الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ عَلَى هذَا الْعَبْدِ. قَالَتْ: بَلْ عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ. خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
ــ
فيه اليَمِينُ، كسائرِ الدَّعاوَى، ولِما ذكَرْنا مِن الحديثِ.
3294 - مسألة: (وإن قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ على هذا العَبْدِ. قالت: بل على هذه الأَمَةِ. خُرِّجَ على الرِّوايَتَيْن)
فإن كانت قِيمَةُ العبدِ مهرَ المِثْلِ أو أكثرَ، وقيمةُ الأمَةِ فوقَ ذلك، حَلَف الزَّوْجُ ووَجَب لها قِيمَةُ العبدِ؛ لأَنَّ قولَه يُوافِقُ الظَّاهِرَ، ولا تَجِبُ عَيْنُ العَبْدِ، لئلَّا يُدْخِلَ في مِلْكِها ما يُنْكِرُه (1)، وإن كانت قِيمَةُ الأمَةِ مهرَ المِثْلِ أو أقَلَّ، وقيمةُ العبدِ أقلَّ مِن ذلك، فالقولُ قولُ الزَّوْجةِ مع يَمِينِها. وهل تَجِبُ الأمَةُ أو قِيمَتُها؟ فيه وجَهْان؛ أحدُهما، تجبُ [عينُ الأمةِ](2)؛ لأنَّنا قَبِلْنا قوْلَها في القَدْرِ، فكذلك في العَيْنِ، فأوْجَبْناه، وليس في ذلك إدْخالُ ما تُنْكِرُه (3) في مِلْكِها. والثانى، تَجِبُ لها قِيمَتُها؛ لأَنَّ قَوْلَها إنَّما وافقَ
(1) في م: «ننكره» .
(2)
في م: «عينها» .
(3)
في المغنى 10/ 134: «ينكره» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الظَّاهِرَ في القَدْرِ لا في العَيْنِ، فأوْجَبْنا لها ما وافَقَ الظاهِرَ فيه. وإن كان كلُّ واحدٍ منهما قَدْرَ مَهْرِ المِثْلِ، أو كان العبدُ أقَلَّ مِن مَهْرِ المِثْلِ، والأمَةُ أكثرَ منه، وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ بالتَّحالُفِ. وظاهِرُ قولِ القاضى ومَن وافَقَه، أنَّ اليَمِينَ لا تُشْرَعُ في هذا كلِّه. واللَّه أعلمُ.
فصل: إذا أنْكَرَ الزَّوْجُ صَداقَ امْرأتِه، وادَّعَتْ ذلك عليه، فالقولُ قولُها فيما يوافِقُ مَهْرَ مِثْلِها، سواءٌ ادَّعَى أنَّه وَفَّاها أو أبْرَأَتْه منه، أو قال: لا تَسْتَحِقُّ علىَّ شيئًا. وسواءٌ في ذلك ما قبلَ الدُّخولِ وبعدَه. وبه قال سعيدُ ابنُ جُبَيْرٍ، والشَّعْبِىُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وابنُ أبَى ليْلَى، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن الفُقَهاءِ السَّبْعَةِ أنَّهم قالوا: إن كان بعدَ الزَّفَافِ (1) فالقولُ قولُ الزَّوْجِ، والدُّخولُ بالمرأةِ يَقْطَعُ الصَّداقَ. وبه قال مالِكٌ. قال أصْحابُه: إنَّما قال ذلك إذا كانتِ العادةُ تَعْجِيلَ الصَّداقِ، كما كان بالمَدينَةِ، أو كان الخِلافُ فيما تُعُجِّلَ منه في العادةِ؛ لأنَّها لا تُسَلِّمُ نَفْسَها في العادةِ إلَّا بقَبْضِه، فكان الظَّاهِرُ معه. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«اليَمِين على الْمُدَّعَى عليهِ» (2). ولأنَّه ادَّعَى تَسْلِيمَ الحَقِّ الذى عليه، فلم يُقْبَلْ بغيرِ بَيِّنَةٍ، كما لو ادَّعَى تَسْلِيمَ الثَّمَنِ، أو كما قبلَ الدُّخولِ.
(1) في م: «الوفاة» .
(2)
تقدم تخريجه في 12/ 478.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن دَفَع إليها ألْفًا، ثم اخْتلَفا، فقال: دَفَعْتُها إليكِ صَداقًا. وقالتْ: بل هِبَةً. فإنِ اخْتلَفا [في نِيَّتِه](1)، فقالت: قَصَدْتَ الهِبَةَ. فقال: بل قَصَدْتُ دَفْعَ الصَّداقِ. فالقولُ قولُ الزَّوْجِ بغيرِ يَمِينٍ؛ لأنَّه أعْلَمُ بِنِيَّتِه (2)، ولا تَطَّلِعُ المرأةُ عليها. وإنِ اخْتلَفا في لَفظِه، فقالت: قد قُلْتَ: [خُذِى هذا](3) هِبَةً -أو- هَدِيَّةً. فأنْكَرَها، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّها تَدَّعِى عليه عَقْدًا على مِلْكِه، وهو يُنْكِرُه، فأشْبَهَ ما لو (4) ادَّعَتْ عليه بَيْعَ مِلْكِه لها، لكنْ إن كان المدْفوعُ مِن غيرِ جِنْسِ الواجِبِ عليه، كأن أصْدَقَها دَراهِمَ، فدَفَع إليها عَرْضًا، ثم اخْتلَفا، وحَلَف أنَّه دَفَع إليها ذلك مِن صَداقِها، فللمَرْأةِ رَدُّ العِوَضِ (5)، ومَطالَبَتُه بصَداقِها. قال أحمدُ، في روايةِ الفَضْلَ بنَ زِيادٍ، في رَجُلٍ تَزوَّجَ امرأةً على صَداقِ ألْفٍ، فَبَعث إليها بقِيمَتِه مَتاعًا وثِيابًا، ولم يُخبِرْهُم أنَّه مِن الصَّداقِ، فلمَّا دَخَل سألَتْه الصَّداقَ، فقال لها: قد بعَثْتُ إليك بهذا المَتاعِ، واحْتَسَبْتُه مِن الصَّداقِ. فقالتِ المرأةُ: صَداقِى دَراهِمُ. تَرُدُّ
(1) في الأصل: «في بينة» ، وفى م:«ببينة» . وانظر المغنى 10/ 135.
(2)
في م: «ببينته» .
(3)
في م: «هذى» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في المغنى 10/ 135: «العرض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثِّيابَ والمَتاعَ، وتَرْجِعُ عليه (1) بصداقِها. فهذه الرِّوايةُ إذا لم يُخْبِرْهُم أنَّه صَداقٌ، فأمَّا إذا ادَّعَى أنَّها احْتَسَبَتْ به مِن الصَّداقِ، وادَّعَتِ المرأةُ أنَّه قال: هى هِبَةٌ. فيَنْبَغِى أن يَحْلِفَ. كلُّ واحدٍ منهما، ويتَراجَعانِ بما لكُلِّ واحدٍ منهما. وحُكِىَ عن مالكٍ أنَّه إن كان ممَّا جَرَتِ العادةُ بهَديَّتِه، كالثَّوْب والخاتَمِ، فالقولُ قولُها؛ لأَنَّ الظَّاهِرَ معها، وإلَّا فالقولُ قولُه. ولَنا، أنَّهما اخْتلَفا في صِفَةِ انْتِقالِ مِلْكِه، فكان القولُ قولَ المالِكِ، كما لو قال: أوْدَعْتُكِ هذه العَيْنَ. قالت (2): بل وَهَبْتَنِيها.
فصل: فإن مات الزَّوْجانِ، فاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُما، قامَ ورَثَةُ كلِّ واحدٍ منهما مَقامَه، إلَّا أنَّ مَن يَحْلِفُ منهم على الإِثْباتِ يَحْلِفُ على البَتِّ، ومَن يَحْلِفُ على النَّفْى يَحْلِفُ على نَفْىِ العِلْمِ؛ لأنَّه يَحْلِفُ على نَفْىِ فِعْلِ الغيرِ. وبه قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن مات أحدُ الزَّوْجَيْن فكذلك، وإن مات الزَّوْجانِ، فادَّعَى ورَثَةُ المرأةِ التَّسْمِيَةَ (3)، وأنْكَرَها
(1) في م: «إليه» .
(2)
في الأصل: «قال» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورَثَةُ الزَّوْجِ جُمْلَةً، لم يُحْكَمْ عليهم بشئٍ. قال أصْحابُه: إنَّما قال ذلك إذا تقادَمَ العَهْدُ؛ لأنَّه تعَذَّرَ الرُّجوعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ، لأنَّه (1) تُعْتَبَرُ فيه الصِّفاتُ والأوْقاتُ. وقال محمدُ بن الحَسنِ: يُقْضَى بمَهْرِ المِثْلِ. وقال زُفَرُ: بعَشَرَةِ دَراهِمَ؛ لأنَّه أقَلُّ الصَّداقِ. ولَنا، أنَّ ما اخْتلفَ فيه المُتَعاقِدانِ، قامَ وَرَثَتُهما مَقامَهما، كالمُتَبايِعَين. وما ذكَرُوه ليس بصَحِيحٍ؛ لأَنَّ الحَقَّ لا يَسْقُطُ لتَقادُمِ العَهْدِ، ولا يتَعَذَّرُ الرُّجوعُ في ذلك، كقِيَمِ سائرِ المُتْلَفاتِ.
فصل: فإنِ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وأبو الصَّغيرةِ والمَجْنُونةِ، قامَ الأبُ مَقامَ الزَّوْجَةِ في اليَمِينِ، لأنَّه يَحْلِفُ على فِعْلِ نَفْسِه، ولأَنَّ قولَه مقبولٌ فيما اعْتَرفَ به مِن الصَّداقِ، فسُمِعَتْ يَمِينُه، كالزَّوْجَةِ. فإن لم يَحْلِفْ حتى بَلَغَتْ وعَقَلَتْ، فاليَمِينُ عليها دُونَه؛ لأَنَّ الحقَّ لها، وإنَّما يَحْلِفُ هو لتَعَذُّرِ اليمِينِ مِن جهَتِها، فإذا أمْكَنَ في (2) حَقها، صارتِ اليَمِينُ عليها، كالوَصِىِّ إذا بَلَغ الأطْفالُ قبلَ يَمِينِه فيما يَحْلِف فيه. فأمَّا أبو (3) البِكْرِ البالِغَةِ العاقِلَةِ؛ فلا تُسْمَعُ مُخالَفَةُ الأبِ، لأَنَّ قولَها مَقْبولٌ في الصَّداقِ،
(1) في الأصل: «لكونه» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحَقُّ لها دُونَه. وأمَّا سائِرُ الأوْلِياءِ، فليس لهم تَزْوِيجُ صغيرةٍ، إلَّا على رِوايةٍ في بِنْتِ تِسْعٍ، وليس لهم أن يُزَوِّجوا بدُونِ مَهْرِ المِثْلِ، ولو زَوَّجوها بدُونِ مَهْرِ المِثْلِ، ثَبَت مَهْرُ المِثْلِ مِن غيرِ يَمِينٍ. فإنِ ادَّعَى أنَّه زَوَّجَها بأكثرَ مِن مَهْرِ مِثْلِها، فاليَمِينُ على الزَّوْجِ؛ لأَنَّ القولَ قولُه في قَدْرِ مَهْرِ المِثْلِ.
فصل: إذا أنْكَرَ الزَّوْجُ تَسْمِيَةَ الصَّداقِ، وادَّعَى أنَّه تَزَوَّجَها بغيرِ صَداقٍ، فإن كان بعدَ الدُّخول، نَظَرْنا، فإنِ ادَّعَتِ المرأةُ مَهْرَ المِثْلِ أو دُونَه، وَجَب مِن غيرِ يَمِينٍ؛ لأَنَّها لو صَدَّقَتْه في ذلك لَوَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ، فلا فائدةَ في الاخْتِلافِ، وإنِ ادَّعَتْ أقَلَّ مِن مَهْرِ المِثْلِ، فهى مُقِرَّةٌ بنَقْصِها عمَّا يَجبُ لها بدَعْوَى الزَّوْجِ، فيَجِبُ أن يُقْبَلَ قوْلُها بغيرِ يَمِينٍ، وإنِ ادَّعَتْ أكثرَ من مَهْرِ المِثْلِ، لَزِمَتْه اليَمِينُ على نَفْى ذلك، ويَجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. وإن كان اخْتِلافُهما قبلَ الدُّخولِ، انْبَنَى على الرِّوايتَيْن فيما إذا اخْتلَفا في قَدْرِ الصَّداقِ، فإن قُلْنا: القولُ قولُ الزَّوْجِ. فلها المُتْعَةُ. وإن قُلْنا: القولُ قولُ مَن يَدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ. قُبِلَ قولُها ما ادَّعَتْ مَهْرَ المِثْلِ. هذا إذا طَلَّقَها، وإن لم يُطَلِّقْها، فُرِضَ لها مَهْرُ المِثْلِ على الرِّوايتَين. وكُلُّ مَن قُلْنا: القولُ قولُه. فعليه اليَمِينُ.