الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لماذا هذه العداوة .. لماذا هذا الفتور والإحباط؟ .. إنها العنصرية. فهذا الرجلان يمثلان خطًا يسلكه معظم اليهود .. اليهود المغضوب عليهم .. وقد غضب الله عليهم لأنهم يعرفون الحق وينكرونه .. جاءهم عيسى فأنكروه بل حاولوا قتله .. وها هو محمد صلى الله عليه وسلم -بين أيديهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم لكنهم يرفضونه .. إن محمدًا عربي ليس من أبناء إسرائيل .. ليس من سلالة يهود إذًا فهو مرفوض وكما رفض حيي بن أخطب وأخوه الدخول في الإسلام فقد عاند وكابر يهودي آخر مثلهما تنصل من كل وعوده السابقة لليهود ولأهل المدينة فما هي وعوده السابقة .. وكيف تنصل منها؟ تلك قصة حضرها طفل مضطجع بفناء أهله .. حفظها لنا ثم قصها علينا بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة.
يوشع يرفض الإسلام
يقول سلمة بن سلام بن وقش:
(كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل .. فخرج علينا يومًا من بيته حتى وقف علي بني عبد الأشهل -وأنا يومئذ أحدث من فيه سنًا علىَّ فروة لي مضطجع فيها بفناء أهلي (1) - فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار .. فقال ذلك لقوم أهل شرك، أصحاب أوثان، لا يرون أن بعثًا كائن بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلان .. أوترى هذا كائنًا، أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟
= وهو جد عبد الله بن أبي بكر
…
واسمه محمد بن عمرو بن حزم وله رؤية وليس له سماع إلا من الصحابة (التقريب2/ 195) وحفيده تابعي صغير وثقة من رجال الشيخين (1/ 405 التقريب) وله شاهد عن الزهري عند البيهقي (2/ 532).
(1)
المتكلم هو سلمة بن سلام.
قال: نعم .. والذي يحلف به، [لوددت أن حظي من تلك النار أن توقدوا أعظم تنور في داركم فتحمونه، ثم تقذفوني فيه ثم تطينون علي، وأني أنجو من النار غدًا (1)](2).
قالوا: ويحك يا فلان فما آية ذلك؟
قال: نبيٌ مبعوث من نحو هذه البلاد. وأشار بيده إلى نحو مكة واليمن.
قالوا: متى تراه؟
فنظر إليَّ وأنا أحدثهم سنًا، فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه.
قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا (3)، فآمنا به وكفر به بغيًا وحسدًا.
فقلنا: ويحك يا فلان .. ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى ولكن ليس به [وكان يقال له يوشع](4).
ويقول محمد بن سلمة رضي الله عنه:
(لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له "يوشع" فسمعته - وإني لغلام في إزار يقول:
(1) أي من شدة نار جهنم أعاذنا الله منها يتمنى أن يوضع في أعظم فرن في الدنيا ثم يطبق عليه ويحرق فيه أهون عليه من دخول نار جهنم.
(2)
ما بين المعقوفين لفظ البيهقي.
(3)
أي أن هذا اليهودي حي يرزق عند دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
(4)
سنده صحيح. رواه ابن إسحاق ومن طريقه البيهقي (2/ 78) حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن سلمة بن سلام رضي الله عنه: وشيخ ابن إسحاق تابعي صغير وثقة عن رجال الشيخين (التقريب 1/ 358) ويشهد له ما بعده.