الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُرُوطُ وُجُوبِ الزَّكَاة
اِشْتِرَاط الْإِسْلَام فِي الزَّكَاة
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} (1)
وَقَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (2)
(1)[التوبة: 54]
(2)
[التوبة: 103]
(ش) ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:" صَدَقَةُ الثمَّارِ ، وَالزَّرْعِ ، وَمَا كَانَ مِنْ نَخْلٍ ، أَوْ زَرْعٍ مِنْ حِنْطَةٍ ، أَوْ شَعِيرٍ ، أَوْ سُلْتٍ مِمَّا كَانَ بَعْلاً ، أَوْ يُسْقَى بِنَهَرٍ ، أَوْ يُسْقَى بِالْعَيْنِ ، أَوْ عَثَرِيًّا (1) يُسْقَى بِالْمَطَرِ فَفِيهِ الْعُشْرُ ، مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ ، وَمَا كَانَ مِنْهُ يُسْقَى بِالنَّضْحِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ ، فِي كُلِّ عِشْرِينَ وَاحِدٌ ، وَكَتَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ ، إلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مَعَافِرَ وَهَمْدَانَ: أَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صَدَقَةِ أَمْوَالِهِمْ عُشُورَ مَا سَقَتِ الْعَيْنُ وَسَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ ، وَعَلَى مَا يُسْقَى بِالْغَرْبِ (2) نِصْفُ الْعُشْرِ "(3)
(1) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْعَثَرِيُّ: الَّذِي يُؤْتَى بِمَاءِ الْمَطَرِ إلَيْهِ حَتَّى يُسْقِيَهُ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَثَرِيًّا ، لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ فِي مَجْرَى السَّيْلِ عَاثُورًا ، فَإِذَا صَدَمَهُ الْمَاءُ زَادَ ، فَدَخَلَ فِي تِلْكَ الْمَجَارِي حَتَّى يَبُلَّ النَّخْلَ وَيَسْقِيَهُ.
(2)
(الغَرْب) بسكون الراء: الدَّلو العظيمة التي تُتَّخَذ من جِلْد ثَوْرٍ ، فإذا فُتِحَت الرَّاء فهو الماء السَّائل بين البِئر والحوض. النهاية في غريب الأثر - (3/ 657)
(3)
(ش) 10084 ، (عب) 7239 ، (هق) 7278 ، (قط) ج2/ص130 ح9 ، انظر الصحيحة: 142
قال الألباني: وإنما أوردت هذه الرواية بصورة خاصة لقوله في صدرها: " على المؤمنين " ، ففيه فائدة هامة لا توجد في سائر الروايات.
قال البيهقي: " وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة ".
قلت: وكيف تؤخذ منهم وهم على شِركهم وضلالهم ، فالزكاة لا تزكيهم ، وإنما تزكي المؤمن المزكِّي من درن الشرك كما قال تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، وصل عليهم إن صلاتك سَكَن لهم} . فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين ، لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك
…
وإن من يدرس السيرة النبوية ، وتاريخ الخلفاء الراشدين وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم يعلم يقينا أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين من المواطنين ، وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة.
فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة ، والعدالة الاجتماعية تارة ، فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة وجرى عليه عمل المسلمين بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة ، ومن جهة أخرى يُثبتون ما لم يكونوا يعرفون ، بل ما جاء النص بنفيه. والأمثلة على ذلك كثيرة ، وحسبنا الآن هذه المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة ، فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون: بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم ، مؤمنهم وكافرهم ، ثم توزع على فقرائهم دون أي تفريق ، ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد كبار المشايخ في ندوة تلفزيونية كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في الإسلام ، ومما ذكره أن الاتحاد القومي سيقوم بجمع الزكاة من جميع أغنياء المواطنين. وتوزيعها على فقرائهم! ، فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة وسأله عن المستند في جواز ذلك ، فقال: لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية اتخذنا في بعض جلساتها قرارا بجواز ذلك اعتمادا على مذهب من المذاهب الإسلامية وهو المذهب الشيعي. وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي.
وهنا موضع العبرة ، لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين ، واعتمد في خلافهم على المذهب الزيدي! ، وهل يدري القارىء الكريم ما هو السبب في ذلك؟ ، ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية ، وليتها كانت على منهج إسلامي ، إذن لهان الأمر بعض الشيء في هذا الخطأ الجزئي ، ولكنه منهج غير إسلامي ، بل هو قائم على تقليد بعض الأوربيين الذين لا دين لهم! ، والإعراض عن الاستفادة من شريعة الله تعالى التي أنزلها على قلب محمد صلى الله عليه وسلم لتكون نورا وهداية للناس في كل زمان ومكان ، فإلى الله المشتكى من علماء السوء والرسوم الذين يؤيدون الحكام الجائرين بفتاويهم المنحرفة عن جادة الإسلام وسبيل المسلمين ، والله عز وجل يقول:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّه ما تولى ونُصْلِه جهنم وساءت مصيرا} .
هذا ، وفي الحديث قاعدة فقهية معروفة ، وهي أن زكاة الزرع تختلف باختلاف المؤنة والكلفة عليه ، فإن كان يُسقى بماء السماء والعيون والأنهار فزكاته العشر ، وإن كان يُسقى بالدلاء والنواضح (الإرتوازية) ونحوها فزكاته نصف العشر.
ولا تجب هذه الزكاة في كل ما تنتجه الأرض ولو كان قليلا ، بل ذلك مقيد بنصاب معروف في السنة ، وفي ذلك أحاديث معروفة. أ. هـ