشة:
بئس ما اشتريت، وبئس ما بعت. أخبري زيدا أنّه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أن يتوب. قالت:
يا أمّ المؤمنين أرأيت إن لم أجد إلّا رأس مالي. فقالت عائشة فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ (البقرة/ 275) . وفي السّنن عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا» .
وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يحلّ سلف وبيع» فنهى أن يبيع ويقرض ليحابيه في البيع؛ لأجل القرض. وثبت عنه في الصّحيح أنّه قال: «إنّما الأعمال بالنّيّات» فهذان المتعاملان إن كان قصدهما أخذ دراهم بدراهم إلى أجل فبأيّ طريق توصّل إلى ذلك كان حراما؛ لأنّ المقصود حرام لا يحلّ قصده، بل قد نهى السّلف عن كثير من ذلك سدّا للذّرائع؛ لئلّا يفضي إلى هذا المقصود، وهذا المرابي لا يستحقّ في ذمم النّاس إلّا ما أعطاهم أو نظيره. فأمّا الزّيادات فلا يستحقّ شيئا منها، لكن ما قبضه قبل ذلك بتأويل فإنّه يعفى عنه، وأمّا ما بقى له في الذّمم فهو ساقط.