الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في ذمّ (التفرق)
1-
* (عن معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«ألا إنّ من قبلكم من أهل الكتاب، افترقوا على ثنتين وسبعين ملّة، وإنّ هذه الملّة ستفترق «1» على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النّار، وواحدة في الجنّة، وهي الجماعة» .
زاد في رواية: «وإنّه سيخرج في أمّتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب «2» بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلّا دخله» ) * «3» .
2-
* (عن عليّ- رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع أخوين من السّبي، فبعتهما، ثمّ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ببيعهما. فقال: «فرّقت بينهما؟» قلت: نعم، قال: «فارتجعهما ثمّ بعهما ولا تفرّق بينهما» ) * «4» .
3-
* (عن جابر- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ إبليس يضع عرشه على الماء، ثمّ يبعث سراياه. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثمّ يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتّى فرّقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت» ) * «5» .
4-
* (عن عبد الله بن زيد- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا فتح حنينا قسّم الغنائم. فأعطى المؤلّفة قلوبهم، فبلغه أنّ الأنصار يحبّون أن يصيبوا ما أصاب النّاس «6» . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:«يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلّالا فهداكم الله بي؟ وعالة «7» فأغناكم الله بي؟ ومتفرّقين «8» فجمعكم الله بي؟» ويقولون: الله ورسوله أمنّ. فقال: «ألا تجيبوني؟» فقالوا: الله
(1) ستفترق: قال الخطابي: قوله صلى الله عليه وسلم «ستفترق أمتي» فيه دلالة على أن هذه الفرق غير خارجة عن الملة والدين، إذ جعلهم من أمته.
(2)
يتجارى الكلب: التّجاري، تفاعل من الجري، وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة، والتداعي فيها، تشبيها بجري الفرس، والكلب داء معروف يعرض للكلب، إذا عض حيوانا عرض له أعراض رديئة فاسدة قاتلة، فإذا تجارى بالإنسان وتمادى هلك.
(3)
أبو داود (4597) واللفظ له. وأحمد (4/ 102) . برقم (16940) وقال محقق جامع الأصول (10/ 32) : إسناده صحيح وقال الألباني (3/ 3843) : حسن.
(4)
الترمذي (1284) . وابن ماجة (2249) . وأحمد (760) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح. والهيثمي في المجمع (4/ 107) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. والحاكم في المستدرك (2/ 125) واللفظ له وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وله إسناد آخر عن الحكم بن عتيبة صحيح أيضا على شرطهما.
(5)
مسلم (2813)
(6)
أن يصيبوا ما أصاب الناس: أي أن يجدوا ما وجد الناس من القسمة.
(7)
عالة: أي فقراء، جمع عائل.
(8)
ومتفرقين: يعني متدابرين، يعادي بعضكم بعضا. كما قال تعالى: إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ الآية.
ورسوله أمنّ. فقال: «أما إنّكم لو شئتم أن تقولوا كذا وكذا. وكان من الأمر كذا وكذا» لأشياء عدّدها. زعم عمرو أن لا يحفظها. فقال: «ألا ترضون أن يذهب النّاس بالشّاء «1» والإبل، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ الأنصار شعار والنّاس دثار «2» . ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار. ولو سلك النّاس واديا وشعبا، لسلكت وادي الأنصار وشعبهم. إنّكم ستلقون
بعدي أثرة «3» . فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض» ) * «4» .
5-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا «5» . فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وأن تعتصموا بحبل الله جميعا «6» ولا تفرّقوا «7» ويكره لكم قيل وقال «8» وكثرة السّؤال «9» . وإضاعة المال «10» » ) * «11» .
6-
* (عن ربعيّ بن حراش، أنّه أتى حذيفة بن
(1) بالشاء: هو جمع شاة، كشياه، وهي الغنم.
(2)
الأنصار شعار والناس دثار: قال أهل اللغة: الشعار الثوب الذي يلي الجسد، والدثار فوقه. ومعنى الحديث: الأنصار هم البطانة والخاصة والأصفياء وألصق الناس بي من سائر الناس.
(3)
الأثرة: الحال غير المرضية كتفضيل غيركم في نصيبه من الفيء.
(4)
البخاري- الفتح 7 (4330) . ومسلم (1061) واللفظ له.
(5)
يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: قال العلماء: الرضا والسخط والكراهة من الله تعالى، المراد بها أمره ونهيه، أو ثوابه وعقابه. أو إرادته الثواب لبعض العباد والعقاب لبعضهم.
(6)
وأن تعتصموا بحبل الله جميعا: الاعتصام بحبل الله هو التمسك بعهده. وهو اتباع كتابه العزيز وحدوده، والتأدب بأدبه. والحبل يطلق على العهد وعلى الأمان وعلى الوصلة وعلى السبب. وأصله من استعمال العرب الحبل في مثل هذه الأمور، لاستمساكهم بالحبل عند شدائد أمورهم، ويوصلون به المتفرق. فاستعير اسم الحبل لهذه الأمور.
(7)
ولا تفرقوا: بحذف إحدى التاءين. أي لا تتفرقوا. وهو أمر بلزوم جماعة المسلمين وتألف بعضهم ببعض. وهذه إحدى قواعد الإسلام.
(8)
قيل وقال: هو الخوض في أخبار الناس وحكايات ما لا يعني من أحوالهم وتصرفاتهم. واختلفوا في حقيقة هذين اللفظين على قولين: أحدهما أنهما فعلان. فقيل مبني لما لم يسم فاعله، وقال فعل ماض. والثاني: أنهما اسمان مجروران منونان. لأن القيل والقال والقول والقالة كله بمعنى. ومنه قوله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا. ومنه قولهم: كثر القيل والقال.
(9)
وكثرة السؤال: قيل: المراد به التنطع في المسائل والإكثار من السؤال عما لم يقع ولا تدعو إليه حاجة. وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك. وقيل: المراد به سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم. وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك. قيل: يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره، فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول. فإنه لا يؤثر إخباره بأحواله فإن أخبره شق عليه، وإن كذبه في الاخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة. وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب.
(10)
وإضاعة المال: هو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف. وسبب النهي أنه فساد والله لا يحب المفسدين. ولأنه إذا ضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس.
(11)
مسلم (1715) .
اليمان ببرودة، وكانت أخته تحت حذيفة فقال حذيفة:
يا ربعيّ، ما فعل قومك- وذلك زمن خرج النّاس إلى عثمان- قال: قد خرج منهم ناس، قال: فيمنيّ منهم، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«من فارق الجماعة، واستذلّ الإمارة، لقي الله ولا حجّة له عند الله» ) * «1» .
7-
* (عن عرفجة- رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّه ستكون هنات وهنات «2» . فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة، وهي جميع، فاضربوه بالسّيف، كائنا من كان «3» ) * «4» .
8-
* (عن عليّ- رضي الله عنه أنّه فرّق بين جارية وولدها فنهاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وردّ البيع) * «5» .
9-
* (عن أسامة بن شريك- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما رجل خرج يفرّق بين أمّتي فاضربوا عنقه» ) * «6» .
10-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله! اعدل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل» . فقال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه. فإنّ له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم.
يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم. يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة. ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثمّ ينظر إلى رصافه «7» فلا يوجد فيه شيء، ثمّ ينظر إلى نضيّه «8» فلا يوجد فيه شيء (وهو القدح «9» ) . ثمّ ينظر إلى قذذه «10» فلا يوجد فيه شيء. سبق الفرث والدّم «11» آيتهم رجل أسود. إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل
(1) رواه أحمد (5/ 378) ، والحاكم في المستدرك (1/ 119) وصححه ووافقه الذهبي.
(2)
هنات وهنات: الهنات جمع هنة، وتطلق على كل شيء. والمراد بها هنا: الفتن والأمور الحادثة.
(3)
فاضربوه بالسيف كائنا من كان: فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك. وينهى عن ذلك، فإن لم ينته قوتل، وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدرا، فقوله صلى الله عليه وسلم «فاضربوه بالسيف» وفي الرواية الأخرى «فاقتلوه» معناه إذا لم يندفع إلا بذلك.
(4)
مسلم (1852) .
(5)
أبو داود (2696) واللفظ له وقال الألباني (2/ 514) : حسن. والحاكم في المستدرك (2/ 125) وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي.
(6)
النسائي (7 (93) قال محقق جامع الأصول: وفي سنده زيد بن عطاء بن السائب، لم يوثقه غير ابن حبان وباقي رجاله ثقات ولكن له شواهد (10/ 32) .
(7)
إلى رصافه: الرصاف مدخل النصل من السهم. والنصل هو حديدة السهم.
(8)
نضيه: النضي، كغني، السهم بلا نصل ولا ريش.
(9)
القدح: قال ابن الأثير: القدح هو السهم الذي كانوا يستقسمون به، أو الذي يرمى به عن القوس. يقال للسهم أول ما يقطع: قطع. ثم ينحت ويبرى فيسمى: بريّا. ثم يقوم فيسمى: قدحا ثم يراش ويركّب نصله فيسمى: سهما.
(10)
إلى قذذه: القذذ ريش السهم، واحدتها قذة
(11)
سبق الفرث والدم: أي أن السهم قد جاوزهما ولم يعلق فيه منهما شيء. والفرث اسم ما في الكرش.
البضعة تدردر «1» ، يخرجون على حين فرقة «2» من النّاس» . قال أبو سعيد: فأشهد أنّي سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأشهد أنّ عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرّجل فالتمس، فوجد، فأتي به، حتّى نظرت إليه، على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» الّذي نعت) * «4» .
11-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطّائفتين بالحقّ» ) * «5» .
12-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا ثمّ قال: «هذا سبيل الله» ، ثمّ خطّ خطوطا عن يمينه وعن شماله ثمّ قال: «هذه سبل» - قال يريد: متفرّقة- «على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثمّ قرأ: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (الأنعام/ 103) » ) * «6» .
13-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيّها النّاس إنّي قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ يفشو الكذب حتّى يحلف الرّجل ولا يستحلف، ويشهد الشّاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا كان ثالثهما الشّيطان، عليكم بالجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإنّ الشّيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنّة فليلزم الجماعة، من سرّته حسنته وساءته سيّئته فذلك المؤمن» ) * «7» .
14-
* (عن عبد الرّحمن بن غنم يبلغ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «خيار عباد الله الّذين إذا رؤوا «8» ذكر الله، وشرار عباد الله المشّاءون بالنّميمة، المفرّقون بين الأحبّة، الباغون للبرآء العنت «9» » ) * «10» .
(1) مثل البضعة تدردر: البضعة القطعة من اللحم. وتدردر أصله تتدردر، معناه تضطرب وتذهب وتجيء.
(2)
على حين فرقة: ضبطوه في الصحيحين بوجهين. أحدهما: حين فرقة، أي وقت افتراق الناس، أي افتراق يقع بين المسلمين، وهو الافتراق الذي كان بين علي ومعاوية- رضي الله عنهما والثاني: خير فرقة، أي أفضل الفرقتين. والأول أكثر وأشهر. ويؤيده الرواية الأخرى: يخرجون في فرقة من الناس فإنه بضم الفاء بلا خلاف، ومعناه ظاهر.
(3)
على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي على الصفة التي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
(4)
البخاري- الفتح 12 (6933) . ومسلم (1064) واللفظ له.
(5)
أبو داود (4667) وقال الألباني (3/ 883) : صحيح.
(6)
أحمد (435، 465) وصححه الشيخ أحمد شاكر (4142، 4437) ، وابن حبان (1741) موارد الظمآن، والحاكم (2/ 318) وأقره الذهبي.
(7)
الترمذي (2165) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد رواه ابن المبارك عن محمد بن سوقة وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(8)
إذا رآهم الناس اعترفوا بوجود الله فأثنوا عليه.
(9)
الباغون للبرآء العنت: الطالبون العيوب القبيحة للشرفاء المنزهين عن الفواحش، أي صفات الأشرار ثلاثة: أ- السعي بالفساد وحب الشقاق والصيد في الماء العكر، وإيقاد نار العداوة. ب- إزالة كل مودة وإماتة كل محبة بالتفريق، والخصام والتنافر بين الأخوين المتصافيين. ج- كيل التهم جزافا للأبرياء وإرخاء العنان للسب والشتم وذكر القبائح والهنات للطاهرين والطاهرات.
(10)
أحمد (4/ 227) ونحوه عن أسماء بنت يزيد (6/ 459)، وفي سندهما شهر بن حوشب قال فيه الهيثم: قد وثقه غير واحد، وبقية رجالهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد 8/ 93) .
15-
* (عن أبي إدريس الخولانيّ يقول:
سمعت حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما يقول:
كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشّرّ، مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله إنّا كنّا في جاهليّة وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شرّ؟ قال:«نعم» ، فقلت: هل بعد ذلك الشّرّ من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن «1» » قلت:
وما دخنه؟ قال: «قوم يستنّون بغير سنّتي، ويهدون بغير هديي «2» تعرف منهم وتنكر» . فقلت: هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم. دعاة على أبواب جهنّم «3» . من أجابهم إليها قذفوه فيها» فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: «نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلّمون بألسنتنا» قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة، حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك» ) * «4» .
16-
* (عن عبد الله- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحلّ دم امرىء مسلم «5» ، يشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّي رسول الله، إلّا بإحدى ثلاث «6» : الثّيّب الزّاني «7» والنّفس بالنّفس «8» والتّارك لدينه «9» ، المفارق للجماعة» ) * «10» .
17-
* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يحلّ لرجل أن يفرّق بين اثنين إلّا بإذنهما» ) * «11» .
18-
* (عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي
(1) دخن: قال أبو عبيد وغيره: الدخن أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا، أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء.
(2)
هديي: الهدي الهيئة والسيرة والطريقة.
(3)
دعاة على أبواب جهنم: قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال، وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية. وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
(4)
البخاري- الفتح 6 (3606) ومسلم (1847) واللفظ له.
(5)
لا يحل دم امرىء مسلم: أي لا يحل إراقة دمه كله، وهو كناية عن قتله ولو لم يرق دمه.
(6)
إلا بإحدى ثلاث: أي علل ثلاث.
(7)
الزان: هكذا هو في النسخ: الزان من غير ياء بعد النون. وهي لغة صحيحة. قريء بها في السبع. كما في قوله تعالى: الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ. والأشهر في اللغة إثبات الياء في كل ذلك.
(8)
والنفس بالنفس: المراد به القصاص بشرطه.
(9)
والتارك لدينه المفارق للجماعة: عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت. فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام. قال العلماء: ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما. وكذا الخوارج.
(10)
البخاري- الفتح 12 (6878) ومسلم (1676) واللفظ له.
(11)
أبو داود (4845) واللفظ له، وقال الألباني (3/ 918) : حسن صحيح. وهو عند البخاري 2 (910) .
الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتينّ على أمّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النّعل بالنّعل «1» ، حتّى أن كان منهم من أتى أمّه علانية، ليكوننّ في أمّتي من يصنع ذلك، وإنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة، وستفترق أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلّها في النّار، إلّا ملّة واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» ) * «2» .
19-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ أنّه قال: «من خرج من الطّاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهليّة «3» . ومن قاتل تحت راية عمّيّة «4» ، يغضب لعصبة «5» ، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل، فقتلة «6» جاهليّة. ومن خرج على أمّتي، يضرب برّها وفاجرها. ولا يتحاش «7» من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس منّي ولست منه» ) * «8» .
20-
* (عن أبي بكرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ينزل ناس من أمّتي بغائط يسمّونه: البصرة، عند نهر يقال له: دجلة، يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المهاجرين» قال ابن يحيى: قال أبو معمر:
وتكون من أمصار المسلمين «فإذا كان في آخر الزّمان، جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه، صغار الأعين، حتّى ينزلوا على شطّ النّهر، فيتفرّق أهلها ثلاث فرق: فرقة يأخذون أذناب البقر والبريّة وهلكوا، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا، وفرقة يجعلون ذراريّهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشّهداء» ) * «9» .
(1) حذو النعل بالنعل: أي: مثل النعل، لأن إحدى النعلين يقطع، وتقدر على قدر النعل الأخرى، والحذو: التقدير، وكل من عمل عملا مثل عمل رجل آخر من غير زيادة ولا نقصان، قيل: عمل فلان حذو النعل بالنعل.
(2)
الترمذي (2643) واللفظ له وقال: حسن غريب. وحسنه مخرج جامع الأصول (10/ 34) .
(3)
ميتة جاهلية: أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم.
(4)
عمية: هي بضم العين وكسرها. لغتان مشهورتان. والميم مكسورة مشددة والياء مشددة أيضا. قالوا: الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور. قال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.
(5)
لعصبة: عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب. سموا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم. أي يحيطون به ويشتد بهم. والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك لا لنصرة الدين والحق بل لمحض التعصب لقومه ولهواه. كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.
(6)
فقتلة: خبر لمبتدأ محذوف. أي فقتلته كقتلة أهل الجاهلية.
(7)
ولا يتحاش: وفي بعض النسخ: يتحاشى، بالياء. ومعناه لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف وباله وعقوبته.
(8)
مسلم (1848) .
(9)
أبو داود (4306) واللفظ له وقال الألباني (3/ 811) : حسن.