الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن سنّتي فليس منّي» ، قال:«اقرأ القرآن في كلّ شهر» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال:«فاقرأه في كلّ عشرة أيّام» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال:«فاقرأه في كلّ ثلاث» ، قال: ثمّ قال: «صم في كلّ شهر ثلاثة أيّام» ، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتّى قال: «صم يوما وأفطر يوما، فإنّه أفضل الصّيام، وهو صيام أخي داود» ، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم:«فإنّ لكلّ عابد شرّة «1» ، ولكلّ شرّة فترة «2» ، فإمّا إلى سنّة، وإمّا إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنّة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» قال مجاهد: فكان عبد الله بن عمرو، حيث ضعف وكبر، يصوم الأيّام كذلك، يصل بعضها إلى بعض، ليتقوّى بذلك، ثمّ يفطر بعدّ «3» تلك الأيّام، قال: وكان يقرأ في كلّ حزبه كذلك، يزيد أحيانا، وينقص أحيانا، غير أنّه يوفي العدد، إمّا في سبع، وإمّا في ثلاث، قال: ثمّ كان يقول بعد ذلك:
لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ ممّا عدل به أو عدل، لكنّي فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره) * «4» .
الأحاديث الواردة في ذمّ (الابتداع) معنى
5-
* (عن الحارث الأشعريّ- رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله أمر يحيى بن زكريّا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنّه كاد أن يبطأ بها، فقال عيسى: إنّ الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإمّا أن تأمرهم، وإمّا أن آمرهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذّب، فجمع النّاس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد وتعدّوا على الشّرف، فقال: إنّ الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهنّ، وآمركم أن تعملوا بهنّ: أوّلهنّ أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وإنّ مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق «5» .
فقال: هذه داري وهذا عملي فاعمل وأدّ إليّ، فكان يعمل ويؤدّي إلى غير سيّده، فأيّكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟. وإنّ الله أمركم بالصّلاة، فإذا صلّيتم فلا تلتفتوا فإنّ الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت. وآمركم بالصّيام، فإنّ مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرّة فيها مسك، فكلّهم يعجب أو يعجبه ريحها. وإنّ ريح الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك. وآمركم بالصّدقة فإنّ مثل ذلك كمثل
(1) الشرّة: النشاط والرغبة.
(2)
الفترة: الضعف والانكسار.
(3)
بعد تلك الأيام: أي بعددها.
(4)
البخاري- الفتح 4 (1979) وفي مواضع كثيرة. ومسلم (1159) . وهذا لفظ أحمد (2/ 158) وقال أحمد شاكر (9/ 235) : إسناده صحيح مشهور أخرجه الأئمة في دواوينهم ولكني لم أجده مفصلا مطولا بهذه السياقة إلا في هذا الموضع.
(5)
الورق: بفتح الواو وكسر الراء- الدراهم.
رجل أسره العدوّ، فأوثقوا يده «1» إلى عنقه وقدّموه ليضربوا عنقه «2» ، فقال أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم. وآمركم أن تذكروا الله فإنّ مثل ذلك كمثل رجل خرج العدوّ في أثره «3» سراعا حتّى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم «4» ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشّيطان إلّا بذكر الله.
قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهنّ:
السّمع، والطّاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة. فإنّه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام «5» من عنقه إلّا أن يرجع، ومن ادّعى دعوى الجاهليّة فإنّه من جثا «6» جهنّم، فقال رجل: يا رسول الله، وإن صلّى وصام؟ قال: وإن صلّى وصام، فادعوا بدعوى الله الّذي سمّاكم المسلمين المؤمنين. عباد الله) * «7» .
6-
* (عن عائشة- رضي الله عنها، قالت:
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ إلى قوله: أُولُوا الْأَلْبابِ (آل عمران/ 7)، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى الله، فاحذروهم» ) * «8» .
7-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا فرطكم على الحوض، وليرفعنّ رجال منكم ثمّ ليختلجنّ دوني، فأقول:
يا ربّ، أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» ) * «9» .
8-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السّرّ والعلانية، والعدل في الرّضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى. وثلاث مهلكات: هوى متّبع، وشحّ مطاع، وإعجاب المرء بنفسه» ) * «10» .
9-
* (عن أبي أميّة الشّعبانيّ، قال: سألت أبا ثعلبة الخشنيّ فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ (المائدة/ 105) قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك- يعني بنفسك-
(1) أوثقوا يده: شدوها إلى عنقه بالوثاق وهو ما يشد به من حبل ونحوه.
(2)
ليضربوا عنقه: ليقتلوه.
(3)
في أثره: وراءه.
(4)
أحرز نفسه: حماها ومنعها منهم.
(5)
ربقة الإسلام: المراد رباطه.
(6)
جثا جهنم: ما اجتمع فيها من الحجارة أي يصير وقودا لها كما أن الحجارة وقودها.
(7)
الترمذي (2863) وقال: حديث حسن صحيح.
(8)
البخاري- الفتح 8 (4547) .
(9)
البخاري- الفتح 11 (6576) واللفظ له ومسلم (2297) .
(10)
كشف الأستار عن زوائد البزار (1/ 59) برقم 80. وذكره في مجمع الزوائد (1/ 91) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والبزار. وذكره الشيخ الألباني في صحيح الجامع (2/ 62) برقم 3039 وقال: صحيح، وفي الصحيحة (4/ 412) برقم (1802) .
ودع عنك العوامّ، فإنّ من ورائكم أيّام الصّبر، الصّبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله» وزادني غيره قال:
يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم» ) * «1» .
10-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال أحدهم: أمّا أنا فأنا أصلّي اللّيل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم الّذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» ) * «2» .
11-
* (عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما يقول: كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشّرّ، مخافة أن يدركني.
فقلت: يا رسول الله، إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شرّ؟ قال:«نعم» فقلت: هل بعد ذلك الشّرّ من خير؟ قال: «نعم. وفيه دخن «3» » قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنّون بغير سنّتي، ويهدون بغير هديي «4» ، تعرف منهم وتنكر» .
فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم.
دعاة على أبواب جهنّم «5» من أجابهم إليها قذفوه فيها» فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال:«نعم. قوم من جلدتنا. ويتكلّمون بألسنتنا» قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال:«تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟
قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة، حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك» ) * «6» .
12-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا ثمّ قال: «هذا سبيل الله» ثمّ خطّ خطوطا عن يمينه وعن شماله ثمّ قال: «هذه سبل متفرّقة، قال: على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثمّ قرأ وَأَنَّ هذا صِراطِي
(1) أبو داود (4341) واللفظ له. والترمذي (3058) وقال: حسن غريب وابن ماجه (4014) . وقال ابن كثير في التفسير (2/ 109) : ورواه أيضا ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم.
(2)
البخاري الفتح 9 (5063) واللفظ له. مسلم (1401) .
(3)
دخن: الدخن أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا: أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض ولا يزول خبثها ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء.
(4)
هديي: الهدي الهيئة والسيرة والطريقة.
(5)
دعاة على أبواب جهنم: قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين إمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال، وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية. وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
(6)
البخاري- الفتح 13 (7084) ومسلم (1847) واللفظ له.