الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: نَقَصَ قَبْلَ الطَّلَاقِ. وَقَالَتْ: بَعْدَهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا.
ــ
في يَدِه، وفى مسألتِنا، ليممن المرأةِ فِعْلٌ، وإنَّما خَصَل ذلك بفِعْلِ الزَّوْجِ وحْدَه، فأشْبَهَ ما لو ألْقَى ثَوْبَه في دارِها بغيرِ أمْرِها (1).
3286 - مسألة: (وإن قال الزَّوْجُ: نَقَص قبلَ الطَّلاقِ)
فعليكِ ضَمانُه (وقالت: بعدَه. فالقولُ قولُها مع يَمِينِها) لأنَّه ادَّعى ما يوجِبُ الضَّمانَ عليها، وهى تُنْكِرُه (2)، والقولُ قولُ المُنْكِرِ.
فصل: إذا خالَعَ امرأتَه بعدَ الدُّخولِ، ثم تَزَوَّجَها [في عِدَّتِها](3)، وطَلَّقَها قبلَ دُخُولِه بها، فلها في النِّكاحِ الثانى نِصْفُ الصَّداقِ المُسَمَّى فيه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لها جَمِيعُه؛ لأَنَّ حُكْمَ الوَطْءِ موجودٌ فيه، بدلِيلِ أنَّها لو أتَتْ بوَلَدٍ لَزِمَه. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (4). ولأنَّه طلاقٌ من نِكاحٍ صحيحٍ، لم يَمَسَّها فيه، فوَجَبَ أن يَتَنَصَّفَ المَهْرُ، كما لو تزوَّجَها بعدَ العِدَّةِ، وما ذكَرَه غيرُ صَحِيحٍ، فإنَّ لُحُوقَ النَّسبِ لا يَقِفُ على الوَطْءِ عندَه، فلا يقومُ مَقامَه. فأمَّا إن
(1) في م: «إذنها» .
(2)
في م: «منكرة» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سورة البقرة 237.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان لم يَدْخُلْ بها في النِّكاحِ الأَوَّلِ، فعليه نِصْفُ الصَّداقِ للنِّكاحِ الأَوَّلِ، ونصْفُ الصَّداقِ للنِّكاحِ الثانى، بغيرِ خِلافٍ.
فصل: إذا طَلَّق المرأةَ قبلَ الدُّخولِ، وقد تصرَّفَتْ في الصَّداقِ بعَقْدٍ من العُقودِ، لم يَخْلُ من ثلاثةِ أقسام، أحدُها، ما يُزِيلُ المِلْكَ عن الرَّقَبةِ، كالبيعِ والهِبَةِ والعِتْقِ، فهذا يَمنَعُ الرُّجوعَ (1)، وله نِصْفُ القيمةِ؛ لِزَوالِ مِلْكِها وانقطاعِ تَصَرُّفِها، فإن عادتِ العَيْنُ إليهِا قبلَ طَلاقِها، ثم طَلَّقها وهى في يدِها بحالِها، فله الرُّجوعُ في نِصْفِها، لأنَّه وَجَدَها بعَيْنِها، فأشْبَهَ ما لو لم تُخْرِجْها. ولا يَلْزَمُ الوالدُ إذا وَهَبَ ولدَه شيئًا، فخرَجَ عن مِلْكِه ثم عاد إليه، حيث لا يَمْلِكُ الرُّجوعَ؛ لأنَّا نَمْنَعُ ذلك، وإن سَلَّمْنا، فإنَّ حَقَّ الوَالدِ سَقَط بخُرُوجه عن يَدِ الولدِ بِكلِّ حالٍ، بدليلِ أنَّه لا يُطالِبُه ببَدَلِه، والزَّوْجُ لم يَسْقُطْ حَقُّه بالكُلِّيَّةِ، بل يَرْجِعُ بنِصْفِ قِيمَتِه عند عَدَمِه، فإذا وُجِدَ كان الرُّجوعُ في عَيْنِه (2) أوْلَى. وفى معنى هذه التَّصَرُّفاتِ الرَّهْنُ، فإنَّه إن (3) لم يُزِلِ المِلْكَ عن الرَّقَبةِ، لكنَّه يُرادُ للبَيْعِ المُزِيلِ للمِلْكِ، ولذلك لا يجوزُ رَهْنُ ما لا يَجُوزُ بَيْعُه، ففى الرُّجوعِ في العَيْنِ إبطالُ حَقِّ المُرْتَهِنِ من الوَثِيقةِ، فلم يَجُزْ. وكذلك الكِتابَةُ، فإنَّها تُرادُ للعِتْقِ المُزِيلِ للمِلْكِ، وهى عَقْدٌ لازِم، فجرَتْ مَجْرَى الرَّهْنِ.
ويَحْتَمِلُ أنَّ لا تَمْنَعَ الرُّجوعَ إذا قُلْنا: يَجُوزُ بَيْعُ المكاتَبِ، كالتَّدْبِيرِ. فإن
(1) بعده في م: «به» .
(2)
في م: «نفسه» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طَلَّق الزَّوْجُ قبلَ إقْباضِ الهِبَةِ أو الرَّهْنِ، أو في مدَّةِ الخِيارِ في البَيْعِ، ففِيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا تُجْبَرُ على رَدِّ نِصفِه إليه؛ لأنَّه عَقْدٌ عَقَدَتْه في مِلْكِها، فلم يَمْلِكْ إبْطَالَه، كاللَّازِمِ، ولأَنَّ مِلْكَها قد زَال، فلم يَمْلِكِ الرُّجوعَ فيما ليس بِمَمْلوكٍ لها. والثانى، تُجْبَرُ على تسْلِيمِ نِصْفِه، فإنَّها قادِرَةٌ على ذلك، ولا زيادةَ فيها. وللشافعىِّ قَوْلان كهذَيْن الوَجْهَيْن. فأمَّا إن طلَّقها بعد تقبِيضِ الهِبةِ والرَّهْنِ ولُزُوم البَيْعِ، فلم يَأْخُذْ قِيمةَ النِّصْفِ حتى فُسِخَ البَيْعُ والرهنُ والهبةُ، لم يكن له الرُّجوعُ في نِصْفِها؛ لأَنَّ حقَّه ثَبَت في القيمةِ. الثانى، تَصَرُّفٌ غيرُ لازمٍ لا يَنْقُل الملْكَ؛ كالوصيةِ، والشركةِ، والمضاربةِ، فهذا لا يُبْطِل حقَّ (1) الرُّجوعِ في نِصفِه، ويكونُ [وجودُ هذا](2) التَّصَرُّفِ كعدمِه؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ لم ينْقُلِ الملْكَ، ولم يَمْنَعِ المالكَ مِن التَّصَرُّفِ، فلا يَمْنَعُ مَن له الرُّجوعُ على المالكِ من الرُّجوعِ، كالإِيداعِ والعارِيَّةِ. فأمَّا إن دَبَّرَته، فظاهرُ المذهبِ أنَّه لا يَمْنَعُ الرُّجوعَ، لأنَّه لا يَمْنَعُ البَيْعَ، فلم يَمْنَعِ الرُّجوعَ، كالوَصِيَّةِ، ولا يُجْبَرُ على الرُّ جوعِ في نِصْفِه، بل يُخَيَّرُ بينَ ذلك وبينَ أخْذِ نِصْفىِ قِيمتِه؛ لأَنَّ شركةَ مَن نِصفُه مُدَبَّرٌ نَقْصٌ، ولا يُؤْمَنُ أنَّ يُرْفَعَ إلى [حاكم حَنَفِىٍّ](3) فيَحْكُمَ بعِتْقِه. وإن كانتْ أَمَةً فدَبَّرَتْها، فإن قُلْنا: تُباعُ في الدَّيْنِ. فهى كالعَبْدِ. وإن قُلْنا: لا تُباعُ. لم يَجُزِ الرُّجوعُ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «وجوده بهذا» .
(3)
في الأصل: «الحاكم الحنفى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في نِصْفِها. الثالثُ، تَصَرُّفٌ لازمٌ لا يُرادُ لإِزالةِ الملكِ، كالإِجارةَ والتزْوِيجِ، فهو نَقْصٌ، فيَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بينَ أن يَرْجِعَ في نِصْفِه ناقصًا، وبينَ الرجوعِ في نِصْفِ قيمَتِه، فإن رَجَع في نصْفِ المُسْتَأْجَرِ، صَبَر حتى تَنْفَسِخَ الإِجارةُ. فإن قيل: فلِمَ قُلْتُم -في الطَّلْعِ الحادِثِ في النَّخِيلِ، إذا قال: أنا أصْبِرُ حتى تَنْتَهىَ الثَّمَرَةُ-: لم يكنْ له ذلك؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينهما أنَّ في تلكَ المسألةِ تكونُ المِنَّةُ له، فلا يَلْزَمُها قَبُولُ مِنَّتِه، بخِلافِ مسألتِنا، ولأَنَّ ذلك يُؤَدِّى إلى التنازُعِ في سَقْىِ الثَّمَرَةِ، وجِدادِها، وقَطْعِها لخوفِ العطشِ أو غيرِه، بخِلافِ مسألتِنا.
فصل: قد ذكرنا أَنَّ المَهْرَ إذا كان معينًا يدخُلُ في مِلْكِ المرأةِ بمُجَرَّدِ العقدِ، فإذا زادَ فالزيادةُ لها، وإن نَقَص فعليها، فإذا كانَتْ غَنَمًا فولَدَت، فالأوْلادُ زيادةٌ مُنْفَصِلَةٌ، تنفرِدُ المرأةُ بها؛ لأنَّه (1) نَماءُ مِلْكِها، وتَرْجِعُ في نِصْفِ الأُمَّهاتِ، إن لم تكُنْ نَقَصَتْ ولا زادَتْ زيادةً متصلةً؛ لأنَّه نِصْف ما فَرَضَ لها، وقد قال اللَّهُ تعالى:{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} . وإن كانَتْ نَقَصَتْ بالولادَةِ أو بغَيْرِ ما، فله الخيارُ بينَ أخْذِ نِصْفِها ناقصًا؛ لأنَّه رَضِىَ بدونِ حَقِّه، وبين أخْذِ نِصْفِ قيمتِها وقتَ ما أَصْدَقَها؛ لأَنَّ ضمانَ النَّقْصِ عليها. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَرْجِعُ في نِصْفِ الأَصْلِ، [وإنَّما يَرْجِعُ في نِصْفِ القيمةِ؛ لأنَّه لا يجوزُ فَسْخُ](2)
(1) في الأصل: «لا» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[العقدِ في الأصلِ دون النَّماء؛ لأنَّه مُوجَبٌ للعقدِ، فلم يَجُزْ رُجوعُه في الأصلِ](1) بِدُونِه. ولَنا، أنَّ هذا نماءٌ منفصلٌ عن الصَّداقِ، فلم يَمْنَعْ رجوعَ الزَّوجِ، كما لو انْفَصَلَ قبلَ القَبْضِ، وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الطلاق ليس برَفْعِ العقدِ، ولا النَّماءُ من [مُوجَباتِ العَقْدِ](2)، إنَّما هو من مُوجَباتِ الملكِ. إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ بين كونِ الوِلادةِ قبلَ تَسليمِه إليها أو بعدَه، إلَّا أنَّ يكونَ قد مَنَعَها قبْضَه، فيكونُ النَّقْصُ من ضمانِه، والزيادَةُ لها، فتنفرِدُ (3) بالأوْلادِ، وإن نَقَصَتِ الأمَّهاتُ، خُيِّرَتْ بينَ أخْذِ نِصْفِها ناقصةً، وبينَ أخْذِ نِصْفِ قيمتِها أكثرَ ما كانت من يومِ أصْدَقَها إلى يومِ طلَّقَها. وإن أراد الزَّوْجُ أخْذَ نِصْفِ قيمةِ الأمَّهاتِ من المرأةِ، لم يكنْ له ذلك (4). وقال أبو حنيفةَ: إذا وَلَدَتْ في يَدِ الزَّوْجَ، ثم طلَّقَها قبلَ (5) الدُّخولِ، رَجَع في نِصْفِ الأوْلادِ أيضًا؛ لأَنَّ الولدَ دَخَل في التَّسْلِيمِ المُسْتَحَقِّ بالعقدِ؛ لأَنَّ حقَّ التسليمِ تَعَلَّقَ بالأمِّ، فسَرَى إلى الولَدِ، كحقِّ الاستِيلادِ، وما دَخَل في التسْليمِ المُسْتَحَقِّ يُنَصَّفُ بالطَّلاقِ، كالذى (6) دَخَل في العقدِ. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {فَنِصْفُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «موجباته» .
(3)
في م: «فينفرد» .
(4)
سقط من: م.
(5)
في الأصل: «بعد» .
(6)
في الأصل: «كالذمى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَا فَرَضْتُمْ}. وما فُرِضَ ههُنا إلَّا الأمَّهاتُ، فلا يَتَنَصَّفُ سِواها، ولأَنَّ الولَدَ حَدَث في مِلْكِها، أشْبَهَ ما حَدَث في يَدِها، ولا يُشْبِهُ حَقُّ التسْليمِ حقَّ الاستِيلادِ، فإنَّ حقَّ الاسْتيلادِ يسْرِى وحقَّ التسْليمِ لا سِرايَةَ له. فإن تَلِفَ في يَدِ الزَّوْجِ وكانتِ المرأةُ قد طالبَتْ به، فَمَنَعَها، ضَمِنَه كالغاصِبِ، وإلَّا لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه تَبَعٌ لأمِّهِ.
فصل: والحُكْمُ في الصَّداقِ إذا كان جارِيةً، كالحكمِ في الغَنَمِ، إذا وَلَدَتْ كان الوَلَدُ لها، كوَلَدِ الغَنَمِ، إلَّا أنَّه ليس له الرُّجوعُ في نِصْفِ الأَصْلِ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى التَّفْرِيقِ بينَ الأُمِّ ووَلَدِها في بعْضِ الزَّمانِ، وكما لا يجوزُ التَّفْرِيقُ بينَها وبينَ وَلَدِها في جميعِ الزَّمانِ، لا يجوزُ في بعْضِه، فيَرْجِعُ أيضًا (1) في نِصْفِ قِيمَتِها وَقْتَ ما أصْدَقَها لا غيرُ.
فصل: فإن كان الصَّداقُ بَهِيمةً حائِلًا، فحَمَلَتْ، فالحملُ فيها زِيادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، إن بَذَلَتْها له بزِيادَتِها، لَزِمَه قَبُولُها؛ لأَنَّ الحملَ في البَهِيمَةِ لا يُعَدُّ نَقْصًا، ولذلك لا يُرَدُّ به المَبِيعُ، وإن كان (2) أمَةً فحَمَلَتْ، فقد زِادَتْ من وَجْهٍ لأجلِ وَلَدِها، ونَقَصَتْ من وَجْهٍ، لأَنَّ الحَمْلَ في النِّساءِ نقْصٌ، لخَوْفِ التَّلَفِ عليها حينَ الوِلادَةِ، ولهذا يُرَدُّ بها المَبِيعُ، فحِينَئِذٍ لا يَلْزَمُها (3) بَذْلُها لأجْلِ الزِّيادةِ، ولا يَلْزَمُه قَبُولُها لأجْلِ النَّقْصِ، وله
(1) في م: «عليها» .
(2)
في م: «كانت» .
(3)
بعده في الأصل: «إلا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِصْفُ قيمَتِها. وإنِ اتَّفَقا على تَنْصِيفِها، جازَ. وإن أصْدَقَها. حامِلًا فوَلَدَتْ، فقد أصْدَقَها عَيْنَيْنِ، جارِيَةً ووَلَدَها، وزادَ الوَلَدُ في مِلْكِها، فإن طَلَّقَها فرَضِيَتْ بِبَذْلِ النصْفِ في الوَلَدِ والأُمِّ جميعًا، أُجْبِرَ (1) على قَبُولِهما (2)؛ لأنَّها زيادةٌ غيرُ مُمَيَّزَةٍ، وإن لم تَبْذُلْه، لم يَجُزْ له الرُّجوعُ في نِصْفِ الوَلَدِ؛ لزِيادَتِه، ولا في نِصْفِ الأمِّ؛ لما فيه مِن التَّفْرِقَةِ بينَها وبينَ وَلَدِها، ويَرْجِعُ بنِصْفِ قِيمَةِ الأمِّ. وفى نِصْفِ الوَلَد وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ قِيمَتِه؛ لأنَّه حالةَ العَقْدِ لا قِيمَةَ له، وحالةَ الانْفِصالِ قد زاد (3) في مِلْكِها، فلا يُقَوِّمُه الزَّوْجُ بزِيادَتِه. ويُفارِق ولَدَ المَغْرُورِ بأنَّ (4) وَقْتَ الانْفِصالِ وَقْتُ الحَيْلُولَةِ، ولهذا قُوِّمَ، بخِلافِ مَسْأَلتِنا. والثانى، له نِصْفِ قِيمَتِه؛ لأنَّه أصْدَقَها عَيْنَيْنِ، فلا يَرْجِعُ في إحْداهما دُونَ الأُخْرَى، ويُقَوَّمُ حالةَ الانْفِصال؛ لأنَّها أوَّلُ حالةِ إمْكانِ تَقْوِيمِه. وفى المسألَةِ وَجْهٌ آخَرُ، وهو أنَّ الحَمْلَ لا حُكْمَ له، فيكونُ كأنَّه حادِثٌ.
فصل: وإن أصْدَقَهَا أرْضًا فبَنَتْها دَارًا، أو ثَوْبًا فصَبَغَتْه، ثم طَلَّقَها قبلَ الدُّخولِ، رَجَع بنِصْفِ قِيمَتِه وَقْتَ ما أصْدَقَها، إلَّا أنَّ يَشاءَ أنَّ يُعْطِيَها
(1) في الأصل: «لأجبر» .
(2)
في م: «قبولها» .
(3)
في م: «زال» .
(4)
في م: «فإن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قِيمَةَ البِناءِ والصِّبْغِ، فيَكونُ له النِّصْفُ، أو تَشاءَ هى أنَّ (1) تُعْطِيَه زَائِدًا، فلا يَكونُ له (2) غيرُه. ذَكَرَه (3) الخِرَقِىُّ. إنَّما كان له نِصْفُ القِيمَةِ؛ لأنَّه قد صارَ في الأرْضِ والثَّوْبِ زِيادَةٌ للمرأةِ، وهى البِناءُ والصِّبغُ، فإن دَفَعَتْ إليه نِصْفَ الجميعِ زَائِدًا، فعليه قَبُولُه؛ لأنَّه حَقه وزِيادَة. وإن بَذَل لها نِصْفَ قِيمَةِ البِناءِ والغِراسِ لِيَكونَ له النِّصْفُ، فقال الخِرَقِىُّ: له ذلك. قال القاضى: هذا مَحْمُولٌ على أنَّهما تراضَيا بذلك؛ لأنَّها لا تُجْبَر على المُعاوَضَةِ، [وهذه مُعاوَضَةٌ] (4). قال شَيْخُنا (5): والصَّحِيح أنَّها تُجْبَرُ؛ لأَنَّ الأرْضَ حصَلَتْ له وفيها بِناء لغيرِه، فإذا بَذَل القِيمَةَ، لَزِمَ الآخَرَ قَبُولُه، كالشَّفِيعِ إذا أخَذ الأرْضَ بعدَ بِنَاءِ المُشْتَرِى فيها، فبَذَل الشَّفِيعُ قِيمَتَه، لَزِمَ المُشْتَرِىَ قَبُولُها، وكذلك إذا رَجَع المُعِيرُ في أرْضِه وفيها بِناءٌ (6) أو غِراسٌ للمُسْتَعِيرِ، فبَذَل المُعِيرُ قِيمَةَ ذلك، لَزِمَ المُسْتَعِيرَ قَبُولُها.
فصل: فإن أصْدَقَها نَخْلًا حائِلًا، فأَثْمَرَتْ في يَدِه، فالثَّمَرَةُ لها؛ لأنَّها نَماءٌ مِلْكِها، فإن جَدَّها بعد تَناهِيها، وجَعَلَها في ظروفٍ، وألْقَى عليها
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في النسختين: «لها» . والمثبت كما في متن الخرقى بالمغنى 10/ 183.
(3)
في م: «وذكر» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في: المغنى 10/ 183.
(6)
بعده في الأصل: «على» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَقْرًا (1) مِن صَقْرِها (2)، وهو سَيَلانُ الرُّطَبِ بغيرِ طبْخٍ (3)، وهذا يَفْعَلُه أهلُ الحِجازِ حِفْظًا لرُطُوبَتِها، لم تَخْلُ منْ ثَلاثَةِ أحْوالٍ؛ أحدُها، أنَّ لا تَنْقُصَ قِيمَةُ الثَّمرَةِ والصَّقْرِ (4)، بل كانا بِحالِهما، أو زَادَا، فإنَّه يَرُدُّهما عليها، ولا شئَ عليه. الثانى، أن تَنْقُصَ قِيمَتُهما، وذلك على ضَرْبَيْنِ؛ أحدُهما، أن يكونَ نَقْصُهما (5) مُتَناهِيًا، فإنَّه يَدْفَعُهما إليها وأرْشَ نَقْصِهما (6)؛ لأنَّه تَعَدَّى بما فَعَلَه من ذلك. الضَّرْبُ الثانى، أنَّ لا يَتناهَى، بل يَتَزايَدُ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّها تَأْخُذُ قِيمَتَها؛ لأنَّها كالمُسْتَهْلَكَةِ. الثانى، هى مُخَيَّرَةٌ بينَ ذلك وبينَ تَرْكِها حتى يَسْتَقِرَّ نَقْصُها (7)، وتَأْخُذُها (8) وأَرْشَها، كالمَغْصُوبِ منه. الحالُ الثالثُ، أن لا تَنْقُصَ قِيمَتُها، لكنْ إن أخْرَجَها من ظُرُوفِها نَقَصَتْ قِيمَتُها، فللزّوْجِ إخْراجُها وأخْذُ ظُرُوفِها، إن كانتِ الظروفُ مِلْكَه، وإذا نَقَصَتْ، فالحُكْمُ على ما ذكَرْنا. وإذا قال الزَّوْجُ: أنا أُعْطِيكِها مع ظُرُوفِها. فقال القاضى: يَلْزَمُها قَبُولُها؛ لأنَّ ظُرُوفَها كالمُتَّصِلَةِ بها التَّابِعَةِ
(1) في م: «صفرا» .
(2)
في م: «صفرها» .
(3)
في م: «خلع» .
(4)
في م: «الصفر» .
(5)
في م: «بعضهما» .
(6)
بعده في م: «له» .
(7)
في النسختين: «بعضها» . وانظر المغنى 10/ 184.
(8)
في الأصل: «يأخذها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لها. ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَها قَبُولُها؛ لأَنَّ الظُّرُوفَ عَيْنُ مالِه، فلا يَلْزَمُها (1) قَبُولُها، كالمُنْفَصِلَةِ عنها. فإن كانت بحالِها، إلَّا أنَّ الصَّقْرَ (2) المَتْرُوكَ على الثَّمَرةِ مِلْكُ الزَّوْجِ، فإنَّه يَنْزِعُ (3) الصَّقْرَ (2)، ويَرُدُّ الثَّمَرَةَ، والحكمُ فيها إن نَقَصَتْ أو لم تَنْقُصْ كالتى قبلَها. وإن قال: أنا أُسَلِّمُها مع الصَّقْرِ (2) والظُّرُوفِ. فعلى الوَجْهَيْن اللَّذيْنِ ذكَرْناهما. وفى الموضعِ الذى حَكَمْنا أنَّ له رَدَّه (4)، إذا قالت: أنا أرُدُّ الثَّمَرةَ، وآخُذُ الأَصْلَ. فلها ذلك في أحَدِ الوَجْهَيْنِ. والآخَرِ، ليس لها ذلك. مَبْنِيَّانِ على تَفْرِيقِ الصَّفْقةِ في البَيْعِ، وقد ذكَرْنا ذلك في مَوْضِعِه.
فصل: إذا كان الصَّداقُ جارِيةً، فوَطِئَها الزَّوْجُ عالِمًا بزَوالِ مِلْكِه، وتَحْرِيمِ الوَطْءِ عليه، فعليه الحَدُّ؛ لأنَّه وَطْءٌ في غيرِ مِلْكٍ، وعليه المَهْرُ لسَيِّدَتِها، أكْرَهَها أو طاوَعَتْه؛ لأَنَّ المَهْرَ لمَوْلاتِها، فلا يَسْقُطُ بِبَذْلِها ومُطاوَعَتِها، كما لو بَذَلَتْ يَدَها للقَطْعِ، وإن وَلَدَتْ، فالوَلَدُ رَقِيقٌ للمرأةِ. وإنِ اعْتَقَدَ أنَّ مِلْكَه لم يَزُلْ عن جَمِيعِها، أو كان (5) غيرَ (6) عالمٍ بتَحْرِيمِها عليه، فلا حَدَّ عليه للشُّبْهَةِ، وعليه المَهْرُ، والوَلَدُ حُرٌّ لاحِقٌ
(1) في النسختين: «يلزمه» : وانظر المغنى الموضع السابق.
(2)
في م: «الصفر» .
(3)
في الأصل: «تبرع» .
(4)
في م: «زيادة» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به، وعليه قِيمَتُه يومَ وِلادَتِه، ولا تَصِيرُ أمَّ وَلَدٍ له وإن مَلَكَها بعدَ (1) ذلك؛ لأنَّه لا مِلْكَ له فيها، وتُخَيَّرُ (2) المرأةُ بين أخْذِها في حالِ حَمْلِها، وبينَ أخْذِ قِيمَتِها؛ لأنَّه نَقَصَها بإحْبالِها. وهل لها الأرْشُ بعدَ ذلك؟ يَحْتَمِلُ أنَّ لها الأرْشَ؛ لأنَّها نَقَصَتْ بعُدْوانِه (3)، أشْبَهَ ما لو نَقَصَها الغاصِبُ بذلك. وقال بعضُ أصْحابِ الشَّافعىِّ: في الأَرْشِ ههُنا قَوْلان. وقال بعضُهم: يَنْبَغِى أن يكونَ لها المُطالَبَةُ بالأرْشِ، قولًا واحدًا؛ لأَنَّ النَّقْصَ حَصَل بفِعْلِه الذى تَعَدَّى به، فهو كالغاصِبِ، وكما لو طالبَتْه فمَنَعَ تَسْلِيمَها. وهذا أصَحُّ.
فصل: وإن أصْدَقُ ذِمِّىٌّ ذِمِّيَّةً خَمْرًا، فتَخَلَّلَتْ في يَدِها، ثم طَلَّقَها قبلَ دُخُولِه بها، احْتَمَلَ أن لا يَرْجِعَ عليها بشئٍ؛ لأنَّها قد زادَتْ في يَدِها بالتَّخَلُّلِ، والزِّيادةُ لها، وإن أرادَ الرُّجوعَ بنِصْفِ قِيمَتِها قبلَ التَّخَلُّلِ، فلا قِيمَةَ لها، وإنَّما يَرْجِعُ إذا زادَتْ في نِصْفِ قِيمَتِها أقلَّ ما كانت من حينِ العَقْدِ إلى حينِ القَبْضِ، وحِينَئِذٍ لا قِيمَةَ لها. وإن تَخَلَّلَتْ في يَدِ الزَّوْجِ، ثم طَلَّقَها، فلها نِصْفُها؛ لأَنَّ الزِّيادةَ لها. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ الخَلُّ له، وعليه نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِها، إذا تَرافَعا إلينا قبلَ القَبْضِ، أو أسْلَما، أو أحدُهما.
(1) في الأصل: «بغير» .
(2)
في م: «تجبر» .
(3)
في الأصل: «بعد ولاية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذاْ تَزَوَّجَ امْرأةً، فضَمِنَ أبُوه نفَقَتَها عَشْرَ سِنِينَ، صَحَّ. ذكَرَه أبو بكرٍ؛ لأَنَّ أكثرَ ما فيه أنَّه ضَمَانُ مَجْهولٍ، أو ضَمانُ ما لم يَجِبْ، وكلاهما صَحيحٌ. ولا فَرْقَ بين كَوْنِ الزَّوْجِ مُوسِرًا أو مُعْسِرًا. واخْتَلَفَ أصْحابُ الشافعىِّ؛ فمنهم مَن قال كقَوْلِنا، ومنهم مَن قال: لا يَصِحُّ إلَّا (1) ضَمانُ نَفَقَةِ المُعْسِرِ؛ لأَنَّ غيرَ المُعْسِرِ يتَغَيَّرُ (2) حالُه، فيكونُ عليه نفَقَةُ المُوسِرِ أو المُتَوَسِّطِ، فيكونُ ضَمانَ مَجْهولٍ، والمُعْسِرُ مَعْلُومٌ ما عليه. ومنهم مَن قال: لا يَصِحُّ أصْلًا؛ لأنَّه ضَمانُ ما لم يَجِبْ. ولَنا، أنَّ الجَهْلَ لا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمانِ، بدليل صِحَّةِ ضَمانِ نَفَقَةِ المُعْسِرِ، مع احْتِمالِ أن يموتَ أحدُهما فتَسْقُطَ النَّفقَة، ومع ذلك صَحَّ الضَّمان، فكذلك هذا.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «يتعين» .