الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلْمَرأةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا،
ــ
ففيما إذا فَعَلَه الزَّوْجُ أوْلَى، فإنَّ ما يَجِبُ به الصَّداقُ ابْتِداءً أحَقُّ (1) بتَقرِيرِ (2) الصَّداقِ. وقد رُوِى عن أحمدَ، في مَن أخَذ امرأتَه وقَبَض عليها، أو نَظَر إليها وهى عُرْيانَةٌ: أنَّ عليه الصَّداقَ كاملًا. فهذا أوْلَى.
3313 - مسألة: (وللمَرْأةِ مَنْعُ نَفْسِها حتى تَقْبِضَ مَهْرَها)
إذا كان حالًّا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، أنَّ للمرأةِ أن تَمْتَنِع مِن دُخولِ الزَّوْجِ عليها، حتى يُعْطيَها مَهْرَها. فإن قال الزَّوْجُ: لا أُسَلِّمُ إليها الصَّداقَ حتى أَتسَلَّمَها. أُجْبِرَ على تَسْليمِ الصَّداقِ أوَّلًا، ثم تُجْبَرُ هى على تَسْلِيمِ نَفْسِها. ومذهبُ الشافعىِّ في هذا على نحوِ مذْهَبِه في البَيْعِ. ولَنا، أنَّ في إجْبارِها على تَسْليمِ نَفْسِها أوَّلًا خَطَرَ إتْلافِ البُضْعِ، والامْتِناعِ مِن بَذْلِ الصَّداقِ، فلا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ
(1) في الأصل: «حق» .
(2)
في م: «بتقدير» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في البُضْعِ، بخلافِ المَبِيعِ الذى يُجْبَرُ على تَسْليمِه قبلَ تَسْليمِ ثَمَنِه. فإذا تَقَرَّرَ ذلك، فلها النَّفقَةُ إنِ امْتَنَعَتْ لذلك، وإن كان مُعْسِرًا بالصَّداقِ؛ لأَنَّ امْتِناعَها بحَقٍّ. فإن كان الصَّداقُ مُوجَّلًا، فليس لها مَنْعُ نَفْسِها قبلَ قَبْضِه؛ لأَنَّ رِضاهَا بتَأْجِيلِه رِضًا منها بتَسْليمِ نَفْسِها قبلَ قَبْضِه، كالثَّمَنِ المُؤَجَّلِ في البَيْعِ. فإن حَلَّ المُؤَجَّلُ قبلَ تَسليمِ نَفْسِها، لم يَكُنْ لها مَنْعُ نَفْسِها أيضًا؛ لأَنَّ التَّسْلِيمَ قد وَجَبَ عليها، واسْتَقَرَّ قبلَ قَبْضِه،
فَإِنْ تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، ثُمَّ أَرادَتِ الْمَنْعَ، فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنَ.
ــ
فلم يكُنْ لها أن تَمْتَنِعَ منه. فإن كان بعْضُه حالًا وبعضُه مُؤَجَّلًا، فلها مَنْعُ نَفْسِها قبلَ قَبْضِ العاجِلِ دُونَ الآجِلِ. فإن سَلَّمَتْ نَفْسَها قبلَ قَبْضِه، ثم أرادَتْ مَنْعَ نَفْسِها حتى تَقْبِضَه، فهل لها ذلك؟ على وَجْهَيْنِ. وقد تَوَقَّفَ أحمدُ، رحمه الله، عن الجوابِ في هذه المسألةِ. وذهبَ أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ بَطَّةَ، وأبو إسْحاقَ ابنُ شاقْلَا، إلى أنَّها ليس لها ذلك. وهو قولُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مالكٍ، والشافعىِّ، وأبى يُوسُفَ، ومحمدٍ؛ لأَنَّ التَّسْليمَ استَقَرَّ به العِوَضُ برِضَا المُسَلِّمِ، فلم يكُنْ لها أن تَمْنَعَ نَفْسَها بعدَ ذلك، كما لو سَلَّمَ البائعُ المَبِيعَ. وذهبَ أبو عبدِ اللَّه ابنُ حامدٍ، إلى أنَّ لها ذلك. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه تَسْلِيمٌ يُوجِبُه عليها عَقْدُ (1) النِّكاحِ، فَمَلَكَتْ أن تَمْتَنِعَ منه قبلَ قَبْضِ صَداقِها، كالأوَّلِ (2). فأمَّا إن وَطِئَها مُكْرَهَةً، لم يَسْقُطْ به (3) حَقُّها مِنَ الامْتِناعِ؛ لأنَّه حَصَل بغير رِضاها، فهو كالمَبِيعِ إذا أخَذَه المُشْتَرِى مِن البائِعِ كُرْهًا. فإن أخَذَتِ الصَّداقَ فوَجَدَتْ به عَيْبًا، فلها مَنْعُ نَفْسِها حتى يُبَدِّلَه (4) أو يُعْطِيَها أرْشَه؛ لأَنَّ صَداقَها صحيحٌ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «الأول» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «يبذله» .