الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من خلق الله من بني آدم من بشر إلّا أنّ قلبه بين أصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله- عز وجل أقامه وإن شاء الله أزاغه، فنسأل الله ربّنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنّه هو الوهّاب» . قالت: قلت: يا رسول الله، ألا تعلّمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال: «بلى. قولي:
اللهمّ ربّ محمّد النّبيّ اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلّات الفتن ما أحييتنا» ) * «1» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الضلال) معنى
27-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجّ آدم وموسى- عليهما السلام عند ربّهما. فحجّ آدم موسى. قال موسى: أنت آدم الّذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنّته، ثمّ أهبطت النّاس بخطيئتك إلى الأرض. فقال آدم:
أنت موسى الّذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كلّ شيء، وقرّبك نجيّا، فبكم وجدت الله كتب التّوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها:
وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (طه/ 121) قال: نعم.
قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فحجّ آدم موسى» ) * «2» .
28-
* (عن عديّ بن حاتم، أنّ رجلا خطب عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله» .
قال ابن نمير: فقد غوى) * «3» .
29-
* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الشّيطان قال: وعزّتك يا ربّ لا أبرح أغوي عبادك مادامت أرواحهم في أجسادهم.
فقال الرّبّ تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» ) * «4» .
30-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: إنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لبني النّجّار، فسمع صوتا ففزع، فقال:«من أصحاب هذه القبور؟» قالوا: يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهليّة، فقال:
«تعوّذوا بالله من عذاب النّار، ومن فتنة الدّجّال» قالوا: وممّ ذاك يا رسول الله؟ قال: «إنّ المؤمن إذا
(1) أحمد (6/ 302) واللفظ له، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 325) وقال: روى الترمذي بعضه (3522) ورواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق، وذكره أيضا في (10/ 176) بلفظ مقارب وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.
(2)
البخاري- الفتح 11 (6614) ، ومسلم (2652) واللفظ له.
(3)
مسلم (870) .
(4)
أحمد (3/ 29)، والحاكم في المستدرك (4/ 261) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وضع في قبره أتاه ملك فيقول له: ما كنت تعبد؟ فإن الله هداه قال: كنت أعبد الله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرّجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله، فما يسأل عن شيء غيرها، فينطلق به إلى بيت كان له في النّار فيقال له: هذا بيتك كان لك في النّار ولكنّ الله عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنّة، فيقول:
دعوني حتّى أذهب فأبشّر أهلي، فيقال له: اسكن، وإنّ الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيقال له: فما كنت تقول في هذا الرّجل؟ فيقول: كنت أقول ما يقول النّاس، فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثّقلين» ) * «1» .
31-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «حين أسري بي لقيت موسى- عليه السلام (فنعته النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا رجل (حسبته قال) مضطرب. رجل الرّأس. كأنّه من رجال شنوءة.
قال، ولقيت عيسى (فنعته النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا ربعة أحمر كأنّما خرج من ديماس «2» » (يعني حمّاما) قال، ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه. وأنا أشبه ولده به.
قال: فأتيت بإناءين، في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، فقيل لي: خذ أيّهما شئت. فأخذت اللّبن فشربته.
فقال: هديت الفطرة، أو أصبت الفطرة، أما إنّك لو أخذت الخمر غوت أمّتك» ) * «3» .
32-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما قال: زوّجني أبي امرأة من قريش، فلمّا دخلت عليّ جعلت لا أنحاش لها، ممّا بي من القوّة على العبادة: من الصّوم والصّلاة فجاء عمرو بن العاص إلى كنّته، حتّى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرّجال، أو كخير البعولة من رجل لم يفتّش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا. فأقبل عليّ، فعذمني، وعضّني بلسانه فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب، فعضلتها، وفعلت وفعلت، ثمّ انطلق إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشكاني، فأرسل إليّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأتيته، فقال لي:«أتصوم النّهار؟» قلت: نعم، قال:
«وتقوم اللّيل؟» قلت: نعم، قال:«لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأنام، وأمسّ النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» ، قال:«اقرإ القرآن في كلّ شهر» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال:«فاقرأه في كلّ عشرة أيّام» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال:
«فاقرأه في كلّ ثلاث» ، قال: ثمّ قال: «صم في كلّ شهر ثلاثة أيّام» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتّى قال: «صم يوما وأفطر يوما، فإنّه أفضل الصّيام، وهو صيام أخي داود» ثمّ
(1) أبو داود (4/ 4750) واللفظ له. ذكره الألباني في الصحيحة (ح 1344) وقال: أخرجه أحمد (3/ 331) . وهذا إسناد جيد رجاله رجال الصحيح. وأخرجه في صحيح أبي داود (ح 3977) وقال عنه: صحيح.
(2)
فإذا ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس: أما الربعة. فيقال: رجل ربعة ومربوع، أي بين الطويل والقصير. وأما الديماس: فقال الجوهري في صحاحه في هذا الحديث: قوله خرج من كنّ، لأنه قال في وصفه: كأن رأسه يقطر ماء.
(3)
البخاري- الفتح 6 (3437) ، ومسلم (168) واللفظ له.
قال صلى الله عليه وسلم: «فإنّ لكلّ عابد شرّة، ولكلّ شرّة فترة، فإمّا إلى سنّة، وإمّا إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنّة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» قال مجاهد: فكان عبد الله بن عمرو، حيث ضعف وكبر، يصوم الأيّام كذلك، يصل بعضها إلى بعض، ليتقوّى بذلك، ثمّ يفطر بعد تلك الأيّام، قال: وكان يقرأ في كلّ حزبه كذلك، يزيد أحيانا، وينقص أحيانا، غير أنّه يوفي العدد، إمّا في سبع، وإمّا في ثلاث، قال:
ثمّ كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ ممّا عدل به أو عدل، لكنّي فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره) * «1» .
33-
* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما يقول: كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشّرّ. مخافة أن يدركني.
فقلت: يا رسول الله إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ. فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير شرّ؟ قال «نعم» فقلت: هل بعد ذلك الشّرّ من خير؟ قال: «نعم. وفيه دخن «2» » قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنّون بغير سنّتي. ويهدون بغير هديي «3» ، تعرف منهم وتنكر» .
فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم.
دعاة على أبواب جهنّم «4» . من أجابهم إليها قذفوه فيها» فقلت: يا رسول الله؛ صفهم لنا. قال «نعم. قوم من جلدتنا. ويتكلّمون بألسنتنا» قلت: يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟
قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها. ولو أن تعضّ على أصل شجرة، حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك» ) * «5» .
34-
* (عن أبي موسى- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ مثل ما بعثني الله به- عز وجل من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيّبة، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها النّاس، شربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى، إنّما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه بما بعثني الله به، فعلم وعلّم. ومثل من لم يرفع بذلك رأسا. ولم يقبل هدى الله الّذي أرسلت به» ) * «6» .
(1) أحمد (2/ 158) واللفظ له، وقال أحمد شاكر (9/ 235- 240) : إسناده صحيح رواه عنه كثير من التابعين، وأخرجه الأئمة في دواوينهم ولكني لم أجده مفصلا بهذا السياق إلا في هذا الموضع، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 193) وقال: رجاله رجال الصحيح.
(2)
دخن: قال أبو عبيد وغيره: الدخن أصله أن تكون في لون الدابة كدورة الى سواد. قالوا: والمراد هنا: أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض. ولا يزول خبثها ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء.
(3)
هديي: الهدى الهيئة والسيرة والطريقة.
(4)
دعاة على أبواب جهنم: قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال، وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية. وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
(5)
البخاري- الفتح 6 (3606) ، ومسلم (1847) واللفظ له.
(6)
البخاري- الفتح 1 (79) ، ومسلم (2282) واللفظ له.