الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا قَال الْعَبْدُ لِسَيِّدَتِهِ: أَعْتِقِينِي عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ. فَأَعْتَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ، عَتَقَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَإذَا فَرَضَ الصَّدَاقَ مُؤجَّلًا وَلَمْ
ــ
3262 - مسألة: (وإذا قال العَبْدُ لسَيِّدَتِه: أَعْتِقِينِي على أن أتَزَوَّجَكِ. فأعتَقَتْه على ذلك، عَتَقَ، ولم يَلْزَمْه شيءٌ)
وكذلك إن قالتْ لعَبْدِها: أعْتَقْتُك على أن تَتَزَوَّجَ بي. لم يَلْزَمْه ذلك، ويَعْتِقُ، ولا يَلْزَمُه قيمَةُ نَفْسِه؛ لأنَّها اشْتَرَطَتْ عليه شَرْطًا هو حَقٌّ له، فلم يَلْزَمْه، كما لو شَرَطَت عليه أن تَهَبَه دَنانيرَ فيَقْبَلَها، ولأنَّ النكاحَ مِن الرَّجلِ لا عِوضَ له، بخلافِ نكاحِ المرأةِ، وكذلك لو شرَط السيدُ على أمتِه أن تُزوِّجَه نفْسَها، لم يَلْزَمْه ذلك.
3263 - مسألة: (وإذا فرَض الصَّداقَ مُؤجَّلًا ولم
يَذْكُرْ مَحِلَّ الأجَلِ، صَحَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَمَحِلُّهُ الْفُرْقَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لَا يَصِحُّ.
ــ
يَذْكُرْ محِلَّ الأجَلِ، صَحَّ. ومحِلُّه الفُرقَةُ عندَ أصحابِنا، وعندَ أبي الخطابِ لا يَصِحُّ) يجوزُ أن يكونَ الصَّداقُ مُؤَجَّلًا ومُعَجَّلًا، وبَعْضُه مُعَجَّلًا وْبَعْضُه مُؤَجَّلًا؛ لأنَّه عَقْدٌ في مُعاوَضَةٍ، فجازَ ذلك فيه، كالثَّمَنِ. ومتى أَطْلَقَ اقْتَضَى الحُلُولَ، كما لو أَطْلَقَ ذِكْرَ الثَّمَنِ. وإن شَرَطَه مُؤجَّلًا إلى وَقْتٍ، فهو إلى أجَلِه. وإن شَرَطَه مُؤجَّلًا ولم يَذْكُرْ أجَلَه، فقال القاضي: يَصِحُّ، ومَحِلّه الفُرْقَةُ (1). قال أحمدُ: إذا تزَوَّج (2) على العاجلِ والآجل، لا يَحِلُّ إلَّا بموتٍ أو فُرْقةٍ. وهذا قولُ النَّخَعِيِّ، والشَّعْبِيِّ. وقال الحسنُ، وحمّادُ بنُ أبي سليمانَ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيدٍ: يَبْطُلُ الأجَلُ، ويكونُ حالًا. وقال إياسُ بنُ مُعَاويةَ: لا يَحِلُّ حتَّى يُطَلِّقَ، أو يَخْرُجَ مِن مِصْرِها، أو يَتَزَوَّجَ عليها (3). وعن مَكْحولٍ،
(1) بعده في م: «عند أصحابنا» .
(2)
في م: «زوج» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأوْزَاعِيِّ: يَحِلُّ إلى سنةٍ بعدَ الدُّخُولِ بها. واختارَ أبو الخطَّابِ فسادَ المُسَمَّى، ولها مَهْرُ المِثْلِ. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّه عِوَضٌ مَجْهُولُ المَحِلِّ، فَفَسَدَ، كثمنِ المَبِيعِ. وَوَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ المُطْلَقَ يُحْمَلُ على العُرْفِ (1)، والعادةُ في الصَّداقِ الآجلِ تَرْكُ المطالبةِ به إلى حينِ الفُرْقَةِ، فحُمِلَ عليه، فيَصِيرُ حينئذٍ معلومًا بذلك. فأمَّا إن جَعَل الأجَلَ مُدَّةً مجْهُولةً (2)، كقُدُومِ زَيدٍ ونحوه، لم يَصِحَّ؛ للجهالةِ، وإنَّما صَحَّ المُطْلَقُ لأنَّ أجَلَه الفُرْقَةُ بحُكْمِ العادَةِ، وقد صَرَفَه ههُنا عن العادَةِ بذكْرِ الأجَلِ، ولم يُبَيِّنْه، فبَقِيَ مجهولًا، فَيَحْتَمِلُ أن تَبْطُلَ التَّسْمِيَةُ، ويَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ التَّأْجِيلُ ويَحِلَّ.
(1) في م: «الفرقة» .
(2)
في م: «معلومة» .
فَصْلٌ: وَإنْ أصْدَقَهَا خَمْرًا أوْ خِنْزِيرًا أوْ مَالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكَاحُ، وَوَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُعْجِبُهُ اسْتِقبَال النِّكَاحِ. اخْتَارَهُ أبُو بَكْرٍ. وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ.
ــ
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(وإن أصْدَقَها خَمْرًا أو خِنْزِيرًا أو مَالًا مَغْصُوبًا، صَحَّ النِّكاحُ، وَوَجَب مَهْرُ المِثْلِ) نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال عامَّةُ الفقهاءِ؛ منهم الثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. وحُكِيَ عن أبي عُبَيدٍ أنَّ النِّكاحَ فاسِدٌ. اخْتارَه أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ. ورُوِيَ عن أحمدَ نحوُ ذلك، فإنَّه قال في رِوايةِ المَرُّوذِيِّ: إذا تَزَوَّجَ على مالٍ (1) غيرِ طَيِّبٍ، فكَرِهَه. فقلتُ: تَرَى اسْتِقْبال النِّكاحِ؟ فأعْجَبَه.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وحُكِيَ عن مالكٍ أنَّه يَثْبُتُ إذا دَخَل بها، وإن كان قَبْلَه فُسِخَ. قالوا: لأنَّه نِكاحٌ جُعِلَ الصَّدَاقُ فيه مُحَرَّمًا، فأشْبَه نِكاحَ الشِّغَارِ. ولَنا، أنَّه نِكاحٌ لو كان عِوَضُه صحيحًا، كان صحيحًا، فوَجَب أن يَصِحَّ وإن كان عِوضُه (1) فاسدًا، كما لو كان مجْهُولًا. ولأنَّه عَقْدٌ لا يَبْطُلُ بجهالةِ العِوَضِ، فلا يَفْسُدُ بتَحْريمِه، كالخُلْعِ، ولأنَّ فسادَ العِوَضِ لا يَزِيدُ على عَدَمِه، ولو عُدِمَ كان العَقْدُ صحيحًا، فكذلك إذا فَسَدَ. وكلامُ أحمدَ في رِوايةِ المَرُّوذِيِّ محمولٌ على الاسْتِحْبابِ، فإنَّ مسْألةَ المرُّوذِيِّ في المالِ الذي ليس بطَيِّبٍ، وذلك لا يَفْسُدُ العَقْدُ بتَسْمِيَتِه فيه. وما حُكِيَ عن مالكٍ لا يَصِحُّ، وما كان فاسِدًا قبلَ الدُّخولِ فهو بعدَه فاسدٌ، كنِكاحِ ذواتِ المحارِمِ. فأمّا إذا فَسَدَ الصَّداقُ (2) لجهالتِه، أو عَدَمِه، أو العَجْزِ عن تَسْلِيمِه، فالنِّكاحُ ثابِتٌ. لا نَعْلَمُ فيه خلافًا.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «الطلاق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، (1) وأصْحابُ الرَّأْي. وذلك لأنَّ فَسادَ العِوَضِ يَقْتَضِي رَدَّ العِوَضِ، وقد تَعَذَّرَ رَدُّه لِصِحَّةِ النكاحِ، فيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِه، وهو مهرُ المِثْلِ، كمَن اشْتَرى شيئًا بثمنٍ فاسِدٍ، فقَبَضَ المَبِيعَ، وتَلِفَ في يَدِه، فإنَّه يَجِبُ عليه رَدُّ قيمتِه. فإن دَخَل بها، اسْتَقَرَّ مهرُ المِثْلِ في قولِهم جميعًا. وإن مات أحَدُهما، فكذلك؛ لأنَّ الموتَ يَقومُ مَقامَ الدُّخولِ في تَكْمِيلِ الصَّداقِ وتَقْرِيرِه. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه روايةٌ أخْرَى، أنَّه لا يَسْتقِرُّ بالموتِ، إلَّا أن يكونَ قد فَرَضَه لها.
(1) من هنا سقط من: م إلى قوله: «فلم لا يقولون» . في فصل: «وإن تزوجها على عبدين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويَجِبُ مهرُ المثْلِ بالغًا ما بَلَغ. وبه قال الشافعيُّ، وزُفَرُ. وقال أبو حنيفةَ وصاحباه: يَجِبُ الأقَلُّ مِن المُسمَّى أو مهرِ المثلِ؛ لأنَّ البُضْعَ لا يُقَوَّمُ إلَّا بالعَقْدِ، فإذا رَضِيَتْ بأقلَّ من مهرِ مِثْلِها، لم يُقَوَّمْ بأكْثرَ ممَّا رَضِيَتْ به؛ لأنَّها رَضِيَتْ بإسْقاطِ الزِّيادةِ. ولَنا، أنَّ ما يُضْمَنُ بالعَقْدِ الفاسدِ، اعتُبِرَتْ قيمتُه بالغًا ما بَلَغَ، كالمبيعِ، وما ذكرُوه مَمْنوعٌ، لا يَصِحُّ عندَهم؛ فإنَّه لو وطِئَها وَجَب مهرُ المثْلِ، ولم يَكنْ له قيمةٌ، فَلِمَ يَجبُ؟ فإن قيل: إنَّما وَجَب لحقِّ الله تعالى. قيل: لو كان كذلك لوَجَبَ أقلُّ المهرِ ولم يَجِبْ مهرُ المثْلِ.
فصل: فأمّا إن طَلَّقها قبلَ الدُّخولِ فلها نصفُ مهرِ المِثْلِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أصحابُ الرأْي: لها المتْعَةُ، كما لو لم يُسَمِّ لها صداقًا؛ لأنَّ هذه التَّسْميةَ كعَدَمِها. وذكَر القاضي في «الجامعِ» ، أنَّه لا فَرْقَ بينَ مَن لم يُسَمِّ لها صداقًا وبينَ مَن سَمَّى لها مُحرَّمًا كالخَمْرِ، أو مَجْهولًا كالثَّوْبِ، في الجميعِ روايتان؛ إحْداهما، لها المتعةُ إذا طَلَّقَها قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّ ارْتِفاعَ العَقْدِ يُوجبُ رَفْعَ ما أوْجَبَه مِن العِوَضِ، كالبَيعِ، لكنْ تَركْناه في نِصْفِ المُسمَّى لتَراضِيهما عليه، فكان ما تَراضَيا عليه أَوْلَى، ففي مهرِ