الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، لَم يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَرُويَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَهَا أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ. وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ إِذَا أَصْدَقَهَا دَابَّةً مِنْ دَوَابِّهِ، أَوْ قَمِيصًا مِنْ قُمْصَانِهِ، وَنَحْوَهُ.
ــ
3257 - مسألة: (وإن أصْدَقها عبدًا مِن عبيدِه، لم يَصِحَّ. ذَكَره أبو بكرٍ)
وقال أبو الخطَّابِ: يَصِحُّ. (و) قد (رُوِيَ صِحَّتُه عن أحمدَ، ولها أحَدُهم بالقُرعةِ. وكذلك يُخرَّجُ إذا أصْدَقَها دَابَّةً مِن دَوابِّه، أو قميصًا مِن قُمْصانِه، أو نحوَه) فإنَّه قد رُوِيَ عن أحمدَ في رِوايةِ مُهَنَّا، في مَن تَزَوَّجَ على عَبْدٍ مِن عبيدِه: جائزٌ، فإن كانوا عَشَرَةَ عبيدٍ، تُعْطىَ مِن أَوْسَطِهم، فإن تَشاحَّا، أُقْرِعَ بينَهم. قلتُ: وتَسْتَقِيمُ القرعهُّ في هذا؟ قال: نعم. ووَجْهُ ذلك أنَّ الجَهَالةَ في هذا يَسِيرَةٌ، ويمكنُ التَّعْيِينُ بالقُرعةِ، بخِلافِ ما إذا أصْدَقَها عبدًا مطْلَقًا، فإنَّ الجَهالةَ تَكْثُرُ، فلا يَصِحُّ. ولَنا، أنَّ الصَّداقَ عِوَضٌ في عَقْدِ معاوضةٍ فلم يَصِحَّ مجهولًا، كعِوَضِ البَيعِ والإِجارةِ، ولأنَّ المجهولَ لا يَصْلُحُ عِوَضًا في البَيعِ، فلم تَصِحَّ تَسْمِيتُه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالمُحَرَّمِ، وكما لو زادَتْ جَهالتُه على مَهرِ المِثْلِ. وأمَّا الخَبَرُ، فالمرادُ به ما تَراضَوْا عليه مما يَصْلُحُ عوضًا، بدلِيلِ سائرِ ما لا يَصْلُحُ. وأمَّا الدِّيَة، فإنَّها تَثْبُتُ بالشَّرْعِ لا بالعَقْدِ، وهي خَارِجَةٌ عن القِياسِ في تَقْدِيرِها ومَن وَجَبَتْ عليه، فلا يَنْبَغِي أن تُجْعَلَ أصلًا، ثم إنَّ الحيَوانَ الثَّابتَ فيها موْصوفٌ بسِنِّه، مُقدَّرٌ بقِيمَتِه (1)، فكَيفَ يُقَاسُ عليه العَبْدُ المطلقُ في الأمْرَين! ثم ليسَتْ عقدًا، وإنَّما الواجبُ فيها بَدَلُ مُتْلَفٍ، لا يُعْتَبَرُ فيه التَّراضِي، فهو كقِيمَةِ المُتْلَفاتِ، فكيفَ يُقاسُ عليها عِوَضٌ في عَقْدٍ يُعْتَبَرُ تَراضِيهما به! ثم إنَّ قِياسَ العِوَضِ في عَقْدِ مُعاوَضَةٍ على عِوَض في مُعاوضةٍ أُخرى، أَصَحُّ وأوْلَى مِن قِياسِه على بَدَلِ مُتْلَفٍ. وأمَّا مَهْرُ المِثْلِ، فإنَّما يجِبُ عندَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ الصحيحةِ، كما تجبُ قِيَمُ المُتْلَفاتِ وإن كانت تحتاجُ إلى نَظرٍ،
(1) في الأصل: «قيمته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ألا تَرى أنَّا نَصِيرُ إلى مَهْرِ المِثْلِ عندَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، ولا نَصِيرُ إلى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، ولو باع ثَوْبًا بعبدٍ مُطْلقٍ فأتْلَفَه المشترِي، فإنَّا نَصِيرُ إلى تَقْويمِه، ولا نُوجبُ العَبْدَ المُطْلقَ، ثم لا نُسَلِّمُ أنَّ جَهالةَ المُطْلَقِ مِن الجِنْسِ الواحدِ دُونَ جَهالةِ مهرِ المِثْلِ، فإنَّ العادةَ في القبائلِ والقُرَى أن يكونَ لنِسائِهمِ مَهْرٌ، لا يكادُ يختلِفُ إلَّا بالبَكارةِ والثُّيُوبةِ فقط، فيكونُ إذًا مَعْلُومًا، والوَسَطُ مِن الجِنْسِ يَبْعُدُ الوقوفُ عليه؛ لكثرةِ أنواعِ الجِنْسِ واخْتلافِها، واخْتلافِ الأعيانِ في النَّوْعِ الواحدِ. وأمَّا تَخْصيصُ التصْحيحِ بعَبْدٍ مِن عبِيدِه، فلا نظيرَ له يُقاسُ عليه، ولا نعلمُ فيه نصًّا يُصارُ إليه، فكيف يَثبُتُ الحُكْمُ فيه بالتَّحَكُّمِ! وأمَّا نُصوصُ أحمدَ على الصِّحَّةِ، فتَأوَّلَها أبو بكرٍ على أنَّه تَزَوَّجَها على عبدٍ مُعَيَّن، ثم أشْكَلَ عليه.
وَإنْ أَصْدَقَها عَبْدًا مَوْصُوفًا، صَحَّ، وَإنْ جَاءَهَا بِقِيمَتِهِ،
ــ
إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ لها مَهْرَ المِثْل. في كلِّ موضعٍ حَكَمْنا بفسادِ التَّسميةِ، ومَن قال بصحَّتِها أوجب الوَسَطَ مِن المُسَمَّى، والوَسَطُ مِن العَبيدِ السِّنْدِيّ؛ لأنَّ الأَعْلَى التُّرْكِيُّ والرُّومِيُّ، والأسْفَلَ الزِّنْجِيُّ والحَبَشِيُّ، والوَسَطَ السِّنْدِيُّ والمَنْصُورِيُّ.
فصل: (وإن تَزَوَّجَها على عبدٍ موصوفٍ) في الذِّمَّةِ (صَحَّ) لأنَّه يَجُوزُ أن يكونَ عِوضًا في البَيعِ (فإن جاءها بقِيمتِه، لم يَلْزَمْها قَبُولُها)