الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنا قد كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان، فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر، فقال:
قد علمت الذي عاقدت عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترجع إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني اُخْفِرتُ في رجل عقدت له.
فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل (1).
فقام ابن الدغنة، فقال:
(يا معشر قريش إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري، فشأنكم بصاحبكم)(2) وكانت قريش وسفهاؤها بالانتظار، ولن يشك أحد بهجوم أحد هؤلاء المجرمين فيضربه رضي الله عنه، أو يدميه، أو يحثو في وجهه التراب، فليس له من نصير سوى الله، وسيتحمل في سبيله كل ما يصادفه، أما رفاقه فشاردون في الشعاب والأودية، هاربون من بطش قريش المفزع. وأما نبيهم فقد نزف دمه وتفاقم جرحه وألمه.
دماء رسول الله
في أحد أيام المعاناة .. أيام مكة الملتهبة .. (اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا، فجاءت امرأة فقالت: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثًا (3).
(1) حديث صحيح. رواه البخاري.
(2)
رواه ابن إسحاق بسند صحيح (ابن هشام 2/ 16) حدثني محمَّد بن مسلم الزهري، عن عروة عن عائشة، وعروة والزهري تابعيان إمامان ثقتان.
(3)
إسنادُهُ صحيحٌ، رواه ابن أبي حاتم (تفسير ابن كثير 4/ 522) من طريق أبي أسامة، حدثني سفيان، حدثني الأسود بن قيس، أنه سمع جندب يقول: رُمِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه فقال: .. وهذا الإسناد صحيح. الأسود تابعى ثقة. انظر التقريب (1/ 76) وسفيان =
ولم تكن هذه المرأة الجاهلة ترمي إلى أكثر من التشفي، أما ما حدث فهو أنه قد رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في أصبعه، فقال:
(هل أنت إلا أصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت
فمكث صلى الله عليه وسلم ليلتين أو ثلاثًا لا يقوم، فقالت امرأة: ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فنزلت (1):{وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} .
أيها النبي النازف، المتهم .. ها هو العظيم يقسم أنه ما تركك، وما تخلى عن نصرتك .. فلا تستمع لهؤلاء المرتكسين. لديك مهمة فأدها، وجزاؤك أبدًا ليس في الدنيا .. إنه هناك في الجنة .. في الفردوس {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}: لكن وأنت في زحمة الأذى وتداعي المصائب .. ومحاولات الإحباط .. وأنت في هذا كله تذكر نعمة الله عليك .. وإياك إياك أن تنسى ذلك المنكسر .. الذي تمتد يداه .. تحوم عيناه يبحث عن أبيه .. فيجيبه اليتيم بالنحيب .. كن له أبًا .. قد كنت يتيمًا فتذكر مرارة اليتم .. وكنت مسكينًا فلا تنهر مسكينًا .. ولا ترد يده .. ولا تعرض عنه ..
= هو وابن سعيد الثورى الإِمام الثقة الحافظ المعروف، وتلميذه صرح بالسماع منه واسمه: حماد بن أسامة، وهو ثقة ثبت، ولم يدلس هنا.
(1)
إسنادُهُ صحيحٌ، رواه ابن أبي حاتم (تصير ابن كثير 4/ 522) من طريق أبي أسامة، حدثني سفيان، حدثني الأسود بن قيس، أنه سمع جندب يقول: رُمِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه فقال: .. وهذا الإسناد صحيح. الأسود تابعي ثقة. انظر التقريب (1/ 76) وسفيان هو ابن سعيد الثورى الإِمام الثقة الحافظ المعروف، وتلميذه صرح بالسماع منه واسمه: حماد بن أسامة، وهو ثقة ثبت، ولم يدلس هنا.