الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تليق بكرمه وجوده «1» .
2-
سوء الظّنّ بالمسلمين: هو أيضا من الكبائر وذلك أنّ من حكم بشرّ على غيره بمجرّد الظّنّ حمله الشّيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه والتّواني في إكرامه وإطالة اللّسان في عرضه، وكلّ هذه مهلكات.. وكلّ من رأيته سيّىء الظّنّ بالنّاس طالبا لإظهار معايبهم فاعلم أنّ ذلك لخبث باطنه وسوء طويّته؛ فإنّ المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه «2» .
من معاني كلمة «الظن» في القرآن الكريم:
ذكر أهل التّفسير أنّ «الظّنّ» في القرآن على أوجه منها:
التّهمة: ومنه قوله تعالى: (في التّكوير) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (آية/ 24)«3» : أي بمتّهم.
ومنها الكذب: ومنه قوله تعالى: (في النّجم) : إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (آية/ 28)«4» .
أنواع الظن:
قال سفيان الثّوريّ: الظّنّ ظنّان: ظنّ إثم، وظنّ ليس بإثم.
فأمّا الّذي هو إثم: فالّذي يظنّ ظنّا، ويتكلّم به.
والّذي ليس بإثم: فالّذي يظنّ، ولا يتكلّم به.
والظّنّ في كثير من الأمور مذموم. ولهذا قال تعالى: وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (يونس/ 36)، وقال: اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (الحجرات/ 12)«5» .
قال ابن قدامة المقدسيّ- رحمه الله: فليس لك أن تظنّ بالمسلم شرّا، إلّا إذا انكشف أمر لا يحتمل التّأويل، فإن أخبرك بذلك عدل. فمال قلبك إلى تصديقه، كنت معذورا، لأنّك لو كذّبته كنت قد أسأت الظّنّ بالمخبر، فلا ينبغي أن تحسن الظّنّ بواحد وتسيئه بآخر، بل ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة وحسد؟ فتتطرّق التّهمة حينئذ بسبب ذلك. ومتى خطر لك خاطر سوء على مسلم، فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير، فإنّ ذلك يغيظ الشّيطان ويدفعه عنك، فلا يلقي إليك خاطر السّوء خيفة من اشتغالك بالدّعاء والمراعاة. وإذا تحقّقت هفوة مسلم، فانصحه في السّرّ. واعلم أنّ من ثمرات سوء الظّنّ التّجسّس، فإنّ القلب لا يقنع بالظّنّ، بل يطلب التّحقيق فيشتغل بالتّجسّس، وذلك منهيّ عنه، لأنّه يوصل إلى هتك ستر المسلم، ولو لم ينكشف لك، كان قلبك أسلم للمسلم «6» .
قال ابن القيّم- رحمه الله: أكثر النّاس يظنّون بالله ظنّ السّوء فيما يختصّ بهم وفيما يفعله بغيرهم، فقلّ من يسلم من ذلك إلّا من عرف الله وأسماءه
(1) الزواجر (114) .
(2)
المرجع السابق (109) .
(3)
قرأ: «بظنين» بالظاء ابن كثير، وأبو عمرو والكسائي، وقرأ الباقون:«بضنين» بالضاد أي ببخيل، وعلى هذه القراءة رسم مصحف حفص الذي بأيدينا.
(4)
نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي (425- 426) .
(5)
انظر بصائر ذوي التمييز للفيروز أبادي (3/ 545- 547)
(6)
مختصر منهاج القاصدين (172) .
وصفاته، وهو موجب حكمته وحمده، فليعتن اللّبيب النّاصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله تعالى ويستغفره من ظنّه بربّه ظنّ السّوء، ولو فتّشت من فتّشت لرأيت عنده تعنّتا على القدر، وملامة له، يقول: إنّه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا فمستقلّ ومستكثر، وفتّش نفسك هل أنت سالم؟.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة
…
وإلّا فإنّي لا إخالك ناجيا
) * «1» .
وصفوة القول أنّ:
1-
الظّنّ المحرّم هو سوء الظّنّ بالله تعالى ويقابله وجوب حسن الظّنّ بالله.
2-
حرمة الظّنّ كذلك بالمسلمين الّذين ظاهرهم العدالة. والمطلوب حسن الظّنّ بهم.
3-
الظّنّ المباح وهو الّذي يعرض في قلب المسلم في أخيه بسبب ما يوجب الرّيبة. وهذا الظّنّ لا يحقّق.
[للاستزادة: انظر صفات: الإساءة- سوء الخلق- سوء المعاملة- الشك- اتباع الهوى- الأذى.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: حسن الظن- حسن العشرة- حسن المعاملة- اليقين- الأدب] .
(1) تيسير العزيز الحميد (675- 676) .