الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرًا في يوم من الأيام .. وأصحابه محميون من قبل قبائلهم وأهلهم .. فأين تلك السراديب .. والخنادق. أين الدليل على ما تقول؟ والإجابة عندي واضحة كشعر الشمس الذهبي.
الإجابة عندي هي في مشكلة لم تحسم حتى الآن ألا وهي .. من أول من أسلم بعد خديجة .. أبو بكر الصديق أم علي أم غيرهما رضي الله عنهم جميعًا. أتدرون لماذا؟ دعونا أولًا ننظر إلى إسلام كل فرد منهم:
إسلام أبي بكر الصديق
أبو بكر الصديق .. اسمه: عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة .. صديق الطفولة والشباب .. ذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وحدثه أن الوحي قد جاءه في غار حراء .. وأن دين الله يأمر بالتوحيد والعلم والنظافة والجمال وترك الأصنام. فما زاد أبو بكر على كلمة واحدة. لقد قال: صدقت. أما لماذا .. فلأنه لم يجرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبًا .. وهو الذي عاشره منذ الطفولة. لقد عرفه عابدًا خاشعًا تاركًا للأصنام .. فهل سيكذب على ربه. لقد خلد التاريخ كلمة أبي بكر وحفظها له .. ونال من رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة تتناقلها الأجيال.
ففي أحد الأيام كان الصحابة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم .. وكان من بينهم أبو بكر .. ولعل أحدًا منهم تناول أبا بكر فأغضبه .. فغضب صلى الله عليه وسلم لأبي بكر .. وقالها ليس للصحابة فقط بل للأمة كلها .. للأجيال كلها: (إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاجي، فهل أنتم تاركوا لي صاجى)(1).
(1) حديث صحيح. رواه البخاري (3661)
ولما حوصر أبو بكر ببعض الكلمات .. أرغمه هذا الحصار على أن يزفر بهذه الكلمات: (ألست أحق الناس بها، ألست أول من أسلم، ألست صاحب كذا)(1).
ولما سئل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب -ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول من أسلم .. أرشد سائله إلى أبيات من الشعر قالها شاعر الإسلام حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوًا من أخي ثقة
…
فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأَعْدَلها
…
بعد النبى وأوفاها بما حملا
الثاني التالى المحمود مشهده
…
وأول الناس منهم صدق الرسلا (2)
هذه الأبيات الشجية ملأت القلوب بأيادي أبي بكر ومبادراته لخدمة الإسلام .. لقد سمته الأمة بـ (الصديق) ونسيت الاسم الذي سماه به أبوه .. فإذا ما نطق أحد باسم (الصديق) انتصبت تلك الأيادي البيض المبسوطة في الأذهان. وتذكر الناس صديق نبيهم وحبيبه فترحموا عليه.
(1) حديث صحيح الإسناد، رواه الترمذيُّ وابن حبان (سيرة ابن كثير 10/ 434) من طريق شعبة عن سعيد الجريرى، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال أبو بكر:
…
، وأبو نضرة تابعي ثقة، اسمه: المنذر بن مالك العبدي. انظر التقريب (2/ 275) وسعيد الجريرى ثقة. التهذيب (4/ 7) لكنه اختلط قبل موته بثلاث سنوات، وهناك من رووا عنه قبل الاختلاط وبعده، وشعبة سمع منه قديمًا فصح بذلك السند.
(2)
حديثٌ حسنٌ، رواه الحاكم (3/ 64) وابن أبي شيبة، ويعقوب بن سفيان (سيرة ابن كثير 1/ 435) وقد رواه الحاكم من طريق، ورواه ابن سفيان من طريق آخر، وفي كل منهما ضعف ليس بالشديد، ففي طريق الحاكم: مجالد بن سعيد بن عمير وهو ليس بالقوي. وفي سند ابن سفيان تابعى مجهول، والطريقان يقوي بعضهما بعضًا.