الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنك فلا يجترئون علينا - وكنت أنا وعبد الله بن مسعود، ورجل من هذيل، ورجلان قد نسيت اسمهما، فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ما شاء الله، وحدث به نفسه (1)، فأنزل الله تعالى:{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} ) (2).
لقد حار هؤلاء في أنفسهم وتخبطوا في مطالبهم .. فكل شيء حولهم يدينهم ويلوي أعناقهم .. ها هم في تخبطهم مرة أخرى يطلبون:
معجزة الذهب
فقد (قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم:
ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا، نؤمن بك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتفعلون؟ قالوا:
نعم. فدعا، فأتاه جبريل فقال:
إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام، ويقول:
إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت، فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة. قال صلى الله عليه وسلم: بل باب التوبة والرحمة) (3).
(1) حديث صحيح. رواه مسلم وفضائل الصحابة والبيهقيُّ واللفظ له (1/ 353).
(2)
سورة الأنعام: الآيتان 52، 53.
(3)
إسنادُهُ صحيحٌ، رواه أحمد (الفتح الرباني 20/ 22) وحدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن عمران بن الحكم، عن ابن عباس، وعبد الرحمن هو ابن مهدى =
يا لرحمته صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الذين آذوه وقهروه وأذلوه .. إنه يطلب لهم الرحمة والتوبة .. فهو لم يبعث جبارًا منتقمًا .. إنه كما قال عن نفسه: (إنما أنا رحمة مهداة)(1) هذا هو محمَّد صلى الله عليه وسلم .. أما أولئك .. فقد أنزل الله على نبيه سورة الأنعام وفيها يصفهم .. يفصح عن حقيقتهم التي ارتضوها لأنفسهم .. إنه العناد والعناد فقط فلا الآيات ولا المعجزات ولا غيرها تقنعهم .. يقول سبحانه: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (4) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (5) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (2).
= الإمام الحافظ الثقة المثبت العارف بالرجال والحديث. انظر التقريب (1/ 439) والتهذيب (6/ 279) وسلمة بن كهيل تابعي ثقة (التقريب 1/ 318) وشيخه أيضًا ثقة، واسمه الصحيح: عمران بن الحارث السلمي، أبو الحكم الكوفي وهو من رجال مسلم (التقريب 2/ 82) والتهذيب (8/ 124).
(1)
حديث صحيح. انظر (2/ 284) من صحيح الجامع الصغير.
(2)
سورة الأنعام: الآيات 4 - 6.
(3)
سورة الأنعام: الآيات 7 - 11.