الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بيت أبي طالب
حن أبو طالب بن عبد المطلب على هذا الحزن القابع خلف السرير .. ورق لحاله وكربه وبثه .. فحمله إلى بيته .. ورعاه كأنه من صلبه .. ينسيه وحدته ويتمه بمعاملة تذوب رحمة وحنانًا .. فكان يلازمه في كل مكان .. في مكة في مجالسها وطرقاتها .. كان رفيقه في بعض الرحلات .. وكانت رحلات قريش الشتوية تقصد اليمن .. والصيفية تتجه نحو الشام .. وللرحلتين أمن كأمن مكة .. ذكره الله فقال سبحانه: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)} (1)، وفي إحدى تلك الرحلات جرت قصة بين:
بحيرى والقافلة
في صيف حار تحركت الركائب نحو الشام ومعها (خرج أبو طالب ومعه محمَّد صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب (بحيرى) هبطوا، فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج، ولا يلتفت إليهم، فنزل وهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم، حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، بعثه الله رحمة للعالمين فقال له أشياخ من قريش:
وما علمك؟ فقال:
(1) سورة قريش.
إنكم حين أشرفتم من العقبة، لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجدون إلا لنبي، وإني عرفته بخاتم النبوة، أسفل من غضروف كتفه. ثم رجع فصنع لهم طعامًا، فلما أتاهم به- وكان هو في رعية الإبل، فقال: أرسلوا إليه:
فأقبل وغمامة تظلله، فلما دنا من القوم، قال بحيرى:
انظروا إليه، عليه غمامة، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه. قال بحيرى:
انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه. فبينما هو قائم عليهم -أي بحيرى- وهو ينشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت، فإذا بسبعة نفر من الروم قد أقبلوا: فاستقبلهم بحيرى، فقال:
ما جاء بكم؟ قالوا:
جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره إلى طريقك هذه. فقال بحيرى:
فهل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا:
لا، إنما أخبرنا خبره إلى طريقك هذه، فقال بحيرى:
أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه، هل يستطيع أحد من الناس رده؟ فقالوا: لا. فبايعوه، وأقاموا عنده، فقال بحيرى الراهب:
أنشدكم الله أيكم وليه؟ قالوا: