الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: بلى، ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذ، وهما أيضاً من رجاله لا من رجالهم، وشيء آخر: وهو أنه إنما قَصَدَ وَلَدَه خاصة، لا ولد ولدِه. فأجاب بأن المرادَ بقوله (مِن رِّجَالكُمْ) حين نزولِ الآية، وإبراهيم والقاسم لم يكونا حينئذ من الرجال".
قلت: ومِنْ هذا المعنى قولُ مالك في "المدونة": "فمَنْ أوصى بعتق عبيده المسلمين، وله حينئذ عبيدٌ مسلمون وعبيد نصارى فلم يمُتْ حتى أسلموا، إنما يُعْتَقُ مَن كان مسلما حين الوصية"؛ فجَعَلَهَا حقيقيةً لا خارجية.
{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} :
قُرِئ بفتح التاء بمعنى أنه في النبيئين كالطّابع الذي يختم به الكتاب،
وقُرئ بكسر التاء بمعنى آخرهم، والختْمُ على الأوّل مسندٌ لأمْر الله، وعلى الثاني إليه. و"خاتَم" بالفتح اسم جامد، وبالكسر صفة بمعنى اسمِ الفاعل، ومن هذا المعنى كتْب تاريخ الكتْب في الموفى ثلاثين بفتح الفاء وكسرها، وكذا الموفى عشرون.
وتكلم ابن عطية في الغزالي وفي القاضي أبي بكر الباقلاني، وهما من كبار أهل السنة؛ أما القاضي أبو بكر، فكتب الفقيه أبو عبيد الزبيدي بخطه في طرَّة هذا الموضع من ابن عطية، أنّ القاضي لم يقل ما نقله ابن عطية عنه في "الهداية" بوجْه، وأن ابنَ عطية أخطأ وَوَهِم في ذلك. وأما الغزالي فقال في "الاقتصاد":"إن خاتم من الألفاظ المحتملة للتأويل".
ابن الحُبَاب: "يُحتاجُ هنا إلى معرفة حقيقةِ النَّص فنقول:
هو اللفظ الدال على معنىً لا يحتمل غيره بذاته حسبما قاله الفخر في "المحصول" قائلا: احتمالُه غيرَ معناه لأمر خارجِ، ممكنٌ في كلِّ نصٍّ؛ لأن قولَك "له عندي عشرة"، لفظُ عشرةٍ فيه مُحْتَمِلٌَ للاستثناء والتقييد إما بالصفةِ أو بالشرطِ أو غيرِ ذلك، فلا يوجَدُ بهذا الاعتبار نصٌّ أصلًا، وإنما يقال: هو اللفظُ الدالُّ على معنىً لا يحتمل غيرَه لذاتِه؛
ولفظُ ابن عطية قال: لفظ هذه الآية مع قوله "أَنَا خَاتِمُ الأنْبياء" عند علماء الأمة نص صريح في أنه لا نبي بعده. وما ذكره القاضي الباقلاني في كتاب "الهداية" من أنه ظاهر ليس بنص، وما ذكره الغزالي في "الاقتصاد" أيضا إلحادٌ وتَطَرُّقٌ إلى إفْساد عقيدة المسلمين في ختمه للنبوءة.
قلت: ولفظ الغزالي في آخر "الاقتصاد": "الأكثرون على العمل بالإجماع فيما لم يَرِدْ فيه نص قطعي، وذهب النَّظَّام إلى
عدم العمل به.
قال: "وهو مردود بقوله تعالى (وَخَاتِمَ النبِيئِين).
قلت: فكلامه هذا يدلُّ أن ختمه للنبيئين إذاً ثبت عنده بالإجماع. وقال الفخر في "كتابه" أن الأدلة الشرعية لا تفيد الظنَّ فضلاً عن اليقين، لإمكانِ تأويلها، وسَلَّم ذلك له التلمساني. وحَكى القاضي أبو الوليد الباجي في تأليف له في أصول الدين -سماه "التلخيص"- عن جماعة من المبتدعة