الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا تَجِب فِيهِ اَلزَّكَاة مِنْ اَلثِّمَار
(قط)، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:" إِنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الْحِنْطَةِ ، وَالشَّعِيرِ ، وَالزَّبِيبِ ، وَالتَّمْرِ "(1)
(1)(قط) ج2/ص96 ح7 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 3584 ، الصحيحة: 879
(حم)، وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ " إِنَّمَا أَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ ، وَالشَّعِيرِ ، وَالزَّبِيبِ ، وَالتَّمْرِ "(1)
(1)(حم) 22041 ، (ك) 1457 ، (قط) ج2/ص96 ح8 ، (هق) 7265 ، وقال الحاكم:" هذا حديث قد احتجا بجميع رواته ، وموسى بن طلحة تابعي كبير ، لا يُنكَر أن يدرك أيام معاذ "، ووافقه الذهبي فقال:" على شرطهما "، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(ش)، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنَّ مُعَاذًا رضي الله عنه لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ لَمْ يَأخُذِ الزَّكَاةَ إِلَّا مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ. (1)
(1)(ش) 10022 صححه الألباني في الإرواء: 801
(الأموال لأبي عبيد)، وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: " أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَنْ يَأخُذَ الصَّدَقَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالنَّخْلِ، وَالْعِنَبِ. (1)
(1)(الأموال لأبي عبيد) 1374 ، قال الألباني في الإرواء تحت حديث801: وهذا سند صحيح مرسل ، وهو صريح فى الرفع ، ولا يضر إرساله لأمرين:
الأول: أنه صح موصولا عن معاذ كما تقدم من رواية (حم) 22041 عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن عمرو ابن عثمان.
الثاني: أنَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ رواه عَنْ سُفْيَانَ، وَزَادَ فِيهِ: بَعَثَ الْحَجَّاجُ بِمُوسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْخُضَرِ وَالسَّوَادِ فَأَرَادَ أَنْ يَأخُذَ مِنَ الْخُضَرِ الرِّطَابِ وَالْبُقُولِ، فَقَالَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ: عِنْدَنَا كِتَابُ مُعَاذٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَأخُذَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: صَدَقَ. رواه البيهقي (4/ 129ح7266) ، (عب) 7186
ثم روى البيهقي (4/ 129ح7266) من طريق عطاء بن السائب قال: " أَرَادَ مُوسَى بْنُ الْمُغِيرَةِ أَنْ يَأخُذَ مِنْ خُضَرِ أَرْضِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ: " إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْخُضَرِ شَيْءٌ " وَرَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: فَكَتَبُوا بِذَلِكَ إِلَى الْحَجَّاجِ ، فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ: أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ أَعْلَمُ مِنْ مُوسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ ".
ومن هذا الوجه عزاه فى " المنتقى "(4/ 29) للأثرم فى سننه ، ثم قال:" وهو من أقوى المراسيل ، لاحتجاج من أرسله به ".
قلت: فلولا أن الحديث صحيح عند موسى بن طلحة لما احتج به إن شاء الله تعالى.
وللحديث طرق أخرى متصلة ومرسلة ، وقد اقتصرت هنا على أقواها ، فمن أراد الاطلاع على سائرها فليراجع " نصب الراية " و" التلخيص " ، و" نيل الأوطار " للشوكاني ، وقد ذهب فيه إلى تقوية الحديث بطرقه ونقله عن البيهقي، وهو الحق. أ. هـ
(هق) ، عَنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنهما:" أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ ، فَأَمَرَهُمَا أَنْ يُعَلِّمَا النَّاسَ أَمْرَ دِينِهِمْ ، وَقَالَ: لَا تَأخُذَا فِي الصَّدَقَةِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ ، وَالْحِنْطَةِ ، وَالزَّبِيبِ ، وَالتَّمْرِ "(1)
(1)(هق) 7242، (ك) 1459 ، (قط) ج2ص95ح3
قال الألباني في تمام المنة ص369: أخرجه البيهقي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ، على ما بينته في " ارواء الغليل "(801) وهو اختيار أبي عبيد في كتابه " الأموال " فراجع كلامه فيه (رقم 1381، 1409)
وبه يرتاح المسلم من الأقوال المختلفة المتضاربة مما سينقله المؤلف والتي ليس عليها دليل سوى الرأي ، لكن هنا ملاحظات دقيقة يجب التنبيه عليها وهي: أولا: أن في حديث معاذ: " لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأربعة. . " فذكرها، وليس فيها الذرة، وبها تصبح الأربعة خمسة، وهي عندي منكرة لأنها مع مخالفتها لهذا الحديث الصحيح، فليس لها طريق تقوم بها الحجة وهي:
الأولى: رواية ابن ماجه التي ذكرها المؤلف آنفا وأفاد أن فيها العرزمي المتروك، وهي في " ابن ماجه "(1815) من روايته عن عمرو بن شعيب عن آبائه.
الثانية: رواية البيهقي (4/ 129) من طريق عتاب الجزري عن خصيف عن مجاهد قال: " لم تكن الصدقة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في خمسة أشياء .. " فذكر الأربعة، وزاد:" والذرة " ، وهذا مع كونه مرسلا، فهو ضعيف لأن عتابا وخصيفا ضعيفان.
الثالثة: رواية البيهقي أيضا عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال: فذكر نحو حديث مجاهد، لكن قال ابن عيينة: أراه قال: والذرة " ، وهذا مع شكه في هذه الزيادة ففيه أمران:
الأول: أن شيخه عمرو بن عبيد - وهو شيخ المعتزلة - قال الذهبي في " الضعفاء ": " سمع الحسن، كذبه أيوب ويونس، وتركه النسائي "، قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة ، هذا لو ثبت ذلك عنه، فكيف وفيه ما يأتي:
والآخر: أن سفيان لم يثبت على شكه المذكور ، ففي رواية أخرى للبيهقي عن سفيان بلفظ:" السلت " ولم يذكر " الذرة "، و" السلت ": ضرب من الشعير ، أبيض لا قشر له ، كما في " النهاية " ، وحينئذ فهو صنف من الأصناف الأربعة ، فلا اختلاف بين هذه الرواية والحديث الصحيح كما لا يخفى.
ويبدو أنه خفي على الإمام الشوكاني رحمه الله مثل هذا التحقيق، فإنه بعد أن ذكر رواية عمرو بن شعيب التي فيها المتروك استدرك فقال في " النيل " (4/ 122):" ولكنها معتضدة بمرسل مجاهد والحسن " ، وكأنه رحمه الله لم يتتبع أسانيدها ، وإلا لم يقل هذا ، كيف ومرسل الحسن فيه المتروك أيضا ، مع الشك الذي في إحدى الروايتين عنه؟، والأخرى - لو صحت - تشهد للحديث الصحيح، وليس لهذه الزيادة المنكرة ، ومرسل مجاهد ضعيف كما سبق بيانه ، ولا يشهد له رواية العرزمي لشدة ضعفه مع مخالفته للحديث الصحيح وشواهده ، ولعل الشوكاني غرَّه قول البيهقي عقب الشواهد المشار إليها، ومرسل مجاهد والحسن المذكورين ، وساق شاهدا ثالثا بسنده عن الشعبي بمعنى الحديث الصحيح ، قال البيهقي عقبها:" هذه الأحاديث كلها مراسيل ، إلا أنها من طرق مختلفة فبعضها يؤكد بعضا ، ومعها رواية أبي بردة عن أبي موسى ، ومعها قول بعض الصحابة "
فهو يعني ما اتفقت عليه الروايات مع رواية أبي بردة عن أبي موسى ، وهي صحيحة كما تقدم ، وليس يعني مطلقا ما تفرد به بعض الضعفاء والمتروكين فتنبه.
وقد ترتب من خطأ تصحيح هذه الزيادة المنكرة خطأ آخر فقهي ، وهو حشر الشوكاني الذرة في جملة الأصناف الأربعة التي تجب عليها الزكاة في كتابه " الدرر البهية " ، وتبعه على ذلك شارحه في كتابه " الروضة الندية "(2/ 195) واستدل عليها بحديث أبي موسى والمراسيل المذكورة آنفا ، وأتبعها بكلام البيهقي الذي مر آنفا دون أن يتنبه لمقصوده الذي ذكرته قريبا.
ولعله تنبه له فيما بعد ، فقد أعاد ذكر حديث أبي موسى مع الإشارة إلى الروايات الأخرى ، ولكنه أتبعها بقوله (1/ 200):" وفي بعضها ذكر الذرة ، ولكن من طريق لا تقوم بمثلها حجة "
وهذا هو الصواب ، فكان عليه أن يعود إلى متن شرحه ويرفع منه لفظة:" الذرة " ليطابق ذلك ما انتهى إليه من الصواب.
ولعل الشوكاني رجع إلى الصواب أيضا ، فإنه لم يذكر في كتابه " السيل الجرار " سوى الأصناف الأربعة ، فلم يذكر " الذرة " مطلقا ، وذكر (2/ 43) " أن الأحاديث الواردة في أن الزكاة لا تجب إلا في أربعة أجناس: البر ، والشعير والتمر ، والزبيب ، فإنها تنتهض بمجموعها للعمل بها كما أوضحناه في شرحنا للمنتقى ".
هذا كله فيما يتعلق بقولنا: أولا.
وثانيا: إن حشر " الذرة " في مذهب الحسن البصري خطأ ، لأنه قد صح من طرق عنه: أنه كان لا يرى العُشْر إلا في. . فذكر الأصناف الأربعة فقط أخرجه أبو عبيد (469/ 1379 - 1380) وابن زنجويه (1030/ 1899) بأسانيد صحيحة عنه.
ثالثا: قول المؤلف: " لأن ما عداه لا نص فيه " يُشعر بأن الصنف الخامس " الذرة " فيه نص يُعْتَدُّ به ، وقد عرفت ما فيه ،
وزيادة في الإفادة أقول: إن قول الحسن هذا هو الذي ينبغي اعتماده ، لمطابقته للحديث الصحيح ، وكنت أرجو للمؤلف أن يلفت النظر إليه كي لا يضيع القارئ في غمرة الأقوال المختلفة التي ساقها في هذا الباب ، كما كنت أستحب له أن يروي لهم قول عبد الله بن عمر الذي رواه أبو عبيد (469/ 1378) بسنده الصحيح عنه: فِي صَدَقَةِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ نَخْلٍ، أَوْ عِنَبٍ، أَوْ حِنْطَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ.
لما فيه من زيادة اطمئنان لصحة قوله رحمه الله ، ولهذا قال أبو عبيد وابن زنجويه في كتابيهما:" والذي نختاره في ذلك الاتباع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بها: أنه لا صدقة في شيء من الحبوب إلا في البر والشعير، ولا صدقة في شيء من الثمار إلا في النخل والكرم ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسم إلا إياها ، مع قول من قال به من الصحابة والتابعين ، ثم اختيار ابن أبي ليلى وسفيان إياه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خص هذه الأصناف الأربعة للصدقة وأعرض عما سواهما، قد كان يعلم أن للناس أموالا وأقواتا مما تخرج الأرض سواها ، فكان تركه ذلك وإعراضه عنه عفوا منه ، كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق "
قلت: وهذه الحجة الأخيرة تنسحب أيضا على عروض التجارة ، فإنها كانت معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذُكرت في القرآن والأحاديث مرارا كثيرة ، وبمناسبات شتى ، فسكوته صلى الله عليه وسلم عنها وعدم تحدِّثه عنها بما يجب عليها من الزكاة التي ذهب إليها بعضهم فهو عفو منه أيضا ، لحكمة بالغة سبق لفت النظر إلى شيء منها مما ظهر لنا ، والله سبحانه وتعالى أعلم. أ. هـ