الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (سوء الظن) معنى
3-
* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما أنّ معاذ بن جبل- رضي الله عنه كان يصلّي مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ يأتي قومه فيصلّي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، قال فتجوّز «1» رجل فصلّى صلاة خفيفة، فبلغ ذلك معاذا فقال: إنّه منافق، فبلغ ذلك الرجل، فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنّا قوم نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا، وإنّ معاذا صلّى بنا البارحة فقرأ البقرة فتجوّزت، فزعم أنّي منافق، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
4-
* (عن زيد بن أسلم- رضي الله عنه أنّ رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك:
ما لقرّائنا هؤلاء، أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللّقاء! فقال له عوف: كذبت، ولكنّك منافق! لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم! فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه، قال زيد: قال عبد الله ابن عمر- رضي الله عنهما: فنظرت إليه متعلّقا بحقب «3» ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، يقول: إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ! فيقول له النّبيّ صلى الله عليه وسلم أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (التوبة/ 65)) * «4» .
5-
* (عن اللّجلاج- رضي الله عنه أنّه كان قاعدا يعتمل في السوق فمرّت امرأة تحمل صبيّا فثار النّاس معها وثرت فيمن ثار، فانتهت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول
…
الحديث وفيه: فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لهو أطيب عند الله من ريح المسك» فإذا هو أبوه، فأعنّاه على غسله وتكفينه ودفنه) * «5» .
6-
* (عن أبي أمامة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الأمير إذا ابتغى الريبة في النّاس أفسدهم» ) * «6» .
7-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة. فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعبّاس عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينقم ابن جميل إلّا أنّه كان فقيرا فأغناه الله. وأمّا خالد فإنّكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله «7» . وأمّا العبّاس
(1) فتجوز: أى ترخص وخفف.
(2)
البخاري- الفتح 10 (6106) واللفظ له، ومسلم (465) .
(3)
الحقب: بفتحتين-: الحزام الذي يلي حقو البعير وقيل: هو حبل يشد به الحمل في بطن البعير.
(4)
تفسير الطبرى (6/ 409) .
(5)
أبو داود (4435) ، وحسنه الألباني؛ صحيح سنن أبي داود (3728، 3729) .
(6)
أبو داود (4889) وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح أبي داود (4089)
(7)
قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله: أي حبسها ووقفها في سبيل الله، قبل الحول عليها فلا زكاة فيها والأعتاد جمع عتاد وهى آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها.
فهي عليّ ومثلها معها «1» » . قال: «يا عمر، أما شعرت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه) * «2» .
8-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
جاء رجل من بني فزارة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ امرأتي ولدت غلاما أسود. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «هل لك من إبل؟» . قال: نعم. قال: «فما ألوانها؟» . قال: حمر.
قال: «هل فيها من أورق «3» ؟» قال: إنّ فيها لورقا.
قال: «فأنّى أتاها ذلك» قال: عسى أن يكون نزعه عرق «4» . قال: «وهذا عسى أن يكون نزعه عرق» ) * «5» .
9-
* (عن زيد بن خالد الجهنيّ- رضي الله عنه قال: صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء «6» كانت من اللّيل. فلمّا انصرف أقبل على النّاس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربّكم؟» . قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «قال:
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأمّا من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب.
وأمّا من قال: مطرنا بنوء «7» كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب» ) * «8» .
10-
* (عن جندب البجليّ- رضي الله عنه قال: قالت امرأة: يا رسول الله، ما أرى صاحبك إلّا أبطأك. فنزلت: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (الضحى/ 3) * «9» .
11-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعدما أنزل الحجاب. فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه، مسيرنا. حتّى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه، وقفل، ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل.
فقمت حين آذنوا بالرحيل. فمشيت حتّى جاوزت الجيش. فلمّا قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل.
فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار «10» قد انقطع. فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه.
وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي.
(1) وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها: معناه أني تسلفت منه زكاة عامين.
(2)
البخاري- الفتح 3 (1468) ، ومسلم (983) واللفظ له، وقوله: صنو أبيه أي مثله ونظيره يعني أنهما من أصل واحد.
(3)
الأورق: هو الذي فيه سواد ليس بصاف، ومنه قيل للرماد: أورق وجمعه ورق كأحمر وحمر.
(4)
عسى أن يكون نزعه عرق: المراد بالعرق: الأصل من النسب تشبها بعرق الشجرة، ومنه قولهم فلان معرق فى النسب، ومعنى نزعه أى أشبهه واجتذبه إليه، وأظهر لونه عليه فكأنه جذبه إليه لشبهه.
(5)
البخاري- الفتح 9 (5305) ، ومسلم (1500) واللفظ له.
(6)
في إثر السماء: أي بعد المطر. والسماء: المطر.
(7)
بنوء: النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب، فانه مصدر ناء النجم ينوء أي سقط وغاب، وقيل: نهض وطلع.
(8)
البخاري الفتح 7 (4147) ، مسلم (71) واللفظ له.
(9)
البخاري الفتح 8 (4951) .
(10)
عقدي من جزع ظفار: والعقد نحو القلادة والجزع خرز يماني. وظفار قرية باليمن.
فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب. وهم يحسبون أنّي فيه. قالت: وكانت النّساء إذ ذاك خفافا. لم يهبّلن «1» ولم يغشهنّ اللّحم. إنّما يأكلن العلقة «2» من الطعام. فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه. وكنت جارية حديثة السنّ. فبعثوا الجمل وساروا. ووجدت عقدي بعدما استمرّ الجيش. فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فتيمّمت منزلي الذي كنت فيه. وظننت أنّ القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطّل السلميّ، ثمّ الذكوانيّ، قد عرّس «3» من وراء الجيش فأدلج «4» . فأصبح عند منزلي. فرأى سواد إنسان نائم.
فأتاني فعرفني حين رآني. وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب عليّ. فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني.
فخمّرت وجهي بجلبابي. وو الله ما يكلّمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه. حتّى أناخ راحلته.
فوطأ على يدها فركبتها. فانطلق يقود بي الراحلة. حتّى أتينا الجيش. بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة «5» .
فهلك من هلك في شأني. وكان الذي تولّى كبره عبد الله بن أبيّ بن سلول. فقدمنا المدينة. فاشتكيت، حين قدمنا المدينة شهرا. والنّاس يفيضون في قول أهل الإفك. ولا أشعر بشيء من ذلك. وهو يريبني في وجعي أنّي لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللّطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي. إنّما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلّم ثمّ يقول:«كيف تيكم «6» ؟» فذاك يريبني.
ولا أشعر بالشرّ. حتّى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أمّ مسطح قبل المناصع «7» . وهو متبرّزنا. ولا نخرج إلّا ليلا إلى ليل. وذلك قبل أن نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا. وأمرنا أمر العرب الأول في التنزّه. وكنّا نتأذّى بالكنف أن نتّخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأمّ مسطح، وهي بنت أبي رهم بن المطّلب بن عبد مناف.
وأمّها ابنة صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصدّيق.
وابنها مسطح بن أثاثة بن عبّاد بن المطّلب. فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي. حين فرغنا من شأننا. فعثرت أمّ مسطح في مرطها «8» . فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت. أتسبّين رجلا قد شهد بدرا.
قالت: أي هنتاه «9» ، أولم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت، فأخبرتني بقول أهل الإفك. فازددت مرضا إلى مرضي. فلمّا رجعت إلى بيتي، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسلّم ثمّ قال:«كيف تيكم؟» قلت:
أتأذن لي أن آتي أبويّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أتيقّن الخبر من قبلهما. فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت أبويّ فقلت لأمّي: يا أمّتاه ما يتحدّث النّاس؟ فقالت: يا
(1) لم يهبلن: يقال هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وكثر لحمه وشحمه.
(2)
العلقة: أي القليل، ويقال لها أيضا: البلغة.
(3)
قد عرس: التعريس النزول آخر الليل في السفر لنوم أو استراحة.
(4)
فأدلج: الإدلاج هو السير آخر الليل.
(5)
موغرين في نحر الظهيرة: الموغر النازل في وقت الوغرة وهي شدة الحر. ونحر الظهيرة وقت القائلة وشدة الحر.
(6)
كيف تيكم: هى إشارة إلى المؤنثة، يقابلها كذلكم فى المذكر.
(7)
المناصع: هي مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها.
(8)
في مرطها: المرط الكساء من صوف وقد يكون من غيره.
(9)
أي هنتاه: بضم الهاء الأخيرة وقد تسكن، لفظة تختص بالنداء ومعناها: يا هذا، وقيل: يا امرأة، وقيل: يابلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس.
بنيّة، هوّني عليك. فو الله لقلمّا كانت امرأة قطّ وضيئة «1» عند رجل يحبّها، ولها ضرائر، إلّا كثّرن عليها. قالت:
قلت: سبحان الله! وقد تحدّث النّاس بهذا؟ قالت فبكيت تلك اللّيلة حتّى أصبحت لا يرقأ «2» لي دمع، ولا أكتحل بنوم «3» . ثمّ أصبحت أبكي. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب وأسامة ابن زيد حين استلبث الوحي «4» . يستشيرهما في فراق أهله. قالت:
فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالّذي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله، هم أهلك، ولا نعلم إلّا خيرا.
وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: «أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» قالت له بريرة: والذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه «5» عليها، أكثر من أنّها جارية حديثة السنّ، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن «6» فتأكله. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فاستعذر «7» من عبد الله بن أبيّ بن سلول. قالت:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر «يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فو الله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي» فقام سعد بن معاذ الأنصاريّ فقال: أنا أعذرك منه.
يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان رجلا صالحا. ولكن اجتهلته الحميّة «8» . فقال لسعد بن معاذ: كذبت. لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله.
فقال لسعد بن عبادة: كذبت. لعمر الله لنقتلنّه. فإنّك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيّان الأوس والخزرج «9» حتّى همّوا أن يقتتلوا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر. فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت. قالت: وبكيت يومي ذلك. لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم. ثمّ بكيت ليلتي المقبلة. لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم. وأبواي يظنّان أنّ البكاء فالق كبدي. فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها. فجلست تبكي.
قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسلّم ثمّ جلس. قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل. وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء.
قالت: فتشهّد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثمّ قال: «أمّا
(1) وضيئة: هي الجميلة الحسنة. والوضاءة الحسن.
(2)
لا يرقأ: أي لا ينقطع.
(3)
ولا أكتحل بنوم: أي لا أنام.
(4)
استلبث الوحي: أي أبطا ولبث ولم ينزل.
(5)
أغمصه: أي أعيبها به.
(6)
الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى. ومعنى هذا الكلام أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره، إلا نومها عن العجين.
(7)
استعذر: معناه: من يعذرني فيمن آذاني في أهلي، وقيل معناه من ينصرني. والعذير الناصر.
(8)
اجتهلته الحمية: أي خفته وأغضبته وحملته على الجهل
(9)
فثار الحيان الأوس والخزرج: أي تناهضوا للنزاع والعصبية.
بعد. يا عائشة، فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله. وإن كنت ألممت بذنب.
فاستغفري الله وتوبي إليه. فإنّ العبد إذا اعترف بذنب ثمّ تاب، تاب الله عليه» قالت: فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرة.
فقلت لأبي: أجب عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. فقال:
والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمّي:
أجيبي عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت، وأنا جارية حديثة السّنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن: إنّي، والله لقد عرفت أنّكم قد سمعتم بهذا حتّى استقرّ في نفوسكم وصدّقتم به. فإن قلت لكم إنّي بريئة،. والله يعلم أنّي بريئة.، لا تصدّقوني بذلك. ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي بريئة، لتصدّقونني. وإنّي، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا كما قال أبو يوسف: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (يوسف/ 18) . قالت: ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي. قالت وأنا، والله حينئذ أعلم أنّي بريئة. وأنّ الله مبرّئي ببراءتي. ولكن، والله ما كنت أظنّ أن ينزل في شأني وحي يتلى. ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلّم الله- عز وجل فيّ بأمر يتلى.
ولكنّي كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّوم رؤيا يبرّئني الله بها. قالت: فو الله ما رام «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتّى أنزل الله عز وجل على نبيّه صلى الله عليه وسلم. فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء «2» عند الوحي. حتّى إنّه ليتحدّر منه مثل الجمان «3» من العرق، في اليوم الشّات، من ثقل القول الّذي أنزل عليه. قالت: فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال:
«أبشري يا عائشة، أمّا الله فقد برّأك» فقال لي أمّي:
قومي إليه. فقلت: والله لا أقوم إليه. ولا أحمد إلّا الله.
هو الّذي أنزل براءتي. قالت: فأنزل الله- عز وجل:
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ (النور/ 11) عشر آيات. فأنزل الله- عز وجل هؤلاء الآيات براءتي. قالت فقال أبو بكر، وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا. بعد الّذي قال لعائشة. فأنزل الله- عز وجل: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى (النور/ 22) إلى قوله: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ- قال حبّان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله- فقال أبو بكر: والله إنّي لأحبّ أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النّفقة الّتي كان ينفق عليه.
وقال: لا أنزعها منه أبدا. قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش، زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن أمري «ما علمت؟ أو ما رأيت؟» فقالت: يا رسول الله،
(1) ما رام: أي ما فارق.
(2)
البرحاء: هي الشدة.
(3)
الجمان: الدر. شبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بحبات اللؤلؤ في الصفاء والحسن.
أحمي سمعي وبصري. والله ما علمت إلّا خيرا. قالت عائشة: وهي الّتي كانت تساميني «1» من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فعصمها الله بالورع. وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها «2» فهلكت فيمن هلك) * «3»
12-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض وكان موسى- عليه السلام يغتسل وحده. فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلّا أنّه آدر «4» . قال: فذهب مرّة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففرّ الحجر بثوبه قال: فجمح «5» موسى بإثره يقول: ثوبي حجر «6» ثوبي حجر حتّى نظرت بنو إسرائيل إلى سوأة موسى. قالوا: والله ما بموسى من بأس. فقام الحجر حتّى نظر إليه قال فأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا» ) * «7» .
13-
* (عن عتبان بن مالك- رضي الله عنه وهو ممّن شهد بدرا، قال: كنت أصلّي لقومي بني سالم، وكان يحول بيني وبينهم واد إذا جاءت الأمطار فيشقّ عليّ اجتيازه قبل مسجدهم، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنّي أنكرت بصري وإنّ الوادي الّذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشقّ عليّ اجتيازه فوددت أنّك تأتي فتصلّي من بيتي مكانا أتّخذه مصلّى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سأفعل» . فغدا عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر- رضي الله عنه بعدما اشتدّ النّهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له فلم يجلس حتّى قال:" أين تحبّ أن أصلّي من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الّذي أحبّ أن أصلّي فيه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبّر وصففنا وراءه فصلّى ركعتين ثمّ سلّم وسلّمنا حين سلّم فحبسته على خزير «8» يصنع له، فسمع أهل الدّار أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فثاب رجال منهم حتّى كثر الرّجال في البيت، فقال رجل منهم: ما فعل مالك؟ لا أراه. فقال رجل منهم: ذاك منافق لا يحبّ الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقل ذاك، ألا تراه قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله» .
فقال: الله ورسوله أعلم. أمّا نحن فو الله ما نرى ودّه ولا حديثه إلّا إلى المنافقين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنّ الله قد حرّم على النّار من قال لا إله إلّا الله يبتغي بذلك وجه الله» ) * «9» .
14-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله
(1) تساميني: تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
وطفقت أختها تحارب لها: أي جعلت تتعصب لها فتحكي ما يقوله أهل الإفك.
(3)
البخاري- الفتح 7 (4141) ، ومسلم (2770) واللفظ له.
(4)
آدر أى عظيم الخصيتين.
(5)
فجمح: أى جرى أشد الجرى.
(6)
ثوبى حجر: أى ثوبى يا حجر، حذفت أداة النداء ونداء الحجر بالنسبة للنبى أمر ممكن ويدخل فى باب المعجزة.
(7)
البخاري- الفتح 6 (3404) ، ومسلم (339) واللفظ له.
(8)
الخزير: لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير، فاذا نضج ذر عليه دقيق فان لم يكن فيها لحم فهي عصيدة.
(9)
البخاري- الفتح 3 (1186) واللفظ له، ومسلم (33) .
عنه- قال: لم أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قطّ. إلّا في غزوة تبوك
…
الحديث وفيه: «ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى بلغ تبوكا «1» فقال، وهو جالس في القوم بتبوك:«ما فعل كعب بن مالك؟» قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، حبسه برداه والنّظر في عطفيه «2» . فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت. والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلّا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم» ) * «3» .
15-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يتكلّم في المهد إلّا ثلاثة:
عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا. فاتّخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمّه وهو يصلّي فقالت: يا جريج فقال: يا ربّ، أمّي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلمّا كان من الغد، أتته وهو يصلّي فقالت: يا جريج فقال: يا ربّ، أمّي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهمّ لا تمته حتّى ينظر وجوه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغيّ يتمثّل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننّه لكم. قال:
فتعرّضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها. فوقع عليها.
فحملت. فلمّا ولدت، قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغيّ. فولدت منك.
فقال: أين الصّبيّ؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتّى أصلّي، فلمّا انصرف أتى الصّبيّ فطعن في بطنه، وقال: من أبوك؟ قال: فلان الرّاعي. قال: فأقبلوا على جريج يقبّلونه ويتمسّحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. وبينا صبيّ يرضع من أمّه، فمرّ رجل راكب على دابّة فارهة وشارة حسنة فقالت أمّه: اللهمّ، اجعل ابني مثل هذا، فترك الثّدي وأقبل إليه فنظر إليه، فقال: اللهمّ، لا تجعلني مثله، ثمّ أقبل على ثديه فجعل يرتضع، قال: فكأنّي أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السّبّابة في فمه فجعل يمصّها. قال: ومرّوا بجارية وهم يضربونها ويقولون:
زنيت، سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمّه: اللهمّ، لا تجعل ابني مثلها، فترك الرّضاع ونظر إليها، فقال: اللهمّ، اجعلني مثلها، فهناك تراجعا الحديث. فقالت: حلقى «4» مرّ رجل حسن الهيئة فقلت: اللهمّ، اجعل ابني مثله، فقلت: اللهمّ لا تجعلني مثله، ومرّوا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون: زنيت، سرقت، فقلت: اللهمّ لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهمّ، اجعلني مثلها. قال: إنّ ذاك
(1) حتى بلغ تبوكا هو فى أكثر النسخ تبوكا، وكذا هو فى نسخ البخارى، وكأنه صرفها لإرادة الموقع، دون البقعة.
(2)
النظر في عطفيه: أي جانبيه. وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.
(3)
البخاري- الفتح 7 (4418) ، ومسلم 4 (2769) واللفظ له.
(4)
حلقى: أي أصابه الله بوجع في حلقه.