الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فينا الحجابة. فقلنا: نعم. قالوا:
فينا الندوة. فقلنا: نعم. ثم قالوا:
فينا اللواء، فقلنا: نعم. قالوا:
فينا السقاية. فقلنا: نعم. ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكت الركب، قالوا: منا نبي. والله لا أفعل) (1). طاغوت مكة لا ينكر النبوة .. لكنه يرفضها لأنها لم تكن في بيته يرفضها. لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس من أهل بيته .. إن أبا جهل يرفض أن يكون تابعًا لمنافسه في الرياسة والشرف .. يستحث قريشًا لمحاربة محمَّد صلى الله عليه وسلم وصحبه لا لمصلحة قريش .. لا ولا حبًا في قومه .. إنما حبًا لنفسه .. فلتذهب مكة وقريش للجحيم من أجل إرضاء غروره .. هذا هو منطق الطغاة .. يخفونه بألسنتهم فتفضحه أعمالهم .. ولم تقتصر التهم على تهمتي الكذب والسحر فـ:
الجنون تهمة جديدة
لا بد من إلصاق تهمة جديدة تبعد الناس عنه .. لا سيما عندما يسيل الحجيج نحو مكة .. ولا شيء يفر الناس منه مثلما يفرون من المجنون والمجذوم .. فليكن محمَّد مجنونًا .. قالتها قريش دون حياء .. الأمين صيروه مجنونًا .. وما يأتي به من آيات كريمة مجرد هراء .. يهذي به بلا وعي ..
(1) حديثٌ حسنٌ. رواه البيهقي (2/ 207) من طريق الحاكم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم عن المغيرة، وهذا الإسناد جيد وأحمدُ بن عبد الجبار سماعه للسيرة صحيح، وهشام بن سعد حسن الحديث. انظر التهذيب (11/ 39). وقد قال أبو داود: إنه أثبت الناس في زيد بن أسلم، وزيد بن أسلم كان يرسل لكن مع هذا الاحتمال فالحديث له من الشواهد ما يقويه عند البيهقي أيضًا، طريقان مرسلان، أحدهما عن الزهري والآخر عن أبي إسحاق.
فرية صدَّقها الأغبياء .. وصدَّقها العقلاء الذي حال بينهم وبن محمَّد صلى الله عليه وسلم ضباب كثيف من التهم والتحذير قبل أن يلقوه .. ويسمعوا منه .. أحد هؤلاء العقلاء رجل من (أزدشنوءة) .. اسمه (ضماد) قدم مكة .. وكان (يرقي من هذه الرياح، فسمع سفهًا من سفهاء الناس يقولون: إن محمدًا مجنون .. فقال ضماد:
آتى هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يدي، فلقيت محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني أرقي من هذه الرياح، وإن الله يشفي على يدي من يشاء، فهلم. فقال محمَّد صلى الله عليه وسلم: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
فقال ضماد:
والله لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات، فهلم يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له: وعلى قومك. فقال ضماد: وعلى قومي) (1). كلمات حق كشفت لهذا الطبيب كم هو مريض .. وكشفت له أي عملاق صادق ماثل أمامه .. ولقد قال صلى الله عليه وسلم له ذلك لأنه ليس له موطئ قدم بمكة .. ولأن الإِسلام بحاجة إلى أمثاله من العقلاء ليتولوا نشر دين الله في أقوامهم.
(1) حديث صحيح. رواه مسلم.