الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُودُ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَم
(قط)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَحُجَّنَّ امْرْأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ "(1)
(1)(قط) ج2/ص222 ح30 ، انظر الصَّحِيحَة: 3065 ، وقال الحافظ ابن حجر في (الدراية ج2ص4): إسناده صحيح.
(خ م حم)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ)(1)(يَوْمٍ فما فَوْقَهُ)(2) وفي رواية: (مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ)(3) وفي رواية: (مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ)(4) وفي رواية: (يَوْمَيْنِ)(5) وفي رواية: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)(6) وفي رواية: (فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ)(7)(إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا، أَوْ ابْنُهَا، أَوْ زَوْجُهَا، أَوْ أَخُوهَا، أَوْ رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ عَلَيْهَا (8)") (9) (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا (10)) (11) (وَإِنَّ امْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ) (12) (قَالَ: " اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ (13) ") (14)
(1)(خ) 1038 ، (م) 1340
(2)
(حم) 9462 ، (م) 1339
(3)
(م) 1339 ، (د) 1723
(4)
(خ) 1038 ، (م) 1339
(5)
(خ) 1139 ، (م) 827
(6)
(خ) 1037 ، (م) 827
(7)
(م) 827 ، (ت) 1169
قال الحافظ في الفتح ج4ص75: وَرَدَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مُقَيَّدًا بِمَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَة وَعنهُ رِوَايَات أُخْرَى ، وَحَدِيثُ بن عُمَرَ فِيهِ مُقَيَّدًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَعَنْهُ رِوَايَاتٌ أُخْرَى أَيْضًا ، وَقَدْ عَمِلَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْمُطْلَقِ ، لِاخْتِلَافِ التَّقْيِيدَاتِ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ التَّحْدِيدِ ظَاهِرُه، بَلْ كُلُّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا ، فَالْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ إِلَّا بِالْمَحْرَمِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّحْدِيدُ عَنْ أَمْرٍ وَاقِعٍ ، فَلَا يُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ. وَقَالَ اِبْن الْمُنِير: وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مَوَاطِنَ بِحَسَب السَّائِلِينَ.
وَفَرَّقَ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ بَيْنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ ، فَمَنَعَهَا دُونَ الْقَرِيبَةِ.
وَتَمَسَّكَ أَحْمَدُ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ ، فَقَالَ: إِذَا لَمْ تَجِدْ زَوْجًا أَوْ مَحْرَمًا ، لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى كَقَوْلِ مَالِكٍ ، وَهُوَ تَخْصِيصُ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ سَفَرِ الْفَرِيضَةِ ، قَالُوا: وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ السَّفَرُ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ ، إِلَّا كَافِرَةً أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، أَوْ أَسِيرَةً تَخَلَّصَتْ.
وَزَادَ غَيْرُهُ: أَوِ امْرَأَةً انْقَطَعَتْ مِنَ الرُّفْقَةِ ، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ مَأمُونٌ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا حَتَّى يُبَلِّغَهَا الرُّفْقَةَ.
قَالُوا: وَإِذَا كَانَ عُمُومُهُ مَخْصُوصًا بِالِاتِّفَاقِ ، فَلْيُخَصَّ مِنْهُ حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ. وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُغْنِي بِأَنَّهُ سَفَرُ الضَّرُورَةِ ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ حَالَةُ الِاخْتِيَارِ ، وَلِأَنَّهَا تَدْفَعُ ضَرَرًا مُتَيَقَّنًا بِتَحَمُّلِ ضَرَرٍ مُتَوَهَّمٍ ، وَلَا كَذَلِكَ السَّفَرِ لِلْحَجِّ.
وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِلَفْظِ: " لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ " ، فَنَصَّ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ عَلَى مَنْعِ الْحَجِّ ، فَكَيْفَ يُخَصُّ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَسْفَارِ؟.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ الزَّوْجِ أَوِ الْمَحْرَمِ ، أَوِ النِّسْوَةِ الثِّقَاتِ.
وَفِي قَوْلٍ: تَكْفِي امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ثِقَةٌ.
وَفِي قَوْلٍ نَقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهَذَّبِ: تُسَافِرُ وَحْدَهَا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَاجِبِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ، وَأَغْرَبَ الْقَفَّالُ فَطَرَدَهُ فِي الْأَسْفَارِ كُلِّهَا وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ ، قَالَ: إِلَّا أَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ.
قُلْتُ: وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى نَفْيِ الِاخْتِلَافِ الَّذِي نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ آنِفًا.
وَاخْتَلَفُوا هَلِ الْمَحْرَمُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا ، أَوْ شَرْطٌ فِي التَّمَكُّنِ ، فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي الذِّمَّةِ.
وَعِبَارَةُ أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ مِنْهُمْ الشَّرَائِطُ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْحَجُّ عَلَى الرَّجُلِ يَجِبُ بِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ ، فَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تُؤَدِّيَهُ ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ ، أَوْ زَوْجٍ ، أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ ، وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى جَوَازِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ النِّسْوَةِ الثِّقَاتِ إِذَا أُمِنَ الطَّرِيقُ: أَوَّلُ أَحَادِيثِ الْبَابِ ، لِاتِّفَاقِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَنِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ ، وَعَدَمِ نَكِيرِ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ ، وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّمَا أَبَاهُ مِنْ جِهَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ، لَا مِنْ جِهَةِ تَوَقُّفِ السَّفَرِ عَلَى الْمَحْرَمِ ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ النُّكْتَةُ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ الْحَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ.
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، إِلَّا مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ خَصَّهُ بِغَيْرِ الْعَجُوزِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى ، وَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي شُهُودِ الْمَرْأَةِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ.
قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ: الَّذِي قَالَهُ الْبَاجِيُّ تَخْصِيصٌ لِلْعُمُومِ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَعْنَى ، يَعْنِي مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَمْرِ الْأَغْلَبِ ، وَتَعَقَّبُوهُ بِأَنَّ لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لَاقِطَةً ، وَالْمُتَعَقِّبُ رَاعَى الْأَمْرَ النَّادِرَ ، وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ.
قَالَ: وَالْمُتَعَقِّبُ عَلَى الْبَاجِيِّ يَرَى جَوَازَ سَفَرِ الْمَرْأَةِ فِي الْأَمْنِ وَحْدَهَا ، فَقَدْ نَظَرَ أَيْضًا إِلَى الْمَعْنَى ، يَعْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْبَاجِيِّ ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ، وَقَدِ احْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ مَرْفُوعًا:" يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ تَؤُمُّ الْبَيْتَ لَا زَوْجَ مَعَهَا .. الْحَدِيثَ " ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وَجُودِ ذَلِكَ ، لَا عَلَى جَوَازِهِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَبَرٌ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ ، وَرَفْعِ مَنَارِ الْإِسْلَامِ ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْجَوَازِ.
وَمِنَ الْمُسْتَظْرَفِ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمَحْرَمَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي ، وَمِنْ مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُهُ أَنَّهُ حَجٌّ عَلَى الْفَوْرِ ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِهَذَا قَوْلَ هَذَا وَبِالْعَكْسِ.
وَأَمَّا مَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي بَيَانِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا " ، فَلَيْسَ فِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ، وَلَا مَنْعِ بَيْعِهِنَّ ، خِلَافًا لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ سَيَقَعُ يَكُونُ مُحَرَّمًا ، وَلَا جَائِزًا انْتَهَى.
وَهُوَ كَمَا قَالَ ، لَكِنَّ الْقَرِينَةَ الْمَذْكُورَةَ تُقَوِّي الِاسْتِدْلَال بِهِ على الْجَوَاز.
قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَامَّيْنِ إِذَا تَعَارَضَا ، فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ عَلَى السَّفَرِ إِذَا وُجِدَتْ ، وَجَبَ الْحَجُّ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ "، عَامٌّ فِي كُلِّ سَفَرٍ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْحَجُّ ، فَمَنْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ ، خَصَّ الْحَدِيثَ بِعُمُومِ الْآيَةِ ، وَمَنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ ، خَصَّ الْآيَةَ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ ، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّرْجِيحِ مِنْ خَارِجٍ ، وَقَدْ رُجِّحَ الْمَذْهَبُ الثَّانِي بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ " ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَيِّدٍ ، لِكَوْنِهِ عَامًّا فِي الْمَسَاجِدِ ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى السَّفَرِ بِحَدِيثِ النَّهْيِ.
(8)
ضَابِطُ الْمَحْرَمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا ، فَخَرَجَ بِالتَّأبِيدِ: أُخْتُ الزَّوْجَةِ ، وَعَمَّتُهَا ، وَبِالْمُبَاحِ: أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ ، وَبِنْتُهَا ، وَبِحُرْمَتِهَا: الْمُلَاعَنَةُ.
وَاسْتَثْنَى أَحْمَدُ مِنْ حَرُمَتْ عَلَى التَّأبِيدِ مُسْلِمَةً لَهَا أَبٌ كِتَابِيٌّ ، فَقَالَ: لَا يَكُونُ مَحْرَمًا لَهَا ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَفْتِنَهَا عَنْ دِينِهَا إِذَا خَلَا بِهَا.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ لَهَا ، يَحْتَاجُ أَنْ يَزِيدَ فِي هَذَا الضَّابِطِ مَا يُدْخِلُهُ وَقَدْ روى سعيد بن مَنْصُور من حَدِيث بن عُمَرَ مَرْفُوعًا " سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ " لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِمَا إِذَا كَانَا فِي قَافِلَةٍ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا وَحْدَهُمَا فَلَا ، لِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَفِي آخرِ حَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ هَذَا مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْمَحْرَمِ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى الْمَحْرَمَ ، فَقَالَ الْقَائِلُ:" إِنَّ امْرَأَتِي حَاجَّةٌ " ، فَكَأَنَّهُ فَهِمَ حَالَ الزَّوْجِ فِي الْمَحْرَمِ ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا فَهِمَهُ ، بَلْ قِيلَ لَهُ: اخْرُجْ مَعَهَا ، وَاسْتثنى بعض الْعلمَاء ابنَ الزَّوْجِ ، فَكَرِهَ السَّفَرَ مَعَهُ ، لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِي النَّاس.
قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْكَرَاهِيَةُ عَنْ مَالِكٍ ، فَإِنْ كَانَتْ لِلتَّحْرِيمِ ، فَفِيهِ بُعْدٌ لِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّنْزِيهِ ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ " لَا يَحِلُّ " هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ الْكَرَاهَةَ التَّنْزِيهِيَّةَ؟. فتح الباري (ج 4 / ص 77)
(9)
(م) 1340 ، (ت) 1169 ، (خ) 1765
(10)
أَيْ: كَتَبْتُ اسْمِي في جُمْلَةِ الغُزَاة. النهاية في (ج 4 / ص 253)
(11)
(خ) 2844 ، (م) 1341
(12)
(خ) 1763
(13)
قَوْله: (اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَأَوْجَبَ عَلَى الزَّوْجِ السَّفَرَ مَعَ امْرَأَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا غَيْرُهُ ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ، كَالْوَلِيِّ فِي الْحَجِّ عَنِ الْمَرِيضِ ، فَلَوِ امْتَنَعَ إِلَّا بِأُجْرَةٍ ، لَزِمَهَا ، لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهَا ، فَصَارَ فِي حَقِّهَا كَالْمُؤْنَةِ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ امْرَأَتِهِ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ: أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا ، لِكَوْنِ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي.
واستنبط مِنْهُ بن حَزْمٍ جَوَازَ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ زَوْجٍ وَلَا مَحْرَمٍ ، لِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأمُرْ بِرَدِّهَا ، وَلَا عَابَ سَفَرَهَا.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ وَالمَحْرَمُ شَرْطًا ، لَمَا أَمَرَ زَوْجهَا بِالسَّفَرِ مَعَهَا ، وَتَرْكِهِ الْغَزْوَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَفِي الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَعَارِضَةِ ، فَإِنَّهُ لَمَّا عَرَضَ لَهُ الْغَزْوُ وَالْحَجُّ ، رَجَّحَ الْحَجَّ ، لِأَنَّ امْرَأَتَهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي السَّفَرِ مَعَهَا ، بِخِلَاف الْغَزْو، وَالله أَعْلَم. فتح الباري (ج 4 / ص 78)
(14)
(خ) 2844 ، (م) 1341