الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (الاستهزاء)
1-
* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آخر من يدخل الجنّة رجل.
فهو يمشي مرّة ويكبو «1» مرّة وتسفعه «2» النّار مرّة. فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الّذي نجّاني منك.
لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأوّلين والآخرين. فترفع له شجرة فيقول: أي ربّ، أدنني من هذه الشّجرة فلأستظلّ بظلّها وأشرب من مائها.
فيقول الله- عز وجل: يا ابن آدم، لعلّي إن أعطيتكها سألتني غيرها. فيقول: لا يا ربّ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها. وربّه يعذره، لأنّه يرى ما لا صبر له عليه «3» ، فيدنيه منها، فيستظلّ بظلّها ويشرب من مائها، ثمّ ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي ربّ، أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظلّ بظلّها لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم.
ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلّي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده ألّا يسأله غيرها. وربّه يعذره، لأنّه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها. فيستظلّ بظلّها ويشرب من مائها. ثمّ ترفع له شجرة عند باب الجنّة هي أحسن من الأوليين. فيقول:
أي ربّ أدنني من هذه لأستظلّ بظلّها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا ربّ، هذه لا أسألك غيرها. وربّه يعذره لأنّه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها. فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنّة فيقول: أي ربّ، أدخلنيها. فيقول: يا ابن آدم ما يصريني «4» منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدّنيا ومثلها معها؟ قال: يا ربّ أتستهزىء منّي وأنت ربّ العالمين؟» فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني ممّ أضحك؟ فقالوا: ممّ تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال «من ضحك ربّ العالمين حين قال: أتستهزىء منّي وأنت ربّ العالمين؟ فيقول: إنّي لا أستهزىء منك، ولكنّي على ما أشاء قادر» ) * «5» .
2-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال «بينما ثلاثة نفر يتمشّون أخذهم المطر. فأووا إلى غار في جبل، فانحطّت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها لعلّ الله يفرجها عنكم.
فقال أحدهم: اللهمّ إنّه كان لي والدان شيخان كبيران
(1) يكبو: معناه يسقط على وجهه.
(2)
تسفعه: تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرا
(3)
مالا صبر له عليه: معناه أي نعمة لا صبر له عليها.
(4)
ما يصريني منك: ما يقطع مسألتك مني. أو أي شيء يرضيك ويقطع السّؤال بيني وبينك.
(5)
مسلم (187) .
وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم «1» حلبت فبدأت بوالديّ فسقيتهما قبل بنيّ.
وأنّه نأى بي ذات يوم الشّجر «2» ، فلم آت حتّى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصّبية قبلهما، والصّبية يتضاغون «3» عند قدميّ. فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتّى طلع الفجر. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة، نرى منها السّماء.
ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السّماء. وقال الآخر:
اللهمّ إنّه كانت لي ابنة عمّ أحببتها كأشدّ ما يحبّ الرّجال النّساء، وطلبت إليها نفسها، فأبت حتّى آتيها بمائة دينار. فتعبت حتّى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلمّا وقعت بين رجليها «4» . قالت: يا عبد الله اتّق الله، ولا تفتح الخاتم إلّا بحقّه «5» فقمت عنها. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة. ففرج لهم. وقال الآخر: اللهمّ إنّي كنت استأجرت أجيرا بفرق أرزّ «6» . فلمّا قضى عمله قال:
أعطني حقّي. فعرضت عليه فرقه فرغب عنه. فلم أزل أزرعه حتّى جمعت منه بقرا ورعاءها. فجاء ني فقال: اتّق الله ولا تظلمني حقّي. قلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها. فخذها. فقال: اتّق الله ولا تستهزىء بي. فقلت: إنّي لا أستهزىء بك. خذ ذلك البقر ورعاءها. فأخذه فذهب به. فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي. ففرج الله ما بقي» ) * «7» .
3-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما أنّه قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قرّائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللّقاء. فقال رجل في المسجد: كذبت ولكنّك منافق، لأخبرنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، فقال عبد الله بن عمر:
وأنا رأيته متعلّقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنّما كنّا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون» ) * «8» .
4-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما أنّه قال: كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم، استهزاء، فيقول الرّجل: من أبي؟ ويقول الرّجل تضلّ ناقته:
أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ
(1) فاذا أرحت عليهم: أي إذا رددت الماشية من المرعى إليهم، وإلى موضع مبيتها، وهو مراحها.
(2)
نأى بي ذات يوم الشجر: ومعناه بعد والنأي البعد.
(3)
يتضاغون: أي يصيحون ويستغيثون من الجوع.
(4)
فلما وقعت بين رجليها: أي جلست مجلس الرجل للوقاع.
(5)
لا تفتح الخاتم إلا بحقه: الخاتم كناية عن بكارتها. وقولها بحقه: أي بنكاح، لا بزنى.
(6)
بفرق: بفتح الراء وإسكانها: وهو إناء يسع ثلاثة آصع.
(7)
البخاري- الفتح 10 (5974) . ومسلم (2743) واللفظ له.
(8)
ابن جرير (10/ 119) ، ابن أبي حاتم (4/ 64)، ابن كثير (2/ 368) واللفظ له وقال مخرج فتح المجيد: حسن (385) .