الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اِسْتِظْلَال الْمُحْرِم سَائِرًا وَنَازِلًا
(م د)، وَفِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: (" وَرَكِبَ (1) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا (2) الظُّهْرَ ، وَالْعَصْرَ ، وَالْمَغْرِبَ ، وَالْعِشَاءَ ، وَالْفَجْرَ (3) ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ (4) وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ (5) فَسَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ) (6)(عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (7) فَأَجَازَ (8) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ (9) فَنَزَلَ بِهَا ، حَتَّى إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ (10) لَهُ ، فَرَكِبَ حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي (11)) (12)
(1) قال الألباني في حجة النبي ص69: فيه أن الركوب في تلك المواطن أفضل من المشي. أ. هـ
(2)
أَيْ: بِمِنًى هَذِهِ الصَّلَوَات الْخَمْس. شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 312)
(3)
السُّنَّة أَنْ يَبِيت بِمِنًى هَذِهِ اللَّيْلَة وَهِيَ لَيْلَة التَّاسِع مِنْ ذِي الْحِجَّة، وَهَذَا الْمَبِيتُ سُنَّة لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا وَاجِب، فَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا دَم عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ. شرح النووي (ج 4 / ص 312)
(4)
قَوْله: (ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْس) فِيهِ أَنَّ السُّنَّة أَلَّا يَخْرُجُوا مِنْ مِنًى حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 312)
(5)
قَوْله: (وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْر تُضْرَب لَهُ بِنَمِرَة) فِيهِ اِسْتِحْبَاب النُّزُول بِنَمِرَة إِذَا ذَهَبُوا مِنْ مِنًى، لِأَنَّ السُّنَّة أَلَّا يَدْخُلُوا عَرَفَات إِلَّا بَعْد زَوَال الشَّمْس ، وَبَعْد صَلَاتَيْ الظُّهْر وَالْعَصْر جَمْعًا، فَالسُّنَّة أَنْ يَنْزِلُوا بِنَمِرَة، فَمَنْ كَانَ لَهُ قُبَّة ضَرَبَهَا، وَيَغْتَسِلُونَ لِلْوُقُوفِ قَبْل الزَّوَال، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْس سَارَ بِهِمْ الْإِمَام إِلَى مَسْجِد إِبْرَاهِيم عليه السلام، وَخَطَبَ بِهِمْ خُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَيُخَفِّف الثَّانِيَة جِدًّا فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا صَلَّى بِهِمْ الظُّهْر وَالْعَصْر جَامِعًا بَيْنهمَا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاة سَارَ إِلَى الْمَوْقِف.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الِاسْتِظْلَال لِلْمُحْرِمِ بِقُبَّةٍ وَغَيْرهَا، وَلَا خِلَاف فِي جَوَازه لِلنَّازِلِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازه لِلرَّاكِبِ، فَمَذْهَبنَا جَوَازه، وَبِهِ قَالَ كَثِيرُونَ، وَكَرِهَهُ مَالِك وَأَحْمَد.
وَقَوْله: (بِنَمِرَة) هِيَ مَوْضِع بِجَانِبِ عَرَفَات ، وَلَيْسَتْ مِنْ عَرَفَات. شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 312)
(6)
(م) 147 - (1218) ، (د) 1905 ، (جة) 3074
(7)
مَعْنَى هَذَا أَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّة تَقِف بِالْمَشْعَرِ الْحَرَام، وَهُوَ جَبَل فِي الْمُزْدَلِفَة، يُقَال لَهُ: قُزَح.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَشْعَر الْحَرَام كُلّ الْمُزْدَلِفَة، وَكَانَ سَائِر الْعَرَب يَتَجَاوَزُونَ الْمُزْدَلِفَة وَيَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَظَنَّتْ قُرَيْش أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقِف فِي الْمَشْعَر الْحَرَام عَلَى عَادَتهمْ وَلَا يَتَجَاوَزهُ فَتَجَاوَزَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَرَفَات ، لِأَنَّ الله تَعَالَى أَمَرَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} أَيْ سَائِر الْعَرَب غَيْر قُرَيْش، وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرَيْش تَقِف بِالْمُزْدَلِفَةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْحَرَم، وَكَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْل حَرَم الله فَلَا نَخْرُج مِنْهُ. شرح النووي
(8)
(أَجَازَ) فَمَعْنَاهُ جَاوَزَ الْمُزْدَلِفَة وَلَمْ يَقِف بِهَا بَلْ تَوَجَّهَ إِلَى عَرَفَات. شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 312)
(9)
قَوْله: (حَتَّى أَتَى عَرَفَهُ) فَمَجَاز وَالْمُرَاد قَارَبَ عَرَفَات لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَجَدَ الْقُبَّة قَدْ ضُرِبَتْ بِنَمِرَة فَنَزَلَ بِهَا) وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ نَمِرَة لَيْسَتْ مِنْ عَرَفَات، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ دُخُول عَرَفَات قَبْل صَلَاتَيْ الظُّهْر وَالْعَصْر جَمِيعًا خِلَاف السُّنَّة.
(10)
(رُحِلَتْ) أَيْ: جُعِلَ عَلَيْهَا الرَّحْل.
(11)
(بَطْن الْوَادِي) هُوَ وَادِي (عُرَنَة)، وَلَيْسَتْ عُرَنَة مِنْ أَرْض عَرَفَات عِنْد الشَّافِعِيّ وَالْعُلَمَاء كَافَّة ، إِلَّا مَالِكًا ، فَقَالَ: هِيَ مِنْ عَرَفَات. شرح النووي على مسلم - (ج 4 / ص 312)
(12)
(د) 1905 ، (م) 147 - (1218) ، (جة) 3074
(م ت س حم)، وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ:(حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ ، فَرَأَيْتُهُ)(1)(" يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ)(2)(وَمَعَهُ بِلَالٌ وَأُسَامَةُ ، أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(3)(يُظِلُّهُ مِنْ الْحَرِّ)(4)(وَعَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُرْدٌ قَدْ الْتَفَعَ بِهِ (5) مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ ، قَالَتْ: فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى عَضَلَةِ عَضُدِهِ تَرْتَجُّ (6) ") (7)
(1)(م) 311 - (1298)
(2)
(حم) 27310 ، (م) 37 - (1838)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(3)
(م) 311 - (1298)
(4)
(س) 3060
(5)
أَيْ: اِلْتَحَفَ بِهِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 392)
(6)
أَيْ: تَهْتَزُّ وَتَضْطَرِبُ.
(7)
(ت) 1706
(هق)، وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَبْصَرَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه رَجُلًا عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَدِ اسْتَظَلَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ ، فَقَالَ لَهُ: أَضْحِ (1) لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ. (2)
(1) أَيْ ابْرُزْ لِلشَّمْسِ.
(2)
(هق) 8974 ، (ش) 14253 ، وصححه الألباني في الإرواء: 1016
وقال الألباني في حجة النبي ص30: فلعل ابن عمر لم يبلغه حديث أم الحصين المذكور ، وإلا فما أنكره وهو عين ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قال البيهقي:(هذا موقوف ، وحديث أم الحصين صحيح)، يعني: فهو أولى بالأخذ به ، وترجم له بقوله:(باب المحرم يستظل بما شاء ما لم يمس رأسه)، وقول شيخ الإسلام:" والأفضل للمحرم أن يُضْحي لمن أحرم له كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحجون " فيه نظر بَيِّن لا يخفى على القارئ. أ. هـ