الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له إنسانا، فقال: ما أحبّ أنّي حكيت إنسانا وأنّ لي كذا وكذا» ) * «1» .
7-
عن المعرور قال: لقيت أبا ذرّ بالرّبذة وعليه حلّة وعلى غلامه حلّة، فسألته عن ذلك فقال:
إنّي ساببت رجلا «2» فعيّرته بأمّه «3» ، فقال لي النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
«يا أبا ذرّ، أعيّرته بأمّه؟ إنّك امرؤ فيك جاهليّة «4» .
إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم فأعينوهم» ) * «5» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (السخرية)
1-
* (في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
…
الآية.
قال ابن عبّاس: نزلت في ثابت بن قيس بن شمّاس، كان في أذنه وقر، فإذا سبقوه إلى مجلس النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو سعوا له إذا أتى حتّى يجلس إلى جنبه ليسمع ما يقول، فأقبل ذات يوم وقد فاتته من صلاة الفجر ركعة مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا انصرف النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخذ أصحابه مجالسهم منه، فربض كلّ رجل منهم بمجلسه، وعضّوا فيه «6» فلا يكاد يوسع أحد لأحد، حتّى يظلّ الرّجل لا يجد مجلسا فيظلّ قائما. فلمّا انصرف ثابت من الصّلاة تخطّى رقاب النّاس، ويقول: تفسّحوا، تفسّحوا، ففسحوا له حتّى انتهى إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبينه وبينه رجل، فقال له: تفسّح، فقال له الرّجل: قد وجدت مجلسا فاجلس. فجلس ثابت من خلفه مغضبا، ثمّ قال: من هذا؟ قالوا: فلان. فقال ثابت:
ابن فلانة! يعيّره بها، يعني أمّا له في الجاهليّة، فاستحيا الرّجل. فنزلت) * «7» .
2-
* (وقال الضّحّاك: نزلت في وفد بني تميم، كانوا يستهزئون بفقراء الصّحابة مثل عمّار، وخبّاب.
وبلال، وصهيب، وسلمان، وسالم- مولى أبي حذيفة-، وغيرهم، لما رأوا من رثاثة حالهم، فنزلت في الّذين آمنوا منهم) * «8» .
3-
* (وقيل: نزلت في عكرمة بن أبي جهل حين قدم المدينة مسلما، وكان المسلمون إذا رأوه قالوا:
ابن فرعون هذه الأمّة. فشكا ذلك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت) * «9» .
4-
* (قال الطّبريّ في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.. الآية: يقول
(1) أبو داود/ كتاب الأدب، حديث رقم (4875)، والترمذي (2632) (2633) . وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على «رياض الصالحين» رقم (1525) : إسناده صحيح.
(2)
قيل: هذا الرجل هو بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.
(3)
عيرته بأمه: نسبته إلى العار.
(4)
فيك جاهلية: أي خصلة جاهلية.
(5)
البخاري/ الفتح 1/ حديث رقم (30) .
(6)
أي تمسك كل منهم بمجلسه لا يريد أن يبرحه.
(7)
تفسير القرطبي ج 16/ 325.
(8)
المرجع نفسه، والصفحة نفسها، وغذاء الألباب 1/ 130.
(9)
تفسير القرطبي 16/ 325.
- تعالى ذكره-: يا أيّها الّذين صدّقوا الله ورسوله لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ أي المهزوء منهم خير من الهازئين، وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ أي: ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات عسى المهزوء منهنّ أن يكنّ خيرا من الهازئات) * «1» .
5-
* (وقال الطّبريّ في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.. الآية.
«
…
إنّ الله عمّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السّخرية، فلا يحلّ لمؤمن أن يسخر من مؤمن، لا لفقره، ولا لذنب ركبه، ولا لغير ذلك» ) * «2» .
6-
* (وقال في قوله تعالى.. وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ.. أي: ولا يغتب بعضكم بعضا أيّها المؤمنون، ولا يطعن بعضكم على بعض.
وقال: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ فجعل اللّامز أخاه لامزا نفسه، لأنّ المؤمنين كرجل واحد فيما يلزم بعضهم لبعض من تحسين أمره وطلب صلاحه ومحبّته الخير ولذلك روي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال:
«المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالحمّى والسّهر» ) * «3» .
7-
* (روي عن أنس وعكرمة بن عباس- رضي الله عنهم أنّ قوله- تعالى- وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ نزلت في صفيّة بنت حييّ بن أخطب، أمّ المؤمنين- رضي الله عنها أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنّ النّساء يعيّرنني، ويقلن لي: يا يهوديّة بنت يهوديّين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلّا قلت إنّ أبي هارون، وإنّ عمّي موسى، وإنّ زوجي محمّد» فأنزل الله هذه الآية) * «4» .
8-
* (قال الطّبريّ في قوله تعالى: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ اختلف أهل التّأويل في الألقاب الّتي نهى الله عن التّنابز بها في هذه الآية: فقال بعضهم: عنى بها الألقاب الّتي يكره النّبز بها الملقّب، وقالوا: إنّما نزلت هذه الآية في قوم كانت لهم أسماء في الجاهليّة، فلمّا أسلموا نهوا أن يدعو بعضهم بعضا بما يكره من أسمائه الّتي كان يدعى بها في الجاهليّة.
وقال آخرون: بل ذلك قول الرّجل المسلم للرّجل المسلم: يا فاسق، يا زاني.
وقال آخرون: بل ذلك تسمية الرّجل الرّجل بالكفر بعد الإسلام، وبالفسوق والأعمال القبيحة بعد التّوبة.. ثمّ قال: والّذي هو أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصّواب أن يقال: إنّ الله- تعالى ذكره- نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتّنابز بالألقاب هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعمّ الله بنهيه ذلك ولم يخصّص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه
(1) تفسير القرطبي مجلد 11 ج 26/ 83.
(2)
تفسير الطبري مجلد 11 ج 26/ 83.
(3)
المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
(4)
تفسير القرطبي ج 16 ص 326 والبحر المحيط 8/ 112، وغذاء الألباب/ السفاريني 1/ 130، 131.
باسم يكرهه أو صفة يكرهها) * «1» .
9-
* (وفي قوله تعالى.. وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ قال القرطبيّ: أفرد النّساء بالذّكر لأنّ السّخرية منهنّ أكثر.
وقال: قال المفسّرون: نزلت في امرأتين من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم سخرتا من أمّ سلمة، وذلك أنّها ربطت خصريها بسبيبة- وهو ثوب أبيض- وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجرّها، فقالت عائشة لحفصة رضي الله عنهما: انظري! ما تجرّ خلفها كأنّه لسان كلب، فهذه كانت سخريتهما) * «2» .
10-
* (قال القرطبيّ عند تفسير يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.. وبالجملة فينبغي ألّا يجتريء أحد على الاستهزاء بمن يقتحمه بعينه إذا رآه رثّ الحال، أو ذا عاهة في بدنه، أو غير لبيق في محادثته، فلعلّه أخلص ضميرا، وأنقى قلبا ممّن هو على ضدّ صفته، فيظلم نفسه بتحقير من وقّره الله، والاستهزاء بمن عظّمه الله.
ولقد بلغ بالسّلف إفراط توقّيهم وتصوّنهم من ذلك أن قال عمرو بن شرحبيل: لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه لخشيت أن أصنع مثل الّذي صنع.
وعن عبد الله بن مسعود: البلاء موكّل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلبا «3» . زاد في نزهة الفضلاء:«وإنّي لأكره أن أرى الرّجل فارغا ليس في عمل آخرة ولا دنيا» ) *.
11-
* (قال النّيسابوريّ في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ الآية (المطففين/ 29) قال المفسّرون: هم مشركو مكّة أبو جهل، والوليد بن المغيرة وأضرابهما، كانوا يضحكون من عمّار وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين «4» .
وقيل: جاء عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون، وضحكوا وتغامزوا، ثمّ رجعوا إلى أصحابهم فقالوا:
رأينا اليوم الأصلع، فضحكوا منه، فنزلت هذه الآي قبل أن يصل عليّ- كرّم الله وجهه- إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم * «5» .
12-
* (قال الطّبريّ في تفسيره الآيات إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ..
الآيات.
إنّ الّذين اكتسبوا المآثم فكفروا بالله في الدّنيا كانوا فيها من الّذين أقرّوا بوحدانيّة الله وصدّقوا به يضحكون استهزاء منهم بهم، وكان هؤلاء الّذين
(1) تفسير الطبري مجلد 11 ج 26/ 84، 85.
(2)
تفسير القرطبي ج 16/ 326، والبحر المحيط ج 8/ 11
(3)
تفسير القرطبي ج 16 ص 325 وانظر الاثر الاخير عن ابن مسعود في نزهة الفضلاء 1/ 85. وتفسير البحر المحيط 8/ 112.
(4)
غرائب القرآن ورغائب الفرقان/ النيسابوري بها من الطبري مجلد 12 ج 30 ص 51 وتفسير القرطبي ج 19/ 267.
(5)
غرائب القرآن، الصفحة نفسها.
أجرموا إذا مرّ الّذين آمنوا بهم يتغامزون: أي يغمز بعضهم بعضا بالمؤمن استهزاء به وسخرية) * «1» .
13-
* (قال القرطبيّ في قول الله تعالى:
فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي (المؤمنون/ 110) .
يستفاد من هذا: التّحذير من السّخرية والاستهزاء بالضّعفاء والمساكين والاحتقار لهم والإزراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني، وأنّ ذلك مبعد من الله عز وجل * «2» .
14-
* (وقال بعضهم: لو سخرت من راضع لخشيت أن يجوز بي فعله) * «3» .
15-
قال العلّامة الشّيخ مرعي في أقاويل الثّقات: الاستهزاء من باب العبث والسّخرية، فمعنى يستهزيء بهم أي يجازيهم على استهزائهم، وهو من باب المشاكلة في اللّفظ ليزدوج الكلام ك وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ.
والمعنى: يعاملهم معاملة المستهزيء، أمّا في الدّنيا فبإجراء أحكام المسلمين عليهم، واستدراجهم بالإمهال. وأمّا في الآخرة فيروى أنّه يفتح لأحدهم باب الجنّة فيسرع نحوه، فإذا سار إليه سدّ دونه، ثمّ يفتح له باب آخر، فإذا أقبل عليه سدّ دونه. وهذا الّذي قاله على طريقة الخلف. وأمّا مذهب السّلف فلا يؤوّلون ولا يكيّفون فيؤمنون بما أخبر، لا كما يخطر في أوهام البشر) * «4» .
16-
* (قال الشّاعر:
المرء إن كان عاقلا ورعا
…
أشغله عن عيوبه ورعه
كما السّقيم المريض يشغله
…
عن وجع النّاس كلّهم وجعه
) * «5» .
17-
* (وقال آخر:
لا تكشفنّ مساوي النّاس ما ستروا
…
فيهتك الله سترا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا
…
ولا تعب أحدا منهم بما فيكا
) * «6» .
18-
* (عن أسير بن جابر أنّ أهل الكوفة وفدوا إلى عمر وفيهم رجل ممّن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيّين؟ فجاء ذلك الرّجل فقال عمر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إنّ رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أمّ له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه، إلّا موضع الدّينار أو الدّرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم) * «7» .
(1) تفسير الطبري مجلد 12 ج 30 ص 70.
(2)
تفسير القرطبي 12/ 155.
(3)
لسان العرب 4/ 353 (ط. بيروت) .
(4)
غذاء الألباب 1/ 131 وواضح أن كلامه هذا عن قول الله تعالى في سورة (البقرة/ آية 15) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.. الآية. وانظر صفة (الاستهزاء) .
(5)
تفسير القرطبي ج 16/ 327.
(6)
نفسه.
(7)
مسلم حديث رقم (2542) .