الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه حال الرجال .. يا ترى ما هي حال النساء .. خديجة وفاطمة وزينب وأم كلثوم وأسماء .. كيف كانت حالة الأطفال .. كابن عمر.
يا صناديد قريش، لماذا .. أي جرم قارفوه .. أإذا ما أشرعوا الأبواب يومًا والنوافذ .. للهواء .. ولغيمات السماء .. لحداء الكون بالتوحيد سيقوا بالسلاسل .. وعليهم تتراكم .. قاسيات كالجرائم .. تصنع للحزن عام.
عام الحزن
من شقاء لشقاء .. بعد عام الشعب والأحزان كالمطر الأسود. ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرارة والكرب يلاحقانه في بيته .. عام للحزن جديد .. إنه يلقى نظرات الوداع الحائرة .. نظرات البث تفيض دمعًا على حبيبته .. وزوجته ورفيقة دربه الطيبة خديجة تموت .. وعند فراشها فاطمة تبكي .. ومعها أخواتها: زينب وأم كلثوم .. يبكين بحرقة على أمهن .. على خير نساء العالمين .. ربما كان لقريش سهم في سهام الموت التي أزهقت روحها .. وربما كان السن وحده .. لقد غادرت هذه الدنيا حزينة على زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. خائفة عليه تناضل دونه وتشده وتحنو عليه .. فعاشت في قلبه حية بالحب لم تحتل امرأة ما احتلته من قبل أبدًا .. قال صلى الله عليه وسلم وحيًا .. قال حبًا .. قال وفاء:
(ما أبدلني الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء)(1).
(1) حديث ضعيف الإسناد عند أحمد 6/ 117، لكنه صحيح بدون لفظ ما أبدلني الله خيرًا منها، شواهده عند البخاري ورواية ذكرها الذهبي في سيرته (238).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة)(1).
خديجة أول من أسلم .. خديجة أول من صدق .. خديجة أول امرأة في الإِسلام .. خديجة أول زوج لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأول من بذل مالًا لمواساته صلى الله عليه وسلم .. ترى كما بكاها من المسلمين والكافرين .. امرأة تحمل هذا القدر من الإخلاص والوفاء جديرة بالرثاء .. جديرة بالبكاء .. حمالة الحب لا حمالة الحطب .. ناءت بثقل فتت أكتاف رجال .. فرحمها الله ورضي عنها .. وهنيئًا لها (بيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)(2).
لقد سافرت لتنال وعد الله .. أما زوجها صلى الله عليه وسلم .. فتضاعفت مسؤوليته بعد أن انهد جدار كان يحميه .. ولباس كان يقيه .. ويد تمسح دمعه وتغسل جرحه .. وتدفعه للأمام.
كانت خديجة تزاحمه صلى الله عليه وسلم وتزاحم قلبه بالذكريات الجميلة .. تقول إحدى أمهات المؤمنين: (ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها)(3)(كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت)(4).
ليت شعرى كيف حزن فتاة طمس الكفار أخبارها .. خلف ذاك البحر غريبة .. في بلاد الأحباش معذبة شريدة .. تدعى رقية .. ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من يستشعر حزنها على أمها وأبيها وهي تموت بعيدًا عنها .. لا
(1) حديث صحيح. رواه مسلم 4/ 1886.
(2)
حديث صحيح. رواه البخاري (3280).
(3)
حديث صحيح. رواه البخاري (3817).
(4)
حديث صحيح. رواه البخاري (3818).