الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الله يعطى بلا ثمن .. يرزق من يشاء بغير حساب .. ليس بحاجة لدماء ذلك الطفل الصغير .. لكن والده شدد فشدد الله عليه .. فأصابه بأغلى ولده فلم ينجه من ورطته إلا مائة من الإبل .. انتشلت ذلك الصغير من السكين ليعيش بقية عمر قصير .. منقوشًا في التاريخ ما بقيت الجبال على ثباتها والأرض على استقرارها.
الزواج
تربى عبد الله ذلك الطفل الوديع في قلب عبد المطلب .. وتربع فيه .. وبلغ مبلغ الرجال دون أن يعرفه قومه بطيش أو سفه .. كأني به هادئ كثير الصمت والتأمل .. مليء بالانتظار .. ليس في حياته ما يثير .. كان كالعالم من حوله ينتظر وينتظر .. ويبحث عن زوجة له في بيوتات مكة ويسأل .. فكانت آمنة بنت وهب بن عبد مناف هي الحبيبة .. وهي الاجابة.
تزوجا .. فكان الحب .. وامتلأ بيتهما الصغير بالبهجة .. وبالشباب الغض الحالم بحياة بيضاء فسيحة .. مليئة بالربيع والأطفال والجمال ..
= أخبره أن امرأة نذرت أن تنحر ابنها عند الكعبة
…
شيخ ابن جرير يونس بن عبد الأعلى الصدفي ثقة من رجال مسلم، وشيخه عبد الله بن وهب، أبو محمَّد المصري: ثقة حافظ عابد، انظر التقريب (1/ 460). أما يونس بن يزيد ابن أبي النجار، فهو ثقة، لكن هناك اختلاف في روايته عن الزهرى عند النقاد، فالأغلب يجعله أوثق الناس فيه وبعضهم يرى في رواياته عنه وهمًا، لكن الأرجح ما مال إليه الحافظ ابن حجر في التقريب من أن في روايته وهمًا قليلًا. لا يسقط حديثه بل يجعله حسنًا لذاته ما لم يخالف، وهذا ليس من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو رواية تاريخية. انظر التهذيب (11/ 447، 448، 449) والتقريب (2/ 381).
ولم يكن هذا الشاب يدري أن القضاء أقوى منه .. ومن فدية أبيه .. لم يكن يدري أن تلك الأحلام الراقصة في مخيلته كانت لغيره .. إنها للعالم أجمع .. أما هو فتوشك أن تدلف بيته الصغير سحابة سوداء .. مشبعة بالحزن والدموع والنواح .. فعبد الله الذي فر من الموت بمائة من الإبل يسعى إلى حياضه على واحد منها .. امتطى راحلته وتوجه نحو يثرب .. حيث كان الموت في انتظاره ليسكنه في أحد مقابرها .. بعيدًا عن عبد المطلب .. بعيدًا عن مكة .. بعيدًا عن آمنة الحزينة .. التي كانت تحمل أمانة عبد الله وأحلام عبد الله .. جنينًا يتيم قبل أن يرى هذه الدنيا.
كانت مكة تتساءل: أحقًا مات عبد الله؟
كأني بعبد المطلب والفاجعة أفقدته صوابه يسأل القادمين من يثرب فردًا فردًا .. يعترض قوافلهم .. يتعلق بأزمة مطاياهم .. علّه يسمع تكذيبًا لما سمع .. علّ أحد المسافرين يصيح بوجهه فيقول: أبشر فعبد الله لم يمت ما زال حيًا .. وهو قادم إليك ..
لكن صمت القوافل كان يحمل أنفاس عبد الله الأخيرة تودع هذه الدنيا .. وتودع عبد الطلب .. لينثني ذلك الشيخ الكظيم طاويًا حرقته بين أضلاعه .. يحاول دفع ما به من حزن فتفضحه عيناه أمام آمنة المفجوعة .. فتبكي حبيبها الذي قبض بعيدًا عنها .. وفارقها في وقت كانت تحترق لعودته .. تشتاق لرجوعه محملًا بالحب والهدايا وحكايات السفر.
الحيرة والوجوم يملآن مكة لهفًا على عبد الله .. لكن ذلك لم يدم طويلًا فقد جاء: