الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، أوْ خَالعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، صَحَّ، وَيُقْسَمُ بَينَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ في أَحدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخرِ يُقسَمُ بَينَهُنَّ بِالسَّويَّةِ.
ــ
3256 - مسألة: (وإن تَزَوَّجَ نِساءً بِمَهْرٍ وَاحِدٍ، أوَ خالعَهُنَّ بِعِوَضٍ واحدٍ، صَحِّ، ويُقْسَمُ بينَهُنَّ عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِنَّ، في أحدِ الوجْهَينِ. وفي الآخرِ، يُقْسَمُ بيَنَهُنَّ بالسَّويَّةِ)
وجُملةُ ذلك، أنَّه إذا تزوَّجَ أرْبَعَ نِسْوةٍ في عَقْدٍ واحدٍ بمَهْرٍ واحدٍ، مثلَ أن يكونَ لهن (1) وَلِيٌّ واحدٌ، كبَناتِ الأعْمامِ، أو مُوَلِّيَات لولِيٍّ واحدٍ، ومَن ليس لهنَّ وَلِيٌّ، فزوَّجَهُنَّ الحاكمُ، فالنِّكاحُ صحيحٌ، والمهرُ صحيحٌ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وهو أشْهرُ قَوْلَي الشافعيِّ. والقولُ الثاني، أنَّ المَهْرَ فاسِدٌ،
(1) في م: «لهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَجِبُ مَهْرُ المثْلِ؛ لأنَّ ما يجبُ لكُلِّ واحدةٍ مِنهُنَّ مِن المَهْرِ غيرُ معلومٍ. ولَنَا، أنَّ الفَرضَ (1) في الجملةِ معلومٌ، فلا يَفْسُدُ بِجَهالتِه في التَّفْصِيلِ، كما لو اشْتَرَى أرْبعةَ أعْبُدٍ مِن رَجُلٍ بثمن واحدٍ، وكذلك الصُّبْرَةُ بثمنٍ واحدٍ، وهو لا يَعْلَمُ قَدْرَ [قُفْزانِها](2). إذا ثبتَ هذا، فإنَّ المَهْرَ يُقْسَمُ بينهُنَّ على قَدْرِ مُهُورِهِنَّ، في قولِ القاضي، وابنِ حامدٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ وصاحبيه (3)، والشافعيِّ. وقال أبو بكرٍ: يُقْسَمُ بينَهُنَّ بالسَّويَّةِ؛ لأنَّه أضافَهُ إليهِنَّ إضافَةً واحدةً، فكان بينَهُنَّ بالسَّوَاءِ (4)، كما لو وَهَبَه لَهنَّ، أو أقَرَّ به، وكما لو اشْتَرى جماعةٌ ثوبًا بأثْمانٍ مُخْتَلِفةٍ، ثم باعُوهُ مُرابَحةً أو مُساوَمَةً، كان الثَّمنُ بينَهم بالسَّواءِ (4) وإنِ اخْتَلَفَتْ رءُوسُ أمْوالِهم، ولأنَّ القولَ بالتَّقْسيطِ يُفْضِي إلى جَهالةِ العِوَضِ لكُلِّ واحدٍ منهُنَّ، وذلك
(1) في م: «الغرض» .
(2)
في م: كل قفيز منها».
(3)
في الأصل: «صاحبه» .
(4)
في م: «بالسوية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُفْسِدُه. ولَنا، أنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَملتْ على شَيئَين مخُتَلفَي القِيمَةِ، فوجَب تَقْسِيطُ العِوَضِ عليهِما بالقِيمَةِ، كما لو بَاعَ شِقْصًا وسَيفًا، أو لو (1) اشْتَرى عَبْدَين فوجَدَ أحَدَهما حرًّا [أو مغصوبًا. وقد نصَّ أحمدُ فيما إذا ابتاعَ عَبْدَين فوجد أحدَهما حرًّا، أنَّه](2) يَرْجِعُ بقِيمَتِه من الثمنِ. وكذلك نَصَّ في مَن تزوَّجَ على جارِيَتَين، فإذا إحداهُما حُرَّةٌ، أنَّه يَرْجِعُ بقِيمَةِ الحُرَّةِ. وما ذكَرَه مِن المسألةِ ممنوعٌ. وإن سُلِّم، فالقِيمةُ ثَمَّ واحدةٌ، بخلافِ مَسْألَتِنا. وأَمَّا الهِبَةُ والإِقْرارُ، فليس فيهما قيمةٌ يُرْجَعُ إليها، وتُقْسَمُ الهِبَةُ عليها، بخِلافِ مَسْألَتِنا، وإفْضَاؤُه إلى جَهَالةٍ لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ إذا كان معلومَ الجُملةِ. ومثلُ هذه المسألةِ، إذا خَالعَ نِسَاءَه بِعِوَضٍ واحدٍ، فإنَّه يَصِحُّ مع الخِلافِ فيه، ويُقْسَمُ العِوَضُ في الخُلْعِ على قَدْرِ مُهُورِهنَّ، وعندَ أبي بكرٍ، يُقْسَمُ بالسَّويَّةِ.
فصل: فإن تزوَّجَ امرأَتين بصَداقٍ واحدٍ، إحداهما ممّن لا يَصِحُّ العَقْدُ عليها؛ لكَوْنِها مُحرَّمَةً عليه، أو غير ذلك، وقلنا بصِحَّةِ النِّكاحِ في
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُخْرَى، فلها بِحِصَّتِها مِن المُسَمَّى. وبه قال الشافعيُّ على [قولٍ، وأبو يُوسُف](1). وقال أبو حنيفةَ: المُسَمَّى كلُّه للَّتِي يَصِحُّ نِكاحُها؛ لأنَّ العَقْدَ الفاسِدَ لا يَتَعَلَّقُ به حُكْمٌ بحالٍ، فصارَ كأنَّه تزَوَّجَها والحائِطَ بالمُسَمَّى. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على عَينَين إحدَاهما لا يجوزُ العَقْدُ عليها، فلَزِمَه في الأخْرى بحِصَّتِها، كما لو باع عَبدَه وأمَّ وَلَدِه، وما ذكَرَه لا يَصِحُّ؛ فإنَّ المرأةَ في مُقَابلةِ نِكاحِها مَهْرٌ، بخِلافِ الحائِطِ.
فصل: فإن جمع بينَ نِكاحٍ وبيعٍ، فقال: زوَّجْتُك ابْنَتِي وبِعْتُك داري هذه بألفٍ. صَحَّ، ويُقَسَّطُ الألفُ عليهما على قَدْرِ صَداقِها وقيمَةِ الدّارِ. وإن قال: زوَّجْتُكَ ابْنَتِي واشْتَريتُ منك عبدَكَ هذا بألفٍ. فقال: بِعتُكَه وقبِلتُ النِّكاحَ. صَحَّ، ويُقَسَّطُ الألفُ على العبدِ ومَهْرِ مِثْلِها. وقال الشافعيُّ، في أحدِ قولَيه: لا يَصِحُّ البَيعُ والمَهْرُ؛ لإِفْضائِه إلى الجهالةِ (2). ولَنا، أنَّهما عَقدانِ يَصِحُّ كُلُّ واحدٍ منهما منفردًا، فَصَحَّ جمْعُهما، كما لو باعَه ثَوْبَين. فإن قال: زوَّجْتُك ولكَ هذا (3) الألف بألفَين. لم يَصِحَّ؛ لأنَّه كمُدِّ عجْوَةٍ.
(1) في النسختين: «على قول أبي يوسف» . والمثبت كما في المغني 10/ 175.
(2)
في م: «الجعالة» .
(3)
في م: «هذه» .
فَصلٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَالثَّمَنِ، وَإنْ أَصْدَقَهَا دَارًا غَيرَ مُعَيَّنةٍ أَوْ دَابَّةً، لَمْ يَصِحَّ،
ــ
فصل: (ويُشْتَرَطُ أن يَكُونَ مَعْلُومًا، كالثَّمَنِ، فإن أَصدَقَها دَارًا غيرَ مُعَيَنةٍ أوْ دَابَّةً، لم يَصِحَّ) وهذا اختيارُ أبي بكرٍ، ومذهبُ الشافعيِّ. وقال القاضي: يَصِحُّ مَجْهُولًا، ما لم تَزِدْ جَهالتُه على مَهْرِ المِثْلِ؛ لأن جعفرَ بنَ محمدٍ نقلَ عن أحمدَ، في رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرأةً على ألْفِ دِرْهَمٍ وخادِمٍ، فطَلَّقها قبلَ أن يَدْخُلَ: يُقَوَّمُ الخادِمُ وَسَطًا على قَدْرِ ما يُخْدَمُ مِثْلُها. ونحوُ هذا قولُ أبي حنيفةَ. فعلى هذا، لو تَزَوَّجَها على عَبْدٍ، أو أمَةٍ، أو فرَسٍ، أو بَغْلٍ، أو حَيَوانٍ مِن جِنْسٍ معْلُومٍ، أو ثَوْبٍ هَرَويٍّ
وَإنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا، لَمْ يَصحَّ.
ــ
أو مَرْويٍّ، أو ما أشْبَهَه ممَّا يَذْكُرُ جِنْسَه، فإنَّه يَصحُّ، ولها الوسَطُ (1). وكذلك قَفِيزُ حِنْطةٍ، وعَشَرةُ أرْطالِ زَيتٍ. فإن كانتِ الْجَهالةُ تَزِيدُ على جَهالةِ قهْرِ المِثْلِ، كثَوْبٍ أو دابَّةٍ أو حيوانٍ، أو على حُكْمِها [أو حُكْمِه أو حُكْمِ أجْنَبِيٍّ، أو على حِنْطةٍ أو شعيرٍ أو زبيبٍ، أو على ما اكْتَسَبَه مِن (2) العامِ، لم يَصِحَّ](3)؛ لأنَّه لا سَبِيلَ إلى مَعْرِفةِ الوَسَطِ، فيتَعَذَّرُ تَسْلِيمُه. وفي الأوَّلِ يَصحُّ؛ لقولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (4):«العَلائِقُ ما تَراضَى عَلَيهِ الأهْلُونَ» (5). وهذا قد تَراضَوْا عليه. ولأَنَّه مَوْضِعٌ يَثْبُتُ فيه الحيوانُ في الذِّمَّةِ بَدلًا عمَّا ليس المَقْصُودُ فيه المال، فيَثْبُتُ مُطْلَقًا كالدِّيَةِ، ولأنَّ جهالةَ التَّسْمِيةِ ههُنا أقَلُّ مِن جَهالةِ مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّه يُعْتَبَرُ بنِسائِها ممن (6) تُساويها في صِفاتِها وبَلَدِها وزَمانِها ونَسَبِها، ولأنَّه لو تَزَوَّجَها على مَهْرِ المِثْلِ، صَحَّ، فههُنا مع قِلَّةِ الجَهْلِ أوْلَى، ويفارِقُ البيعَ، فإنَّه لا يَحْتَمِلُ فيه الجهالةَ بحالٍ. وقال مالكٌ: يَصحُّ مجهولًا؛ [لأنَّ ذلك](7) ليس بأكْثَرَ من تَرْكِ ذِكْرِه (وإن أصَدَقَها عبْدًا مُطْلَقًا، لم
(1) في م: «الفسط» .
(2)
في المغني 10/ 113: «في» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
بعده في م: «أدوا» .
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 80.
(6)
في م: «من» .
(7)
في م: «لأنه» .
وَقَال الْقَاضِي: يَصِحُّ، وَلَهَا الْوَسَطُ، وَهُوَ السِّنْدِيُّ.
ــ
يَصِحَّ) وهو قولُ أبي بكرٍ (وقال القاضي: يَصِحُّ، ولها الوسَطُ، وهو السِّنْدِيُّ) كما إذا أصْدَقَها عبدًا أو ثَوْبًا وذكَرَ جنْسَه؛ لأنَّ له وَسَطًا تُعْطاهُ المرأةُ.