الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(العلوم التي يحتاجُ إليها المفسِّر)
قال: "والنظر في تفسير كتابِ الله تعالى من أوجُهٍ:
(أ) عِلْمُ اللغة اسما وفعلا وحرفا؛ فالحروف لقِلَّتِها تكلم على معانيها النحاةُ؛ فيؤخذ ذلك من كتبهم؛ وأما الأسماءُ والأفعالُ فتؤخذ من كتب اللغة.
(ب) معرفة أحْكام الكلمة العربية من جهة إفرادها ومن جهة تركيبها؛ ويؤخذ ذلك من علم النحو.
(ج) معرفة كون بعض الألفاظ أو بعض التراكيب أحسن وأفصح؛ ويؤخذ ذلك من علم البيان.
(د) تعيين مبهم وتبيين مجمل وسبب نزول ونسخ؛ ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح، وذلك من علم الحديث.
(هـ) معرفة الإجمال والتبيين، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ودلالة الأمر والنهي وما أشبه ذلك؛ ويختص أكثرُ هذا الوجه بأحكام القرآن، ويؤخذ من أصول الفقه، ومعْظَمُه يؤخَذ في الحقيقة من علمِ اللُّغةِ، إذِ الكَلامُ فيهِ عَلَى أوْضاعِ العَربِ؛ لكنْ تَكَلَّمَ فيه غيْرُ اللُّغويِّين والنحويِّين ومَزَجُوهُ بأشْياءَ مِنْ وجوهِ حُجَجِ الْمَعْقول.
(و) النَّظَر فيما يَجِب للَّه تعالى ومَا يَجُوزُ في أَفْعالِه ومَا يستحيلُ عَليْه، ويَخْتصُّ هذا الوجهُ بالآياتِ التي تَضَمنَتْ ذلك؛ ويؤخذُ هذا مِنْ علم الكَلام.
(ز) اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص أو تغيير حركة أو إتيان بلفظ بدل لفظ، أو ما يتواترُ أو آحَادٍ؛ ويؤخذ هذا الوجه من علم القراءات، وقد ألفت فيه كتابَ "عِقْدِ اللآلئ" قَصيداً في عروضِ قَصيدِ الشَّاطبي
ورَويِّهِ، يشتمل على أَلْفِ بيْتٍ وَأربعةٍ وأَرْبَعينَ بيْتاً، صَرَّحْتُ فيه بأسماء القراء من غير رَمْزٍ ولا لغْزٍ ولا حُوشِيِّ لغةٍ".
"فهذه سبْعةُ أوجُهِ لا ينبغي أَن يُقْدِمَ على تفْسير كتاب اللَّه تعالى، إِلا مَن أحاط بجملةٍ كافيةٍ مِن كُلِّ وجْهٍ منها.
وأما الوقف فقد صنف الناس فيه كُتُباً مرتبةً على السور، ومَنْ عنده حَظٌّ من علم العربية لم يحتجْ إليها".
قال: "وقد ألفت هذا الكتابَ المسمى بـ "البحر" بمصْر، في أواخر سنةِ عشْرٍ وسبعمِائةٍ، وهيَ أوائلُ سنةِ سبعٍ وخْمسينَ مِن عمري؛ وبِمِصْرَ صنفت جميع تصانيفي".