الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الثَّانِي قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ حِينَ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ.
ــ
بعدَ العِدَّةِ، فانْفَسَخَ النِّكاحُ. ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، القولُ قولُه؛ لأنَّ الأصْلَ بقاءُ النِّكاحِ. والثَّاني، القولُ قولُها؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ إسْلامِ الثَّاني.
3220 - مسألة: (وإن أسْلَمَ أحَدُهما بعدَ الدُّخُولِ، وَقَفَ الأمْرُ على انْقِضاءِ العِدَّةِ، فإن أسْلَمَ الثَّاني قَبْلَ انْقِضَائِها، فهما على نِكاحِهما، وإلَّا تَبَيَّنّا أَنَّ الفُرْقَةَ وقَعتْ)
مِن (حينَ أسْلَمَ الأوَّلُ) رُوِيَ عن أحمدَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رحمه الله، في هذه المسألةِ روايتان؛ إحداهما، أنَّ الأمْرَ يَقِفُ على انقضاءِ العِدَّةِ، على ما ذَكَرْنا. وهذه الرِّوايةُ هِي (1) التي ذَكَرَها الخِرَقِيُّ. فعلى هذا، إذا لم يُسْلِمِ الثَّانِي في العِدَّةِ، لا يحتاجُ إلى اسْتِئْنافِ العِدَّةِ. وهذا قولُ الزُّهْرِيِّ، واللَّيثِ، والحسنِ بنِ صالحٍ، والأوْزاعِيِّ، والشافعيِّ، وإسحاقَ. ونحوُه عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، ومُجاهدٍ، ومحمدِ بنِ الحسنِ. والثانيةُ، تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ، كما قَبْلَ الدُّخولِ. وهو اخْتِيارُ الخلَّالِ وصاحِبِه، وقولُ الحسنِ، وطاوُسٍ، وعِكْرِمةَ، وقَتَادةَ، والحكَمِ. ورُوِيَ ذلك عن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ. ونَصَرَه ابنُ المُنْذِرِ. وقولُ أبي حنيفةَ ههُنا كقولِه فيما قبلَ الدُّخُولِ، إلَّا أنَّ المرْأةَ إذا كانت في دارِ الحربِ، فانْقَضتْ عِدَّتُها
(1) زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحَصَلَتِ الفُرْقَةُ، لَزِمَها اسْتِئْنافُ العِدَّةِ. وقال مالكٌ: إن أسلَم الرَّجلُ قبلَ امرأتِه، عرَض عليها الإِسلامَ، فإن أسْلَمَتْ، وإلَّا وَقَعَتِ الفُرْقَةُ، وإن كانتْ غائبةً تُعُجِّلَتِ الفُرْقَةُ، وإن أسلمتِ المرأةُ قبلَه، وقَفَ الأَمْرُ (1) على انْقِضاءِ العِدَّةِ. واحْتَجَّ [مَن قال] (2) بِتَعْجِيلِ الفُرْقَةِ بقَوْلِه سبحانه:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} . ولأنَّ ما يُوجِبُ فَسْخَ النِّكاحِ لا يَخْتَلِفُ بما قبلَ الدُّخولِ وبعدَه، كالرَّضاعِ. ولَنا، ما رَوَى مالكٌ في «مُوَطَّئِه» (3)، عن ابنِ شِهابٍ قال (4): كان بينَ إسْلامِ صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ وامرأتِه بنتِ الوليدِ بنِ المُغِيرةِ نحوٌ مِن شَهْرٍ، أسْلَمَتْ يومَ الفَتْحِ، وبَقِيَ صَفْوانُ حتى شَهِدَ حُنَينًا والطائِفَ وهو كافرٌ، ثم أسْلَمَ، فلمْ يُفرِّقِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهما، واسْتَقَرَّتْ عندَه امرأتُه بذلك النِّكاحِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (5): وشُهْرَةُ هذا الحديثِ أقْوَى مِن إسْنادِه. وقال ابنُ شِهابٍ: أسْلَمَتْ أُمُّ حكيمٍ يومَ الفَتْحِ، وهَرَبَ زَوْجُها عِكْرِمةُ حتى أَتَى اليَمَنَ،
(1) زيادة من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
في: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجه قبله، من كتاب النكاح. الموطأ 2/ 543، 544. كما أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 186، 187. وضعف إسناده في الإرواء 6/ 337، 338.
(4)
سقط من: م.
(5)
في: التمهيد 12/ 19.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فارْتَحَلَتْ حتى قَدِمَتْ عليه اليمنَ، فدَعَتْه إلى الإِسلامِ، فأسْلَمَ، وقَدِمَ فبايعَ [النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم](1)، فثَبَتَا على نِكاحِهما (2). وقال ابنُ شُبْرُمةَ: كان الناسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسْلِمُ الرجلُ قبلَ المرأةِ، والمرأةُ قبلَ الرجلِ، فأيُّهُما أسْلَمَ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّةِ المرأةِ، فهي امرأتُه، فإن أسلمَ بعدَ العِدَّةِ، فلا نِكاحَ بينَهما (3). ولأنَّ أبا سُفْيانَ خرَج فأسْلَمَ يومَ (4) الفَتْحِ قبلَ دُخولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، ولم تُسْلِمْ هِنْدُ امرأتُه حتى فَتَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، فثَبَتا على النِّكاحِ (5). وأسْلَمَ حَكِيمُ بنُ حِزَامٍ قبلَ امْرَأتِه. وخرَج أبو سفيانَ بنُ الحارثِ، وعبدُ الله بنُ أبي أُمَيَّةَ عامَ الفَتْحِ، فلَقِيا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالأبْوَاءِ (6)، فأسْلَما قبلَ نِسائِهما. ولم يُعْلَمْ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بينَ أحدٍ ممَّن أسلمَ وبينَ امرأتِه، ويَبْعُدُ أن يَتَّفِقَ إسلامُهما معًا، ويفارِقُ ما قبلَ الدُّخولِ، فإنَّه لا عِدَّةَ لها فتُتَعَجَّل البَينُونةُ، كالمُطَلَّقةِ واحدةً، وههُنا لها عِدَّةٌ، فإذا انقضتْ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الفُرْقَةِ مِن حينَ أسْلَمَ
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه الإمام مالك، في: الباب السابق. الموطأ 2/ 545. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 187.
(3)
انظر الكلام عليه في: الإرواء 6/ 339.
(4)
في م: «عام» .
(5)
ذكره الإمام الشافعي، في: باب فسخ نكاح الزوجين يسلم أحدهما، من كتاب النكاح. الأم 5/ 39.
(6)
الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة. معجم البلدان 1/ 100.
وانظر لإسلام حكيم وأبي سفيان، ما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 172.
فَعَلَى هَذَا، لَوْ وَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا وَلَمْ يُسْلِمِ الثَّانِي، فَعَلَيهِ الْمَهْرُ، فَإِنْ أَسْلَمَ، فَلَا شَيْءَ لَهَا.
ــ
الأَوَّلُ، فلا يُحْتاجُ إلى عِدَّةٍ ثانيةٍ؛ لأنَّ اخْتلافَ الدِّينِ سَبَبُ الفُرْقَةِ، فَتُحْتسَبُ الفُرْقَةُ منه كالطَّلاقِ. (فعلى هذه) الرِّوايةِ (لو وَطِئَها) الزَّوجُ (في عِدَّتِها ولم يُسْلِمِ الثَّاني) فيها، فلها (عليه المَهْرُ) ويُؤدَّبُ، لأنّا تَبَيَّنَّا أنَّه وَطِئَها بعد البَينُونَةِ وانْفِساخِ النِّكاحِ، فيكونُ وَاطِئًا في غيرِ مِلْكٍ (1)(وإن أسْلَمَ، فلا شيءَ لها) لأنَّا تَبَيَّنَّا أنَّ النِّكاحَ لم يَنْفسِخْ، وأنَّه وَطِئَها في نِكاحِه، فلم يكنْ عليه شيءٌ.
فصل: فإن أسْلَمَ أحدُ الزَّوْجَين وتَخَلَّفَ الآخَرُ حتى انْقَضَتْ عِدَّةُ المرأةِ، انْفَسَخَ النِّكاحُ، في قولِ عامَّةِ العلماءِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (2): لم يَخْتَلِفِ العُلَماءُ في هذا، إلَّا شيءٌ رُوِيَ عن النَّخَعِيِّ، شَذَّ فيه عن جماعةِ العلماءِ، فلم يَتْبَعْهُ عليه أحدٌ، زعَم أنَّها تُرَدُّ إلى زَوْجِها وإن طالتِ المدةُ؛ لِما رَوَى ابنُ عباس أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّ زَينَبَ على زَوْجِها أبي العاصِ بنِكاحِها الأوَّلِ. رَواه أبو داودَ (3). واحْتَجَّ به أحمدُ. قيل له: أليس
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: التمهيد 12/ 23.
(3)
في: باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها، من كتاب الطلاق - سنن أبي داود 1/ 519. كما أخرجه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُرْوَى أنَّه (1) رَدَّها بنِكاحٍ مُسْتَأْنَفٍ؟ قال: ليس لذلك أصْلٌ. قيل: كان بينَ إسْلامِها ورَدِّها إليه ثمانِ سِنِينَ. ولَنا، قولُه تعالى:{لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (2). وقولُه سبحانه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} . والإِجْماعُ المُنْعَقِدُ على تحريمِ فُرُوجِ المسلماتِ على الكُفَّارِ. وأَمَّا قِصَّةُ أبي العاصِ مع امرأَتِه، فقال ابنُ عبدِ البَرِّ (3): لا يَخْلُو إمَّا أن تكونَ قبلَ نُزُولِ تَحْريمِ المسلماتِ على الكفارِ، فَتكونَ مَنْسُوخةً بما جاءَ بعدَها، أو تكونَ حامِلًا اسْتَمَرَّ حَمْلُها حتى أسْلَمَ زَوْجُها، أو مَريضةً لم تحِضْ ثلاثَ حَيضاتٍ حتَّى أسْلَمَ، أو تكونَ رُدَّتْ إليه بنِكاحٍ جديدٍ. فقد روَى ابنُ أبي شَيبَةَ (4)، في «سُنَنِه» عن عمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّها على أبي العاصَ بنِكاحٍ جديدٍ. رَواه التِّرْمِذِيُّ (5)، وقال: سمِعتُ عَبْدَ بنَ حُمَيدٍ يَقولُ: سمِعتُ يَزيدَ بنَ هارُونَ يَقولُ: حديثُ ابنِ عباسٍ أجْوَدُ إسْنادًا، والعملُ على
= الترمذي، في: باب ما جاء في الزوجين المشركين. . . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 82. وابن ماجه، في: باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 647. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 217، 261. وصححه في الإرواء 6/ 339 - 341.
(1)
سقط من: الأصل.
(2)
سورة الممتحنة 10.
(3)
انظر التمهيد 12/ 23، 24، والاستذكار 16/ 326.
(4)
في م: «قتيبة» .
(5)
في: باب ما جاء في الزوجين المشركين. . . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 81، 82. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 647. =