الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوم دخل النبي صلى الله عليه وسلم فلم أرَ يومًا أحسن ولا أضوا منه) (1) .. وعبر أنس عن ذلك اليوم بحروف تنبض بالمشاعر فقال: (لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء)(2).
مشاعر .. مشاعر
المدينة في تلك اللحظات كانت تتبختر بالمشاعر .. تتزين بالإسلام كانت مدينة منورة بلقاء الحبيب الذي طال الشوق إليه .. أحقًا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة .. يمشي في شوارعها وتصافحه قلوبها وأرواحها .. لحظات يتمنى كل مسلم أن يعيشها .. وأن يسكب في حضرتها شيئًا من الدموع ..
لقد كان الموكب يتحرك ببطء فطريقه مزدحم بالقلوب والدموع .. وابتسامات الأطفال والتفاتاتهم البريئة السعيدة .. أبو بكر كان أسعد الناس وأحظى الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحب والاحتفال .. يحدثنا فيقول:
(ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة وتلقاه الناس فخرجوا في الطرق وعلى الأناجير (3)، واشتد الخدم والصبيان في الطريق يقولون:
الله أكبر جاء رسول الله .. جاء محمد) (4).
= (التهذيب 11/ 18) وسليمان بن المغيرة ثقة
…
وثابت البناني تابعي ثقة. والحديث صححه الذهبي في سيرته (333).
(1)
سنده صحيح. رواه البيهقي (2/ 508) وأحمدُ (3/ 240) واللفظ للبيهقي من طريق حماد عن ثابت عن أنس.
(2)
حديث صحيح. انظر صحيح ابن ماجة (1/ 273) للإمام الألباني.
(3)
السطوح.
(4)
حديث صحيح. متفق عليه ورواه أحمد واللفظ له.
(جاء رسول الله .. جاء رسول الله ..
الله أكبر جاء محمد .. الله أكبر جاء محمد) (1) .. أحد المبتهجين يتحدث .. البراء بن عازب طفل من الأنصار يقول: (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط فرحهم به .. حتى رأيت الولائد (2) والصبيان يسعون في الطرق يقولون: جاء رسول الله) (3).
وعبر الصحابة القادمون من أرض النجاشي عن فرحهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أسلوب مميز .. أنس بن مالك ذلك الطفل السعيد .. طاف المدينة وطاف حول الموكب .. وشاهد فرح أهلها .. ووصف فرح الصحابة من أهل الحبشة فقال: (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبت الحبشة بحرابهم فرحًا بقدومه)(4) ولم يكن الرقص هو الأسلوب الوحيد في التعبير كان هناك الغناء بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجوار محمد ..
الغناء والدفوف والمشاعر شاهدها صلى الله عليه وسلم فماذا فعل وماذا قال-صلى الله عليه وسلم لتلك الفتيات .. أنس بن مالك أيضًا يحدثنا عن ذلك فيقول: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحي من بني النجار وإذا جوارٍ يضربن بالدفوف [ويتغنين ويقلن]:
(1) جزء من رواية البخاري ومسلم.
(2)
أي البنات.
(3)
حديث صحيح رواه البخاري.
(4)
صحح إسناده الإمام الألباني في صحيح السنن (3/ 930) ورواه أحمد في مسنده (الفتح الرباني 20/ 290) من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس وهذا السند رجاله ثقات لكن فيه ضعفًا لأن رواية معمر عن ثابت ضعيفة كما قال ابن معين: معمر عن ثابت ضعيف، وقال مرة: إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس .. فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا
…
وقال مرة: حديث معمر عن ثابت وعاصم وهشام وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام. فإن لم يكن لدى الشيخ ناصر طريق أخرى فهو ضعيف.
نحن جوار من بني النجار
…
يا حبذا محمد من جار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله يعلم أن قلبي يحبكن") (1) يا لهذا النبي ما أعظمه .. وما أبسطه وما أرق مشاعره .. التي يعلنها للصغير وللكبير في البيوت وعلى الطرقات .. بل إنه يعلن حبه حتى على الجبال القاسية من حوله .. يمر- صلى الله عليه وسلم من عند جبل أُحد بالمدينة فيقول: (هذا جبل يحبنا ونحبه)(2) نبي الله يحب المدينة وأهلها .. والمدينة وأهلها .. أشجارها وجبالها يحبون الله ورسوله .. الكرم يسيل .. والدماء تسيل فرحًا به صلى الله عليه وسلم يقول أحدهم: (لما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة نحرتُ جزورًا)(3).
ويواصل موكب الحب مسيره في شوارع المدينة وسط مهرجان من السعادة .. زحامٌ من البهجة يحيط برسول الله صلى الله عليه وسلم .. اشتد الزحام (فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان والخدم في الطرقات ينادون:
يا محمد .. يا رسول الله .. يا محمد .. يا رسول الله) (4).
في المدينة كانت القلوب بيوتًا .. وكانت البيوت قلوبًا .. كانت الأيدي تمتد إلى الزمام .. والعيون البراقة شاخصة تحتضنه وتعانقه .. تحاول الارتواء منه فتزداد عطشًا ولهفةً .. وتواصل الركض والنداء حتى ..
(1) سنده صحيح. رواه البيهقي (2/ 508) وابن ماجة (الصحيح 1/ 320) واللفظ للبيهقي عدا ما بين المعقوفتين فلابن ماجة
…
وسنده هو: عيسى بن يونس، عن عوف الأعرابي، عن ثمامة عن أنس .. وعيسى ثقة. انظر التقريب (2/ 103) وعوف بن أبي جميلة ثقة أيضًا. التقريب (2/ 89) وثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك تابعي ثقة روى عن جده.
(2)
حديث رواه البخاري (2889).
(3)
سنده صحيح. رواه أحمد (الفتح الرباني 20/ 291) حدثنا وكيع، حدثنا شعبة عن محارب ابن دثار عن جابر
…
وهذا سند كالذهب كله أئمة ثقات لا يسأل عنهم وهو متصل.
(4)
حديث صحيح. رواه مسلم (كتاب الزهد- حديث الهجرة).