الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسأل عن رسول الله، فلقينا رجلًا بالأبطح. فقلنا: هل تدلنا على محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب؟ فقال: فهل تعرفانه إن رأيتماه؟ فقلنا: لا والله ما نعرفه -ولم نكن رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب؟ فقلنا: نعم. وقد كنا نعرفه، كان يختلف إلينا بالتجارة- فقال: فإذا دخلتما المسجد فانظرا العباس، فهو الرجل الذي معه. فدخلنا المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس ناحية المسجد جالسين، فسلمنا، ثم جلسنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال العباس: نعم. هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك. فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ قال العباس: نعم. فقال له البراء: يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيًا، وقد أحببت أن أسألك عنه لتخبرني عما صنعت فيه. قال صلى الله عليه وسلم:"وما ذاك؟ " قال البراء: رأيت أن أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد كنت على قبلة. لو صبرت عليها. فرجع إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم) (1) .. ورجع هو ومن معه إلى رحال قومهم ..
وفي أواخر أيام الحج هذه تجهز الأنصار لموعد رسول الله صلى الله عليه وسلم السرِّي في ليلة:
العقبة الثانية
يقول كعب بن مالك:
(وقد واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة أوسط أيام التشريق، ونحن سبعون رجلًا للبيعة، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام "أبو جابر" وإنه لعلى
(1) انظر تخريجه في الحديث التالي فهو جزء منه.
شركه، فأخذناه فقلنا: يا أبا جابر، والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه، فتكون لهذه النار غدًا حطبًا، وإن الله قد بعث رسولًا يأمر بتوحيده وعبادته، وقد أسلم رجال من قومك، وقد واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة.
فأسلم وطهر ثيابه، وحضرها معنا، فكان نقيبًا، فلما كانت الليلة التي واعدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أول الليل مع قومنا، فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من قريش تسلل القطا (1)، حتى إذا اجتمعنا بالعقبة، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمه العباس، ليس معه غيره، أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فكان أول متكلم، فقال العباس: إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وهو في منعة من قومه وبلاده، وقد منعناه، ممّن هو على مثل رأينا فيه، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم وإلى ما دعوتموه إليه، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانًا فاتركوه في قومه، فإنه في منعة من عشيرته وقومه. فقلنا: قد سمعنا ما قلت. تكلم يا رسول. فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى الله عز وجل، وتلا القرآن، ورغب في الإِسلام، فأجبناه بالإيمان به والتصديق له، وقلنا له: يا رسول الله خذ لربك ولنفسك. فقال: إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم. فأجابه البراء بن معرور فقال: نعم، والذي بعثك بالحق ما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب، وأهل الحلقة .. ورثناها كابرًا عن كابر، فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا أقوامًا حبالًا، وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا. فقال
(1) نوع من اليمام يؤثر الحياة في الصحراء.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أسالم من سالمتم، وأحارب من حاربتم"، فقال البراء بن معرور: ابسط يدك يا رسول الله نبايعك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبًا". فأخرجوهم له.
فكان نقيب بني النجار: أسعد بن زرارة.
وكان نقيب بن سلمة: البراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام.
وكان نقيب بني ساعدة: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو.
وكان نقيب بني زريق: رافع بن مالك بن العجلان.
وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج: عبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع.
وكان نقيب القوافل بني عوف بن الخزرج: عبادة بن الصامت.
وفي الأوس من بني عبد الأشهل: أسيد بن حضير، وأبو الهيثم بن التيهان.
ونقيب بن عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة.
فكانوا اثني عشر نقيبًا تسعة من الخزرج .. وثلاثة من الأوس. فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عليها، وكان أول من بايع، وتتابع الناس فبايعوا) (1) فامتزجت القلوب والأيدي في مهرجان حب وولاء، تللث الأيدي كانت في تمازجها تخنق مخلوقًا مخيفًا لا يُرى ولا
(1) انظر تخريجه في نهاية هذا الخبر، وهو حديث صحيح.