الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة. قال أبو بكر:
أجل يا أبا الحسن، ما من طامة، إلا وفوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق.
وعند مفروق وقومه
قال علي رضي الله عنه:
ثم دفعنا إلى مجلس آخر، عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر، فسلم.
فقال: ممّن القوم؟ قالوا:
من شيبان بن ثعلبة. فالتفت أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بأبي أنت وأمي، هؤلاء غرر الناس، فيهم مفروق بن عمرو، وهاني بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك. وكان مفروق قد غلبهم جمالًا ولسانًا، وكانت له غديرتان تسقطان على تريبته (1)، وكان أدنى القوم مجلسًا، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق بن عمرو:
إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة. فقال أبو بكر:
كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال المفروق:
إنا لأشد ما نكون لقاءً حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد،
(1) عظم الصدر.
والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يدلنا (1) مرة، ويدلي علينا أخرى، لعلك أخا قريش؟
فقال أبو بكر: قد بلغكم أنه رسول الله؟ ألا هو ذا. فقال مفروق:
بلغنا أنه يذكر ذاك، فإلى ما تدعو يا أخا قريش، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس، وقام أبو بكر يظله بثوبه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله لا شريك له .. وأن محمدًا عبده ورسوله، وإلى أن تؤوني وتنصروني، فإن قريشًا قد ظاهرت على أمر الله، وكذبت رسله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله الغني الحميد". فقال مفروق ابن عمرو:
وإلامَ تدعونا يا أخا قريش، فوالله ما سمعت كلامًا أحسن من هذا؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ (2) نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فقال مفروق بن عمرو:
وإلام تدعونا يا أخا قريش، فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض. فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ} فقال مفروق:
دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال،
(1) أدل الإنسان بحجته: احتج بها وأحضرها.
(2)
الفقر.
ولقد أفك (1) قوم كذبوك وظاهروا عليك، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة، فقال: وهذا هانئ شيخنا، وصاحب ديننا. فقال هانئ بن قبيصة: لقد سمعت مقالتك يا أخا قريش، إني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا على دينك لمجلس جلسته إلينا ليس له أول ولا آخر أنه زلل في الرأي وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن يعقد عليهم عقدًا ولكن نرجع وترجع وننظر، وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة، شيخنا وصاحب حربنا فقال المثنى بن حارثة: سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب في جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا ومتابعتك على دينك، وإنا إنما نزلنا بين صريين اليمامة والسمامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذان الصريان. فقال المثنى:
أنهار كسرى، مياه العرب، فأما ما كان من أنهار كسرى فذنب صاحبه مغفور، وعنده مقبول، وإنما نزلنا على عهدٍ أخذه علينا أن لا نحدث حديثًا، ولا نؤوي محدثًا، وإني أرى أن هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا قرشي مما يكره الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب. فعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلًا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم. أتسبحون الله وتقدسونه، فقال النعمان بن شريك:
اللَّهم فلك ذلك. فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
(1) كذب.