الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حرف الزاء]
الزنا
الزنا لغة:
مصدر قولهم: زنى يزني زنا وزناء (بالقصر لغة الحجاز وبالمدّ لغة تميم) ، وهو مأخوذ من مادّة (ز ن ى) الّتي تدلّ على الوطء المحرّم، يقال: هو زان بيّن الزّنا، وخرجت فلانة تزاني وتباغي أي تفجر (وتحلّ لنفسها ما حرّمه الله) وزنّاه تزنية: نسبه إلى الزّنا. والأصل في الزّناء الضّيق، ومنه الحديث: لا يصلّينّ أحدكم وهو زناء، أي مدافع للبول، ويقال:
من ذلك زنا الموضع يزنو أي ضاق، وهو لغة في يزنأ.
وقال ابن منظور: الزّنا يمدّ ويقصر، فتقول:
زنى الرّجل يزني زنى مقصور، وزناء ممدود وكذلك المرأة، ومثله زانى مزاناة وزناء. والزّنا: البغاء. يقال:
امرأة تزاني مزاناة وزناء أي تباغي، أمّا إذا قيل: زنّاه تزنية فمعناه نسبه إلى الزّنى أي قذفه به. وقال له: يا زان، كما يقال زانى المرأة مزاناة وزناء. قال اللّحيانيّ قيل لابنة الخسّ: ما أزناك؟ قالت: قرب الوساد، وطول السّواد. ومعناه: ما حملك على الزّنى؟ «1» .
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
6/ 39/ 9
واصطلاحا:
قال الرّاغب: الزّنا هو وطء المرأة من غير عقد شرعيّ «2» .
وقال الجرجانيّ: الزّنا: الوطء في قبل خال عن ملك أو شبهة «3» .
وقال المناويّ: الزّنا شرعا هو إيلاج الحشفة (أو قدرها من مقطوعها) بفرج محرّم لعينه (وذلك بخلاف المحرّم لعارض كالحيض ونحوه) خال عن الشّبهة مشتهى «4» .
وقال الكفويّ: الزّنا اسم لفعل معلوم وإيلاج فرج (ذكر) في محلّ محرّم مشتهى يسمّى قبلا، ومعناه قضاء شهوة الفرج بسفح الماء (المنيّ) في محلّ محرّم مشتهى من غير داعية الولد حتّى إنّه ليسمّى الزّاني سفّاحا «5» .
وقال في نهاية المحتاج: هو إيلاج الذّكر بفرج محرّم لعينه خال عن الشّبهة مشتهى طبعا «6» .
خبث الزنا:
وأوضح ابن القيّم- رحمه الله تعالى- مدى
(1) لسان العرب (3/ 1875، 1876) . ومقاييس اللغة (3/ 26) ، وانظر الصحاح (6/ 2369) ، القاموس المحيط (4/ 339) أساس البلاغة (196) .
(2)
المفردات (220) .
(3)
التعريفات (120) .
(4)
التوقيف على مهمات التعاريف (187) ، وقد ذكر أيضا ما ذكره الجرجانى من تعريف الزنا.
(5)
الكليات (489) .
(6)
نهاية المحتاج (7/ 402، 403) .
خبث الزّنا واللّواطة فقال: «وسم الله سبحانه الشّرك والزّنا واللّواطة بالنّجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذّنوب، وإن كانت جميعا تشتمل على ذلك، لكنّ الله- عز وجل خصّ هذه الذّنوب لغلظها فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (التوبة/ 28) وقال في حقّ اللّواطة وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ (الأنبياء/ 74) كما ذكر عن اللّوطيّة أنفسهم أنّهم نفوا عن أنفسهم الطّهارة فقال أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (الأعراف/ 82) .
وأمّا الزّناة فجاء وصفهم صريحا فقال تعالى الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ. (النور/ 26) والمقصود الآن بيان ما في الزّنا واللّواطة من نجاسة وخبث أكثر وأغلظ من سائر الذّنوب ما دون الشّرك، وذلك لأنّها تفسد القلب وتضعف توحيده جدّا. ولهذا كان أحظى النّاس بهذه النّجاسة أكثرهم شركا، فكلّما كان الشّرك في العبد أغلب كانت هذه النّجاسة والخبائث فيه أكثر وكلّما كان العبد أعظم إخلاصا كان منها أبعد، فليس في الذّنوب أفسد للقلب والدّين من هاتين الفاحشتين، ولهما خاصّيّة في إبعاد القلب من الله فإذا انصبغ القلب بهما بعد من الله الطّيّب الّذي لا يصعد إليه إلّا الطّيّب» «1» .
وقال الذّهبيّ- رحمه الله: النّظرة بشهوة إلى المرأة والأمرد زنا، ولا أجل ذلك بالغ الصّالحون في الإعراض عن المردان «2» وعن النّظر إليهم وعن مخالطتهم ومجالستهم. وكان يقال: لا يبيتنّ رجل مع أمرد في مكان واحد. وحرّم بعض العلماء الخلوة مع الأمرد في بيت أو حانوت أو حمّام قياسا على المرأة؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال «ما خلا رجل بامرأة إلّا كان الشّيطان ثالثهما» وفي المردان من يفوق النّساء بحسنه فالفتنة به أعظم، وأنّه يمكن في حقّه من الشّرّ ما لا يمكن في حقّ النّساء، ويتسهّل في حقّه من طريق الرّيبة والشّرّ ما لا يتسهّل في حقّ المرأة، فهو بالتّحريم أولى.
وأقاويل السّلف في التّنفير منهم والتّحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر وجاء رجل إلى الإمام أحمد- رحمه الله تعالى ومعه صبيّ حسن، فقال الإمام: ما هذا منك؟ قال: ابن أختي. قال: «لا تجأ به إلينا مرّة أخرى، ولا تمش معه في طريق لئلّا يظنّ بك من لا يعرفك ولا يعرفه سوءا» «3» .
وقال الإمام ابن حجر: عدّ الزّنا من الكبائر هو ما أجمعوا عليه واختلف في أيّهما أشنع وأقبح، هل القتل أو الزّنا؟ والصّحيح أنّ الّذي يلي الشّرك في الكبائر هو القتل (أي قتل النّفس الّتي حرّم الله إلّا بالحقّ) ثمّ الزّنا، وأفحش أنواعه الزّنا بحليلة الجار، والزّنا أكبر إثما من اللّواط، لأنّ الشّهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه ويعظم الضّرر بكثرته، ولما يترتّب عليه من اختلاط الأنساب، وبعض الزّنا أغلظ من بعض، فالزّنا بحليلة الجار، أو بذات الرّحم، أو بأجنبيّة في شهر رمضان، أو في البلد الحرام، فاحشة مشينة، وأمّا ما دون الزّنا الموجب للحدّ فإنّه من
(1) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (78- 82) بتصرف.
(2)
المردان: جمع أمرد وهو الشاب الوسيم الذي لم تنبت له لحية.
(3)
الكبائر (58- 59) بتصرف يسير.