الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثلِ لِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، وَالْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَى، وَلَا يَجِبُ مَعَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ.
ــ
مَهْرَ؛ لأنَّه عَقْدٌ فاسدٌ لم يَتَّصِلْ به قَبْضٌ، فلم يَجِبْ به عِوَضٌ، كالبَيْعِ الفاسدِ، وإن كان بعدَ الدُّخولِ، فلها المَهْرُ؛ لما ذكَرْنا. وإن تَكَرَّرَ الوَطْءُ، لم يَجِبْ به أكثرُ مِن مَهْرٍ واحدٍ، بدليلِ قولِه عليه الصلاة والسلام:«فلَها الْمَهْرُ بما اسْتَحَلَّ مِن فَرْجِها» . ولأنَّه إصابَةٌ في عَقْدٍ، أشْبَهَ الإِصابةَ في العَقْدِ الصَّحِيحِ.
3310 - مسألة: (وَيَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ لِلْمَوْطوءَةِ بشُبْهَةٍ، والمُكْرَهَةِ على الزِّنى، ولا يَجِبُ معه أَرْشُ الْبَكارَةِ. ويَحْتَمِلُ أَن يَجِبَ لِلْمُكْرَهَةِ)
أمَّا المَوْطوءَة بشُبْهَةٍ، فيَجِبُ لها مَهْرُ المِثْلِ. بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. ويجبُ للمُكْرَهَة على الزِّنَى، في ظاهرِ المذهبِ. وعن أحمدَ: لا يَجِبُ لها مَهْرٌ إن كانت ثَيِّبًا. اخْتارَه أبو بكرٍ. ولا يَجِبُ معه أَرْشُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البَكارَةِ. وذكرَ القاضى، أنَّ أحمدَ [قدْ قال](1)، في رِوايةِ أبى طالبٍ، في حَقِّ الأَجْنَبِيَّةِ إذا أكْرَهَها على الزّنى، [وهى بِكْرٌ] (2): فعليه المَهْرُ، وأرشُ البَكارةِ. وهذا قولُ الشافعىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا مَهْرَ للمُكرَهةِ على الزِّنى. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«فلها المَهْرُ بما اسْتَحَلَّ مِن فَرْجها» . وهو حُجَّةٌ على أبى حنيفةَ؛ فإنَّ المُكْرَهَةَ مُسْتَحَلٌّ لفَرْجِها، فإنَّ الاستِحْلالَ الفِعْلُ في غيرِ مَوْضِعِ الحِلِّ؛ لقولِه (3) عليه السلام:«مَا آمَنَ بالقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحارِمَهُ» (4). وهو حُجَّةٌ أيضًا على مَن أوْجَبَ الأَرْشَ؛ لِكَوْنِه أَوْجَبَ المَهْرَ وَحْدَه مِن غيرِ أَرْشٍ، ولأنَّه اسْتَوْفَى ما يَجِبُ بَدَلُه بالشُّبْهَةِ، وفى العَقْدِ الفاسدِ (5)، فَوَجَبَ بالتَّعَدِّى، كإتْلافِ المالِ،
(1) في م: «ذكر» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في المغنى 10/ 186: «كقوله» .
(4)
تقدم تخريجه في 20/ 414.
(5)
بعده في المغنى: «كرها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأَكْلِ طَعامِ الغَيْرِ. ولَنا [على](1) أنَّه لا يَجِبُ الأَرْشُ، أنَّه (2) وَطْء ضُمِنَ بالمَهْرِ، فلم يَجِبْ معه أرْش، كسائرِ الوَطْءِ، يُحَقِّقُه أنَّ المَهْرَ بَدَلُ المَنْفَعَةِ المُسْتَوْفاةِ بالوَطْءِ، وبَدَلُ المُتْلَفِ لا يَخْتَلِفُ بكَوْنِه في عَقدٍ فاسدٍ وكَوْنِه تمَحَّضَ عُدْوَانًا. و (3) لأَنَّ الأرْشَ يَدْخُلُ في المَهْرِ؛ لكَوْنِ الواجبِ لها مَهْرَ المِثْلِ، ومَهْرُ البكْرِ يَزِيدُ على مَهْرِ الثَّيِّبِ ببَكارَتِها، فكانتِ الزِّيادةُ في المهرِ مُقابِلَة لِما أُتْلِفَ مِن البَكارةِ، فلا يَجِبُ عِوَضُها مَرَّةً ثانيةً. يُحَقِّقُه أنَّه إذا أُخِذَ أَرْشُ البَكارَةِ مَرَّة، لم يَجُزْ أخْذُه مَرَّةً أُخْرَى، فتَصِيرُ كأنَّها مَعْدُومَةٌ، فلا يَجِبُ لها إلَّا مَهْرُ ثَيِّبٍ (4)، ومَهْرُ الثَّيِّبِ مع أَرْشِ البَكارةِ هو مَهْر البِكْرِ. فلا تجوزُ الزِّيادةُ عليه.
فصل: ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ المَوْطُوءةِ أجْنَبِيَّةً أو مِن ذَواتِ مَحارِمِه. وهو اخْتيارُ أبى بكرٍ. ومذهَبُ النَّخَعِىِّ، ومَكْحُولٍ، وأبى حنيفةَ،
(1) تكملة من المغنى.
(2)
في م: «لأنه» .
(3)
في الأصل: «أو» .
(4)
في الأصل: «بنت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعىِّ. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّ النِّساءَ مِن ذَواتِ مَحارِمِه لا مَهْرَ لَهُنَّ. وهو قولُ الشَّعْبِىِّ، لأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ تَحْرِيمُ أصْلٍ، فلا يَجِبُ به مَهْرٌ، كاللِّواطِ، وفارَقَ مَن حَرُمَت تَحْرِيمَ المُصاهَرَةِ، فإنَّ تَحْريمَها طارِئٌ (1). وكذلك يَنْبَغِى أن يكونَ الحكمُ في مَن حَرُمَتْ بالرَّضاعِ؛ لأنَّه طارِئ (2) أيضًا. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَ مَن تَحْرُمُ ابْنَتُها لا مَهْرَ لها، كالأمِّ والبِنْتِ والأُخْتِ، ومَن تَحِلُّ ابْنَتُها، كالعَمَّةِ والخالَةِ، فلها المَهْرُ، لأَنَّ تَحْرِيمَها أَخَفُّ. ولَنا، أنَّ ما ضُمِنَ للأجْنَبِىِّ، ضُمِنَ للمُناسِبِ، كالمالِ ومَهْرِ الأمَةِ، ولأنَّه أتْلَفَ مَنْفَعَةَ بُضْعِها بالوَطْءِ، فلَزِمَه مَهْرُها، كالأَجْنَبِيَّةِ، ولأنَّه مَحَلٌّ مَضْمونٌ على غيرِه، فوَجَبَ عليه ضَمانُه، كالمالِ، وبهذا فارَقَ اللِّواطَ، فإنَّه غيرُ مَضْمُونٍ على أحَدٍ.
(1) في الأصل: «طار» . وفى م: «طال» . وانظر نص الإنصاف.
(2)
في الأصل: «طار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَجِبُ المهرُ بالوَطْءِ في الدُّبُرِ، ولا اللِّواطِ؛ لأَنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ ببَدَلِه، ولا هو إتْلافٌ لشئ، فأَشْبَهَ القُبْلَةَ والوَطْءَ دُونَ الفَرْجِ. وقال في «المحرَّرِ» (1): يجبُ بوَطْءِ المرأةِ في الدُّبُرِ، كالوَطْءِ في القُبُلَ. والأَوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه ليس بسَبَبٍ للبَضْعِيَّةِ (2)، أشْبَهَ اللِّواطَ. ولا يَجِبُ للمُطاوِعَةِ على الزِّنى؛ لأنَّها باذِلَةٌ لِما يَجِبُ بَذْلُه لها، فلم يَجِبْ لها (3) شئٌ، كما لو أَذِنَت له في قَطْعِ يَدِها فقَطَعَها (4)، إلَّا أن تكونَ أمَةً، فيكونُ المهرُ لسَيِّدِها، ولا يَسْقُطُ بِبَذْلِها؛ لأَنَّ الحَقَّ لغيرِها، فأَشْبَهَ ما لو بَذَلَتْ قَطْعَ يَدِها.
(1) في الأصل: «المجرد» .
(2)
في الأصل: «للتعصبة» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومَن طَلَّقَ امرأتَه قبلَ الدُّخولِ طَلْقَةً، وظَنَّ أنَّها لا تَبِينُ بها، فوَطِئَها، لَزِمَه مَهْرُ المِثْلِ ونِصْفُ المُسَمَّى. وقال: مالكٌ: لا يَلْزَمُه إلَّا مَهْرٌ واحدٌ. ولَنا، أنَّ المفْرُوضَ تَنَصَّف بطَلاقِه، لقولِه (1) سبحانه:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (2). ووَطْؤه بعدَ ذلك عَرِىَ عن العَقْدِ (3)، فَوَجَبَ به مَهْرُ المِثْلِ، كما لو عَلِمَ، أو كغيرِها، أو كما لو وَطِئَها غيرُه. فأمَّا مَن نِكاحُها باطِلٌ بالإِجْماع، كالمُزَوَّجَةِ والمُعْتَدَّةِ، إذا نَكَحَها رَجُلٌ، فوَطِئَها عالِمًا (4) بالحالِ وتَحْرِيمِ الوَطْء، وهى مُطاوِعَةٌ عالِمَةٌ، فلا مَهْرَ؛ لأنَّه زِنًى يُوجِبُ الحَدَّ، وهى مُطاوِعَةٌ عليه. وإن جَهِلَتْ تَحْرِيمَ ذلك، أو كَوْنَها في العِدَّةِ، فالمَهْرُ لها؛ لأنَّه وَطْءُ شُبْهَةٍ. وقد رَوَى أبو داودَ (5)، بإسْنادِه، أنَّ رَجُلًا يُقالُ له: بَصْرَةُ (6) بنُ أكْثَمَ، نَكَح امرأةً،
(1) في م: «بقوله» .
(2)
سورة البقرة 237.
(3)
في م: «الفعل» .
(4)
في الأصل: «رجل عالم» .
(5)
في: باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى، من كتاب النكاح. سنن أبى داود 1/ 491، 492. وقال أبو داود: أرسلوه كلهم. وانظر ضعيف سنن أبى داود 209.
(6)
في الأصل: «نضر» ، وفى م «نصر» . والمثبت من سنن أبى داود.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوَلَدَتْ لأرْبَعةِ أشْهُر، فَجَعل النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لها الصَّداقَ (1). [وفى لفظٍ قال:«[لها] (2) الصَّداقُ] (3) بما اسْتَحْلَلْتَ مِن فَرْجِهَا، فإذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوها» . ورَوى سعيدٌ، في «سُنَنِه» (4) عن عِمْرانَ بنِ كَثِيرٍ، أنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بنَ الحُرِّ تَزَوَّجَ جاريةً (5) مِن قَوْمِه، يُقالُ لها الدَّرْداءُ (6)، فانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ فلَحِقَ بمُعاوِيةَ، وماتَ أبو الجارِيَةِ، فزَوَّجَها أهْلُها رَجُلًا يُقالُ له عِكْرِمَةُ، فبَلَغَ ذلك عُبَيْدَ اللَّهِ، فَقَدِمَ فخَاصَمَهُم إلى علىٍّ، فقَصُّوا عليه قِصَّتَهُم، فرَدَّ عليه المرأةَ، وكانت حامِلًا مِن عِكْرِمَةَ، فوُضِعَتْ على يَدَىْ عَدْلٍ، فقالتِ المرأةُ لعلىٍّ: أنا أحَقُّ بمالِى أو عُبَيْدُ اللَّهِ؟ قال: بل أنتِ أحَقُّ بمَالِك. قالت: فاشْهَدُوا أنَّ ما كان لى عندَ عِكْرِمَةَ مِن صَداقٍ فهو له.
(1) بعده في م: «بما استحل من فرجها» .
(2)
تكملة من سنن أبى داود.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في: باب من قال: لا نكاح إلا بولى. السنن 1/ 152، 153.
(5)
في م: «امرأة» .
(6)
في الأصل: «الدوداء» .