الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَلَهَا عَلَيْهِ أَنْ يَبِيت عِنْدَهَا لَيْلَةً مِنْ كُلِّ أَرْبَع لَيَالٍ.
ــ
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(ولها عليه أن يَبيتَ عندَها ليلةً مِن كلِّ أرْبَعِ لَيالٍ) إن كانت حُرَّةً. وجملةُ ذلك، أَنَّ قَسْمَ الإبتداءِ واجبٌ، ومعناه أنَّه إذا كانتْ له امرأةٌ حُرَّةٌ، لَزِمَه المَبِيتُ عندَها ليلةً مِن كلِّ أربعِ ليالٍ، ما لم يكُنْ له عُذْرٌ. وإن كان له نِساءٌ، فلكلِّ واحدةٍ منهنَّ ليلةٌ مِن كلِّ أربعٍ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال القاضى، في «المُجَرَّدِ»: لا يجبُ قَسْمُ الابتداءِ، إلَّا أن يَتْرُكَ (1) الوَطْءَ مُضِرًّا (2)، فإن تَرَكَه غيرَ مُضِرٍّ (3)، لم يَلْزَمْه قَسْم ولا وَطْءٌ؛ لأَنَّ أحمدَ قال: إذا وصلَ الرَّجلُ إلى امرأتِه مَرَّةً، بَطَل أن يكونَ عِنِّينًا. أى لا يُؤجَّلُ. وقال الشافعىُّ: لا يجبُ قَسْمُ الابتداءِ بحالٍ؛ لأَنَّ القَسْمَ لحَقِّه، فلم يجبْ عليه. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لعبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ:«يا عبدَ اللَّهِ، ألم أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» قلتُ: بلَى يا رسولَ اللَّهِ. قال: «فلا تَفْعَلْ، صُمْ وأَفْطِرْ، وَقُمْ ونَمْ؛ فَإنَّ لجَسَدِكَ عليك حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عليك حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عليك حَقًّا» . مُتَّفَقٌ عليه (4).
(1) في م: «كان بترك» .
(2)
كذا في الأصل، وفى م:«مضرة» . وفى المغنى 10/ 227: «مصرا» .
(3)
في م: «مضرة» .
(4)
أخرجه البخارى، في: باب حدثنا على بن عبد اللَّه، من كتاب التهجد، وفى: باب حق الضيف في الصوم، وباب حق الجسم في الصوم، من كتاب الصوم، وفى: باب لزوجك عليك حق، من كتاب النكاح، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأخْبَرَ أنَّ للمرأةِ عليه حَقًّا. وقد روَى الشَّعْبِىُّ أنَّ كَعْبَ بنَ سُورٍ (1) كان جالسًا عندَ عمرَ بن الخَطَّابِ، فجاءَتِ امرأةٌ، فقالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، ما رأيْتُ رجلًا قَطُّ أفْضَلَ مِن زَوْجِى، واللَّهِ إنَّه لَيَبِيتُ ليلَه قائمًا، ويظَلُّ نهارَه صائمًا. فاسْتَغْفَرَ لها، وأثْنَى عليها. واسْتَحْيَتِ المرأةُ، وقامتْ راجعةً، فقال كعبٌ: يا أميرَ المؤمنينَ، هلَّا (2) أعْدَيْتَ المرأةَ على زَوْجِها؟ [فقال: وما ذاك؟ فقال: إنَّها جاءت تَشْكُوه، إذا كانت حالُه هذه في العِبادةِ، متى يتفَرَّغُ لها؟ فبَعَثَ عمرُ إلى زَوْجِها] (3)، فجاءَ، فقال لكَعْبٍ: اقْضِ بينَهما، فإنَّك فَهِمْتَ مِن أمْرِهما ما لم أفْهَمْ. قال: فإنِّى أرَى كأنَّها (4) امرأةٌ عليها ثلاثُ نِسْوَةٍ، هى رابعتُهنَّ، فأقضِى له (5) بثلاثةِ أيَّامٍ وليالهِنَّ يتَعَبَّدُ فيهِنَّ، ولها يومٌ وليلةٌ. فقال عمرُ: واللَّهِ
= وفى: باب حق الضيف، من كتاب الأدب. صحيح البخارى 2/ 68، 3/ 51، 7/ 40، 41، 8/ 38. ومسلم، في: باب النهى عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوَّت به حقا، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 812، 813،
كما أخرجه أبو داود، في: باب في صوم الدهر تطوعا، من كتاب الصوم. سنن أبى داود 1/ 565. والنسائى، في: باب صوم يوم وإفطار يوم من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 180. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 194، 198، 199.
(1)
في م: «سوار» .
وهو كعب بن سور الأزدى قاضى البصرة، وليها لعمر وعثمان، وكان من نبلاء الرجال وعلمائهم، قتل يوم الجمل، قام يعظ الناس ويذكرهم، فجاءه سهمُ غرب فقتله. وكانت وقعة الجمل سنة ست وثلاثين. سير أعلام النبلاء 3/ 524، 525. الإصابة 5/ 645 - 647.
(2)
في الأصل: «لها» .
(3)
سقط من النسختين. والمثبت من المغنى 10/ 238. وانظر مصادر التخريج.
(4)
في م: «أنها» .
(5)
سقط من: الأصل.