الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها
…
فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه) (1).
فقال ذلك المسكين في نفسه: (هاتان اثنتان)(2) ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحر شوقًا مما كان عليه .. عاد لسيده اليهودي يكدح ويكدح .. وينتظر النهار بين نخيل المدينة .. فمن أجل النهار جاء .. جاء من مكان بعيد .. جاء سيدًا .. جاء مبتسمًا وباكيًا .. جاء عبدًا مقيدًا .. جاء من مر السنين .. ولن تضيره أيام قليلة من الانتظار .. فربما طلع النهار وانزاح ليله الدامي الطويل.
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكث ما شاء الله له أن يمكث في ضيافة أبي أيوب .. ولم يكن هناك من مسجد للصلاة فـ (كان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم)(3).
لكن المدينة اليوم عاصمة للإسلام .. وهي تتسع كل يوم بالوافدين والمهاجرين .. وكان لا بد لها من مسجد .. وقرب بيت أبي أيوب لمح رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطًا لبني النجار .. لم يرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنسب منه مكانًا لمسجده .. فكانت هذه القصة:
قصة بناء المسجد النبوي
لقد جاء الأمر (ببناء المسجد .. فأرسل إلى ملأ بني النجار فقال:
يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا .. ؟ فقالوا:
(1) حديث صحيح سيمر معنا. رواه ابن إسحاق.
(2)
حديث صحيح سيمر معنا. رواه ابن إسحاق.
(3)
حديث صحيح. رواه البخاري (428).
والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله عز وجل .. قال:
وكان فيه ما أقول لكم: كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل .. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع
…
فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضاديته حجارة، فجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اللَّهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرة") (1)
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدًا .. يكحل عينيه. بمشهد السواعد تشتد أمامه وتعرق .. بل كان يعرق مثلهم ويحمل مثلهم .. لقد ساهم صلى الله عليه وسلم في بناء مسجده وبناء مسجد قباء كما ساهم وهو شاب في بناء مسجد الله الحرام في مكة التي طرد منها ومن كعبتها .. وفي المدينة كان الصحابة يتدفقدن نشاطًا وبناءً .. هذا عمار بن ياسر رضي الله عنه يتميز عن بقية الصحابة ..
.. يحدثنا عما قام به عمار صحابي اسمه أبو سعيد الخدري فيقول: (كنا نحمل في بناء المسجد لبنة .. لبنة، وعمار يحمل لبنتين .. لبنتين .. فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه)(2) ثم يقول صلى الله عليه وسلم وحيًا .. يقول غيبًا .. يقول: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية .. يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار)(3) أما عمار فكان رغم استبشاره بهذه الشهادة .. يخشى على أمة
(1) حديث صحيح. وهو بقية الحديث السابق.
(2)
حديث صحيح. رواه البيهقي بإسناد صحيح (سيرة ابن كثير 2/ 307) والبخاريُّ ولكن بدون زيادة تقتله الفئة الباغية، لكنها زيادة صحيحة فقد رواها أبو سعيد عن أبى قتادة. أما الفئة الباغية فهي فئة معاوية رضى الله عنه
…
والفئة المحقة هي علي رضى الله عنه
(3)
حديث صحيح. رواه البيهقي بإسناد صحيح (سيرة ابن كثير 2/ 307) والبخاريُّ ولكن بدون زيادة تقتله الفئة الباغية، لكنها زيادة صحيحة فقد رواها أبو سعيد عن أبى قتادة =