الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِى الْمُفَوّضَةِ:
وَالتَّفْوِيضُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ تَفْوِيضُ الْبُضْعِ، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ، أَو تأْذَنَ الْمَرْأَةُ لِوَلِيِّهَا فِى تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ. وَتَفْوِيضُ الْمَهْرِ، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَا شَاءَتْ أَوْ شَاءَ أَجْنَبِىٌّ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالعَقْدِ.
ــ
للإِجْماعِ الواردِ عن الصَّحابَةِ، فيَبْقَى فيما عَداه على مُقْتَضى العُمُومِ.
فصلٌ في المُفَوّضَةِ: قال الشَّيخُ، رحمه الله:(والتَّفْوِيضُ على ضَرْبَيْنِ؛ تَفْويضُ البُضْعِ، وهو أن يُزَوِّجَ الأبُ ابْنَتَه البِكْرَ، أو تَأْذَنَ المرأةُ لِوَلِيِّها في تَزْوِيجِها بغيرِ مَهْرٍ. و) الثانى (تفْوِيضُ المَهْرِ، وهو أن يتَزَوَّجَها على ما شاءَتْ) أو شاءَ (أو شاءَ أجْنَبِىٌّ، فالنِّكاحُ صَحِيحٌ، ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ) يَصِحُّ النِّكاحُ مِن غيرِ تَسْمِيَةِ صَداقٍ، في قولِ عامَّةِ أهلٍ العلمِ، بدليلِ قولِه تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (1). ورُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، أنَّه سُئِلَ عن امرأةٍ تزَوَّجَها رَجُلٌ، ولم يَفْرِضْ لها صَداقًا، ولم يَدْخُلْ بها حتى مات؟ فقال ابنُ مسعودٍ: لها صَداقُ نِسائِها، لا وَكْسٌ ولا شَطَطٌ، وعليها العِدَّةُ، ولها المِيراثُ. فقام مَعْقِلُ بنُ سِنَانٍ الأشْجَعِىُّ، فقال: قَضى رسولُ اللَّه
(1) سورة البقرة 236.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صلى الله عليه وسلم في بَرْوَعَ بنتِ وَاشِقٍ، امرأةٍ مِنَّا، مثلَ ما قَضَيْتَ. روَاه أبو داودَ، والتِّرْمِذِىُّ (1)، وقال: حديثٌ حسنٌ صَحِيحٌ. ولأَنَّ القَصْدَ مِن النِّكاحِ الوُصْلَةُ والاسْتِمْتاعُ دُونَ الصَّداقِ، فصَحَّ مِن غيرِ ذِكْرِه، كالنَّفقَةِ. وسواءٌ تَرَكا ذِكْرَ المَهْرِ، أو شَرَطا نَفْيَه، مثلَ أن يقولَ: زَوَّجْتُكَ بغيرِ مَهْرٍ. فيقْبَله كذلك. ولو قال: زَوَّجْتُكَ بغيرِ مَهْرٍ في الحالِ، ولا في الثانى. صَحَّ أيضًا. وقال بعضُ الشافعيَّةِ: لا يَصِحُّ في هذه الصُّورَةِ؛ لأنَّها تكونُ كالمَوْهُوبَةِ (2). وليس بصَحِيحٍ، [فإنَّه يَصِحُّ] (3) فيما إذا قال: زَوَّجْتُكَ بغيرِ مَهْرٍ. فيَصِحُّ ههُنا؛ لأَنَّ مَعْناهما واحدٌ، فما صَحَّ في إحْدَى الصُّورَتَيْن المُتَساوِيتَيْن، صَحَّ في الأُخْرَى. وليست كالمَوْهُوبَةِ (4)، لأَنَّ الشَّرْطَ يَفْسُدُ، ويَجِبُ المَهْرُ. وقد ذكَرْنا أنَّ المُزَوَّجَةَ بغيرِ مَهْرٍ تسَمَّى مُفَوّضَةً، بكَسْرِ الواوِ وفَتْحِها، فمَنْ كَسَر أضافَ الفِعْلَ إليها (5) على أنَّها فاعِلةٌ، ومَن فَتَح أضافَه إلى وَلِيِّها. ومعنى التَّفْوِيضِ الإهْمالُ، كأنَّها أهْمَلَتْ أمْرَ المَهْرِ، حيث لم تُسَمِّه. قال الشَّاعِرُ (6):
لا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لا سَراةَ لهم
…
ولا سَراةَ إذَا جُهَّالُهم سَادُوا
(1) تقدم تخريجه في 18/ 293.
(2)
في الأصل: «كالمرهونة» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «كالمرهونة» .
(5)
سقط من: م.
(6)
هو الأفوه الأودى. والبيت في العقد الفريد 1/ 6، 6/ 137. وانظر: الطرائف الأدبية 10.