الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للدعوة أسرارها
ماذا يُتَوقع من جيوش الأصنام: أصنام العادات والتقاليد .. وشرف الآباء والأجداد .. والثارات .. وأصنام الحجارة المرصوفة على الأرفف .. وفي مداخل البيوت .. وحتى في خرج المسافر .. وقبل ذلك كله فوق حجارة الكعبة .. تسال لها الدماء .. ويحلف بها .. وتستشار ويصلى لها .. ويذاد عنها بالمال والبنين وزينة الحياة كلها.
ماذا ينتظر أن تفعل كل هذه الأشياء بنبي يتيم .. كل ما يملكه: شهادة قومه بأنه: صادق أمين .. ماذا ينتظر أن تفعل كل هذه الجيوش بفرد أو أفراد يريدون أن يجتثوها من القلوب .. ويغسلوا الأرض والنفوس منها.
إن من أشعلوا أربعين عامًا بلهب الحروب .. وتركوا جماجمهم تمتصها الشمس والرمضاء .. وخلفوا نساءهم تنوح حتى أبكت الخيام .. من أجل بعير أو حصان .. إن من ارتكبوا ذلك لعلى استعداد لارتكاب أشرس من ذلك من أجل عقيدتهم وأصنامهم وميراث أجدادهم .. فهل يظن أحد أن يقدم محمد صلى الله عليه وسلم قائمةً بأسماء السابقين إلى دعوته .. ويأمرهم بالمجاهرة بها أمام قريش .. هكذا وبكل سذاجة.؟!
إن هذا النبي لم يأتِ لمكة فقط، إن مكة خطوة أولى .. والأرض كلها طريق .. إن هذا النبي جاء ليحيي أموات القلوب لا ليقامر بحياتهم .. لكن لماذا يخاف من إظهار دعوته .. ويأمر أتباعه بهذا الكتمان والتستر .. والله قد أنطق له الأحجار .. وأمال عليه الأشجار وأظله بالسحاب .. وشق صدره دون أن يمس بأدنى أذى .. أليس الله بقادر أن يحميه وينجيه وينصره وأصحابه؟ .. بلى والله .. إنه على ذلك لقدير .. لكن دين الإسلام الجديد
عقيدة وحياة للبشر .. ولن تستقيم حياة البشر بالمعجزات ينتظرونها كلما أقعدهم الخمول على قوارع الطرقات .. ستستحيل الحياة انتظار .. وانتظار .. وعيون ترقب المجهول .. لم يخلد نبي .. ومحمَّد-صلى الله عليه وسلم سوف يموت .. وبعده ترفع المعجزات .. عندها الأمة أيضًا سوف تموت .. لكن دين الإِسلام لم يمت ولن يموت .. لأنه وضع للبشر لم يكلفهم فوق طاقتهم
…
ولم يطالبهم بالمستحيلات .. ولم يدعهم إلى مثاليات .. لا يقول لهم: كونوا ملائكة .. ولا يقول: أنتم شياطن. بل يقول: كونوا بشرًا لكن صالحين .. وفي الطريق عثرات .. والصالحون بشر يعثرون وينهضون .. والإسلام يرفع الإنسان من عثرته .. ولا يرتفع عنه لأنه نزل من أجله .. فبتوفيق الله ثم بجهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمسلمين من بعدهم سوف يستمر الإسلام .. سوف ينتصر .. ذلك هو ما أراده الله .. وبضعفهم ينحسر .. ويقبع في زاوية من الأرض كالمشلول.
وهنا وفي بداية الدعوة نبي يتيم .. ودعوة مستهجنة .. وأمة مجنونة بحب أصنامها .. ومواجهتها تعني الموت .. فلا بد للرسول صلى الله عليه وسلم من تطبيق منهج ربه .. لا بد أن يحتاط ويتكتم .. يدعو سرًا .. يطرق البيوت ليلًا .. يحمل النور إلى حجراتها .. وهكذا فعل صلى الله عليه وسلم .. لقد كان يحدث أبا بكر رضي الله عنه ثم يشير بالكتمان .. وإن دعا .. ويحدث عليًا رضي الله عنه ثم يشير بالكتمان .. وإن دعا .. وكذلك يفعل مع سعد .. مع عمار .. مع أبي ذر .. مع بلال .. مع صهيب .. مع عمرو بن عبسة مع غيرهم .. مع غيرهم ..
إذًا فكيف سيعرف أبو بكر أن غيره قد سبقه .. كيف سيعرف علي أن هناك من دخل في دين الإسلام قبله .. كيف يقول سعد إن هناك من