الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا، فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ، فَسَدَ نِكَاحُهُمَا.
ــ
ولأنَّه نِكاحٌ لا يُقَرُّ عليه في الإِسْلامِ، فلا يجبُ به مَهْرٌ إذا لم يَدْخُلْ بها، كما لو تزوَّجَ المَجُوسِيُّ أُخْتَه ثم أسْلَما قبلَ الدُّخُولِ. وهكذا (1) الحكْمُ فيما زاد على الأرْبَعِ، إذا أسْلَمُوا جميعًا قبلَ الدُّخولِ، فاختارَ أربعًا، وانْفَسَخَ نِكاحُ الْبَواقِي، فلا مَهْرَ لهنَّ؛ لِما (2) ذَكَرْنا. والله أعلمُ.
3236 - مسألة: (وإن كَانَتا أُّمًّا وبِنْتًا)
ولم يَدْخُلْ بِالْأُمِّ (انْفَسَخَ نِكَاحُها، وإن كان دَخَل بِالأُمِّ، فَسَد نِكاحُهُمَا) أمَّا إذا كان إسْلامُهُم جميعًا قبلَ الدُّخُولِ، فإنَّه يَفْسُدُ نِكاحُ الأمِّ، ويَثْبُتُ نِكاحُ البِنْتِ. وهذا أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ، واخْتيارُ المُزَنِيِّ. وقال في الآخَرِ: يَخْتارُ أيَّتَهُما شاءَ؛ لأنَّ عَقْدَ الشِّرْكِ إنَّما يَثْبُتُ له حكمُ الصِّحَّةِ إذا انْضَمَّ إليه الاخْتِيارُ، فإذا اخْتارَ الأُمَّ فكأنَّه لم يَعْقِدْ على البِنْتِ. ولَنا، قولُ الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} (3). وهذه أُمُّ زَوْجَتِه، فتَدْخُلُ في عُمُومِ الآيةِ، ولأنَّها أُمُّ زَوْجَتِه، فتَحْرُمُ عليه، كما لو طَلَّقَ ابْنَتَها في حالِ شِرْكِه، ولأنَّه لو تَزَوَّجَ البنتَ وَحْدَها، ثم طَلَّقَها، حَرُمَتْ عليه أُمُّها إذا أسْلَمَ، فإذا لم يُطَلِّقْها
(1) في م: «وهذا» .
(2)
في م: «فيما» .
(3)
سورة النساء 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتَمَسَّكَ بنِكاحِها أوْلَى. وقولُهم: إنَّما يَصِحَّ العَقْدُ بانْضِمامِ الاخْتيارِ إليه. غيرُ صحيحٍ؛ فإنَّ أنْكِحَةَ الكُفَّارِ صحيحةٌ، يَثْبُتُ لها أحكامُ الصِّحَّةِ. وكذلك لو انْفَرَدَتْ، كان نِكاحُها صحيحًا لازِمًا مِن غيرِ اخْتيارٍ، ولهذا فُوِّضَ إليه الاخْتيارُ ههُنا. ولا يَصِحُّ أن يختارَ مَن ليسَ نِكاحُها صَحِيحًا، وإنَّما اخْتصَّتِ الأُمُّ بفَسادِ نِكاحِها؛ لأنَّها تَحْرُمُ بمُجَرَّدِ العَقْدِ على ابْنَتِها على التَّأْبِيدِ، فلم يُمْكِنِ اختِيارُها، والبِنْتُ لا تَحْرُمُ قبلَ الدُّخُولِ بِأُمِّها، فَتَعَيَّنَ النِّكاحُ فيها (1)، بخِلافِ الأُخْتَينِ.
فصل: فإن كان قد (2) دخَلَ بالأُمِّ أو بهما، حَرُمَ نِكاحُهما على التَّأْبِيدِ؛ الأمُّ لأنَّها أُمُّ زَوْجَتِه، والبِنْتُ لأنَّها رَبِيبتُه، مدْخُولٌ بأُمِّها. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَع على هذا كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ. وهو قولُ الحسنِ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وقَتَادَةَ، ومالكٍ، وأهلِ الحجازِ، والثَّوْرِيِّ، وأهلِ العراقِ، والشافعيِّ، ومَن تَبِعَهم. فإن دَخَل بالبِنْتِ وَحْدَها، ثَبَتَ نِكاحُها، وفَسَد نِكاحُ أمها، كما لو لم يَدْخُلْ بهما، فإن لم يُسْلِمْ معه إلا إحْدَاهما، كان الحُكْمُ كما لو أسْلَمَتا معه معًا؛ فإن كانتِ المُسْلِمَةُ هي الأمَّ، فهي مُحَرَّمَةٌ عليه على كلِّ حالٍ، وإن كانتِ البِنْتَ ولم يَكُنْ دَخَلَ بأُمِّها، ثَبَتَ نِكاحُها، وإن كان دَخَل بها، فهي مُحَرَّمَةٌ
(1) في م: «في أمها» .
(2)
زيادة من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على التَّأْبِيدِ. [ولو أسْلَم وله جاريتان، إحداهما أُمُّ الأخْرَى، وقد وَطِئَهما جميعًا، حَرُمَتا عليه على التَّأْبِيدِ](1)، وإن كان قد وَطِئَ إحدَاهما، حَرُمَتِ الأُخْرَى على التَّأْبِيدِ، ولم تَحْرُمِ الموْطُوءَةُ، وإن لم يَكُنْ وَطِئَ (2) واحدِةً منهما، فله وَطْءُ أَيَّتِهُما شاءَ، فإذا وَطِئَها، حَرُمَتِ الأخْرَى على التَّأبِيدِ. واللهُ أعلمُ.
فصل: إذا أسْلَمَ عَبْدٌ، وَتَحْتَه زَوْجَتان قد دَخَلَ بِهما، فأسْلَمَتا في العِدَّةِ، فهما زَوْجَتاهُ. وإن كُنَّ أكثرَ، اختارَ منهُنَّ اثْنَتَين؛ لأنَّ حُكْمَ العَبْدِ فيما زادَ على [الاثْنَتَينِ حُكْمُ الحُرِّ فيما زاد على](3) الأرْبَعِ، فإذا أسْلَمَ وتحتَه زَوْجتان، فأسْلَمَتا معه، أو في عِدَّتِهِما، لَزِمَ نِكاحُه، حُرَّتَين كانَتا أو أمَتَين، أو حُرَّةً وأمَةً؛ لأنَّ له الجمعَ بَينَهما في ابْتِداءِ نِكاحِه، فكذلك في اخْتِيارِه. وإن كُنَّ أكثرَ، اخْتارَ منهنَّ اثْنَتَينِ، بنَاءً على ما مَضَى في الحُرِّ، فلو كان تَحْتَه حُرَّتانِ وأَمَتانِ، فله أن يخْتارَ الحُرَّتَين أو الأمَتَين، أو حُرَّةً و (4) أَمةً، وليس للحُرَّةِ إذا أسْلَمَتْ معه الخيارُ في فِراقِه؛ لأنَّها رَضِيَتْ بِنكاحِه وهو عَبْدٌ، ولم يتجَدَّدْ رِقُّه بالإِسْلامِ، ولا تَجَدَّدَتْ حُرِّيَّتُها بذلك، فلم يكُنْ [لها خيارٌ](5)، كما لو تَزَوَّجَتْ مَعِيبًا تَعْلَمُ عَيبَه ثم أسْلَما.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «أو» .
(5)
في م: «له اختيار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذكر القاضي وجهًا (1)، أنَّ لها الخيارَ؛ لأنَّ الرِّقَّ عَيبٌ تجدَّدَتْ أحكامُه بالإِسلامِ، فكأنَّه عَيبٌ حادِثٌ. والأوَّلُ أَصَحُّ؛ فإنَّ الرِّقَّ لم يَزَلْ عيبًا ونَقْصًا عندَ العُقلاءِ، ولم يَتَجَدَّدْ نَقْصُه بالإِسْلامِ، فهو كسائرِ العُيُوبِ.
فصل: ولو أسْلَمَ وتَحْتَه أرْبَعُ حَرَائِرَ، فأُعْتِقَ، ثم أسْلَمْنَ في عِدَّتِهِنَّ، أو أسْلَمْنَ قبلَه، ثم أُعْتِقَ، ثم أَسْلَمَ، ثَبَتَ نِكاحُ الأرْبَعِ؛ لأنَّه ممَّن يجُوزُ له الأرْبَعُ في وَقْتِ اجتمَاعِ إسْلامِهِم؛ لأنَّه حرٌّ. فأمَّا إن أسْلَمُوا كُلُّهم، ثم أُعْتِقَ قبلَ أن يختارَ، لم يَكُنْ له أن يخْتارَ إلَّا اثْنَتَينِ؛ لأنَّه كان عَبْدًا حينَ ثَبَتَ له الاخْتيارُ، وهو حالُ اجتماعِهِم، على الإِسْلامِ، فتَغَيُّرُ حالِه بعدَ ذلك لا يُغَيِّرُ الحُكْمَ، كمن أسْلَمَ وتَحْتَه إماءٌ، فأسْلَمْنَ معه، ثم أيسَرَ. ولو أسْلَمَ معه اثْنَتان، ثم أُعْتِقَ، ثم أسْلَمَ الباقِياتُ (2)، لم يَخْتَرْ إلَّا اثْنَتَين؛ لأنَّه ثَبَتَ له الاختيارُ بإسْلامِ الأُولَيَين.
فصل: فإن تزَوَّجَ أرْبَعًا مِن الإِماءِ، فأسْلَمْنَ، وأُعْتِقْنَ قبلَ إسْلامِه، فلَهُنَّ فَسْخُ النِّكاحِ؛ لأنَّهُنَّ عَتَقْنَ تَحْتَ عَبْدٍ، وإنَّما مَلَكْنَ الفَسْخَ وإن كُنَّ جارِياتٍ إلى بَينُونَةٍ؛ لأنَّه قد يُسْلمُ [فيَقْطَعُ جَرَيانَهُنَّ إلى البَينُونَةِ، فإذا فَسَخْنَ ولم يُسْلِمِ الزَّوْجُ، بِنَّ باخْتِلافِ الدِّينِ مِن حينَ أسْلَمْنَ](3)، وتَبَيَّنَ أنَّ الفَسْخَ لم يَصِحَّ. وإن أسْلَمَ في العِدَّةِ، بِنَّ بفَسْخِ النِّكاحِ،
(1) في الأصل: «وجهان» .
(2)
في م: «الباقيتان» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليهِنَّ عِدَّةُ الحرائِرِ في المَوْضِعَينِ؛ لأنَّهُنَّ ههُنا وَجَبَتْ عليهنَّ العِدَّةُ وهُنَّ حرائرُ، وفي التي قبلَها عَتَقْنَ في أثْناءِ العِدَّةِ التي يُمْكِنُ الزَّوْجَ تلافِي النِّكاحِ فيها، فأشْبَهْنَ الرَّجْعِيَّةَ. فإن أَخَّرْنَ الفَسْخَ حتى أسْلَمَ الزَّوْجُ، فهُنَّ كالرَّجْعِيَّةِ إذا أُعْتِقَتْ وأخَّرَتِ الفَسْخَ، لأنَّ تَرْكَهُنَّ الفَسْخَ اعتمادٌ على جَرَيانِهِنَّ إلى البَينُونَةِ، فلم يتَضَمَّنِ الرِّضَا بالنِّكاحِ. ولو أسْلَمَ قَبْلَهنَّ، ثم أُعْتِقْنَ فاخْتَرْنَ الفَسْخَ، صَحَّ، لأنَّهُنَّ إماءٌ عَتَقْنَ تحْتَ عَبْدٍ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعيِّ وقال بعضُهم: لا خِيارَ لهُنَّ؛ لأنَّه لا حاجَةَ بهنَّ إلى الفَسْخِ، لكَوْنِه يَحْصُلُ بإقامَتِهنَّ على الشِّرْكِ، بخِلافِ التي قَبْلَها. وليس بصحيحٍ، فإنَّ السَّبَبَ مُتَحَقِّقٌ، وقد يَبْدُو لهنَّ الإِسْلامُ، وهو واجِبٌ عليهنَّ. فإن قِيلَ: فإذا أسْلَمْنَ اخْتَرْنَ الفَسْخَ. قُلْنا: يَتَضَرَّرْنَ بطولِ العِدَّةِ، فإنَّ ابْتِداءَها مِن حينِ الفَسْخِ، ولذلك ملَكْنَ الفَسْخَ فيما إذا أسْلَمْنَ وعَتَقْنَ قبلَه. فأمَّا إنِ اخْتَرْنَ المُقَامَ، وقُلْنَ: قَدْ رَضِينَا بالزَّوْجِ. فذَكَر القاضي أنَّه يَسْقُطُ خيارُهُنَّ؛ لأنَّها حالةٌ يَصِحُّ فيها اخْتِيارُ الفَسْخِ، فَصَحَّ فيها اخْتِيارُ الإِقامَةِ، كحالِ اجْتِماعِهم على الإِسْلامِ. وقال أصحابُ الشافعيِّ: لا يَسْقُطُ خِيارُهُنَّ (1)، لأنَّ اختيارَهُنَّ للإقامَةِ ضِدُّ الحالةِ التي هُنَّ عليها، وهي جَرَيَانُهُنَّ إلى البَينُونَةِ، فأشْبَهَ ما لو ارْتَدَّتِ الرَّجْعِيَّةُ، فراجَعَها الزَّوجُ حال رِدَّتِها. وهذا يَبْطُلُ بما إذا قال: إذا جاء رَأْسُ الشَّهْرِ فأنْتِ طَالِقٌ. ثم عَتَقَتْ، فاختارَتْ زَوْجَها.
(1) في م: «اختيارهن» .
فَصْلٌ: وَإِنْ أسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ، وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ الإِمَاءُ، فَلَهُ الاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ، وَإلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ.
ــ
فصل: قال الشَّيخُ، رحمه الله:(فإن أسْلَمَ وتحْتَه إماءٌ فأسْلَمْنَ معه، وكان في حالِ اجْتِماعِهِم على الإسْلامِ ممَّن يَحِلُّ له الإماءُ، فله الاخْتِيارُ منهنَّ، وإلَّا فَسَدَ نِكاحُهُنَّ) إذا كان في حالِ اجْتِماعِهِم على الإِسْلامِ عادِمًا للطَّوْلِ خائِفًا للعَنَتِ، فله أن يَخْتارَ منهنَّ واحدةً. فإن كانت لا تُعِفُّه، فله أن يَخْتارَ منهنَّ مَن تُعِفُّه، في إحدَى الرِّوايَتَين. والأُخْرَى، لا يَخْتارُ إلَّا واحدةً. وهو مذهبُ الشافعيِّ. وتَوْجيهُهُما قد مَضَى ذِكْرُه. وإن عُدِمَ فيه الشَّرْطانِ، انْفَسَخَ النكاحُ في الكُلِّ، ولم يكُنْ له خِيارٌ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو ثورٍ: له أن يَخْتارَ منهنَّ؛ لأنَّه اسْتِدامَةٌ للعَقْدِ لا ابْتِداءٌ له، بدَلِيلِ أنَّه لا يُشْتَرَطُ له (1) شُرُوطُ العَقْدِ، أشْبَهَ الرَّجْعَةَ. ولَنا،
(1) سقط من: م.