الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرّجل كان جبّارا، فقلت: اللهمّ، لا تجعلني مثله، وإنّ هذه يقولون لها: زنيت. ولم تزن، وسرقت. ولم تسرق، فقلت: اللهمّ، اجعلني مثلها» ) * «1» .
16-
* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه قال: «لمّا أمرنا بالصّدقة كنّا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه، فقال المنافقون:
إنّ الله لغنيّ عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلّا رئاء، فنزلت الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ (التوبة/ 79) الآية) * «2» .
17-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: لمّا كان يوم حنين آثر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة: فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال رجل: والله إنّ هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله.
فقلت: والله لأخبرنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته.
فقال: «فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ رحم الله موسى. فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر» ) * «3» .
18-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه، إلّا كفر. ومن ادّعى ما ليس له فليس منّا. وليتبوّأ مقعده من النّار، ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدوّ الله، وليس كذلك إلّا حار عليه «4» » ) * «5» .
19-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله- عز وجل: «يؤذيني ابن آدم. يسبّ الدّهر وأنا الدّهر. أقلّب اللّيل والنّهار» ) * «6» .
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (سوء الظن)
1-
* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه قال: إنّي لأوّل العرب رمى بسهم في سبيل الله، وكنّا نغزو مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلّا ورق الشّجر، حتّى إنّ أحدنا ليضع كما يضع البعير أو الشّاة، ماله خلط «7» ، ثمّ أصبحت بنو أسد تعزّرني «8» على الإسلام، لقد خبت إذا وضلّ عملي، وكانوا وشوا به إلى عمر قالوا: لا يحسن يصلّي» ) * «9» .
2-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ (الحج/ 11) قال: كان الرّجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء» ) * «10» .
(1) البخاري الفتح 6 (3436) ، ومسلم (2550) واللفظ له.
(2)
البخاري- الفتح 8 (4668) واللفظ له ومسلم (1018) .
(3)
البخاري- الفتح 6 (3150) واللفظ له ومسلم (1062) .
(4)
حار عليه: أي باء ورجع عليه.
(5)
البخاري- الفتح 6 (3508) ، ومسلم (61) واللفظ له.
(6)
البخاري- الفتح 8 (4826) ، ومسلم (2246) واللفظ له.
(7)
خلط: أي لا يختلط بعضه ببعض من شدة جفافه وتفتته.
(8)
تعزرني: تؤدبني، والمعنى تعلمني الصلاة، أو تعيرني بأني لا أحسنها.
(9)
البخاري- الفتح 7 (3728) .
(10)
البخاري- الفتح 8 (4742) .
3-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال:" اجتمع عند البيت قرشيّان وثقفيّ أو ثقفيّان وقرشيّ كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم.
فقال أحدهم: أترون أنّ الله يسمع ما نقول؟ قال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنّه يسمع إذا أخفينا.
فأنزل الله- عز وجل: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (فصلت/ 22)) * «1» .
4-
* (عن عائذ بن عمرو- رضي الله عنه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد الله ابن زياد. فقال: «أي بنيّ، إنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ شرّ الرّعاء الحطمة «2» . فإيّاك أن تكون منهم» فقال له: اجلس. فإنّما أنت من نخالة «3» أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟
إنّما كانت النّخالة بعدهم، وفي غيرهم» ) * «4» .
5-
* (عن سعيد بن المسيّب قال: «كتب إليّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنّنّ بكلمة خرجت من امرىء مسلم شرّا، وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرّض نفسه للتّهم فلا يلومنّ إلّا نفسه، ومن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وما كافيت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تعالى فيه» ) * «5» .
6-
* (عن عثمان بن موهب قال:" جاء رجل من أهل مصر وحجّ البيت، فرأى قوما جلوسا فقال:
من هؤلاء القوم؟. فقالوا: هؤلاء قريش. قال: فمن الشّيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر. قال: يا بن عمر، إنّي سائلك عن شيء فحدّثني عنه: هل تعلم أنّ عثمان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أنّه تغيّب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال الرّجل: هل تعلم أنه تغيّب عن بيعة الرّضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم.
قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبيّن لك. أمّا فراره يوم أحد فأشهد أنّ الله عفا عنه وغفر له. وأمّا تغيّبه عن بدر فإنّه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنّ لك أجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه» . وأمّا تغيّبه عن بيعة الرّضوان فلو كان أحد أعزّ ببطن مكّة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان، وكانت بيعة الرّضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان. فضرب بها على يده فقال:
هذه لعثمان، فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك» ) * «6» .
(1) البخاري- الفتح 8 (4817) .
(2)
إن شر الرعاء الحطمة: الحطمة هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار. يلقي بعضها على بعض ويعسفها. ضربه مثلا لوالي السوء.
(3)
نخالة: أي لست من فضلائهم وعلمائهم. والنخالة هنا: استعارة من نخالة الدقيق.
(4)
مسلم (1830) .
(5)
شعب الإيمان، للبيهقي (3/ 150) .
(6)
البخاري- الفتح 7 (3698) .
7-
* (عن عروة بن الزّبير عن عائشة- رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ (يوسف/ 11) قال:
قلت: «أكذبوا أم كذّبوا؟ قالت عائشة: كذبوا. قلت:
فقد استيقنوا أنّ قومهم كذّبوهم، فما هو بالظّنّ؟
قالت: أجل لعمري، لقد استيقنوا بذلك. فقلت لها:
وظنّوا أنّهم قد كذبوا؟ قالت: معاذ الله، لم تكن الرّسل تظنّ ذلك بربّها. قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرّسل الّذين آمنوا بربّهم وصدّقوهم، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النّصر، حتّى إذا استيأس الرّسل ممّن كذّبهم من قومهم، وظنّت الرّسل أنّ أتباعهم قد كذّبوهم، جاء نصر الله عند ذلك» ) * «1» .
8-
* (عن سعد بن عبيدة؛ قال:" جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعلّ ذلك يسوؤك؟ قال: نعم. قال:
فأزغم الله بأنفك ثمّ سأله عن عليّ، فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك. بيته أوسط بيوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم. ثمّ قال: لعلّ ذاك يسوؤك؟ قال: أجل. قال فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد على جهدك» ) * «2» .
9-
* (عن عبد الله بن المبارك قال: «جئت إلى سفيان عشيّة عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان، فبكيت، فالتفت إليّ فقال: ما شأنك؟
فقلت: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ قال: الّذي يظنّ أنّ الله- عز وجل لا يغفر لهم» ) * «3» .
10-
* (قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله: قد ذكر غير واحد أنّ عروة بن الزّبير لمّا خرج من المدينة متوجّها إلى دمشق ليجتمع بالوليد، وقعت الأكلة في رجله في واد قرب المدينة كان مبدؤها هناك، فظنّ أنّها لا يكون منها ما كان، فذهب في وجهه ذلك، فما وصل إلى دمشق إلّا وهي قد أكلت نصف ساقه، فدخل على الوليد فجمع له الأطبّاء العارفين بذلك، فاجتمعوا على أنّه إن لم يقطعها وإلّا أكلت رجله كلّها إلى وركه، وربّما ترقّت إلى الجسد فأكلته، فطابت نفسه بنشرها، وقالوا:
ألا نسقيك مرقدا حتّى يذهب عقلك منه فلا تحسّ بألم النّشر؟ فقال: لا. والله ما كنت أظنّ أنّ أحدا يشرب شرابا أو يأكل شيئا يذهب عقله، ولكن إن كنتم لا بدّ فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصّلاة، فإنّي لا أحسّ بذلك، ولا أشعر به. قال: فنشروا رجله من فوق الأكلة من المكان الحيّ، احتياطا أنّه لا يبقى منها شيء، وهو قائم يصلّي، فما تضوّر «4» ولا اختلج «5» ، فلمّا انصرف من الصّلاة عزّاه الوليد في رجله، فقال: اللهمّ لك الحمد، كان لي أطراف أربعة فأخذت واحدا فلئن كنت قد أخذت فقد أبقيت، وإن كنت قد أبليت فلطا لما عافيت، فلك الحمد على ما أخذت وعلى ما عافيت
…
فلمّا قضى حاجته من دمشق رجع إلى المدينة، فما سمعناه ذكر رجله ولا ولده، ولا شكا ذلك إلى أحد
(1) البخاري- الفتح 8 (4695) .
(2)
البخاري- الفتح 7 (3704) .
(3)
حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا (92) .
(4)
تضور: تلوّى وصاح من وجع الضرب أو الجوع ونحوهما.
(5)
اختلج: أى خطر مع شك.
حتّى دخل وادي القرى
…
فلمّا دخل المدينة أتاه النّاس يسلّمون عليه ويعزّونه في رجله وولده، فبلغه أنّ بعض النّاس قال: إنّما أصابه ذلك بذنب عظيم أحدثه، فأنشد عروة في ذلك، والأبيات لمعن بن أوس:
لعمرك ما أهويت كفّي لريبة
…
ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها
…
ولا دلّني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماش ما حييت لمنكر
…
من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة
…
وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة
…
من الدّهر إلّا قد أصابت فتى مثلي
) * «1» .
11-
* (قال ابن القيّم- رحمه الله في تفسير قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ (الفتح/ 6) : فسّر هذا الظّنّ بأنّه سبحانه لا ينصر رسوله، وأنّ أمره سيضمحلّ، وفسّر أنّ ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسّر بإنكار الحكمة وإنكار القدر، وإنكار أنّ يتمّ أمر رسوله، وأن يظهره على الدّين كلّه، وهذا هو ظنّ السّوء الّذي ظنّ المنافقون والمشركون، وإنّما كان هذا ظنّ السّوء؛ لأنّه ظنّ غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصّادق، فمن ظنّ أنّه يديل الباطل على الحقّ إدالة مستقرّة يضمحلّ معها الحقّ، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، وأنكر أن يكون قدّره لحكمة بالغة يستحقّ عليها الحمد، بل زعم أنّ ذلك لمشيئة مجرّدة، ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (ص/ 27)) * «2» .
12-
* (قال الشّاعر:
فلا تظنن بربّك ظنّ سوء
…
فإنّ الله أولى بالجميل
ولا تظنن بنفسك قطّ خيرا
…
فكيف بظالم جان خجول
وظنّ بنفسك السّوءى تجدها
…
كذلك خيرها كالمستحيل
وما بك من تقى فيها وخير
…
فتلك مواهب الرّبّ الجليل
وليس لها ولا منها ولكن
…
من الرّحمن فاشكر للدّليل
) * «3» .
13-
* (قال محمود الورّاق:
فلا تجزع وإن أعسرت يوما
…
فقد أيسرت في الدّهر الطّويل
فإنّ العسر يتبعه يسار
…
وقول الله أصدق كلّ قيل
فلا تظنن بربّك ظنّ سوء
…
فإنّ الله أولى بالجميل
فلو أنّ العقول تفيد مالا
…
لكان المال عند ذوي العقول
) * «4» .
(1) البداية والنهاية لابن كثير (9/ 180) .
(2)
تيسير العزيز الحميد (675) .
(3)
المرجع السابق (684) .
(4)
حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا (123) .